بنكي حاجوصفحات سورية

دروس من اعتداءات الأشرفية وخطف الكورد على طريق حلب وعفرين


بنكي حاجو

المعارضة السورية “الإسلامية” المدعومة من دول الخليج تصرف الكثير من الأموال حتى تقنع ضابطا سوريا أو سياسي ليعلن انشقاقه عن نظام الأسد. هذا أمر مفهوم ومنطقي. ما لا أفهمه هو: لماذا تسعى هذه المعارضة بكل الوسائل الدخول فى حرب جانبية مع قسم كبير، إن لم نقل مع أغلبية الكورد في سوريا؟. لا أرى منطقاً في هذه التصرفات. هل هذه رغبة السيد رجب طيب اردوغان، أم ماذا؟ هذا السؤال ينبغي على المعارضة منح جواب حوله. المطلوب اليوم هو وحدة الجهود في مواجهة النظام السوري المستفيد الوحيد من الأحداث التي جرت. هذا إذا كان هدف المعارضة المسلحة السورية هو فعلاً إسقاط النظام. والحديث عن مقاتلي “حزب العمال الكردستاني” أو عناصر “لجان الحماية الشعبية” تارة “كشبيحة للنظام” وتارة أخرى المطالبة “بتوحيد الجهود مع هذه العناصر لإسقاط النظام” كلام ملغوم من البداية. فإذا كان القصد هو عناصر حزب PYD فهم قوة أساسية على الساحة السياسية الكوردية في سوريا. فأي صدام مع هذا الحزب هو صدام مع قسم كبير من كورد سوريا إن لم نقل أكثرية الكورد. هذا بالرغم من كل مآخذنا على بعض سياسات هذا الحزب وأخطائه اليومية في ساحة العمل السياسي. PYD هو القوة الأكثر تنظيماً اليوم، ولا يمكن للكورد التضحية بهذه القوة، إنهم بأمس الحاجة إلى هذا التنظيم القوي في هذه الفترة الحرجة. لقد تعلم الكورد من تاريخهم ولو قليلا.

إن ما حدث في الأشرفية في حلب يوم 26 من أكتوبر، يجب أن يكون حافزا على رص الصفوف ضد النظام الاستبدادي وضد الأصوليين الذين يستخدمون الإسلام في تحقيق مآربهم الشريرة. إنها نفس المارب التي دفعت بهؤلاء عندما قتلوا الأبرياء في نيويورك، في أربيل، في مدريد أو في بالي… هذه القوى المدعومة من خارج الحدود لا دين لها ولا مذهب ولا قومية… لذا يجب رص الصفوف وخاصة صفوف الكورد لانهم الحلقة الأكثر استهدفاً لرفضهم المشاركة في حربهم ” الدينية المذهبية” البشعة. وعلى الكورد الابتعاد عن المهاترات. يجب ايقاف تهجم الكورد على الكورد مهما كانت صفاتهم… المهاترات وتهجم الكورد على الكورد هي معارك جانبية تدمر القوى الذاتية… فلتتوجه كل الجهود إلى تقوية البيت الكردي، فالتنظيم في وقت الأزمات هو ألفباء الانتصار. هنا يجب التذكير أن الكوردي هو سني وعلوي وشيعي و إزيدي و مسيحي و يهودي في ان واحد. فهو من أتباع شيخ الشيوخ معشوق الخزنوي المسلم الحقيقي و نوري ديرسمي العلوي و شيخ حسين الإيزدي. لذا لا علاقة للكورد بحرب هؤلاء ” الدينية المذهبية”.

بعد اعتداءات الأشرفية وخطف الكورد على طريق حلب وعفرين صرح نائب قائد “الجيش الحر”، مالك الكردي، وأشار إلى مفاوضات مباشرة لتطويق الأزمة مع “قوات حماية الشعب” التابعة “لحزب الاتحاد الديمقراطي”… وعند السؤال عن “الجهات الكردية التي شجعت على حدوث تلك المواجهات” أوضح مالك الكردي أنها كانت “جهات سياسية وعسكرية “كوردية” لاسيما “كتيبة صلاح الدين الأيوبي” التي “روجت بين عناصر الجيش الحر على ضرورة إنهاء سيطرة <<عناصر حزب العمال الكردستاني>> على الحي”. كلام السيد مالك الكردي هذا كان جيداً وقد ساعد وسيساعد على وقف العنف وحل المشاكل بالطرق السلمية. ولكن هناك مؤشرات توحي بأن ما حدث في الأشرفية في حلب، كانت محاولة استكشافية لجس نبض القوى الكردية… بيد أن عزيمة الشباب الكردي أفشلت هذه المحاولة… إلا أن هدف المعارضة السورية، حسب قناعتي، تبقى تصفية الحركة الكردية المستقلة وفرض الولاء عليها لجعلها تتخلى عن المطاليب القومية الكردية الخاصة والديمقراطية السورية العلمانية العامة… والهدف الأخر هو دفع الكورد للنزوح من حلب… عندها ستتمكن هذه المعارضة بطرد الأرمن و حميع المسيحيين أو ذبحهم… والهدف الآخر هو جر الكورد إلى حرب كوردية كوردية… قد يكون هذا سبباً لإشارة مالك الكردي إلى “كتيبة صلاح الدين الكوردية” التي جرت “الجيش الحر” حسب قوله إلى حي الأشرفية.

وما الكلام عن مقاتلي <<حزب العمال الكردستاني>> إلا وسيلة لخلط الأوراق. فهي لعبة معروفة… عندما كان صدام حسين السني المذهب ينظم حملات الإبادة الجماعية ضد الكورد كان يرجع سبب حربه هذه إلى “جهاده ضد الجيب العميل” و عدائه الشخصي تجاه مسعود برزاني و جلال طالباني. أما آية الله الخميني فكان يبرر أوامره في إعدام الوطنيين الكورد بخلافه مع العلماني الكوردي عبد الرحمن قاسملو. وأما الدولة التركية فتصر على حربها الأبدية ضد الكورد وذلك من أجل إنقاذهم من شر “الستاليني الكوردي” عبدالله اوجلاان بالرغم من أنه سجين عندهم منذ ثلاثة عشرة سنة. لذا على زعماء “الجيش السوري الحر”… عدم الدخول إلى هذه اللعبة الجديدة القديمة… هنا يجب تنبيه الكورد وجميع الأقليات في سوريا من العلويين والدروز و الأرمن والسريان الآشوريين والمسيحيين بأنه مادام زعماء “الجيش السوري الحر” ملتزمون بأجندات الخارج فيجب عليهم توخي الحذر تجاه سياساته…

في هذا السياق أعتبر ما حدث في كوباني يوم السابع وعشرين من أكتوبر كرد فعل “لوحدات الحماية الشعبية” على خلفية هجمات الأشرفية خطأ فاضحاً و أمرأً مرفوضاً يجب عدم تكراره. للكورد مع بعضهم البعض آلاف مؤلفة من المشاكل. فهم ليسوا بحاجة إلى خلافات جديدة حول ما يسمى بعلم الاستقلال.

فوجود هذا العلم من عدمه لا يستحق قطرة دم كردية واحدة.

رغم كل ما قلت لدي مخاوف جدية وهناك مؤشرات خطيرة على أن بعض الكورد يعدون لشن حرب ضد بعضهم البعض. ليس فقط في سوريا بل أيضا في تركيا والعراق وإيران. البعض سيدعم التحالف الشيعي والبعض الأخر أهل السنة. وستنتقل “الحرب الشيعية السنية” كلية إلى المناطق الكردية… إنه من السذاجة أن يعتقد البعض من الكورد بأنهم سيربحون هذه الحرب في نهاية الأمر. فتركيا وإيران ستتفقان في نهاية المطاف ولن يحصل الكورد على “كوردستانهم الكبير”. ولن يحضر زعماء الترك و الفرس مراسيم إعلان دولة “كردستان الكبرى”.

هذا لا يعني أبداً عدم الاستفادة من التناقضات بين الدول. فما يجري في سوريا هي حرب أهلية ففي الحروب الأهلية لا صدقات و لا حلفاء دائمون خاصة في الحالة الكوردية. ولكن هناك أمر مهم: على الكوردي أن لا يدخل تحالفاً يلزمه بخوض حرب كوردية كوردية شاملة.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى