صفحات الناس

تقرير إحصائي لمركز الغوطة الشرقية: دمار شامل وحصار ومجاعة

                                            نشر موقع الغوطة الشرقية الإحصائي تقريراً مفصلاً عن الأوضاع التي تعيشها مدن وبلدات وقرى الغوطة الشرقية التي تأوي أكثر من مليوني نسمة. ويظهر التقرير حجم المأساة التي تعيشها هذه المنطقة، سؤاء لجهة الدمار الهائل في البنية التحتية، أو المنازل، وغياب الخدمات الصحية والتعليمية، وانقطاع المياه، فضلاً عن الجوع الناجم عن الحصار الخانق المفروض عليها.

الموقع والحدود

تقع الغوطة الشرقية في الجنوب السوري، على خاصرة العاصمة دمشق، وتمتد من سفح قاسيون على بساط أخضر يزيد على 400 كم2 كما تضم نحو ستين مدينة و بلدة.

تقسم الغوطة إلى أربعة قطاعات رئيسية:

القطاع الشمالي ـ دوما: أهم مدنه دوما وعدرا والضمير والريحان.

القطاع الأوسط: أهم مدنه حرستا وزملكا وعربين وحمورية.

القطاع الشرقي أو المرج: أهم بلداته العتيبة والعبادة وحرّان العواميد والأحمدية.

القطاع الجنوبي: أهم بلداته المليحة وشبعا ودير العصافير وزبدين.

السكان

بلغ تعداد سكان الغوطة بحسب الإحصاء السكاني لعام 2010 نحو 2096000 نسمة، أي نحو 66150 عائلة، فيما انخفض تعدادهم بنسبة 46% ليبلغ تعدادهم بحسب إحصاء مكتب التوثيق التابع للمكتب الإغاثي الموحد في الغوطة الشرقية ـ وهو إحصاء موثوق ـ 1195000، أي ما يقارب مئةً وتسعةً وتسعين ألف عائلة.

الأطفال

يمثل الأطفال 42% من إجماليِّ تعداد السكان. ويذكر أن معدل الولادات في الغوطة الشرقية 8 ولادات شهرياً، وقد بلغت نسبة الأطفال في سن الرضاعة 14% من مجملِ عددِ الأطفال، وتم توثيق 12284 يتيماً.

يبلغ عدد الأطفال الرضع 70560 رضيعاً، يحتاجون شهرياً إلى 180000 علبةِ حليب من مختلف الأصناف، و200000 كيسٍ من حفاضات الأطفالِ، بالإضافة إلى اللقاحات والأدوية الموسمية.

الشهداء

بلغ إحصاء الشهداء حتى تاريخِ كتابة التقرير 11242 شهيداً، بمعدل شهيد كل ساعتين، وبنسبة 80% منهم مدنيون: 1606 أطفال و869 نساء.

المعتقلون

وثّق حتى تاريخ كتابة التقرير 4986 معتقلاً يعيشون ظروفاً بالغة السوء في معتقلات النظام فيمختلف الفروع الأمنية وغيرهم الكثير من المفقودين ومجهولي المصير.الدمار

الدمار على صعيد المرافق العامة، تم توثيق 88 مسجداً مدمراً من أصلِ خمسمئةٍ وسبعةٍ وستينَ مسجداً. كذلك تم توثيق 84 مدرسةً مدمرة من أصل 421 مدرسة. و6 مشافٍ مدمرة من أصلِ 10 مشافٍ. و20 روضة أطفالٍ مدمرة من أصل 120 روضة. أخيراً وثق 21 فرناً مدمراً من أصلِ 92 فرناً.

وعلى صعيد البنية التحتية والمنازل قسمت إلى قسمين:

أولاً: على مناطق الجبهات، بلغت نسبةُ دمار البنى التحتية 90%, ونسبةُ دمارِ المنازل والأبنية 60%.

ثانياً: في المناطق الداخلية، بلغت نسبةُ دمار البنى التحتية 30%, ونسبةُ دمار المنازل والأبنية 25%.

الاحتياجات

تعاني الغوطة الشرقية شحاً شديداً في تأمين مادة الطحين كذلك العديدُ من الموادِ الغذائيةِ الضرورية بسبب الحصار وسياسة التجويع، ومع استمرار هذا الحصار تزداد الاوضاع الاقتصادية بالتردي ويزداد معها الفقر وارتفاع أسعار السلع لندرتها أو انعدامها في معظم الأحوال.

أمام هذه التحديات تبرز الاحتياجات الآتية: تحتاج الغوطة شهرياً لنحو 100000 سلةٍ غذائية، و3000 طنٍ من مادة الطحين. كما تحتاج الغوطة إلى 160000 ليترٍ من المازوت والبنزين يومياً وقد تضاعف هذا الطلبُ بعد انقطاع التيار الكهربائي عن الغوطة الشرقية منذ ما يزيد على عام، واعتماد معظم المشاريع الزراعية على الوقود والديزل في عمليات الري والسقاية وما يزيد على 60% من كميات الوقود تستخدم لتوليد الكهرباء اللازمة لكل الأعمال: من استخراج المياه من الآبار والإضاءة وتشغيل الأجهزة الطبية وكافة الأعمال اليومية للمدنيين.

هذه الأرقام والإحصاءات تضعنا أمام واقع مرير يعيشه سكان الغوطة المحاصرة حالهم حال باقي المدن والمناطق المنكوبة على امتداد البلاد.

وقد انقطعت الخدمات الأساسية من كهرباء وماء واتصالات وطحين ودوائر حكومية كالبلديات ودوائر النفوس والقضاء والمدارس وكافة أشكال التعليم وكافة أشكال العمل الطبي الحكومي من مشافٍ ومستوصفات بشكل نهائي في بداية شهر تشرين الثاني عام 2012، وشمل ذلك كل مناطق الغوطة الشرقية عدا القطاع الجنوبي الذي حرم من الطحين وظلت الكهرباء والماء والاتصالات تقدم له حتى بداية الشهر العاشر 2013 و من ثم قطعت بشكل نهائي عنه.

تملك الغوطة معبرين للدخول والخروج أحدها من القطاع الشمالي وهو معبر مخيم الوافدين والثاني من القطاع الجنوبي بين المليحة وجرمانا والباقي محاصر تماماً. واستمر هذان المعبران بالسماح للسيارات الخاصة بالدخول حتى تاريخ 9\10\2013 ومن بعدها أوقفت تماماً ومنع دخول وخروج السيارات بشكل نهائي عن كامل الغوطة وكانت هذه السيارات تدخل ما تستطيع معها من وقود ومواد أساسية بكميات بسيطة لا تغني من جوع ولا تسد الرمق ولكن تخفف القليل من المعاناة، عدا عن استغلال تجار الحروب سواء من حواجز النظام والتجار المتعاملين معهم أو من بعض المجموعات المسلحة الموجودة ضمن الغوطة التي تتعامل مع هؤلاء التجار وتزيد معاناة الأهالي برفع الاسعار واحتكار المواد.

قبل إغلاق المعابر بشكل نهائي كان يباع معظم المواد الداخلة من المعابر بواسطة هؤلاء التجار بثلاث إلى أربعة أضعاف سعرها في دمشق عدا الوقود والطحين حيث بلغ سعر لتر الوقود 400 ليرة سورية وربطة الخبز 500 ليرة سورية. لكن بعد إغلاق المعابر انعدمت كل المواد عدا التي تنتجها الغوطة الشرقية مما تبقى من ثروتها الحيوانية والزراعية وتضاعفت أسعار الكثير من المواد. وبلغ سعر لتر الوقود 2000 ألفي ليرة سورية وربطة الخبز 800 ليرة سورية ولا يتوفر إلا القليل القليل لمن يجد ويستطيع الشراء.

تحصل الغوطة على المياه من الآبار التي تستخدم الكهرباء المولدة بمولدات كهرباء صغيرة تعمل بوقود الديزل أو البنزين وانقطاع الوقود حالياً يهدد بكارثة حقيقية.

الثروة الحيوانية

تملك الغوطة الشرقية 80% من الثروة الحيوانية في دمشق وريفها، وانخفضت هذه الثروة بشكل كبير بسبب القصف الذي استهدف الحيوانات والحصار حيث لا يوجد علف لهذه الحيوانات ونفق الكثير من هذه الحيوانات جوعاً وتحول انتاج الغوطة الذين كان يكفي جنوب سوريا كاملاً إلى إنتاج لا يكفي سكان الغوطة أنفسهم.

الثروة الزراعية: تعتمد على الري بشكل رئيسي وصعوبات جمة تواجه المزارعين لإنتاج المحاصيل الزراعية بسبب ندرة الوقود كما يتم حالياً قطع الأشجار بشكل كبير لاستخدام خشبها وقوداً للتدفئة والطبخ.

الوضع الطبي

حصار خانق وملاحقة شديدة لكل من يحمل المواد الطبية داخلاً إلى الغوطة الشرقية، وانخفاض في الكادر ليكون هناك 10% فقط من أطباء الغوطة الشرقية قبل الحصار، عدا عن توقف كافة المشافي الخاصة والعامة عن العمل بسبب تعرضها للقصف والاعتماد على نقط طبية محدثة، إضافة إلى مشكلة الوقود اللازم لتوليد الكهرباء التي تلزم لتشغيل الأجهزة الطبية، عدا عن ندرة الدواء والمواد الطبية ولقاحات الأطفال التي تندرج ضمن برنامج عالمي للقاح لمنظمة الصحة العالمية لا ينفذ منه شيء ضمن الغوطة.

وعلى سبيل المثال، هناك 130 مريضاً يغسلون كلى في الغوطة الشرقية كانوا يتلقون علاجهم في مشفى ريف دمشق التخصصي في دوما بالمجان كاملاً. تكلفة جلسة الغسيل 35 دولاراً للجلسة الواحدة وكل مريض يحتاج حوالي 8 جلسات شهرياً عدا عن الكلف الإضافية من توليد كهرباء وخلاف ذلك، لتصل كلفة الجلسة إلى 50 دولاراً. بسبب قلة الدواء وتعرض الكثير من الأجهزة للتخريب بسبب القصف أو السرقة. يقدم حالياً خدمة غسل الكلى لـ35 مريضاً فقط من أصل 60 مريضاً تركوا لمصيرهم، إضافة إلى عدم القدرة على تخصيص جهاز لمرضى التهاب الكبد بسبب قلة عدد الأجهزة. وكمثال الشهيد فهد السرميني الذي استشهد بسبب عدم توفر القدرة على تقديم خدمة غسل الكلى له، والقائمة تطول من هذه الأمثلة، ولا بد من ذكر أن مرضى الاحتشاء القلبي لا يمكن أن تقدم لهم خدمة القسطرة في كل الغوطة الشرقية نهائياً بسبب عدم توفر الأجهزة والأدوية اللازمة لذلك.

الوضع التعليمي

عدد طلاب المدارس في الغوطة الشرقية قبل الأزمة 250000 طالب يوجد نحو 60% منهم ضمن الغوطة والباقي نزحوا خارجها، ويحصل 75000 طالب على التعليم في ظروف سيئة من انعدام الأمان في المدارس بسبب تعرضها للقصف، وبالتالي تشغل الأقبية كمدارس، إضافة إلى انعدام الوسائل التعليمية البسيطة من كتب وقرطاسية وضعف في الكادر التعليمي الذي خرج غالبه خارجاً، ويواجه الكادر الحالي الكثير من الصعوبات أهمها جوع الطلاب وتسربهم بسبب الفقر وعدم القدرة على تأمين أي شيء من الاحتياجات.

ويسقط يومياً العديد من الطلاب جوعاً داخل صفوفهم. ويراجع يومياً طلاب المدارس النقاط الطبية بسبب سوء التغذية. وقد راجعت طالبة بعمر تسع سنوات تعاني من الإغماء بسبب الجوع، وعند سؤال والدتها تبين أن الأم توزع الطعام بحيث تحصل الفتاة على وجبة واحدة كل يومين كي تستطيع إطعام إخوتها بالتناوب، عدا عن تعرضهم للاختناق والرطوبة والربو بسبب الظروف الصحية السيئة للصفوف المدرسية الموجودة في الأقبية خوفاً من القصف.

مجزرة الكيميائي

في 21\8\2013 حدثت المجزرة التي أحدثت ضجيجاً من دون فعل. ما يزيد على 1400 شهيد و10 آلاف مصاب معظمهم من الأطفال والنساء ماتوا بصمت من دون أي تجاوب ومن دون أي تفاعل حقيقي عدا الضجيج الإعلامي الفارغ عن الفعل.

استزفت المجزرة مخزون الغوطة من المواد الطبية بشكل كبير عدا عن الأثر النفسي السيئ لدى الأطفال والكبار على حد سواء, وقد أصبح من ألعاب الأطفال أن يخيفوا بعضهم البعض بالكيميائي ويلعبوا بالكمامات التي يقصّوها من دفاترهم.

هل من حل؟

ما الحل في ظل تمسّك كل من طرفي النزاع برأيه وازدياد العنف والحصار؟

هل من الممكن أن يغمض العالم أعينه عن منطقة كبيرة وكثيفة سكانياً كالغوطة الشرقية وهل ينتظر العالم الجوع ليقضي على من نجا من أهل الغوطة من كافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً؟

هل الجوع سلاح مشروع؟

يجب أن تتدخّل منظمات دولية كالأمم المتحدة والصليب الأحمر لتأمين احتياجات الغوطة من ماء الشرب والطعام على الأقل. ويوجد لمنظمة الهلال الأحمر العربي السوري نقطتان ضمن الغوطة تعملان بشكل منفصل عن المنظمة بعد خروج قوات النظام من الغوطة حيث لم تقدّم المنظمة أياً من المواد أو المساعدات لهذه النقاط، وتركتها تعمل وحيدة كأفراد فقط منذ خروج قوات النظام. كما يوجد مكتب إغاثي موحد للغوطة الشرقية يعمل على تأمين الإغاثة للمدنيين. ويوجد مكتب طبي موحد للغوطة الشرقية يعمل على تأمين بدائل للعلاج للمدنيين. ومن الممكن الاستعانة بطواقم المكتبين لتأمين احتياجات الغوطة ويجب الضغط على النظام بكافة الوسائل ليسمح بدخول المواد الأساسية داخل الغوطة.

إن الغوطة تتعرّض عدا ظروف الحرب والقتل لأخطر ثلاثة أمور : المرض؛ الفقر؛ الجهل, وهذه الآفات الثلاث لا تهدم منطقة بل تهدم جيلاً وشعباً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى