صفحات الناس

شكوك في اغتيال إسلاميين الأب فرانس في حمص/ طـارق الدبـس

 

دُفن الأب الهولندي فرانس فان درلوغت في حمص، دون أن تتكشف أي معلومات توضح هوية الجهة التي أقدمت على اغتياله. ما تسوّقه المعارضة من اتهامات للنظام السوري بالوقوف وراء الجريمة ليس مستبعداً، لاسيّما وأن اغتياله جاء بعد سلسلة اختراقات ضد أحياء المعارضة في حمص القديمة، أودت بحياة عدد من عناصر “الجيش الحر” وقادته.

لكنّ ناشطين معارضين في المدينة لا يثقون برواية المعارضة ويجدون فيها تغطية على القاتل الحقيقي المتمثل بالإسلاميين المتشددين. ويقول نبيل الحمصي، أحد الناشطين المدنيين في حمص، لموقع NOW: “تعرّض الأب فرانس للضرب مرات عدّة من قبل إسلاميين متشددين، وجرى إخفاء الموضوع وعدم الإعلان عنه بحجة عدم إعطاء النظام فرصة للقول إن المعارضة تؤذي المسيحيين في حمص”.

وبرغم مواقفه الداعمة للثورة فإنّ “جهات اسلامية متشدّدة كانت تضمر العداء للأب فرانس بسبب انتمائه الديني”، وفق ما يؤكد الحمصي، موضحاً أنه “في الآونة الأخيرة راجت الكثير من الإشاعات التي تُسيء إلى سمعة الكاهن المسيحي، إذ روّج الاسلاميون معلومات تفيد بأنّه يعمل لصالح النظام ويمدّه بالمعلومات عن مواقع الثوار وتنقلاتهم”.

صحيح أن هذه الإشاعات لم “تجد صداها بين سكان حمص المحاصرة بحكم العلاقة المتينة التي تربطهم بالأب فرانس، لكنّها كشفت الأخير أمنياً وجعلته هدفاً سهلاً لأي جهة معارضة تختلف معه عقائدياً” يضيف الحمصي.

من جهته، يسخر “علاء”، الذي كان يعمل سابقاً ضمن فرق لجان التنسيق المحليّة في حمص من رواية المعارضة بخصوص اغتيال الأب فرانس، موضحاً لـموقع NOW أن “الكلام عن وجود عملاء للنظام داخل مناطق المعارضة في حمص، قاموا بتنفيذ هذه الجريمة يبدو مضحكاً، لأن هذه الأحياء مراقبة أمنية من قبل الكتائب المعارضة”.

وأضاف: “حتى لو افترضنا وجود عميل أو إثنين للنظام في داخلها، فإن ذلك لا يعني قدرة هؤلاء على تنفيذ عمل امني بحجم اغتيال الاب فرانس”. ويلاحظ الناشط المقيم في ريف حمص أن “المعارضة باتت تستخدم النظام كشمّاعة تعلّق عليها كل الأخطاء التي تجري في مناطقها. وهذا خطير جداً”.

ولا يتردّد علاء بإتّهام متشددين إسلاميين بتنفيذ هذه العملية، لافتاً إلى أن “الأب فرانس كان ينتقد العنف بشكل عام، وهذا ما كان يزعج الكتائب الإسلامية، إضافة إلى الخلاف العقائدي معه”.

وتأتي الاتهامات الموجهة للإسلاميين باغتيال الأب فرانس بعد تقرير نشرته صحيفة “صنداي تايمز” يؤكد ضلوع جهات في المعارضة في عملية الاغتيال. وتذكر الصحيفة أن “الكاهن الذي قُتل على يد مسلّح ملثّم في حمص القديمة تعرّض قبل أسبوع من مقتله لضرب مبرح من قبل المسلحين الذين كانوا يخسرون أماكن سيطرتهم في القسم القديم من المدينة”.

وتنقل الصحيفة عن الأب ماكسيم جمال، وهو راهب أرثوذوكسي هرب من حمص مع 50 ألف مسيحي من سكان المدينة، وبقي على اتصال مع الاب فان در لوغت، قوله إن الأخير أبلغه بالحادثة.

وكان الأب فرانس قُتل مطلع الشهر الحالي بعد قدوم رجل ملثّم إلى منزله وأخرجه منه وأطلق عليه رصاصتين في رأسه في الطريق أمام المنزل. وترأّس الأب فرانس (75 عاماً) دير الآباء اليسوعيين في حمص، وهو اختار البقاء في حمص القديمة رغم الحصار، وذلك لمساندة السكان الذين أمضى برفقتهم قرابة خمسة عقود. وهو معروف جدا في حمص ويتمتع بشعبية كبيرة بين السكان من كل الطوائف.

وسبق للراحل أن أعلن في مقابلة أجرتها معه وكالة “فرانس برس” في 4 فبراير الماضي عبر “سكايب”، عدم نيته الخروج من المنطقة، قائلاً: “أنا رئيس هذا الدير، كيف أتركه؟ كيف أترك المسيحيين؟ هذا من المستحيل”. وانتقد المجتمع الدولي بسبب إهماله للأزمة السورية القائمة منذ أكثر من ثلاث سنوات والتي أودت بأكثر من 150 ألف قتيل.

موقع لبنان ناو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى