صفحات العالم

جمعة الإعلام العربي إن أتت..

 


زيــنــة مـنـصـور

الإعلام العربي لم يكن في تاريخه محاصر ومتقهقر أمام ظاهرتي التويتر والفيس بوك بالشكل الذي وصل اليه اليوم خاصةً بعد الأزمة المالية التي أصابت العالم و انخفاض الاستثمارات الإعلانية. إعلام الشارع او إعلام الـشعوب شكل أداة ضغط كبيرة على العقلية التي تدير أجهزة الإعلام في العالم العربي , اذ ان ملامح هذه الأزمة بدت منذ ما قبل اندلاع ثورة تونس والثورات العربية و دخول وسـائط الإعلام الاجتماعي على خط المنافسة الإعلامية كمصدر أولي للصورة و الخبر. ان امتلاك الشعوب لإعلامـها الـخاص من خلال التصوير الميداني وضعت وسائل الإعلام في كل العالم أمام حقيقة ان الشعوب يمكنها فعل كل ما تريد بحريه لا يوفـرها الإعلام المؤسساتي. اذ نجح الإعلام الفردي والشعبي عبر النيو ميديا بفك حصار الأنظمة العربية المفروض على المؤسسات الإعلامية العربية, وتبلورت ملامح الحرية في وسائط التواصل الاجتماعي أكثر منها في الإعلام العربي الرسمي – الغائب عن الوعي والموجود خارج الزمن, والإعلام الخاص – المكبل بالحسابات السياسية و المالية. .

هل تداركت القنوات أن الثورة الإلكترونية قرعت جرس النهاية لحقبة إعلامية بصرية سمعية ورقية وأعلنت بداية حقبة جـديـدة بـعقليـة جديـدة. لـذا نحن اليوم بحاجة وبشكل عاجل لخطة إنقاذ او جمعة حرية الإعلام العربي لإنقاذه من حصار الأفخاخ التي وقع فيها و لم يستيقظ حتى اللحظة لاستدراك تداعياتها.

ان عصر الإعلام الإخباري التلفزيوني أوشك على السقوط في عين المشاهد العربي لأسباب كثيرة ولا شك ان مع نهاية مشهد الثورات العربية ستدخل الشاشة الصغيرة في أزمات كبيرة و سنـشهد في السنوات القادمة نهاية الصحافة الورقية بشكلها التقليدي. الإعلام الإخباري لم يبق منه إلا الصورة المتوفرة في كل لحظة والنقل المباشر, أما أبعاد الخبر و ما وراءه انتقلا من الشاشة الصغيرة إلى الشاشة الأصغرالحرة المفتوحة على كل الآراء و الآفاق. إنها أزمة التلفزيون المفتوحة ستنتهي بتبلور صورة الثورة الإلكترونية الرقمية ما بعد نهاية الثورات العربية

. إن المغالاة في الاستثمار في ثقافة الهبل التلفزيوني دون حساب العواقب أسقطت كل الشاشات دون استثناء في فخ الطمع و الفشل غير المعترف به. و هجرت المشاهد هجرة قسرية من الشاشة الصغيرة الى الشاشة الأصغر التي تلبي حاجاته دون أي سيطرة او تحكم. أدركت بعض وسائل الإعلام ان المشاهد قد فر هارباً نتيجة سوء التخطيط التي وقعت فيه و لكنها لم تستطع بلورة ذلك ببرامج من نوع جديد على الشاشة. فكل الشاشات العربية اليوم تعيش الحصار الأليم سراً وبصمت و تقف عاجزةً عن مواكبته. لماذا؟ الإجابة تطول.

إن حصار الثورة الالكترونية كان غير متوقعاً من قبل الشاشات التي عاشت أمجاد الشاشة التي لا تقهر, فإذ ب “نيو ميديا” تحكم الخناق لتنافس بشاشة اصغر باتت أفعل و أقوى. أما الإعلام, بعضه يتصرف إزاء مـا يجري و كأنه في غيبوبة تامة عما يحدث من أمامه و من وراء ظهره او و بعضه الآخر يعيش كالنعامة التي تدفن رأسها في التراب.

جمعة ثورة الإعلام تهدف إلى تحرير العقل الإعلامي المحاصر طوعاً او قسراً , تحريره قبل فوات الأوان لمواكبة ما يجري على الشاشة الإلكترونية. كل ذلك يجب أن يحدث بسرعة قبل أن يهاجر آخر مشاهد لا يزال ينتظر الإعلام الكلاسيكي, ربما لعدم قدرته على الوصول إلى الشاشة الرقمية. إنها مرحلة التغيرات الإعلامية تتخذ طابع الانحدار الإعلامي أو بالأصح مرحلة انكسار وانحسار لا بل حصار بات يستدعي عاجلاَ علاجاً ثوريا للشاشات في العالم العربي .

حالة الإعلام العربي اليـوم باتت ككل ما ينتهي بكلمة عربي أي شأنه شأن الموقف العربي و الرأي العام العربي و جامعة الدول العربية. آن الأوان أن تنطلق” ثورة ” الإعلام العربي  -المكتوب والمرئي و المسموع  – بـشكـل يـواجـه فـيه حقيـقة ما يـعانـي مـنه. وشكراً ل ” نيو ميديا” التي أتاحت للعربي الضائع بين الشاشات العربية ان يرى الحقيقة بالعين المجردة. و شكراً للصحافيين الجدد – أي المواطنين – الذين أجبروا الإعلام العربي الخـائف والنائم والمـتواطئ أحيانا ان يستيقظ من سباته

بـيروت – 1 حـزيـران / يـونيـو 2011

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى