صفحات الرأي

«فورين بوليسي»: 4 استراتيجيات لمحاربة «الدولة الإسلامية» بدون سلاح

 

 

 

ترجمة وتحرير فتحي التريكي – الخليج الجديد

خلال الأسبوعين الماضيين، كشفت تقارير عن أن الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق قد بدأت تتضاءل. شهد قائد القيادة المركزية الأمريكية أنه ليس هناك سوى عدد قليل من المقاتلين المعتدلين المدربين ضمن البرنامج الأمريكي على استعداد للقتال. بدأ المحققون في استكشاف إذا ما كان المسؤولون قد زيفوا دعاوى التقدم في الحملة. الهجوم الكردي قد توقف بدوره، وإذا ما كانت الدوافع حول هزيمة وتحطيم «الدولة الإسلامية» قد تغيرت فربما يكون جزءا من السبب في ذلك أن الحملة العسكرية، وفقط، هي ما نتحدث عنه في كل مرة.

 

الحاجة الملحة لمواجهة «الدولة الإسلامية» كانت محورا لقمة البيت الأبيض في فبراير/شباط الماضي وسوف تحوز الاهتمام الأكبر مرة أخرى هذا الأسبوع حين يجتمع قادة العالم في نيويورك لبدء الدورة السنوية الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة. صباح الثلاثاء، عقد الرئيس الأمريكي «باراك أوباما »مناقشة خاصة مع أكثر من 40 زعيما عالميا حول مكافحة التطرف العنيف. وهو يفعل ذلك في الوقت الذي أظهرت الأبحاث أن الحركات المتطرفة العنيفة هي السبب في ارتفاع معدلات القتلى حول العالم. ازداد عدد الهجمات الإرهابية بشكل مطرد خلال العقد الماضي، وفقا لدراسة من معهد الاقتصاد والسلام. وأودت الهجمات الإرهابية بحياة 33 ألف شخص العام الماضي وفقا لتقرير وزارة الخارجية في يونيو/ حزيران.

 

وتتركز معظم الحركات وأكثرها ضراوة في الدول الضعيفة والمنهارة في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا على الرغم من أن المقاتلين يأتون من جميع أنحاء العالم للانضمام إلى هذه الصراعات. لقد كافحت الحكومات وجيوشها لهزيمة هذه التهديدات. في العراق وسوريا، تقود الولايات المتحدة تحالفا مكونا من 62 دولة لمحاربة «الدولة الإسلامية». وتعاني نيجيريا وجيرانها من عنف المتطرفين من جماعة إسلامية متشددة تدعى «بوكو حرام». بينما تناضل الصومال وكينيا منذ ما يقرب من عشر سنوات ضد حركة الشباب. في ميانمار، يستهدف القوميون البوذيون المتطرفون المسلمين في كثير من الحالات، كان الحل العسكري معطلا للإصلاحات وسرعان ما تتداعي آثاره سريعا.

 

تداعي النهج العسكري

وتمثل المناقشة في الأمم المتحدة فرصة مثالية لإعلان التزام عالمي حازم تجاه الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة الضرورية معالجة الأسباب الرئيسية الكامنة وراء التطرف. وتشمل هذه العوامل الممارسات الحكومية التي تقوم بتهميش مجموعات بعينها والنقص المزمن للفرص خاصة أمام الشباب و فشل الحكومات في توفير الخدمات الأساسية للشعب والفساد المستشري. ونتيجة لذلك، في كثير من الأحيان، ينشأ التطرف نتيجة لغياب المشاعر الإيجابية. ونظرا لأن هذه العوامل تسهم في تغذية نمو جماعات مثل «الدولة الإسلامية» فإنه لا يمكن معالجة الأمور عبر إرسال قوات على الأرض وفقط.

 

دون شك، هناك أوقات وأماكن حيث تكون الحاجة ملحة للعمل العسكري لبسط الأمن كنقطة انطلاق. نحن نرى أن هناك حاجة لاستعادة الأراضي من «الدولة الإسلامية»، هذا التنظيم غزير التسليح غزير التمويل، الذي نشر ممارسات القتل والاغتصاب في جميع أنحاء المنطقة.

 

ولكن في كثير من الأحيان، فإن الولايات المتحدة تميل إلى الاعتماد على قواتها المسلحة في حل المشاكل حتى تلك التي يقول القادة العسكريين أنها تتجاوز خبرتهم.

 

المسؤولون السابقون والحاليون، فضلا عن خبراء من الأوساط الأكاديمية والعسكرية توصلوا إلى استنتاجات مماثلة حين طلب منهم إيجاد حلول لمشكلة التطرف العنيف في الدورة الرابعة من «لعبة السلام»، وهو تدريب محاكاة يهدف إلى الوصول إلى أفضل الخيارات الممكنة. ركزت هذه الدورة على الجذور الاقتصادية والاجتماعية للتطرف. في سيناريو تلو الآخر، أوضحت النتائج قوة النهج المدني ومدى الحاجة إلى تحديد متى يمكن أن يشكل التدخل العسكري فارقا وضرورة التأكد من أن أي عمليات عسكرية سوف تتم بالتنسيق التوازي مع الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

 

للأسف، فإنا نادرا ما نوفر نفس الدعم لتلك الاستراتيجيات التي يقودها مدنيون بنفس الشكل الذي ندعم به العمل العسكري. عندما شهد الجنرال المتقاعد «ديفيد بترايوس»، وهو قائد سابق لحربي العراق وأفغانستان، أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ يوم 22 سبتمبر/ أيلول حول الحرب ضد «الدولة الإسلامية» فإن الغالبية العظمى من اهتمام غرف الأخبار ووسائل الإعلام تركزت حول الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية في حين أنه ركز أيضا على ضرورة التنسيق مع المدنيين.

 

«الحقيقة هي أن التحديات في العراق ليست سياسية بحتة ولا عسكرية بحتة ولكنها مزيج بينهما»، وفقا لـ«باتريوس». «ما هو مطلوب لذلك هو خطة مدنية عسكرية متكاملة حيث يتم تنسيق خطوط الدبلوماسية والعسكرية حيث يعززان بعضهما البعض».

 

لا يوجد مثل هذا التوازن اليوم في العراق، حيث حشدت الولايات المتحدة ردا عسكريا في مواجهة صعود تنظيم «الدولة الإسلامية» ولكن من دون استثمارات موازية في قيادة مدنية تركز على دعم الجهود العراقية لاستعادة أو وضع عقد قابل للتطبيق بين الدولة والمجتمع. الجميع يتفق تقريبا على أن الارتفاع الحالي للجماعة المتطرفة كان متوقعا مع استبعاد رئيس الوزراء الأسبق «نوري المالكي» لأي قيادات سنية وحرمان قطاعات كاملة من المجتمع من المشاركة في مستقبل البلاد. للحفاظ على أي مكاسب عسكرية يمكن أن تتحقق الآن فإنه يلزم دعم العراق ودفعها نحو طريق الإصلاح والمصالحة، البديل أنها سوف تواصل المزيد من الانزلاق نحو دوائر العنف والتطرف مما يستدعي جولات أخرى من العمل العسكري.

 

أربع استراتجيات

حين يجتمع قادة العالم الخميس، فإن هناك بعض النقاط التوجيهية التي انبثقت عن «لعبة السلام» التي يمكن أن تساعد إلقاء الضوء على الطريق إلى الأمام.

 

أولا: تحتاج تحالفات محاربة مثل هذه المجموعات إلى تعبئة الالتزام الموضوعي والجاد لمعالجة الأسباب الكامنة وراء التطرف. ينبغي أن تصبح الدروس المستفادة من العراق بمثابة راية حمراء تحمل تحذيرا للأنظمة الأخرى التي تحاول أن تحكم من خلال الإقصاء والقمع والوسائل الفاسدة. التكاليف ستصبح عالمية، كما رأينا لأول وهلة مع ظهور وتمدد «الدولة الإسلامية» والآن مع تدفق موجات من اللاجئين الهاربين من الصراع والقمع والفقر. في هذا الصدد فإن المعركة العسكرية لا تكفي بمفردها بل إنها حتى لن تكون الأساس. ولا يمكن أن تستند جهود المواجهة على الضجيج أو الدعاية. بدلا من ذلك، يجب أن يرتكز أي نهج على محاولة جادة لفهم المظالم الكامنة وتعزيز شامل للحكم الشرعي والأهم من ذلك هو تمكين رؤية بديلة للظهور مستقبلا. هذا يعني تمكين المرأة بشكل كبير، وتعزيز دور القادة المحليين والشباب في صنع القرار وإعادة بناء الثقة وتأسيس عقود اجتماعية جديدة.

 

ثانيا: لابد من الحفاظ على التوازن بين الأمن وحقوق الإنسان. تلعب قوات الأمن دورا حيويا سواء للحفاظ على الأمن أو ضمان أن المواطنين لديهم الثقة في حكومتهم. عندما تحظى قوات الشرطة بثقة داخل المجتمعات المحلية فإنها يمكن أن تلعب دورا هاما في المساعدة على منع الشباب من اتباع إغراء التطرف. أو، على العكس، إذا كانت حملات قوات الأمن تأتي على حساب الحقوق الأساسية فإنها يمكن أن تؤدي إلى دفع أكبر نحو التطرف.

 

ثالثا: تحتاج القوى الدولية إلى إقامة توازن واضح بين الحلول المحلية والعالمية. الديناميات المتعلقة بالتطرف تلعب الآن على مستوى عالمي ولكن الظروف التي تمكن التطرف تستند إلى عوامل محلية. وبالتالي فإن استراتيجيات مكافحة التطرف ينبغي أن تكون قائمة على فهم واضح للسياقات المحلية للمجتمعات. هذا يؤكد على أهمية قيام كل بلد بوضع استراتيجية خاصة به لمواجهة التطرف العنيف حيث أن كل دولة سيكون لها قضايا محددة من شأنها أن تدفع نحو الاستجابات اللازمة.

 

أخيرا،: فإن هزيمة مجموعة مثل «الدولة الإسلامية» يتطلب تطوير قاعدة أدلة أفضل بكثير لفهم وتطوير حلول فعالة لمنع ومكافحة التطرف العنيف. نحن لا نزال نفتقر إلى الأدلة الكافية لفهم أكثر اكتمالا بين الاستراتيجيات الأكثر فعالية لمنع ومكافحة التطرف. الجيوش وحدها لا تستطيع هزيمة نمو التطرف العالمي. مع وضع هذه الدروس في القلب، فإن تبني نهج مدني قوي هو أفضل بداية ممكنة للحل.

المصدر | فورين بوليسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى