صبر درويشصفحات الناس

جبهة دمشق الجنوبية تتهاوى/ صبر درويش

لا يستطيع السوريون حتى اللحظة معرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء خسارة قوات المعارضة لمواقعها المهمة والحاسمة في محيط العاصمة دمشق؛ فمنذ منتصف آذار من هذا العام راحت الجبهات تسقط الواحدة تلو الأخرى، بدءاً بجبهة العتيبة ومروراً بالذيابية وجارتها بلدة شبعا، وصولاً الخميس إلى بلدة السبينة الواقعة جنوب العاصمة دمشق، والتي تمكنت قوات الأسد من السيطرة عليها.

 لم تكن عملية السيطرة على بلدة السبينة عملية عسكرية مفاجئة، فقد كان واضحاً حجم التحضيرات التي تقوم بها قوات النظام السوري مدعومة بقوات حزب الله ولواء “أبو فضل العباس” قبل أسابيع. كما أن سيطرة هذه القوات على بلدة الذيابية قبل فترة كانت مؤشراً واضحاً للمسار الذي تتحرك عبره قوات النظام، وهو إطباق الحصار على المنطقة الجنوبية بالكامل وفرض حصار لا مفر منه على المنطقة.وهو ما بدأته قوات النظام بإعادة سيطرتها على أغلب المدن والبلدات المحيطة بطريق مطار دمشق الدولي.

  قائد لواء “حذيفة بن اليمان”، أبو غالب، في حديث لـ”المدن”  تحدث لـ”المدن” عن الموقع الاستراتيجي للسبينة وأهميتها بالنسبة للنظام، مشيراً إلى “قربها من فرع المخابرات الجوية، وثانياً قربها من المطاحن والتي تحوي أكبر مخزون للدقيق في دمشق، أما ثالثاً فلقربها من بلدة الست زينب والتي لا تزال تحت سيطرة قوات النظام حيث تجري فيها ومنذ أشهر أشد الاشتباكات على الاطلاق”.

 إضافة إلى كل ذلك، تقع بلدة سبينة على طريق درعا الدولي القديم وهو خط استراتيجي، شكلت خسارته ضربة فادحة بالنسبة للثوار. من اجل كل هذا عمدت قوات النظام على مدار 7 أيام من القتال الشرس على دك البلدة بكل أنواع السلاح الذي بحوزتها، وذلك في سبيل السيطرة على البلدة، وهو ما حدث فعلاً.

انسحاب كتائب أثناء القتال، هو أمر تكرر كثيراً في المعارك السورية، بين قوات النظام والفصائل المسلحة، وهذا أيضاً ينطبق على السبينة، إذ يشرح أبو غالب قائلاً : “كان من الممكن أن لا نخسر البلدة، ولكن انسحاب الفرقة الرابعة حرس دمشق وكتائب أسود التوحيد، من دون ان يطلقوا طلقة واحدة، تسبب بإرباك قواتنا، وزاد من وطأة المعركة علينا، إذ لم يبق سوى لواءنا ولواء شام الرسول، ولواء الأمة الواحدة، ولواء مجاهدي الشام”.

 في اليومين الأولين من الاشتباكات، قام الناشطون في المدينة باتخاذ التدابير اللازمة. أحد النشطاء الإعلاميين في المنطقة الجنوبية، أنس أبو حمزة، يصف لـ”المدن” أن الوضع كان خطيراً جداً، وكان يتطلب نقل المدنيين إلى مخيم اليرموك، خوفاً من مجازرة محتملة يقوم بها النظام وحزب الله ولواء “أبو الفضل العباس”، كما حصل في الذيابية القريبة من السبينة.

 وتحدث عن الجبهات الجديدة التي كشفت مناطق تمركز مقاتلي المعارضة بعد سيطرة قوات النظام على البلدة قائلاً: “أدى ذلك إلى انكشاف جبهة حي القدم الدمشقي الموازي لبلدة السبينة، فبسقوطها، أصبح على مقاتلي حي القدم القتال على ثلاث جبهات وهي: جبهة مبنى المخفر على طريق درعا القديم، وجبهة بور سعيد، وجبهة السبينة، وكل هذا يهدد بسقوط مدن وبلدات محيط دمشق الواحدة تلو الأخرى”.

وفي كل الحالات التي خسرت فيها قوات المعارضة مواقع كانت تسيطر عليها، اجتمعت الآراء حول سبب رئيسي، ألا وهو الخلافات الشخصية بين قادة الكتائب والألوية. وهو الأمر الذي تمخض عنه سوء التنسيق وانسحابات غير مبررة، كانت تكلفتها في كل المرات باهظة.

لا أحد يستطيع أن ينكر اليوم التقدم الملموس الذي باتت تحققه قوات الأسد في محيط العاصمة دمشق. وعلى الرغم من أن الاعلان عن تجمعات عسكرية جديدة أصبح موضة نسمعها كل يوم، إلا أن هذه التجمعات لم يسفر تشكيلها عن تغيير موازين القوى على الأرض. وهو الأمر الذي يشير إلى تواجد هذه المجاميع العسكرية على الإعلام فقط بينما على الأرض فهزائمها تعلن هزالها. هزال غالباً ما يدفع ضريبته المدنيون الذين لا يزالون يقيمون في مدنهم من جهة، وبعض التشكيلات العسكرية التي لا تزال تقاتل وفق عقيدة الثورة وواجبها في الدفاع عن مدنها وأهلها من جهة أخرى.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى