صفحات العالم

رسالة إلى “حزب الله”/ علي بردى

يشغل “حزب الله” صانعي القرار الدولي أكثر من أي وقت مضى. تمكنت ايران من جعله رأس حربة لنفوذها الإقليمي. تحوّل رمزاً للمقاومة الناجحة ضد اسرائيل. غير أن مشاركته العلنية في الحرب داخل سوريا مقامرة محفوفة بأخطار بالغة على الحزب نفسه، وبعواقب وخيمة على “بيئته الحاضنة”، وبأثمان لا طاقة للبنان عليها.

على غرار التفجيرات الأخرى التي استهدفت الحزب في مناطق لبنانية مختلفة، وجه انفجار الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت رسالة تفيد أن حدود الحرب السورية لا يرسمها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله. يستهدف هذا العمل الإرهابي ما يسميه الحزب “البيئة الحاضنة للمقاومة”، وهي عبارة ملطفة تعني تماماً الطائفة الشيعية وبعض مؤيديها من الطوائف الأخرى. ويعتقد أنه رد على مشاركة الحزب في القتال الى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مناطق تشكل “البيئة الحاضنة للتكفيريين”، بمنطق الحزب نفسه. هذه البيئة تتشكل حصراً من أبناء الطائفة السنية الذين ينتمون الى جماعات إسلامية متشددة تستلهم اجتهادات تنظيم “القاعدة” والكيانات الأخرى المتحالفة معه.

يستهتر المدافعون عن “محور الممانعة” بحقيقة كون الشعب السوري انتفض قبل نحو 30 شهراً لأن نظام البعث الإستبدادي حوّل الناس عبيداً. هؤلاء ما عادوا يطيقون كل الجور والإضطهاد والعذاب. لا يستخف أحد بخطر الجماعات الإسلامية المتشددة التي تجد في سوريا الآن أرضاً خصبة وملجأ آمناً في ظل الحرب العالمية على الإرهاب. غير أن “حزب الله” يجب أن يسمع النصح بأن دوره بالغ الخطورة في هذه الحرب، علماً أن كثيرين يعرفون أنه لن يسمع النصيحة إلا إذا أتته من الجمهورية الإسلامية. قد تكون الفرصة سانحة مع تسلم الرئيس حسن روحاني مهماته، علماً أن الكلمة الفصل تبقى للمرشد الاعلى آية الله علي خامنئي.

لا يخفي هذا الصدام بين هاتين البيئتين الحاضنتين حقيقة الصراع السني – الشيعي، الذي يتبلور أكثر فأكثر نتيجة تورط “حزب الله” في الحرب السورية. على رغم القدرات الخطابية الإستثنائية التي يتمتع بها نصرالله وحنكته في شحذ الهمم، يجد “حزب الله” نفسه يومياً أمام خصوم جدد.

حيال هذا الإستهداف الوحشي للمدنيين في الضاحية، لم يتردد الأعضاء الـ15 لمجلس الأمن في اصدار بيان يندد بهذه الجريمة الشائنة. أجمعوا على أن لا قضية تبرر هذا الإرهاب. غير أن الرسالة الواضحة التي ينبغي انعام النظر فيها تفيد أن دولاً مثل روسيا والصين والأرجنتين تؤيد سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية.

ما كان أغنى “حزب الله” عن استعداء شعوب العالم العربي ودول الإتحاد الأوروبي فضلاً عن الذين يضمرون له السوء في الولايات المتحدة واسرائيل. الذين يصنفونه تنظيماً ارهابياً يضحكون في سرّهم: بطيخ يكسر بطيخاً، وارهاب يحارب ارهاباً.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى