صفحات الثقافة

تمام عزام، فنّان سوري يصوّر وطنه الذي تحوّل الى حبل غسيل

 

ريّـان ماجـد

“أنا من ضيعة صغيرة من السويداء، إسمها تعارة، تقع على الحدّ الفاصل بين السويداء ودرعا. بقيت فيها لحين دخولي الجامعة، درست الفنون الجميلة، وتخرّجت عام2001”.

اعتمد الفنّان السوري تمام عزام، لون الأسود في رسوماته الأولى، “تأثير الطفولة” يقول. اذ كانت لوحاته وكأنها استحضار للصخور السوداء للسويداء، المنطقة التي سمّيت “خلال العصور القديمة سؤادا، أي المدينة السوداء، نتيجة طبيعتها البركانية وحجارتها السوداء”. عرض أعماله في “أتاسي غاليري” وفي المركز الثقافي الفرنسي و”أيام غاليري” في دمشق وعُرضت أيضاً في عمان وباريس ومارسيليا ولندن.

اندلعت الثورة في سوريا. “كانت كأنها حلم، عشناها بكل ما نملك من آمال وشاركنا فيها مثلنا مثل الآخرين”.

وبعد 6 أشهر على اندلاعها، “بدأوا يطلبون الاحتياط في الجيش، وأنا كنت قد أنهيت العسكرية قبل الثورة بأشهر قليلة”.

ترك تمام سوريا وسافر الى دبي. “لم يعد لديّ مرسم، فقرّرت أن أستعمل الكومبيوتر، وأتممت أول عمل يمزج بين الرسم والديجيتال. الغريب أنني استخدمت خريطة سوريا، التي لم تكن تعنيني من قبل. وبدأت هذه الخريطة تأخذ أشكالا مختلفة”.

كان يرسم قبل الثورة “حبال غسيل”، متتبّعاً “الأثر الذي يتركه الناس خلفهم، ذكرياتهم المعلّقة”. استوحى “سلسلة الغسيل” هذه من مشاهدة ابنته وهي تُعيد ترتيب الملاقط على حبل منزلهم الدمشقي.

“كنت أرسم حبال غسيل وقصص الناس المعلّقة والجغرافية المتروكة والمهجورة”، يقول تمام.

أصبح بعد مغادرته سوريا يتكلّم في أعماله عن ذاته المعلّقة. وأضحت خريطة سوريا تعبّر عن “الشعار والمكان الذي لطالما لم نكن فيه”. علّق الخريطة بحبال الغسيل.

بدأ “الناس الافتراضيون” الذين كان يرسم غسليهم وقصصهم وبيوتهم يظهرون بعد الثورة. “البشر الجدّ هدول هنّن. وإذا بدّو الواحد يعمل شي، بيسوحي منّن”.

سوريا” كان عنوان المعرض الذي أقامه تمام عزام في دبي، في “أيام غاليري” (10 تشرين الثاني الى 31 كانون الأول 2012) والذي ضمّ حوالي 50 عملاً فنّياً وكان مقسّماً الى 3 مجموعات: “الإنتفاضة السورية” و”المتحف السوري” و”أماكن في الثورة السورية”.

“خلال الثورة السورية، أصبحنا نسمع بأسماء أماكن لم نكن نعرف عنها شيئاً من قبل. كنّا نسمع فقط عن القرداحة”، يقول تمام مازحاً. “من هم هؤلاء الناس، ما هو هذا المكان العجيب، بصر الحرير مثلاً، الذي كان يبعد عن بيتي 2 كم، وهو اليوم يُقصف ليلاً ونهاراً ولم أتعرّف عليه إلا بعد الثورة”. قرّر تمام أن يتكلّم عن الناس الذين يصنعون الثورة وعن الأماكن التي يخرجون منها، فأطلق صفحة بعنوان “أماكن في الثورة السورية” على “فايسبوك”، تضمّ نصوصاً تتناول أصول أسماء هذه الأماكن وتاريخها، وصوراً تستند الى القصص المنسوبة عنها. تتنقّل فيها بين حلب ومعضمية الشام والمليحة وحلفايا ودير العصافير وداريا وسلمى وباب الهوى وسرمدا والسلمية… .عرض عزام مجموعة كبيرة من هذه الصور في معرضه في دبي أخيراً.

“سوريا تنزف”، هو عنوان إحدى لوحاته. لكن “الربيع السوري”، وهو عمل آخر له، سيزهر بالرغم من الأهوال والمآسي. “معنوياتي مثل معنويات الناس. عالية دائماً، وكذلك حزني”، يعلّق تمام …

موقع لبنان الآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى