صفحات سوريةفاروق حجّي مصطفى

… لكن الثورة مستمرة


فاروق حجّي مصطفى *

قد يقول قائل إنّ ما يحدث مع المعارضة السوريّة طبيعي، وأنّها ستحتاج إلى سنين حتى تستطيع ان تمارس وظيفة المعارضة في شكل صحيح. ومنطقي أيضاً ان تتكتل المعارضة مع ما يشبهها تبعاً للوصفة الأيديولوجيّة وحتى العرقيّة والمذهبية، لكن ما هو غير طبيعي أن تلجأ المعارضة إلى حالة من الصراع التناحري، ويكون سيد الموقف لديها المهاترات والهجوم غير المبرر على بعضها بعضاً.

إذاً، ما حدث مع «المجلس الوطني السوري» أمر طبيعي وهو إذا لم يحدث اليوم فإنه كان سيحدث بعد فترة، وذلك لاعتبارات عدة. الأول منها أنه لم تعد مسألة سورية مسألة داخلية بحتة، إنّما انزلقت لتأخذ دلالة اقليمية ودوليّة، وهذا إن ترتب عليه دعم للحالة المعارضة، يبقى أنّ له دوراً سلبياً هو سحب استقلالية القرار. ثم ان كون «المجلس الوطني» ولد ولادة قيصرية إسعافيّة، فمن الطبيعي ان تنسحب كتلة من هنا وتنضم كتلة أخرى من هناك. كذلك من الصعب ان يبقى هذا الاطار متحداً ومتسقاً في ظل حرب إعلاميّة تُشن عليه.

المعضلة الأساسيّة لدى المعارضة السوريّة هي نشر غسيلها على الحبال على أساس من ممارستهم للشفافيّة والديموقراطيّة. لكن ما لا تدركه هذه المعارضة أن الانتهازيين يعدّون العدة لاستغلال هذا النوع من الديموقراطيّة. والانتهازيّون، وإن كانوا موجودين دائماً، فإنّ المناخ الأنسب لهم هو الثورات والتحولات. لذلك ينصح علماء العلوم السياسة من يدير الثورات أن ينتبه في شكل جدي لانخراطهم فيها والتهديد بحرف مسارها لمصلحتهم.

على أن ما يحدث داخل المعارضة لا ينعكس سلباً على حماسية الثورة التي ما انفكت تستمر بروحيّة أكثر ثورية. ويقول احد النشطاء: «انني استغرب، وأنا أرى كيف ان المعارضة تتشاكس… ان الثورة تستمر بموارد ضئيلة جداً». ذاك أن الثورة تمتلك استثنائية الإرادة.

* كاتب سوري كردي

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى