درويش محمىصفحات سورية

من هم الشبيحة ؟


درويش محمى

بـ”المانشيت” العريض وعلى اولى صفحاتها, نشرت “الشرق الاوسط” اللندنية خبراً يقول: دمشق تسأل الجامعة العربية ماذا تقصدون ب¯”الشبيحة”? وبعد يوم من نشر هذا الخبر, وفي الصحيفة نفسها, كتب رئيس تحريرها الاستاذ طارق حميد مقالاً تحت عنوان “عرف الشبيح”, ورغم المامه الواسع بالشان السوري وبراعته ككاتب, لم يفلح الرجل في تعريفنا ب¯”الشبيحة”, فنحن السوريون فقط, واقول واكرر نحن فقط, من يعرف “الشبيحة”.

يقال ان كلمة “الشبيح” مقتبسة من الشبح, وقد درج الناس في سورية على اطلاق كلمة الشبح على سيارة المرسيدس طراز ال¯ 500 لسرعتها وقوتها, ولان ميليشيات النظام ومرتزقته, كانت تتبجح على عامة الناس بما لها من امتيازات وسلطات, وهي تجول وتجوب الشوارع والطرقات في قوافل من سيارات المرسيدس المعروفة بالشبح, تم وصف وتسمية تلك المجموعات من اعوان النظام ب¯”الشبيحة”.

ويقال ايضاً في تعريف كلمة “الشبيحة” واصلها ومصدرها, انها كلمة مقتبسة من شبح الموت, ابعده الله عنا وعنكم وعن الشعب السوري المسكين, و”الشبيح” كالشبح, له ملامح فظة قاسية, وعضلاته مفتولة, ويحمل معه الموت والعذاب اينما حل ورحل, ويلبس الاسود, وسلاحه لا يخفيه, والقتل عنده امر عادي وتحصيل حاصل .

في سياق التعريف ب¯”الشبيحة”, لا بد من التذكير بالتطور الحاصل في مفهوم “الشبيحة”, فمع انطلاق الثورة السورية في منتصف مارس الماضي, لم تعد كلمة “الشبيحة” كسابق عهدها, لم تعد مقتصرة على عناصر موالية للنظام السوري من طائفة معينة, بل اصبحت تطلق على كل مدني مدفوع الاجر او مدني متطوع, مدرب على اطلاق الرصاص في الرأس وبدم بارد, ولا يتوانى عن ارتكاب كل انواع التعذيب والاهانة والقتل والسحل دون وازع او تأنيب للضمير, وربما التعريف الاكثر بلاغة لمصطلح “الشبيحة” هو الشعار الذي يردده “الشبيح” نفسه “يابشار لا تهتم نحن رجالك نشرب دم”.

اما اليوم, وبعد مضي اكثر من ثمانية اشهر من الثورة السورية, حصل تطور اخر في مفهوم “الشبيحة”, فمهمات الشبيح لم تعد مقتصرة على القتل والارهاب وتصفية خصوم الشبيح الاول, بل اصبحت تشمل رجال دين, ورجال فن, ورجال اعمال, ورجال اعلام, والخدمات التشبيحة اصبحت اوسع واشمل واكثر انتشاراً وتنوعاً, ومنها على سبيل المثال لا الحصر, التشبيح الديني والتشبيح التطبيلي والتشبيح الفني والتشبيح الاعلامي والتشبيح السياسي, والتشبيح الديبلوماسي وغيرها من انواع التشبيح, الكل يشبح في مجاله, تحت رعاية الشبيح الاول, والجميع من دون استثناء, كل العاملين في مجال التشبيح هم من انصاف الرجال, و”الشبيحة” كل “الشبيحة” سيختفون وعلى وجه السرعة في اول سيارة مرسيدس شبح, وكالشبح لن يبقى لهم اثر في سورية ولا في حياتنا, في القريب العاجل مع طلوع الشمس وحلول الربيع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى