صفحات العالم

“حزب الله” يدعم موقعه بإزاء الأزمة السورية


روزانا بومنصف

تتوقع مصادر سياسية أن يلاقي الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في كلمته المرتقبة السبت في الشأن السوري، متى تطرق اليه وفق ما هو مرتقب، ما اعلنه الرئيس السوري بشار الاسد في خطابه الثلثاء الماضي من زاوية الاقتناع بان الاخير مرتاح الى وضعه وقوي وواثق، وفق ما حاول اشاعته من انطباعات في هذا الاطار. ذلك ان وجهة نظر الحزب، وفق هذه المصادر، ان الانتفاضة ضد نظام البعث في سوريا ورئيسه هي ابعد من واقع الثورة على هذا النظام المستمر منذ اربعة عقود وتطول المحور الذي يمثله جنبا الى جنب مع ايران والامتدادات لهذا المحور. ويظل بديهيا استمرار الرهان والتمسك بالنظام في ظل اعتقاد باستهداف المحور الذي يمثله مع ايران وما يعنيه سقوطه المحتمل من خسارة كبيرة وهائلة لايران، والحزب تاليا. وان التلاقي في وجهة النظر مع النظام، مبنية على واقع أن الاسد أفاد في خطابه الاخير وتصعيد لهجته من جملة عوامل، ليس اقلها الاستناد الى الدفع المعنوي على اثر وصول الاسطول الروسي الى طرطوس، مع ما يعنيه ذلك من رسائل في اتجاهات عدة حول استمرار الحماية الروسية لهذا النظام في مواجهة المطالبات الدولية بتنحيه. وهذا الامر لا يجوز التقليل منه في ضوء المواقف الروسية الاخيرة المعلنة على ألسنة المسؤولين الروس، ان في شأن ايران او في شأن سوريا او في مواجهة الغرب عموما ومواقفه ازاء سوريا وايران. ففي موقف اخير لرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين في اطار حملته الانتخابية، توعد بان بلاده سترد على ما سماه “اي عمليات احادية الجانب” يقوم بها الغربيون على الساحة الدولية في حال لم تأخذ هذه الدول في الاعتبار المصالح الروسية، مؤكدا ان روسيا ستكافح كل محاولات الغرب لفرض ارادته على موسكو. ويأتي هذا الموقف غداة اعلان روسيا معارضتها مع الصين فرض عقوبات نفطية على ايران في ظل سعي الدول الاوروبية الى اتخاذ مجموعة جديدة من العقوبات ضد ايران بعد الاعلان عن بدء انتاج الأورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة في موقع فوردو.

وبحسب المصادر المعنية، فإن الاسباب التي استفاد منها النظام السوري مدعاة للارتياح الى وضعه تكمن في انه استطاع استغلال الفرصة التي وفرتها المبادرة العربية من اجل تسجيل مكاسب لمصلحته، فيما تتخبط المبادرة واهلها في فشل بعثة المراقبين وعدم قدرة العرب على فرض رأي واحد في ظل انقسامات ظاهرة تمنع التوافق العربي على موقف موحد وتبقي على الخروق العربية كبيرة ازاء النظام في سوريا، وفق ما عبّر عنه وزير خارجية الجزائر او ما عبّرت عنه السودان ايضا، وهما من الدول التي تناقض الدول الخليجية في موقفها مما يجري على الاراضي السورية. يضاف الى ذلك إفادته من تخبط الدول الغربية وصولا الى تركيا ازاء عجزها عن اتخاذ اجراءات اضافية ضد النظام، والعجز الذي تظهره المعارضة السورية في الاتفاق على برنامج موحد يمكن ان يساعد الدول الغربية على الاعتماد عليها من اجل الاطمئنان الى مستقبل الوضع في سوريا، على اساس انها البديل من الاسد.

لذلك لم يكن غريبا ان يعلن النائب وليد جنبلاط او القريبون منه ايضا ان هناك اختلافا في الرأي بينه وبين الحزب في شأن الوضع في سوريا على اساس نظرة كل منهما الى الوضع فيها، علما ان المصادر المتصلة بالجانبين تقول ان هناك التقاء على الشأن الداخلي لجهة السعي الى تجنيب لبنان تداعيات الوضع السوري، نظرا الى اختلاف وجهة النظر بين الحزب وحلفائه من جهة وقوى 14 آذار من جهة اخرى مما يجري هناك. لكن اللافت في حركة الحزب ما يراه مراقبون كثر محاولة تدعيم او تحصين وضعه على قاعدة قراءته البعيدة المدى للوضع السوري، ولو اظهر النظام ارتياحا في هذه المرحلة ومعه الحزب. اذ ان هناك عوامل سلبية عدة في المقابل، وفي مقدمها غياب الحليف السني القوي او الغطاء السني في ظل تناقض جذري بين الجانبين على مسائل عدة في مقدمها مسألة السلاح وما تعنيه لجهة قرار الدولة وسلطتها والوضع السوري. وهناك ما يوحي ان التحالف مع “التيار الوطني الحر” لم يعد يؤمن وجود تغطية سياسية ووطنية كافية له في الداخل او في الخارج وتأثير الصراعات المفتوحة لزعيم التيار مع افرقاء الحكومة الى حد تعطيل انتاجيتها على نحو يظهر ان العرقلة لم تكن ابدا من الحكومات السابقة بمقدار ما هي كامنة في نهجه ومنطقه، اضافة الى خسارة ظاهرة لدى الرأي العام العربي نتيجة مواقف الحزب من الثورات فيها، بحيث يلجأ الى تغطية اكبر من خلال انفتاحه على الكنيسة المارونية وتواصله مع الطائفة الدرزية. والواقع ان المواقف المتفهمة لسيد بكركي ومنطقه ومبرراته تساعده في المعطى الداخلي وحتى الخارجي. فالحزب يفيد من القلق الذي يعبر عنه سيد بكركي على مصير المسيحيين في ضوء ما يجري في سوريا، من اجل اشاعة فكرة تمسكه بالسلم الاهلي وتعزيز الانطباع في هذا الاطار، الى جانب تحصين وضعه الداخلي وتعزيز اوراقه في الوقت نفسه، وفق ما يرى المراقبون المعنيون.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى