صفحات سوريةميشيل كيلو

تطورات مشحونة بالاحتمالات/ ميشيل كيلو

 

 

تطوران علينا التحسب لهما، والاستعداد لوقوعهما في القليل الباقي لنا من زمن، قبل قدوم شهر يوليو/تموز من عامنا الحالي: الموعد الذي حدده جون كيري، وزير خارجية أميركا، موعداً أخيراً للتوصل إلى تفاهم نهائي حول برنامج إيران النووي بين مجموعة الخمسة زائد واحد وإيران.

لا حاجة إلى إبراز أهمية ما يدور بين واشنطن وطهران من مفاوضات تقتصر، ظاهرياً، على برنامج الأخيرة النووي، لكنها ستتعداه، بالتأكيد، إلى قضايا متنوعة تتعلق بمستقبل، وربما بمصير، المشرق العربي والخليج ومناطق أخرى خارجهما، يقدر المراقبون والخبراء أنها ستبدأ بتفاهم استراتيجي حول سياسات مختلفة للملالي تجاه منطقتنا، مع ما سيترتب عليها من نتائج وآثار حاسمة بالنسبة إلى بلادنا وشعبنا والنظام الأسدي بالذات، بفضل دور تقر أميركا فيه بمكانة خاصة لمصالح إيران في المشرق العربي، يرجح أن تصل نتائجها إلى الخليج، ولو بعد حين، وأن يتراجع اعتمادها على الأطراف الشيعية الموالية لها في هذه البلدان، في مقابل تزايد دورها كدولة، ودور أجهزتها المباشرة في محيطها العربي والإسلامي، تمهيداً لفترة لاحقة، قد لا تكون بعيدة تنهض على علاقة استراتيجية جديدة مع إسرائيل التي تبرز أكثر فأكثر قوة مرشحة للعب دور أكبر في الفترة التالية للصراع السوري، ستكون خلالها شريكاً تمس الحاجة إلى دوره من أجل ضمان وضعٍ يلي التفاهم الأميركي/ الإيراني المأمول، بالارتباط مع تسوية الوضع السوري المرتقبة، ووضع اليد على برنامج الصواريخ الإيرانية الذي يحرص الغرب وإسرائيل على

وقفه، وحجتهم أن من سيتعهد بالتخلي عن السلاح النووي لن يكون بحاجة إلى صواريخ ناقلة لها إلى أراضي الغير عامة، وإسرائيل بصورة خاصة.

ثمّة احتمالان يطرحهما التطور المرتقب في العلاقات الأميركية/ الإيرانية، أولهما التوصل إلى اتفاق بين الدولتين، يحترم مصالح إيران في محيطها العربي، مقابل تخليها عن برنامجها النووي، وقدراتها الصاروخية بعيدة المدى. في هذه الحالة، سيكون من الضروري اتخاذنا كل ما يلزم من تدابير مسبقة، لمواجهة تفاهم يحابي النظام الأسدي الذي يرجح أن يكون استمراره جزءاً من الصفقة. أما الاحتمال الثاني، فهو فشل أميركا في التوصل إلى الاتفاق المطلوب حتى شهر يوليو/تموز المقبل، واضطرارها إلى الرد على إيران في خاصرتها السورية الرخوة، مع ما سيتطلبه توجهها من تصعيد متنوع الأشكال في سورية، من واجبنا الاستعداد المسبق له منذ اليوم، لاحتمال أن تستهدف سياسات واشنطن كسر النظام، أو إضعافه إلى حد يرغم طهران على التخلي عنه، أو قبول تسوية نكون طرفاً رابحاً منها، مع ما قد يحدثه موقف أميركا من تبدل في سياساتها تجاه قضيتنا، لطالما اعتبرناه شرطاً رئيساً لبلوغ حل دولي، تكرسه أوضاع محلية وإقليمية تقلص دور روسيا في بلادنا، وقدرة طهران على دعم نظامها، والمشاركة في الحرب ضد شعبها.

لم يبق لدينا وقت كثير. لذلك، “يستحسن” أن نبادر إلى اتخاذ تدابير عملية فورية، تمكننا من مواجهة الاحتمالين بنتائجهما المتناقضة اللذين سيتوقف عليهما مصيرنا، وقد تكون نهاية ثورتنا في أولهما، بينما يقربها ثانيهما من انتصار نضحي في سبيل إحرازه منذ نيف وأربعة أعوام.

تحدثت عن احتمالين متناقضين، فلا بد من أن نعمل لتقليص مخاطر أولهما وتعظيم فرص نجاح ثانيهما. أخيراً، يصير الاحتمال واقعياً بقدر ما نقيم شروطاً تضمن تحققه، فهل نفعل هذه المرة، ولو من قبيل الاستثناء والمصادفة؟

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى