صفحات العالم

مقالات تناولت ترشيح الأسد لدورة رئاسية ثانية

 

 

الاسد مرشحا… هل تنجح ‘ديمقراطية البراميل’؟/ رأي القدس

أعلن رئيس مجلس الشعب في سوريا محمد جهاد اللحام امس الاثنين فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة ‘في موعدها’، مشيرا إلى بدء تقديم الطلبات يبدأ صباح اليوم الثلاثاء.

وقال اللحام في جلسة علنية للمجلس نقل وقائعها مباشرة التلفزيون السوري إن إعلان فتح باب الترشح للرئاسة ما هو ‘إلا تجل من تجليات النصر القريب’.

ولعله كان يشير الى تصريحات سابقة للرئيس بشار الاسد توقع فيها ان تنتهي الحرب في العام 2015.

انه مشهد لا يمكن المبالغة في وصف ‘سيرياليته’ ناهيك عن مأساويته وتعقيداته التي لم يعد يسهل معها اصدار احكام او توقعات قاطعة.

فالنظام الذي يشعر بالاستقواء وهو يقف على انقاض سوريا بعد ان احكم قبضته على دمشق والغرب والوسط، لا يستحي وهو يضع قناعا احتفاليا، فيما تواصل براميله المتفجرة حصد ارواح الابرياء في حلب وحمص وغيرهما. بينما تبقى المعارضة المنشغلة بخلافاتها وتهافتها وتورطها في صراعات اقليمية، عاجزة عن تقديم مجرد تصور لاطار حل واقعي لشعبها يمكن معه رؤية ضوء في نهاية هذا النفق الدموي المظلم.

اما الواقع الذي يتجاهله النظام بوقاحة فهو ان ما وصلت اليه سوريا اليوم من دمار وانقسام وتفتت لا يمكن ان يسمح اصلا باجراء انتخابات، حتى اذا كان ينوي ان تكون نزيهة حسبما يزعم.

كما ان النظام الذي يستخدم البراميل المتفجرة ضد شعبه، لا يحتاج الى صناديق الاقتراع لتمنحه ‘تفويضا ديمقراطيا’ للحكم ‘الشرعي’ سبعة اعوام اخرى.

ويتفق كثيرون اليوم على ان ‘الحسم العسكري’ في الصراع السوري اصبح ‘وهما خالصا’ بالنسبة للجانبين، رغم انه لا يمكن التقليل من اهمية التقدم الذي حققه النظام في جبهات استراتيجية، وهو ما جعل زعيم ‘حزب الله’ يؤكد ان بشار تجاوز مرحلة السقوط، وان نجحت المعارضة في الرد عليه بفتح جبهة الساحل.

وامام هذا المشهد المرتبط بتحولات اقليمية لا تصب في مصلحته، يحاول الغرب ان يغسل يديه من بركان الدم في سوريا، على امل ان ‘الصراع فيها سيحرق نفسه بنفسه’. بعد ان قرر انه لا يمكن ان يثق في اغلب الفصائل المسلحة على الارض لارتباطها بالقاعدة واخواتها، متناسيا ان الاغلبية الساحقة من السوريين الرافضين للنظام، لا يدعمون اي تنظيمات اصولية او متطرفة، وانه حكم عليهم بالاعدام اذ تخلى عنهم وهم في منتصف الطريق الى الحرية.

الا ان الغرب لن يتمكن من التملص من مسؤوليته الاخلاقية عن سياسته المدمرة تجاه سوريا، بعد ان فشل، ومعه بعض الدول العربية في تحقيق الوعود المشجعة للمعارضة بالدعم العسكري الكافي في الحرب لاطاحة النظام، ناهيك عن الفشل في وضع خطة بديلة للفشل العسكري، او التحسب لعواقب احتمال كان ومازال واقعيا بتحول الصراع الى حرب اهلية طائفية مفتوحة.

اما النتيجة الواقعية التي يراها اغلب المراقبين لهذه الانتخابات ان سوريا ستبقى مقسمة ومدمرة ومصدرا محتملا لحروب اقليمية اخرى قد تأخذ طابعا طائفيا، وهو ما قد يصعب معه التكهن بحدود زمنية او جغرافية لها.

وعند هذا المفترق، لا ينبغي لاحد ان يتكبر عن الاعتراف بثمة حاجة ملحة الى نوع من التوقف والتبين، خاصة اذا كانت الارقام الرهيبة التي اذاعها احد فصائل المعارضة السورية امس دقيقة، بخصوص عدد القتلى والمفقودين والنازحين وضحايا الاغتصاب وغيره من الانتهاكات الحقوقية.

فالشعب السوري يواصل وحده دفع الثمن الباهظ يوميا دون اي افق للمعاناة، او اهتمام يذكر بها من المحيط الاقليمي ناهيك عن الدولي. وقليلون يمكن ان يتوقعوا اي شيء غير ان بشار الاسد ‘سيفوز بولاية جديدة’ بفضل ‘ديمقراطية البراميل’.

وعلى المستوى الاستراتيجي فان حلفاء بشار وخاصة في موسكو، سيجدون في تصاعد التوتر مع واشنطن سببا للتأكد من تكريس هزيمة الغرب في سوريا، فيما يبدو المعسكر الساعي لانهاء النظام اما مشتتا او عاجزا او غير راغب في الحسم اوغير مبال بأن الزمن يقطر دما في سوريا، او كل هذه الصفات مجتمعة.

ان انهاء المعاناة في سوريا اصبح يتطلب تحولات جذرية في معايير السياسة وموازين القوى تتجاوز حدودها، تبدأ من تنحية بعض فصائل المعارضة التي لا ترتقي لمستوى شعبها وعدالة قضيته، ولا تنتهي عند الجوار العربي الغارق في انقساماته وقلقه من ان يحترق ثوبه بنيران حرب اصبحت تبدو بلا نهاية.

فهل ستنجح ‘ديمقراطية البراميل’ المتفجرة ويكمل بشار مدته الرئاسية الجديدة؟ ام انها ستكون بداية النهاية لهذا النظام الدموي؟

القدس العربي

 

 

انتخابات أكثر… ديمقراطيّة أقلّ/ حـازم صـاغيـّة

الذين قالوا في مناسبات سابقة إنّ الانتخابات تقنيّةٌ من تقنيّات الديمقراطيّة لكنّها ليست الديمقراطيّة، يجدون اليوم جبلاً من الوقائع العربيّة التي تعزّز حجّتهم.

فبعد الجزائر، حيث جُدّد لعبد العزيز بوتفليقة المريض والمتداعي والمسنّ بأكثر من 80 في المئة من المقترعين، ستُجرى انتخابات في ثلاثة من بلدان المشرق: لبنان والعراق ومصر. حتّى سوريّا يُفترض أيضاً أن تُجرى فيها انتخابات يُتوقّع، في حال حصولها، أن “تجدّد البيعة” لبشّار الأسد وأجهزته.

هذا هو اللامعقول بعينه الذي يتمّ تنسيبه إلى المعقوليّة الديمقراطيّة. بل يكاد المراقب أن يقول إنّ الموجة الانتخابيّة التي يعيشها العرب راهناً لا تعدو كونها محطّة متقدّمة من محطّات حروبهم الأهليّة. فإذا كانت الديمقراطيّة تقود النزاعات إلى المؤسّسات الدستوريّة فتضبطها على إيقاع سلميّ، فتلك الموجة الانتخابيّة تفضي إلى تصعيد مؤكّد في التنازع الأهليّ المفتوح. وإذا كانت الديمقراطيّة تُحلّ الهويّة المواطنيّة للأفراد في المحلّ الأوّل، فتلك الموجة الانتخابيّة ترفع عالياً لواء الهويّات التجمعيّة للجماعات وتستنطق أكثريّاتها العدديّة.

ففي العراق تتوازى الانتخابات مع حرب تُشنّ على محافظة الأنبار السنّيّة، التي لن تُجرى فيها انتخابات، فيما تكسب “داعش” موقعاً يتّسع يوماً بعد يوم. ولن يكون تصدّر نوري المالكي مرّة أخرى إلاّ سبباً لمزيد من اشتعال الجبهات السنّيّة – الشيعيّة، وربّما العربيّة – الكرديّة.

وفي مصر، لن يكون إيصال عبد الفتّاح السيسي إلى رئاسة الجمهوريّة، وتنصيبه زعيماً مهدويّاً مخلّصاً، إلاّ الوجه الآخر لكبت الحياة السياسيّة المصريّة. هذا ما ينمّ عنه، على الأقلّ، مسلسل بدأ بالقمع الذي شهدته رابعة العدويّة وانتهى بإخراج الإخوان المسلمين كلّيّاً من السياسة، مروراً بأحكام الإعدام التي نُفّذت والتي قد تُنفّذ.

أمّا في لبنان، فيلوح التعثّر الذي يرافق الانتخابات الرئاسيّة الموعودة، والطلب على “رئيس قويّ”، مرآة لحدّة التنازع الأهليّ في البلد، وهو ما لا يضبط انفجارَه المفتوح على مستوى وطنيّ إلاّ تسويات إقليميّة ورغبات دوليّة. وإذا كان اللبنانيّون محمولين على الإذعان لتلك التسويات والرغبات، فإنّ قواهم السياسيّة – الطائفيّة لا تكتم، في الغرف المغلقة، براءتها منها وبرمها بها.

صحيح أنّ انفجار الموجة الانتخابيّة وما قد تحمله من نتائج وثيقا الصلة برغبة في “الاستقرار”. وأمر كهذا ليس بعيداً عن النهايات غير السعيدة التي أفضت إليها ثورات “الربيع العربيّ”. لكنّ الصحيح أيضاً أنّ نظريّة “الاستقرار” هذه لا تجد ما يمسخها أكثر ممّا قد تفعل انتخاباتٌ تُجرى في سوريّا. فهنا ستكون البراميل المقترع الأوّل بالنيابة عن سكّان يُقتلون وينزحون.

موقع لبنان ناو

 

 

إنتخابات في ظل الموت/ جهاد الخازن

سورية مقبلة على انتخابات رئاسية في أصعب ظروف يمكن أن يتصورها إنسان. هناك 150 ألف قتيل وألوف المعتقلين، أربعة ملايين سوري خارج بلادهم، خمسة ملايين آخرون مهجّرون داخل سورية، 3.3 مليون سوري بحاجة إلى مساعدة غذائية، وهذا مع انهيار اقتصادي كامل.

الرئيس بشار الأسد يعتقد أنه يستطيع تحدي العالم، ويبدو أنه يراهن على استمرار دعم إيران وروسيا له، وفي حين لا بد أنه يدرك الانقسام السياسي والجغرافي الذي عصف بسورية منذ 2011 فهو على ما يبدو قانع بدوره رئيساً لجزء من بلاده، هو ذلك الهلال من القلمون إلى حمص وطرطوس وحتى اللاذقية على الساحل.

الانتخابات الرئاسية في حزيران (يونيو) ستكون انقلاباً على جنيف-1 عندما قرر المجتمعون تشكيل هيئة حكم انتقالية من الطرفين، تمهد لتعديل الدستور وإجراء انتخابات. والواقع أن الدستور السوري يسمح بتأجيل انتخابات الرئاسة ستة أشهر، أو سنة، وفتح المجال أمام حل سياسي.

لا حلّ سياسياً في الأفق وكل مَنْ يقول غير هذا يكذب على نفسه أو على السوريين، وقانون الانتخابات عُدِّلَ قبل نحو شهر، ووُضِعَت شروط جديدة للذين يحق لهم الترشيح تُقصي أي معارض من الداخل أو الخارج.

من دون دخول عنصر جديد أو عناصر لا يتوقعها أحد، ستستمر المأساة السورية سنة أو سنوات، وكل يوم أسوأ من سابقه. وقد قرأنا أخيراً تقريراً للأمم المتحدة عن تعذيب السجناء وقتلهم، يشترك في ذلك النظام والجزء الإرهابي من المعارضة مثل «داعش» و «النصرة». كذلك قرأنا عن احتمال استعمال النظام السلاح الكيماوي مرة أخرى.

أصدَق كلام قرأته عن الوضع السوري أخيراً وجدته في تقرير كتبه جهاد يازجي، وهو باحث زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وأرسله إليّ دانيال ليفي، رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس.

التقرير حمل العنوان «اقتصاد الحرب في سورية»، وهو يبدأ بتسجيل أن البطالة في سورية أصبحت في حدود 50 في المئة، والتضخم في أسعار المواد الغذائية بلغ مئة في المئة، وقد ارتفع العجز في الموازنة من 3 في المئة سنة 2010 إلى 33 في المئة السنة الماضية، وتحتاج سورية نسبة زيادة سنوية في الدخل القومي هي خمسة في المئة على مدى السنوات الثلاثين المقبلة للعودة باقتصادها إلى مستوى ما سجل سنة 2010.

جهاد يازجي يسجل أربع مراحل لسقوط الاقتصاد، الأولى فور اندلاع القتال وما أدى إلى فــرار السياحة وهبوط الثقة المحلية، والثانية فرض أوروبا عقوبات اقتصادية على سورية في خريف 2011 استهدفت تصدير النفط السوري، والثالثة صيف 2012 واتساع رقعة القتال لتشمل معقلَيْ الاقتصاد السوري حلب ودمشق، والرابعة ربيع 2013 وسيطرة المعارضة على شمال شرقي سورية حيث النفط وزراعة الحبوب.

التقرير موثق ويستحق أن يُترجَم ويُنشر في وسائل الإعلام، وهو وكل ما سجلت في السطور السابقة معلومات أكيدة عندي ما يثبتها، فأكمل مختصراً ببعض الرأي، أو الهواجس التي تنتابني وأنا قلق منذ يوم وعيت الدنيا.

روسيا على خلاف هائل مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في أوكرانيا، وقد حذر الرئيس فلاديمير بوتين من حرب أهلية مدمرة هناك. ما العلاقة بين أوكرانيا وسورية؟ حتى أشهر خلت لم أتصور في حياتي أن تقوم علاقة، إلا أنني أسأل الآن هل يعقد الشرق والغرب صفقة فتتنازل روسيا عن دورها في سورية مقابل تنازل الغرب لها في أوكرانيا، أو تتخلى روسيا عن مطالبها في أوكرانيا مقابل إطلاق يدها في سورية؟ نحن سلعة في سوق نخاسة، اسمها الآخر السياسة الدولية.

الحياة

 

 

همروجة الانتخابات في سورية/ رندة تقي الدين

ان تحديد انتخابات رئاسية في سورية في ٣ حزيران (يونيو) ليعيد بشار الأسد نفسه رئيساً على شعب أهلكته حربه عليه بعد اسقاط ١٥٠ ألف قتيل وملايين اللاجئين هو أمر عادي وطبيعي ومتوقع لمثل هذا النظام القمعي. فبشار الأسد يريد القول للدول الغربية والعربية التي دانت وحشية قمعه وتصفية ابناء بلده ان مسار جنيف انتهى لانه لم يوافق عليه منذ البداية. فترشحه للانتخابات مناقض كلياً لمسار وضع على اساس انشاء حكومة انتقالية من دونه. والاسد حالياً يظن انه انتصر. ولكن اي انتصار هذا وشعبه مشرد ومقتول ومعذب وبلده يحتاج على الاقل الى عشر سنوات لاعادة اعماره. ان زيارته الى معلولا وغيرها من المدن التي استرجعها النظام ربما تظهر تقدماً على الارض بفضل «حزب الله» وايران ولكنها ليست انتصاراً. فهي تدهور وضع بلد لا يمكن ان يعيد بناءه ويقف على اقدامه في العزلة التي وضع نفسه فيها. فالقيادات العربية والغربية كلها نصحته منذ البداية بالاصلاح الحقيقي ولكنهم لم يدركوا ان الاصلاح هو نهاية النظام. لذا هو الان ينظم همروجة انتخابية قد تأتي بنتيجة مضحكة مبكية مع ربما اقل بقليل من ٩٩ في المئة من الاصوات من السوريين الباقين في البلد. ان جيش بشار الاسد الذي احتل لبنان لحوالى ثلاثة عقود هو الآن في موقع المغلوب على امره لانه من دون مقاتلي «حزب الله» وارشادات ايران لما استطاع ان يقاتل شعبه. منذ ثلاث سنوات وهو يستخدم جيشه ودباباته وطائراته الروسية واسلحته الايرانية والروسية والكورية ضد شعبه.

ان هذا الانتخاب الرئاسي الذي يتم في جو الرعب والاجرام وارهاب المدن وإجبار سكانها على رفع صور بشار الاسد فاقد لأي شرعية بكل الاحوال. من يعترف بهذا الانتخاب سوى رئيس روسي تعود على مثل هذه الانتخابات. فتارة يستبدل نفسه برئيس حكومته واحياناً يستعيد الرئاسة. ولكن روسيا ليست سورية، لذلك لم يقل العالم شيئاً عن انتخابات بوتين واعترف بها في النهاية. ولكن الاسد سيجد نفسه معزولاً عربياً وغربياً ولا يمكنه انهاض بلده لا بتأييد ٨٥ في المئة ولا بمئة في المئة. انهك بلده من اجل البقاء على بقعة صغيرة منه وبالتخويف والتهديد. ان مسؤولية الغرب والدول العربية كبرى في ذلك. فلو عزلته وقاومته منذ ان اتهم بارتكاب كل الجرائم في لبنان مع بداية سلسة الجرائم التي شنّها على كل مقاوم لخطته في لبنان من سياسيين الى صحافيين الى نواب ابرياء لمنعهم عن التصويت لكان الامر اختلف. فالقيادة الاميركية تراجعت في اهتمامها في الشرق الاوسط مع قدوم الرئيس اوباما. وقيادات غربية مثل الفرنسي نيكولا ساركوزي وغيره ظنت ان بامكانها ان تفعل افضل من سلفها شيراك. والنتيجة كانت ان بشار الاسد ظن انه استعاد زخمه بعد استعراض القوات الفرنسية في عيد الثورة. اضافة الى المحاولات العربية لاجراء مصالحات غير ممكنة بين من اتهم بأعطاء الامر بقتل رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري وجزء من لبنان الذي يطمح الى السيادة والحرية كلها صبت في جعله يستمر في هذا النهج القمعي القاتل. اما الآن فالكل ينظر الى همروجة انتخابه ولن يعترف بها. ولكن في الوقت نفسه البلد في خراب. فهمروجته الانتخابية لا تعني الانتصار بل تظهر مدى تمسكه بالسلطة التي لا يمكنه الحفاظ عليها من دون ايران و»حزب الله» وروسيا. فاصبح الاسد سجين سياسته لانه بعد ان حكم لبنان اصبح رهينة لشريحة اساسية فيه متمثلة بـ «حزب الله» الذي سيدرك يوماً ما ان عبء الاسد عليه ليس في مصلحته وقد يغير سياسته.

ان اوباما غير معني بما يجري لا في سورية ولا في لبنان. واسرائيل حليفته مرتاحة للفوضى والتفكك والضعف في كل انحاء الوطن العربي. فقد قال احد القادة العسكريين الاسرائيليين لزميل فرنسي امضى اسبوعاً معه على جبهة الجولان ان اسرائيل بألف خير لان الجيش السوري ضعيف وافضل مقاتلي «حزب الله» يسقطون في القتال السوري والجهاديون يتغلغلون في سورية ونحن حذرنا من ذلك. فمسكين الشعب السوري مثل الشعب اللبناني الذي بفضل عائلة الأسد عاش ويعيش المآسي. الى متى؟ لا أحد يعرف ولكن النظام السوري لا يمكن ان يبقى بعد كل ما حدث والانهيار الاقتصادي في البلد سيكون نهايته.

الحياة

 

 

رسائل الانتخابات السورية / عبدالله اسكندر

يعتبر النظام السوري أن من الطبيعي أن يظهر دهشة، مفتعلة بالطبع، إزاء الردود على دعوته الى انتخابات برلمانية سابقاً ورئاسية قريباً. فمنذ ان حكم هذا النظام سورية جعل، بنص دستوري، قضية الانتخابات والديموقراطية، قضية تعيين واستفتاء. ولم يكن احد في العالم، باستثناء بعض الأصوات السورية التي خُنقت سريعاً، يحتج او يندد بالتمديد للرئيس الراحل حافظ الاسد عبر استفتاء كمرشح وحيد، او عندما كان الراحل يعين أعضاء مجلس الشعب عبر شبه استفتاء كون لائحة الحزب الحاكم هي الوحيدة المطروحة امام الناخبين.

وعندما غاب الرئيس السابق، ورث الحكم نجله الرئيس الحالي بشار الاسد عبر تعديل دستوري على مقاسه، بعيداً من اي انتخاب او مبادئ ديموقراطية. ولم يُسمع صوت في العالم يحتج ويندد بالمهزلة الديموقراطية. لا بل سُمع كثير من الاطراء لشخصية الرئيس الجديد «الغربي النزعة» والتأييد لسلاسة التوريث. والدعوة الى الانتخابات الرئاسية المقبلة هي امتداد واستمرار لكل ما فعله النظام منذ نشأته. ما يعني ان الديموقراطية والانتخابات في سورية لم تكن هي القضية التي تبرر المواقف التي هادنت النظام السوري، خلال العقود الماضية. او ان النظام لم يكن محموداً بسبب انه يحترم اصول الديموقراطية والتعددية والانتخابات.

ولذلك، يتظاهر النظام السوري بأنه يسأل نفسه والعالم: لماذا لا يحق له اليوم أن يفعل ما كان يفعله على امتداد عقود، وينال التأييد والثناء عليه. وما الذي يجعل ما كان محموداً ويستحق الثناء، خلال العقود الماضية، بات مكروهاً ومذموماً. طبعاً، هذه المحاججة التي تنطوي عليها دعوة النظام الى استفتاء على بقاء الاسد في منصبه، تحت ستار انتخابات تعددية يُحرم من المنافسة فيها أي رأي معارض وتُتاح له سبل القيام بحملة انتخابية، ترغب في اظهار نفاق الذين كانوا يوافقون على الممارسة السابقة للنظام، وفي اظهار تناقضاتهم. وذلك في اطار المعركة الاعلامية – الديبلوماسية التي يخوضها النظام وحلفاؤه، روسيا وإيران، على المستوى الدولي، في ظل الانقسامات الجديدة.

يعتبر النظام ان ما يفعله سياسياً هو امتداد لما كان يفعله سابقاً، وكذلك الأمر بالنسبة الى ما كان يفعله امنياً. لقد كان يعتقل معارضين ويخفيهم في السجون، ويغتال آخرين، ويشرد عائلات، اي ان العنف الامني والمادي كان المقلب الآخر للعنف السياسي. ولم تكن بعض التقارير الحقوقية والاحتجاجات الخجولة، بما فيها تلك التي تحدثت عن مجازر جماعية، تؤثر في التعامل مع هذا النظام. ويمكن القول ان الحل الامني الذي قرره النظام منذ اليوم الاول لاندلاع الحركة الاحتجاجية، وما زال مستمراً في تنفيذه هو ايضاً امتداد واستمرار للعنف السياسي والامني الذي مارسه منذ نشأته. لذلك تراه يفتعل الدهشة ازاء الردود على افعاله الحالية من قمع وتشريد وقتل وتدمير. انه لم يفعل سوى تعميم هذا الاسلوب على كل انحاء البلاد، ورفع درجته الى اعلى سقف ممكن.

الجانب الآخر من الاستفتاء الجديد، يتعلق بالحل السياسي الذي وافق النظام على التظاهر بقبوله على امتداد السنوات الثلاث الماضية. لقد استفاد من هذا الوقت من اجل ان يظهر قدراته على تعميم الحل الامني من جهة. ومن جهة اخرى، التأكيد لحلفائه، في المنطقة وايران وروسيا، انه مستمر في تشكيل هذا الضلع المتوسطي في المعادلة الدولية الجديدة.

في هذا المعنى، لا يستهتر النظام السوري بشعبه وبكل قواعد الديموقراطية والتعددية والرأي العام العالمي والقواعد الدولية والحقوقية والانسانية فحسب. انه يؤكد وفاءه للذين دعموه وحموه ووفروا له الغطاء. وانه يؤكد ان ثمة مرحلة جديدة من ادارة الصراع ليس بينها الحل السلمي والتغيير الديموقراطي في سورية.

الحياة

 

 

“هؤلاء المرضى الذين يحكموننا”/ موناليزا فريحة

بين صورة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يقترع وهو على كرسي متحرك، وصورة الرئيس بشار الاسد يقوم بجولة انتخابية على أنقاض معلولا، أكثر من قاسم مشترك: في كلتا الصورتين كثير من الصلف والتكابر. وفيهما أيضاً تقويض لاحلام الملايين بالديموقراطية وتداول السلطة.

بوتفليقة ليس الرئيس الاول ينصب نفسه ملكاً ويرفض التخلي عن الحكم حتى الرمق الاخير، لكنه حتماً “الرئيس الشبح” الوحيد يعاد انتخابه. فمنذ نيسان 2013، صار الغائب الاكبر عن الساحة السياسية لبلاده. نظم حملة انتخابية “بالواسطة” وجاب خلالها مساعدوه الكبار طول البلاد وعرضها وهم يشيدون بقدراته على ضمان الاستقرار. وما صورته يدلي بصوته جالساً الا دليلاً، لا على الوهن الجسدي لرئيس يستعد لولاية رابعة في بلاد الـ37 مليون نسمة فحسب، وانما أيضا على أن الديموقراطية الموعودة التي أثارتها انتفاضات الميادين لا تزال مجرد أحلام.

وما أكثر الادلة في سوريا على تلك الاحلام الضائعة. ففي خضم نزاع دموي أوقع أكثر من 150 الف قتيل، ومع تقديرات ان أكثر من ثلث سكان سوريا تركوا منازلهم، بينهم 2,6 مليونا لاجىء وأكثر من 6,5 ملايين نازح، يستعد النظام لانتخابات رئاسية في الثالث من حزيران بعدما فصل شروط الترشح على قياس الاسد. وها هو الرجل الذي قامت عليه انتفاضة درعا قبل ان تتحول حرباً ضروساً، ينخرط شخصياً، في حملة انتخابية بين أنقاض المدن والبلدات. من عدرا الى معلولا، يؤاسي اطفالاً هنا ويعاين كنيسة هناك. لا يخشى خسارة أمام منافس محتمل أو معارض مفترض، فمن سيتجرأ على مواجهته أصلاً. ليست اطلالاته الشعبية، الا تحديا للعالم الذي أساء منذ البداية تقدير حجم قدرته على المناورة.

وقبل الاستعراضات الانتخابية، لم يفوت النظام فرصة لتوفير مشاركة شعبية في الانتخابات. فبعدما أمطر المدن والبلدات في شمال سوريا وجنوبها بالبراميل، انتقل كثيرون الى مناطق سيطرة النظام. ومنذ شهرين، ازدادت هذه الظاهرة، ولكن هذه المرة لا خوفاً من البراميل أو ممارسات المسلحين، وإنما هرباً من حملة تجويع. ففي تقرير للامم المتحدة ان ثمة نزوحاً جماعياً للسوريين الى مناطق النظام لاسباب عدة، منها انه بات المصدر الوحيد الموثوق به للمواد الغذائية. ويتواصل النزوح الجماعي من شرق حلب الى النصف الغربي للمدينة، ومن جنوب القنيطرة وجنوب شرقها الى وسطها وشرقها. وفي حماة ينزح كثيرون من الريف الى السلامية ومناطق أخرى.

بين رئيس قرار أن يحكم، وان يكن عاجزاً حتى عن الوقوف، وآخر يرفض الرحيل حتى لو صارت بلاده أطلالا، يبدو أن الطريق لا يزال طويلاً جداً الى الديموقراطية والسلام بعيداً من “هؤلاء المرضى الذين (لا يزالون) يحكموننا”، منذ عددهم للمرة الاولى بيار أكوس وبيار رنتشنيك في كتابهما المشترك.

النهار

 

 

كل شيء في سوريا “هزلي”!/ طارق الحميد

على أثر إعلان نظام طاغية دمشق موعد الانتخابات الرئاسية، وصفت أميركا تلك الخطوة بالمحاكاة الـ«هزلية للديمقراطية»، والأمر نفسه صدر عن فرنسا التي وصف وزير خارجيتها بشار الأسد بـ«الطاغية المطلق»، فهل كل هذا يكفي للتعامل مع الأزمة السورية الدموية؟

الإجابة بالطبع: لا، بل إن كل ما يحدث في سوريا «هزلي»، سواء حيل الأسد المكشوفة منذ ثلاث سنوات، أو ما تفعله إيران وحزب الله، والميليشيات الشيعية العراقية بسوريا، والهزل نفسه ينطبق على المواقف الدولية تجاه الأزمة نفسها، ومنها الموقف الأميركي المرتبك، والمتردد. فبينما نرى الجدال الأسدي – الإيراني حول من قام بالدور الأساسي في صمود الأسد، ونرى تفاخر حزب الله بأنهم من صد المعارضة عن إسقاط الأسد، ونسمع كذلك تصريحات نوري المالكي عن وهم من يظنون أن بمقدورهم إسقاط الأسد، وسط كل ذلك نجد أن الإدارة الأميركية مشغولة الآن بنقاش مفتوح حول إمكانية تسليم صواريخ مضادة للطائرات للمعارضة السورية على أن يكون تسليمها من خلال صاروخ لكل عملية، وعلى أن يسلم الصاروخ الآخر بعد تقديم فيديو يثبت كيفية استخدام الصاروخ الذي تم تسليمه!

والمؤكد أنه حال قراءة الأسد هذه المعلومات، فإنه سيستلقي على ظهره ضحكا، فبينما تشير التقارير إلى استخدام الأسد الكيماوي مرة أخرى ضد السوريين، نجد أن واشنطن مشغولة بتفاصيل صغيرة، ومضيعة للوقت والأرواح، مما يمكن الأسد من ارتكاب مزيد من الجرائم، والقيام بمزيد من المواقف الهزلية. وما تفعله واشنطن ينطبق أيضا على باريس، المشغولة بكيفية ملاحقة رعاياها المنخرطين في «الجهاد» بسوريا، بدلا من السعي لإزالة أسباب التطرف وتدافع الشباب للقتال هناك، هذا عدا عن تجاهل الأميركيين والفرنسيين، وغيرهم، أهمية وقف تدفق المتطرفين الشيعة إلى سوريا أيضا وليس التركيز فقط على المنضمين إلى «داعش»، التي لا فرق بينها وبين إرهاب حزب الله. وهذا القصور في فهم الأزمة السورية هو ما أدى إلى مهزلة ظهور الأسد في قرية مسيحية مهنئا إياهم باحتفالاتهم الدينية الحالية ليقول، أي الأسد، للغرب إنه حامي الأقليات، كأنه بات من المسموح به قتل السنة طالما تحمى الأقليات! فإذا لم تكن تلك مهزلة، فماذا يمكن أن نسميها؟!

وعليه، فإن الحقيقة المعلومة لكل من تعامل مع الأسد ومن يسانده، هي أنهم لا يفهمون إلا لغة القوة، فالأسد، ومن خلفه، يعتقدون أن السياسة والتفاوض ما هما إلا كذب وتحايل، مثلهم مثل كل الطغاة، ولذا فإن كل المعالجات التي تتم بحق الأزمة السورية اليوم، ما هي إلا جزء من مشهد «هزلي» متكامل سواء من قبل الأسد، أو المجتمع الدولي. وهذا المشهد «الهزلي» يقول لنا إن الأسد لن ينتصر، لكن الدماء ستسيل أكثر ما دامت واشنطن والمجتمع الدولي غير جادين في وقف إرهاب الأسد وجرائمه.

الشرق الأوسط

 

 

 

 

 

هل يفعلها بشار ويخسر الانتخابات؟/ عبد الرحمن الراشد

ألا تظن أن بشار الأسد قرر تنظيم انتخابات رئاسية في سوريا، حتى يجد لنفسه مخرجا من الأزمة، فيخرج بأسلوب شرعي؟

وسط هذه الفوضى، سألني أحد المتفائلين دائما، أو ما نسميهم بالحالمين!

إنما من يعرف سيرة بشار الأسد لم تفاجئه الأحداث الماضية، ولن تقنعه الوعود. فالرجل ينوي البقاء رئيسا على سوريا غصبا، وبكل الوسائل، من قتل الناس بالبراميل المتفجرة إلى لعبة الصناديق الانتخابية.

أما، لماذا اختار تجشم العناء بإجراء انتخابات، يخير فيها مواطنيه من يكون رئيسا عليهم، وهو الذي رفض رغبتهم بالرحيل، وهدم البلد على رؤوسهم تأديبا، الأسباب لأنه يظنها تكسبه المزيد من الوقت، وتلهي الغرب، وترسل إشارة صريحة بأنه باق سنوات طويلة في الحكم. فقد كان بإمكانه تأجيل الانتخابات لعام أو اثنين بحجة أن البلاد في حالة حرب، ويستمر رئيسا. فهو يدرك أن الناس تسخر من مسرحية الانتخابات، وقد تستفز القوى الكبرى التي تسعى لحل سلمي.

الأسد خبير في هندسة الانتخابات، فقد سبق وزورها حزبيا وبرلمانيا، كما زورها أبوه نصف عمره. ومن المؤكد أنها ستكون انتخابات «نزيهة»، بمعنى أن كل الأصوات ستذهب له، لأن الناخبين لن يتجرأوا على التصويت لصالح غيره. فالذي قتل عشرات الآلاف دون أن يميز بينهم أو يعرف هوياتهم، لأنهم تجرأوا على رفضه، من المؤكد سيكون أسهل عليه قتل من لا يصوت لصالحه بوجود اسمه والشارع الذي يسكنه!

في مثل هذا الوقت، قبل عامين، لجأ إلى حيلة الانتخابات البرلمانية، ردا على مطالب المبعوث الدولي حينها كوفي عنان. وفي شهر مايو (أيار) 2012 فتحت ستارة المسرح بنجاح، فوزع الصناديق على 12 ألف مركز اقتراع في نفس الوقت الذي أرسل قواته لشن معارك شرسة شمال غربي سوريا. أيضا، عمم استخدام الحبر السري ضمن ضمانات النزاهة، وما قيمة السرية والنزاهة في انتخابات قسرية؟ وقيل إن خمسة ملايين من عشرة مؤهلين شاركوا في الاقتراع، وهذا أمر مستحيل! بالطبع فاز حزب الأسد بنفس حصته السابقة في مقاعد البرلمان، ناقصا كرسيا واحدا! كانت هذه أقصى حدود النزاهة والديمقراطية التي يسمح بها.

والحقيقة أن الديمقراطية ليست مشكلة السوريين مع الأسد، وليس هو الرئيس الوحيد المانع لها، فكل المنطقة صحراء جدباء منها. أزمة السوريين مع النظام، ومنذ أيام أبيه، وحشيته التي تفوق ما كانت تمارسه نظم أوروبا الشرقية.

سوريا في عهد الأب والابن، دولة سجون ونظام أمني مروع، وحكم بغيض، ومن الطبيعي أن تثور الناس عليه سواء ادعى الديمقراطية أم لا. ليبيا، تحت حكم القذافي، عاش الناس فيها حالة رعب وقمع بلغت من العنف درجة الاستعداد لمواجهته بالسلاح والمخاطرة بمستقبل مجهول.

الشرق الأوسط

 

 

هل ينتصر بشار وحلفاؤه فعلاً؟/ د. بشير موسى نافع

في سلسلة من التصريحات، بدأت بقيادات الحرس في طهران، ومرت بالسيد نصر الله في لبنان، وانتهت إلى الرئيس الأسد في دمشق، زعم الحلفاء الثلاثة أن المعركة الدائرة في سوريا بين النظام وشعبه، تميل الآن لصالح النظام. هذه، بالطبع، ليست المرة الأولى التي تصدر فيها مثل هذه النغمة عن زعيم النظام السوري وحلفائه. في الشهور الأولى من الثورة، وبينما حي بابا عمرو يتعرض لدمار وحشي، تساءل السيد نصر مستنكراً في خطاب له عما إن كان هناك شيء يحدث في حمص. ولم يلبث أن توقع أن الأزمة السورية ستنتهي خلال أسبوعين أو ثلاثة. مهما كان الأمر، على أية حال، فإن تصريحات الأسد وحلفائه هذه المرة صادفت اهتماماً ملموساً في الدوائر العربية والإقليمية.

أكملت سوريا قبل أسابيع قليلة عامها الثالث من الثورة، وأكثر من عامين بقليل من المواجهة المسلحة بين الشعب والنظام. ما لا يجب تناسيه أو إغفاله أن النظام، والنظام وحده، كان من دفع البلاد إلى المواجهة المسلحة. لا وضع النظام الإقليمي، ولا موقف الشعوب العربية والجوار الإسلامي منه، كان يستدعي أن تذهب سوريا إلى ما ذهبت إليه. عندما خرج مئات الألوف من السوريين مطالبين بالتغيير والإصلاح السياسي، لم يكن مطلوباً من النظام سوى مقابلة شعبه في منتصف الطريق والانتقال بسوريا إلى بلد أكثر حرية وديمقراطية. بلجوء النظام إلى القوة الوحشية، وعلى مدى شهور طوال، لم يكن من الغريب أن تنتقل الثورة الشعبية إلى ثورة مسلحة. بالرغم من صيحات قادة المعارضة المتكررة بالحفاظ على سلمية الثورة، وجد الكثير من السوريين أن من واجبهم ومسؤوليتهم الدفاع عن شرف أسرهم وحياتهم بأي وسيلة ممكنة.

ولأن هذه سوريا، وليست أي بلد آخر، فسرعان ما تحولت المواجهة المسلحة إلى ما هو أكثر من ذلك: شبان عرب، تدفقوا من كافة أنحاء المجال العربي للدفاع عن أشقائهم السوريين؛ ولا يخفى أن بعضهم رأى في سوريا معركة طائفية ضد سيطرة الأقلية العلوية الوحشية على مقدرات البلاد. وما لبث أن تبع هؤلاء ‘مجاهدون’ محترفون، تنقلوا خلال العقدين الماضيين من القوقاز إلى أفغانستان والقرن الإفريقي، ومن أفغانستان إلى العراق واليمن، ومنهما إلى سوريا. في الوقت نفسه، كان النظام يستحث رصيده الطائفي في سوريا والمشرق، لتتحول قيادة الجيش السوري كلها تقريباً إلى قيادة طائفية، تساندها ميليشيات من الطائفة العلوية. وبتدخل حزب الله السافر في المعارك من بداية 2013، لحماية دمشق من السقوط، كما قال السيد نصر الله لمسؤول لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الروسي، تحولت سوريا إلى ساحة جذب للآلاف من المتطوعين الشيعة، العرب وغير العرب، الذين حركتهم، كما نظراء لهم سنة، أوهام الدفاع عن نظام صور لهم بأنه قلعة الشيعة والتشيع.

لم يكن لكل هذا أن يحدث لولا تطور آخر على صعيد مواقف القوى الإقليمية. فقد نظرت إيران إلى سوريا باعتبارها من منظارين سياسيين معاً: المنظار الطائفي والمنظار الجيوسياسي، وقررت بالتالي خوض معركة الحفاظ على النظام وسيطرته إلى النهاية. ولم يختلف الموقف الروسي كثيراً، بعد أن وجدت موسكو أن سوريا يمكن أن تصبح رمزاً لعودة روسيا إلى ساحة القرار الدولي. من جهة أخرى، وبعد تردد دام شهوراً، وتحت ضغط الرأي العام العربي والإسلامي، قررت تركيا والسعودية وقطر أن السياسة الصحيحة في سوريا هي مساندة الشعب للتخلص من نظامه ومحاولة بناء الحكم السوري من جديد.

بدأت الثورة السورية باعتبارها حلقة أخرى في حركة الثورة العربية من أجل الحرية والكرامة الإنسانية؛ وتحولت إلى ما يشبه الحرب الأهلية، عندما أصبح الطابع السني هو الغالب على الحراك الشعبي، والطابع العلوي الغالب على أجهزة القمع والميليشيات المساندة للنظام. وبدأت الثورة باعتبارها أزمة سورية وطنية، أزمة تحول دولة الاستقلال إلى وحش كاسر، يلتهم حياة شعبه بلا رحمة ولا حساب، وسرعان ما تحولت إلى أزمة إقليمية. وفي النهاية، لم يكن هناك من بد من أن تصبح الدولة الصغيرة، التي مثلت عقدة العقد في المشرق العربي – الإسلامي منذ ولادة نظام ما بعد الحرب العالمية الأولى، حقلاً لصراع متعدد الأبعاد: سوري سوري، طائفي سني – شيعي، عربي فارسي تركي – إسرائيلي، وروسي غربي. وفي الطريق، دمرت الحرب مدناً وبلدات سورية بأكملها؛ شرد الملايين السوريين داخل وطنهم وفي دول الجوار وأنحاء العالم الأخرى؛ تقوضت الأسس التي يقوم عليها الجيش السوري باعتباره جيشاً وطنياً، وخسر هذا الجيش قطاعاً كبيراً من مقدراته البشرية والتسليحية؛ انهارت معظم مؤسسات الدولة السورية الأخرى؛ تشظت الجماعة السورية الوطنية إلى طوائف وإثنيات ومناطق؛ وأفسدت علاقات الطوائف في المجال العربي كله كما لم تفسد من قبل.

حقق النظام وحلفاؤه، منذ الصيف الماضي، بعض المكاسب على أرض المعركة؟ نعم، ليس ثمة شك. فمنذ معركة القصير، تتقدم سلطة النظام، من بلدة إلى أخرى في منطقة القلمون، في معركة بطيئة، دموية ومدمرة، وباهظة التكاليف. ولكن الواضح لكل المتابعين أن النظام وحلفاءه يخوضون معركة في مستطيل محدود من الأرض، لا يتجاوز مئات الكيلومترات المربعة، يمتد من دمشق إلى الحدود اللبنانية، عرضاً، ومن دمشق إلى حمص في ضلعه الشرقي، وعلى امتداد الشريط الساحلي في ضلعه الغربي، طولاً. في ميزان القوة العسكري المتغير باطراد، لم يعد للنظام من مقدرات بشرية ذات وزن ملموس للتأثير على مسار الحرب. بمعنى أن الحاضنة الطائفية للنظام استنزفت بصورة كبيرة، تجعلها أعجز نسبياً عن سد حاجات الجيش المتزايدة للبشر. وهذا ما جعل المعارك الأخيرة للنظام تأخذ صورة نمطية واحدة تقريباً، حيث تكتفي قوات جيش النظام وطائراته بالقصف الوحشي، على الأحياء والبلدات والمدن المحاصرة، بينما تتقدم مجموعات حزب الله والمتطوعين الشيعة لخوض المعركة على الأرض. ولا تظهر قوات الجيش في ساحة المعركة إلا بعد السيطرة على المنطقة المستهدفة.

سياسياً، ليس ثمة متغيرات جوهرية تذكر. الاتفاق الإيراني الغربي حول الملف النووي لم ينعكس على أي ملف آخر من الملفات الإقليمية التي تعتبر إيران طرفاً فيها. وبالرغم من أن روسيا تتخذ الموقف الأكثر صلابة في المحافظة على نظام دمشق، فإن روسيا اليوم، سيما بعد ذهاب أوكرانيا غرباً وتحولها إلى أزمة أوروبية كبرى، ليست في وضع أفضل في سوريا مما كانت عليه في السنوات القليلة الماضية. من جهة أخرى، لا تركيا غيرت موقفها من الأزمة السورية، ولا حكم العدالة والتنمية في أنقرة سقط كما تمنى نظام دمشق وحلفاؤه. وما ينطبق على تركيا، ينطبق على السعودية وقطر. غربياً، كان القرار الأمريكي- الأوروبي، من البداية، عدم التدخل في سورية، أو السماح بتسليح الثوار السوريين بسلاح نوعي، يمكن أن يتسرب لمجموعات تعتبرها واشنطن إرهابية.

هذه معركة ليست مرشحة لحسم سريع، لا لصالح النظام وحلفائه ولا لصالح الثوار السوريين. الشيء الوحيد الذي يمكن توقعه على المدى القصير أن سوريا في طريقها للمزيد من التدمير والتشظي. من يريد مصلحة سوريا، شعباً ووطناً، عليه أن يعمل على تخليص سوريا والسوريين من قبضة هذا النظام الفاشي، المجرم.

 

‘ كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث

القدس العربي

 

 

برنامج الأسد الانتخابي!/ حسان حيدر

لن يجرؤ أحد بالتأكيد، في المناطق السورية التي لا تزال خاضعة لنظام دمشق، على ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية التي حُدد موعدها في الثالث من حزيران (يونيو) المقبل، لكن حرص بشار الأسد على إضفاء طابع «ديموقراطي» على حكمه الديكتاتوري، قد يدفع أجهزته الأمنية الى إجبار بعض الشخصيات على ترشيح نفسها في اقتراع معروف النتائج سلفاً، أو قد يتبرع بعض الموالين بالترشح مثلما فعل أحد أعضاء «مجلس الشعب».

لكن لو افترضنا أن هناك «منافسة» و «برامج انتخابية»، فما الذي يمكن أن يقوله الأسد عن «إنجازاته» في ولايته الحالية لكي «يقنع» السوريين بانتخابه مجدداً؟ هنا بعض الأمثلة:

«خلال ولايتنا الممتدة منذ ورثنا الحكم في العام ألفين، نجحنا في تقسيم سورية التي تسلمناها دولة مكتملة وموحدة، إلى أشلاء، عملاً بمبدأ اللامركزية، كما تمكنّا من تقسيم الشعب إلى طوائف وشبيحة وميليشيات. واستطعنا، بفضل ما وفرناه لقواتنا المسلحة من دعم إيراني وروسي، قتل أكثر من 150 الفاً من المواطنين وجرح وإعطاب أكثر من نصف مليون. وكان إنجازنا الأكبر أننا أفشلنا مؤتمر جنيف وبقينا في الحكم تلبية لإرادة السوريين، وليس مهماً تهجير أربعة ملايين إلى خارج البلاد وإجبار ستة ملايين آخرين على النزوح، طالما أننا بخير ونقيم في قصر الشعب الذي هو ملككم جميعاً.

«كما حفظنا الجميل لحلفائنا، فبعدما أشركنا طهران في قراراتنا السياسية والعسكرية، دعونا حزب الله ولواء القدس والميليشيات العراقية إلى المشاركة في مهرجان القلمون الربيعي، حيث استعرضوا مواهبهم في القتل والتفجير والتهجير، ومن المتوقع أن يستجيبوا دعوتنا ايضاً إلى مهرجان حمص الصيفي.

«وسعياً إلى زيادة الموارد وتنويعها، شجعنا السياحة العربية والأجنبية فلم يبقَ بفضل سياساتنا جهادي واحد في العالم لم يأتِ الى سورية أو يستعد لزيارتها.

«واستطعنا بفضل حكمتنا جذب اهتمام منظمات العالم الإنسانية بشعبنا، بعدما حاصرنا مئات آلاف العائلات في المدن والريف، وجعلناها تتضور جوعاً عن سابق تصور وتصميم.

«وفي مجال التعليم، نجحنا في إخراج جيل كامل من الأطفال السوريين من المدارس وحرمانهم من أي نوع من التعليم، لأن حياة التشرد في رأينا هي أفضل مدرسة، ولا فائدة من الإنفاق على التعليم إذا كنا سنقتل التلاميذ لدى خروجهم في أي تظاهرة.

«وفي سياستنا العمرانية، تمكنا من تدمير نصف مدينة حلب تماماً، ومحو ثلث مدينة حمص من الوجود، كما أزلنا عن الخريطة بعض القرى والدساكر التي لم تكن ذات نفع لنا اصلاً، وقسمنا دمشق وريفها إلى خطوط تماس، وكل ذلك في إطار سياسة فذة لإعادة تجديد البلاد وتمدينها. ودفعَنا اهتمامُنا بالبيئة أيضاً إلى الطلب من سلاح الطيران اجتثاث المزارع غير المنتجة، بما في ذلك المزارعون والماشية، وإحراق الحقول لمعالجة مشكلة الجفاف.

«وفي مجال الطاقة، وزعنا البراميل المتفجرة والعبوات الكيماوية والغازات السامة بالتساوي على المناطق، فلا يستطيع أحد الشكوى من أنه لم ينَل حصته. كما نسقنا مع وزارة الصحة لجهة تجديد المستشفيات بعد رشها بالمبيدات البشرية.

«وسفّهنا ما يقال في الدعاية المضادة عن استشراء الفساد في إدارات الدولة، فحصرنا الرشوة في أقربائنا وأصدقائنا، تسهيلاً لأمور المواطنين ومنعاً لحيرتهم.

«وعملاً بدعوات الأمم المتحدة والعالم المتمدن، أطلقنا من السجون كل عناصر تنظيمي داعش والقاعدة تمهيداً لإعادة دمج المجتمع بهم.

«كما استطعنا تحييد القضاء تماماً، فدفعنا جنودنا الى تنفيذ الأحكام ميدانياً بكل معارض، فلا نضيع وقت القضاة ولا نرهق الدولة بتكاليف المحاكمات.

«وعلى دأبنا في مناصرة القضية الفلسطينية، قدمنا حلولاً جذرية لأوضاع اللاجئين في مخيم اليرموك، وكلفنا بتطبيقها حليفنا أحمد جبريل، لخبرته الطويلة في فنادق لبنان ومصارفه».

هل بقيت أي شكوك لدى أي كان في أن السوريين سيعاودون انتخاب الأسد رئيساً؟

الحياة

 

 

الرئاسة السورية قبل اللبنانية/ وليد شقير

كثيرة هي الأسباب التي تدفع إلى توقع الفراغ الرئاسي في لبنان، بالإضافة إلى ما ظهر من تعذر تأمين أي فريق لبناني (14 و 8 آذار) الأكثرية التي تسمح له بأن يأتي بالرئيس الذي يريد من دون التوافق مع الفريق الآخر أو بعضه على الأقل، حتى لو تمكن من جذب الوسطيين إليه.

والقول بأن الرئاسة اللبنانية معلقة على التوافق الإقليمي، الذي كان يرفضه فريق 8 آذار في السابق ويتهم خصومه بالمراهنة على الغرب للوصول إليه، وبات حاجة الآن بالنسبة إلى هذا الفريق، لم يأت من التأويلات الصحافية.

فالقيادات العليا في هذا الفريق تعوّل على أن تسبق الانتخابات الرئاسية السورية في حزيران (يونيو) الاستحقاق الرئاسي اللبناني، الذي تنتهي مهلته قبل ذلك في 25 أيار(مايو)، معتبرة أن تثبيت بشار الأسد في منصبه هو المقدمة الضرورية للتفاوض على أوضاع إقليمية أخرى. وفي حسابات 8 آذار أن انطلاق الدول الراعية له، ولاسيما إيران وروسيا، من بقاء الأسد في الرئاسة كي تفاوض على ملفات إقليمية أخرى ومنها لبنان، يعزز موقعها في اختيار الرئيس الجديد فيه. بل إن توقعات هذه القيادات تقول بأن «الرئيس السوري هو الذي سيهنئ الرئيس اللبناني بانتخابه، وليس العكس»، على رغم التزوير الذي سيأتي بالأول، والتحضيرات لافتعال هالة شعبية حول إعادة انتخابه من قبل ماكينة إعلامية لبنانية وسورية، مثل الادعاء المستهتر بالعقول أن الإحصاءات تفيد بأن عدد السوريين المتواجدين في المناطق التي يسيطر عليها النظام يبلغ 19 مليون نسمة، وعلى رغم المحاولات البائسة من قبل وكلائه لنقل عدد من النازحين في مناطق لبنانية يسيطر عليها حلفاؤه، إلى قرى ومناطق سورية تحت نفوذه حتى لو لم تكن قراهم الأصلية، لتصويرهم بأنهم يدلون بأصواتهم إلى جانبه. ومن الطبيعي في هذه الحال أن يتساوى قانون الانتخابات الرئاسية السورية الذي يمنع معارضي الأسد من الترشح، مع الحملة الهادفة إلى تهشيم المرشح الخصم في لبنان (سمير جعجع) في نظر من دعموا ترشحه، بهدف إلغاء المنافس السياسي للخيار الإقليمي الذي يمثله حلفاء الأسد في لبنان. ولذلك لم يكن عن عبث أن تعتبر قيادة «حزب الله» أن تاريخ 25 أيار ليس عاملاً ضاغطاً عليه وعلى حلفائه.

ثمة سبب آخر لتوقع الفراغ الرئاسي اللبناني، هو توق فريق 8 آذار واستعجاله التقارب السعودي الإيراني الذي ما زال يشهد محاولات خجولة لتحقيقه وتعترضه عقبات عدة، وفق المعلومات المتداولة، على رغم الجهود المتعددة المبذولة في هذا السياق. فاستعجال الجانب الإيراني مصدره ما يعتبره ارتياحاً إلى صمود أوراقه التفاوضية، بما فيها ورقة النظام السوري والتدخلات من قبل طهران في اليمن والبحرين واستباق الانتخابات العراقية… وتمتين التحالف المصري الخليجي. وفي المقابل، بدا أن الجانب السعودي يعطي أولوية لمسائل أخرى بالإضافة إلى انتظاره مبادرات حسن النية من الجانب الإيراني، وأهم هذه الأولويات ترتيب البيت الخليجي الذي عصفت به الخلافات في الأشهر الأخيرة، والتي أُعلن عن الاتفاق على إنهائها قبل يومين، فالرياض تنتظر إقفال باب رئيسي من أبواب الدخول الإيراني إلى هذا البيت.

واختبار تنفيذ هذا الاتفاق يتطلب بضعة أشهر قبل أن يبنى عليه لتذهب السعودية إلى أي انفتاح مع إيران، في ظل موقف خليجي موحد ينعكس إيجاباً على موقعها التفاوضي في الإقليم، ودورها في لبنان. والمنطق يقول إنها لن تقدم على تسوية للوضع في لبنان تنتج رئيساً يخضع لمنطق حلفاء طهران مع أن أولويتها الاستقرار فيه وحمايته من تداعيات الأزمة السورية عليه.

التسوية التي يمكن أن تقصر أمد الفراغ الرئاسي اللبناني، تتطلب أجوبة لبنانية عن أسئلة عديدة قبل الإقدام عليها. فانتخاب الرئيس، إذا كان يتطلب اتفاقاً بين أطراف من الفريقين، يوجب توافقاً بين 14 آذار (ولاسيما تيار المستقبل) وبين «حزب الله» أو بين «المستقبل» و «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون أو بين الثلاثة معاً؟ وإذا كان إنتاج الحكومة حصل على قاعدة ما وصفه زعيم تيار «المستقبل» بأنه «ربط نزاع» مع الحزب فإن هذه المعادلة صعبة التطبيق على رئيس سيأتي لست سنوات. فهل أن المعادلة الجديدة التي أطلقها نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم قبل أيام عن «ثلاثية السيادة والمقاومة وبناء الدولة» هي محاولة لإيجاد مظلة جديدة للتوافق مع المستقبل بديلاً من معادلة «الجيش والشعب والمقاومة»… ومن الفراغ الآتي؟

الحياة

 

 

الانتخابات السورية/ خير الله خير الله

من يتابع ردود فعل رئيس النظام السوري بشّار الأسد منذ اليوم الأوّل لاندلاع الثورة الشعبية في بلده، لا يستغرب ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية، خصوصا أنّه أخذ على عاتقه تدمير سورية حجراً حجراً على رؤوس مواطنيها.

ربّما كان الأمر الوحيد الذي غاب عن ذهن رئيس النظام تحديده ليوم الثالث من يونيو المقبل، بدل الخامس منه، موعدا للانتخابات. كان من الأفضل اختيار يوم الخامس من الشهر نفسه موعدا لتلك الانتخابات نظرا الى أنه يصادف الذكرى السابعة والأربعين لحرب الأيّام الستة التي كان خلالها والده حافظ الأسد وزيرا للدفاع في سورية.

لو اختير يوم الخامس من يونيو موعدا لاجراء الانتخابات، لكان الخيار سيكون أكثر من موفّق. كان ذلك سيؤكّد أن الانتخابات الرئاسية الحالية تندرج في سياق واضح المعالم. انه السياق الذي يسير فيه النظام السوري منذ ما قبل استيلاء الأسد الأب على السلطة كلها في السادس عشر من نوفمبر 1970.

منذ البداية، لعب النظام السوري، الذي كان حافظ الأسد ركنا من أركانه دورا أساسيا، بل محوريا، في توريط جمال عبد الناصر في حرب 1967 التي لا يزال العرب يعانون من نتائجها حتى اليوم، خصوصا أن الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، ما زالت محتلة مع هضبة الجولان السورية التي لا يزال سقوطها في يد اسرائيل لغزا.

قد لا تتكشّف تفاصيل هذا اللغز الّا في اليوم الذي يسقط فيه النظام بشكل رسمي بعدما سقط عمليا وصار في مزبلة التاريخ. سقط النظام السوري في اليوم الذي تبيّن فيه أنّه في حاجة الى ميليشيا مذهبية لبنانية ومقاتلين شيعة يأتون لنجدته من العراق، فضلا عن خبراء ومستشارين ايرانيين وأسلحة روسية… لذبح شعبه.

هل من سقوط أعظم من هذا السقوط لنظام يدّعي حماية الأقليات وينادي بالعلمانية في حين يعمل يوميا على اثارة الغرائز المذهبية التي يعتبرها ضمانة لبقائه في دمشق ومتابعة دكّ المدن والقرى السورية بالبراميل المتفجّرة!

من يستعرض مسيرة النظام السوري، خصوصا منذ استيلاء الضباط العلويين على السلطة في الثالث والعشرين من فبراير 1966 يكتشف أنّ لهذا النظام مهمّة محدّدة. أخذ العرب الى حرب مع اسرائيل كــــانوا غير مهــــيئين لها. خـــسروا الحرب ليكتشفوا أنّ النظام السوري غير قادر لا على السلم ولا على خوض معركة حقيقية من اجل استرجاع أرضه المحتلة. حتى حرب (أكتوبر) 1973 كانت مجرّد وسيلة لاغــــلاق جبهة الجولان والتركيز على تدمير لبنان.

كان مطلوبا تدمير لبنان. أدّى النظام السوري المهمّة المطلوبة منه. سلّح الفلسطينيين وسلّح ميليشيات مسيحية في الوقت ذاته كي يقضي على بيروت وكلّ قرية وبلدة لبنانية. وصل به الأمر أن جعل من «جيش التحرير الفلسطيني» يرابط في بيروت ليفصل بين المسيحيين والمسلمين. تلك كانت، في رأيه، مهمّة «جيش التحرير الفلسطيني»…

أراد محاربة كامب ديفيد ومصر انطلاقا من لبنان. كانت النتيجة أن دمّر ما يستطيع من لبنان وتسبب في الوقت ذاته في اجتياح اسرائيلي عاد بالويلات على الوطن الصغير وما بقي من عيش مشترك فيه، خصوصا بين الدروز والمسيحيين.

لكنّ هذا الاجتياح شتّت المقاتلين الفلسطينيين بعدما لعبوا الدور الذي كان مفترضا أن يلعبوه من وجهة نظر النظام السوري، أي تغيير طبيعة المناطق اللبنانية والتركيبة السكّانية فيها الى أبعد حدود، مرورا في طبيعة الحال باضعاف الوجود المسيحي الذي كان يرمز اليه انتشارهم الواسع في كلّ الأراضي اللبنانية من أقصى الشمال، الى أقصى الجنوب.

لا داعي الى الغوص في تفاصيل الحرب التي شنّها النظام السوري على الفلسطينيين، خصوصا على زعيمهم التاريخي ياسر عرفات، رحمه الله، الذي ارتكب أخطاء كثيرة، خصوصا في لبنان، كان معظمها بسبب اضطراره الى حماية ظهره من ضربات مصدرها النظام المذكور.

لا داعي الى تعداد الشخصيات التي اغتالها النظام السوري، أو حرّض على اغتيالها وصولا الى الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ثم اللبنانيين الشرفاء الذين دافعوا عن السيادة والاستقلال.

لا داعي خصوصا الى تعداد ما ألحقه «حزب الله» من أذى بلبنان واللبنانيين بعدما راهن عليه النظام السوري من أجل تعميق الشرخ الطائفي والمذهبي في البلد ونشر البؤس فيه.

من الضربة شبه القاضية التي تلقاها العرب في 1967 وصولا الى تفتيت سورية، مرورا بتدمير لبنان عن طريق السلاح غير الشرعي ومصادرة القرار الفلسطيني، يتابع النظام المهمّة الموكولة اليه.

من يترشّح مرّة جديدة للانتخابات الرئاسية، انّما يسعى لاستكمال مهمّة سدّ كل الأبواب أمام مخرج يجري البحث عنه لانقاذ سورية، أو ما بقي منها، عن طريق هيئة أو حكومة انتقالية تسمح بالتفكير في مستقبل البلد.

المفارقة أنّ هناك ما يربط بين هزيمة 1967 من جهة والاصرار على دعم النظام في عملية ذبح شعبه من جهة أخرى.

هذا الرابط هو موقف موسكو. من جرّ العرب وشجّعهم في العام 1967 على ارتكاب حماقة التفكير في الحرب كان الاتحاد السوفياتي. لم تقم موسكو وقتذاك بأي خطوة تستهدف توعية النظام السوري الى خطورة ايّ مغامرات عسكرية وأنّ هذه المغامرات لا يمكن أن تصبّ في نهاية المطاف سوى في خدمة اسرائيل وتطلعاتها وتحسين موقعها التفاوضي وحتّى العسكري.

في السنة 2014، نجد روسيا التي خلفت الاتحاد السوفياتي أشدّ المتحمسين لبقاء بشّار الأسد في السلطة. هل من جريمة أكبر من جريمة دعم نظام لا يتردد في استخدام كلّ الأسلحة المتوافرة لديه في عملية تدمير ممنهجة للمدن والقرى السورية وقتل الناس؟

من الضروري التوقف عند هذه المفارقة، خصوصا أن الموقف الايراني الداعم بكلّ الوسائل للنظام السوري أكثر من مفهوم. فايران، وهذا ليس سرّا، تراهن على اثارة الغرائز الطائفية لتفتيت العالم العربي.

ولكن ماذا عن روسيا ولماذا هذا الاصرار على أن النظام السوري «شرعي». أوليس ذلك الطريق الأقصر للانتهاء من الكيان السوري الذي عانى من أزمة عميقة منذ اليوم الأول لقيامه. هل يكون الانتهاء من الكيان المهمّة الأخيرة الموكولة للنظام بدعم روسي ومباركة ايرانية لها ترجمتها على الأرض عن طريق الميليشيات المذهبية الآتـــــية من لبنـــــان والعراق وايران نفسها؟

نقلاً عن صحيفة “الراي”

 

 

ديمقراطية بشار.. تعليم الفيل الرقص/ محمد الرميحي

ربما تذكرنا نتائج السباق المقبل على رئاسة الجمهورية السورية بالأرقام التي كان يحققها رؤساء الجمهوريات العرب في تاريخنا المعاصر، وهي بالضبط كما نتائج الاستفتاء الذي حدث في شبه جزيرة القرم، أي 95 في المائة فقط لا غير، قبولا ورضا.

كان مضحكا إلى حد البكاء إعلان رئيس مجلس الشعب السوري، الأسبوع الماضي، دعوة من يجد في نفسه الكفاءة للتقدم للترشيح لرئاسة الجمهورية السورية، كما كان مضحكا لحد البكاء قبل سنوات قليلة تغيير الدستور السوري بين يوم وليلة، بعد وفاة حافظ الأسد، حتى يتمكن الابن الوريث من الصعود إلى السلطة، قليلة في أيامنا مثل هذه الدول إذا استثنينا دولتين؛ سوريا وكوريا الجنوبية، اللتين تقومان بمثل هذه الأفعال.

لا أعرف إن كان حفيد حافظ الأسد أيضا يرغب في تولي المنصب في المستقبل، ولكن على مجلس الشعب السوري هذه المرة أن يعمل «أوكازيون» في سن المرشح حتى يتمكن الأسد الحفيد من السلطة. الشعار الممكن أن نستخلصه من ترشح بشار الأسد من جديد واضح لكل عاقل، وهو «إما أن أقتلكم بالبراميل المتفجرة، أو أبيدكم بالكيماوي، أو أحكمكم»، وهو شعار يشهد كثيرون أنه عادل، لأنه يقدم على الأقل خيارات للشعب السوري. إن جرت الانتخابات المقبلة في سوريا، فسوف تحقق أيضا سبقا تاريخيا، لأنها سوف تنصب رئيسا يمكن أن يسمى «رئيس جمهورية دمشق وضواحيها»، لأن المعلن حتى الآن أن هناك ملايين من السوريين قد هجروا مدنهم وقراهم، إما إلى دول الجوار، أو إلى أماكن آمنة لهم في الداخل، كما أن هناك آلافا من المعتقلين الذي تسربت معلومات عن أن بعضهم قُتل في الأقبية والسجون السورية. بجانب أن القوى التي ساندت الأسد، وتقوم بمساعدته في تصفية الشعب السوري، أعلنت تكرارا كما فعل حزب الله اللبناني، أنه لولا موقفها ومساندتها لم يبقَ نظام بشار حتى اليوم، معنى ذلك أن القوى تلك تريد أن تشارك الرئيس سلطته، لأنها هي التي حققت استمراره.

يخلق الموقف الغربي تجاه المعضلة السورية الكثير من التساؤل، فهو أمام كل هذا القتل المبرمج اليومي يقف عاجزا عن فعل أي شيء على الساحة الدولية، بل هناك من يعتقد أن التراجع الغربي على مجمل الساحة العالمية يصب بشكل إيجابي في التمدد الروسي السريع، الذي يستعد في العام المقبل لإنشاء تحالف أوراسيا، المنظمة التي دعا إليها فلاديمير بوتين، ويسعى إلى وجودها الفعلي، عوضا عن الاتحاد السوفياتي السابق! هذا التراجع الغربي مشاهد في معركة القرم التي فاز بها فلاديمير بوتين، ولا يزال يفوز بالنقاط على الأقل في شرق أوكرانيا، وهو أيضا الذي يقوم بدعم لا محدود في إيران وسوريا، ويحاول التمدد في الثغرات التي يتركها التراجع الغربي الأميركي في منطقة الشرق الأوسط.

المناضلون السوريون يُطحنون اليوم تحت أكثر من رحى واحدة، فهناك في طرف جيش النظام، ومن استطاع تجنيدهم، وهناك حلفاء النظام، وهم خليط من حزب الله وعصائب عراقية، وأيضا دعم إيراني على الأرض، ومن جهة أخرى مجموعة من التكفيريين الذين يعيثون في الأرض فسادا، بل إن الأخيرين هم الورقة الناجحة للدعاية التي يتبناها النظام الأسدي، وهي أن كل المقاومة «تكفيريون» في محاولة دؤوبة لشيطنة همة المعارضة السورية ذات الوجه الحضاري والديمقراطي.

المعركة التي يُعدّ لها لتنظيم انتخابات رئاسية في سوريا علامة فارقة في الموقف الدولي تجاه ما يحدث، من المحتمل أن يصرف النظر عنها، وبالتالي يُشيّع الحل السلمي إلى مثواه الأخير، الذي ابتدعته مخيلة لافروف وزير الخارجية الروسي، وكيري وزير خارجية الولايات المتحدة، وأصبح «الحل السلمي» عنوان المرحلة السابقة، وعليه، فإن المجتمع الدولي مطالَب بعنوان للمرحلة المقبلة لا يخرج عن احتمالين؛ الأول هو عودة تدريجية لقبول نظام بشار على الساحة الدولية، والثاني النظر في استراتيجية جديدة مختلفة كليا عما جرى العمل به في الثلاث سنوات الماضية.

قد يكون المجتمع الدولي، وخاصة الغربي، قد أصيب بحالة من الإعياء جراء الضربات التي تلقاها ولا يزال، في مراهنته على ترويض الدب الروسي، والسعي إلى إيجاد مخارج سياسية ودبلوماسية للمشكلات الدولية المتجددة، ومنها الموضوع السوري، فوهن عظمه.

ينحصر النظر إلى المستقبل في هذين التصورين، وعلى الأرجح إذا لم يحدث تغيير حقيقي وجذري في النظر إلى حل المشكلات الدولية العالقة، فإن الأسوأ أن يفوز بشار في انتخابات «بمن حضر» برئاسة أخرى تأخذه لسبع سنوات مقبلة إلى قصر المهاجرين في دمشق، والأقل سوءا أن يستمر الصراع متأرجحا بين مد وجزر، حتى يصرخ أحدهم، ويستسلم في مسابقة عض الأصابع الدولية المشاهَدة اليوم في أكثر من مكان في عالمنا الصراعي المرشح للمزيد من الاحتقان.

المسرح الشرق أوسطي يهيئ من مرحلة الدفاع أو المراوحة التي وسمت المرحلة السابقة إلى مرحلة جديدة، عنوانها الأكثر وضوحا «ديمقراطية الأفيال»، التي نشهدها اليوم والأيام المقبلة، في كل من بيروت ودمشق وبغداد.

هذه الديمقراطية المشوهة هي التي سوف يتكئ عليها لتغليب طرف على آخر، في منطقة هي اليوم بؤرة الصراع الحقيقي الدولي، أولا على الموارد، وثانيا على الممرات. فالمشهد كله قابل لأن يبقى معنا دون تغيير حتى إشعار آخر.

آخر الكلام:

الديمقراطية كالسباحة، لا تستطيع أن تتعلمها إلا بالممارسة، ولكنك لا تستطيع أن تتعلم السباحة في حوض جاف!

الشرق الأوسط

 

 

الديموقراطيات المقعدة!/ راجح الخوري

الاستعراض الانتخابي المتنقل في بعض العواصم العربية يقدم، صورة معيبة عن مهازل الديموقراطية، عندما تصبح عملية الديموقراطية مضحكة او ممسحة او قناعاً للديكتاتورية او احتيالاً موصوفاً لمسخ ارادة الشعب!

الانقسام الجذري في لبنان يجعل الآن من استحقاق الانتخابات الرئاسية بوابة مشرّعة على الفراغ، والفراغ يوازي القصور السياسي المطلق، عندما يعجز النواب المنقسمون جذرياً على وقع الصراعات الاقليمية، عن انتخاب رئيس جديد بحيث قد يتربع الفراغ على كرسي الرئاسة لفترة قد تطول، على ما جرى بعد انتهاء ولاية اميل لحود عندما نبت العشب البري على ابواب القصر الجمهوري … والمسؤولية!

يسود الفراغ ويحكم في انتظار حصول تفاهمات اقليمية تحظى بموافقات دولية، يمكنها اعطاء الضوء الأخضر الذي يسمح بانتخاب رئيس عتيد نسمّيه توافقياً، اي انه سيكون مقعداً سياسياً ودستورياً، لأن التوافق هنا يعني ان على الرئيس المنتخب من غير شر، ان يوفّق بين مصالح المتصارعين الذين توافقوا عليه، بما يعني عجزه المطلق عن الخروج من دائرة رئيس يدير الازمة الى رئيس يعالج الازمة!

بهذا المعنى يكون لبنان مقعداً قبل الرئيس، اي انه سينضم الى صفوف المقعدين وما اكثرهم، وبهذا المعنى ان عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الذي يتنقل في كرسي متحرك ليس مقعداً بل الجزائر هي المقعدة وقد تحولت كرسياً لا دولة تنتخب رئيساً عاجزاً للمرة الرابعة.

لكن سوريا تتجاوز حال القعود الى حال المقبرة الاسطورية، وهي مقبرة لا للقتلى الـ ١٥٠ الفاً الذين سقطوا فيها بالبراميل المتفجرة وبالكيميائي والصواريخ الروسية والرصاص الايراني فحسب، بل لمهزلة الديموقراطية التي ستعيد انتخاب بشار الاسد رئيساً في ٣ حزيران المقبل. كان يمكن الحديث عن سوريا المقعدة، ولكن مع سوريا الغارقة بدماء ابنائها ومع ملايين السوريين في اللجوء الداخلي والخارجي من الضروري الحديث عن العالم المقعد وتحديداً عن اميركا المقعدة وعن روسيا وايران الشريكتين في اقعاد السوريين!

“ديموقراطية” الانتخابات البرلمانية العراقية التي ستجري في ٣٠ نيسان، مقعدة ايضاً في ظل العنف المذهبي المتزايد وعمليات الارهاب اليومية وممارسات نوري المالكي، رجل ايران الذي يسعى إلى تجديد بقائه على رأس السلطة التنفيذية التي كان قد استولى عليها نتيجة صفقة اميركية – ايرانية، حرمت اكثرية اياد علاوي البرلمانية منها، بما يعني ان الديموقراطية العراقية المقعدة هي في حال من الإذلال والنزف منذ ذلك الوقت!

اما الديموقراطية التي تهاوت في مصر على ايدي “الاخوان المسلمين” وحكم محمد مرسي الذي أريد له ان يتحوّل رأس جسر لأخونة المنطقة، فانها امام حركة تصحيحية في اواخر ايار ستحمل المشير عبد الفتّاح السيسي الى الرئاسة ربما انقاذاً لثورة ٢٥ يناير!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى