صفحات الثقافة

ضدَّ الصيف/ ميخائيل لاماس

 

[إلى رافائيل وروبرتو أوروسكو]

 

لوقتٍ طويلٍ تخبرك أمُّك أنَّك تستطيع اليوم أن تقليَ بيضةً على مظلَّة سيَّارةٍ ما لو أردت،

وأنَّهُ ليس من المناسب الخروج إلى الشارع في عزِّ الظهيرة،

وأنَّ الجميع مستاءٌ لدرجة خمسين.

أخبرك أنَّ صحف اليوم تقول:

إنَّ أعداد من سقطوا قتلى في تجارة المخدِّرات لهذا العام،

تفوق أعدادهم في حرب العراق.

لا تعلم هل تقول لهم إنَّهم يبالغون

أو إنَّهم في النهاية، ربَّما، كانوا على حق.

أهو الصيف فقط الذي يُلقي نكاته؟

يومٌ آخر، ولأمِّك الصوت نفسه وبه شيءٌ من التراب والنبات،

ذلك أنَّها لا تستطيع أن تشرح لك

كالحياة التي تكون أحياناً مرآةً تضاعف الموت.

ولهذا فإنَّ صوت قريبك رافائيل من قبره يتبعك متسائلاً:

ما الذي يفعله الشعراء ليفوزوا بالحياة؟

لكنّه لم يعد حيّاً ليشرحَ كيف لا يفوز شاعرٌ بالحياة،

الحياة التي تكسب اللعبة بالمكائد

مقبولٌ لو قلنا

إنَّها غير عادلةٍ كالموت.

 

*

 

لم تُرد البقاء.

لم تُرد تعلُّم البقاء.

أن تستسلمَ لارتشاف كلِّ النور الذي لا يفنى أبداً.

بطريقةٍ ما، الذكرى تغريك،

تجعلكَ تتردَّد في حمل يديْك على لمس ما لا تملك.

ومن أجل لمسه أوَّلاً يجب أن تعرف كيف تقوله، أن تقوله مرّاتٍ عديدة.

مرّات عديدة فكَّرتَ بتفكيكها واحدةً تلو الأخرى.

لفَّة الخيوط التي تتشابك بين أصابعك.

لطالما أردتَ عدَّ كلَّ جزئيات الغبار، كلَّ طبقةٍ من الحزن،

عدَّ كلَّ لكمةٍ من اليأس،

كلَّ خدعةٍ لخداع منتصف النهار الذي كان يقطعُ شكلك في ظلال.

لكنَّك لا تستطيع وتضع يدك على رأسك

وتكتشف أنَّ في هذا العدد ثمَّة صورة لك تشتاقُ إليك

وأنَّه فقط في محيطها أو من بعيد، بالكاد في الظلال.

ربَّما تتعرَّف إلى نفسك.

شيءٌ ما يوقِفك الآن.

تكلَّمتَ كثيراً وتورَّطتَ في المشاكل.

الألم القديم الذي يُبقيك متيقِّظاً وفي الظلِّ

يحفظُ لك مشاعر الانتقام.

لا تستطيع أن تُحقِّق ما تريد،

الصحراء التي تتظاهر بتذكُّرها أصبحت أكثر اتِّساعاً.

 

* Mijail Lamas شاعرٌ ووناقد مكسيكي، من مواليد كولياكان (1979). من مجموعاته: “كرَّاسة تايلر دوردين” ثمَّ “مؤسسة البيت”، و”تريفاس” و”نشيد البحَّار نفسه”، والنص المنشور هنا من مجموعته “ضدَّ الصيف”.

 

** ترجمة عن الإسبانية: غدير أبو سنينة وتُنشر بالتعاون مع “إلكترون حر”.

العربي الجديد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى