صفحات الحوار

نبيل العربي: الحل في سورية يجب أن يكون سياسياً ومؤتمر السلام للبحث في هيئة حكومية انتقالية بصلاحيات كاملة

 

نيويورك – راغدة درغام

دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي المعارضة السورية إلى التوصل إلى موقف موحد والمشاركة في مؤتمر «جنيف ٢». وقال، في لقاء مع «الحياة» في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إن الحل في سورية «يجب أن يكون سياسياً، فيما يرى كثيرون في المعارضة السورية أن الحل لا يكون إلا عسكرياً».

وأكد العربي أن البحث جار في عقد هذا المؤتمر «بهدف تشكيل الهيئة الحكومية للمرحلة الانتقالية»، تجنباً لانهيار الدولة في سورية، ولكي لا تصبح سورية «دولة فاشلة». وقال إن ثمة اتفاقاً بين «الجميع» على أن الصلاحيات الكاملة للهيئة الحكومية الانتقالية ستشمل «الجيش والاستخبارات».

وفي ما يأتي نص الحوار:

> هناك نوع من الامتعاض لدى بعض الدول العربية من طريقة تعامل الولايات المتحدة مع الدول العربية، عندما كانت تتعانق مع إيران في رقصة ديبلوماسية جديدة. هل هذا ما شعرته أنت أيضاً؟

– شعرت أن هناك تغييراً في السياسة الأميركية وقلقاً لدى بعض الدول العربية، لا شك في ذلك. لكن لم أر هذه الرقصة الدافئة بين الولايات المتحدة وإيران، هناك تغيير في السياسة الإيرانية، حسن روحاني لا أعرفه ولكن من سمعته ومن تاريخه فهو رجل منفتح. وزير الخارجية محمد جواد ظريف صديق عزيز منذ أكثر من ٢٥ سنة، وأنا جلست معه مرتين وأعتقد أنه ينوي أن يغير كثيراً في السياسة. تحدثت معه بكل وضوح أولاً وأهم شيء ألا تكون هناك تدخلات إيرانية في الدول العربية، وضربت له مثلاً بمصر وما سبق أن ذكره لي شيخ الأزهر ونقلته في حينه إلى علي أكبر صالحي وزير الخارجية السابق أننا نرجو من إيران وهي جارة وتربطنا بها علاقات تاريخية ألا تستمر في التدخلات في الدول العربية. وفي مصر بالذات كانت هناك محاولات للتشييع وهذا ما احتج عليه شيخ الأزهر وأعطاني كتباً طبعت في إيران.

> ماذا قال لك وزير الخارجية الإيراني في هذا الصدد؟

– وزير الخارجية السابق أنكر. الوزير الحالي، كان أحد زملائه موجوداً، وقال إننا ندرس الموضوع لنرى إذا كان ذلك صحيحاً لكي نوقفه… قلت له إن موضوع الجزر والخلاف مع الإمارات حول هذا الموضوع، أنت رجل قانون مثلي وسبق أن اشتغلنا معاً في أمور كثيرة في إطار القانون الدولي، المرجو أن يحل هذا الموضوع وذكرت له أن أبسط شيء هو المادة ٣٣ من ميثاق الأمم المتحدة التي تقول إذا كانت هناك خلافات بين الدول على الدول أن تحلها طبقاً للمادة ٣٣ أي تبدأ بالمفاوضات وتنتهي باللجوء إلى القضاء الدولي.

> ماذا قال لك من طمأنة في هذا الموضوع؟

– على هذه النقطة، المفاوضات ربما تكون الحل، هذا كل ما قاله لي. وزير الخارجية في النظام السابق عندهم كان يقول لي هذه أرضنا ولن نتحدث فيها مع أحد. فهناك تطور إيجابي.

> إذن هناك تطور إيجابي في موضوع الجزر الإماراتية الثلاث؟

– إلى أي مدى بالنسبة إلى أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى؟ ماذا سيحدث في هذا الموضوع لا أدري، ولكن أعلم أنه جلس مع عدد من وزراء الخارجية العرب.

> لا بد أنكما تحدثتما في الموضوع السوري والدور الإيراني في سورية؟

– تحدثنا طبعاً في هذا الموضوع وقد كان الموضوع الأول. ذكرت له أن جميع الدول العربية على رغم توجهاتها المختلفة تتفق على شيء. تتفق على ضرورة الحل السياسي وضرورة الذهاب إلى جنيف. أنتم جزء من المشكلة فأنتم تكونون جزءاً من الحل. هل تقبلون الذهاب إلى جنيف؟ قال: نقبل لكن من دون شروط. من دون أن يشترط علينا أحد.

> هل كلفت أنت أن تسأله عن هذا السؤال؟

– لا، لم أكلف من أحد، أنا تحدثت إليه من نفسي، هذه رغبة كل الدول العربية كأمين عام لجامعة الدول العربية علي أن أنفذ القرارات وألتزم بالقرارات.

> في الماضي كانت المملكة العربية السعودية تفضل ألا تشارك في جنيف كي لا يكون ذلك مبرراً لدعوة إيران إلى جنيف. فهل هذا جديد في موقفكم الآن أنكم تقولون الآن أنكم تريدون إيران في جنيف، وهل هناك استعداد عربي للمشاركة لا سيما من الدول التي تحفظت في الماضي عن المشاركة؟

– أنا لم أتحدث مع أحد من الدول العربية. كل ما حدث أنه في نيسان (أبريل) الماضي عندما كان هناك احتمال أن يجتمع مؤتمر جنيف في أيار (مايو) طلب مني سكرتير الأمم المتحدة، لأننا مشتركون معاً في مهمة الأخضر الإبراهيمي، طلب مني رأيي في تشكيل الوفد والإجراءات المتعلقة بي وأنا ذكرت له وكررت هذا الكلام. ربما بعض الدول لم تكن سعيدة به وكررت أكثر من مرة أن كل الدول الإقليمية وبخاصة تلك التي تعتبر أن لها دوراً في هذا الموضوع، من الأفضل أن تكون حاضرة، أولاً. ثانياً موضوع التغلب على أي تأثيرات لأي دولة ممكن أن يتم عن طريق دعوة إلى اجتماع أول مفتوح باللغة الإنكليزية، كل الدول الإقليمية تكون فيه وكل واحد يتكلم من وجهة نظره ويغادر، ثم يبقى المفاوضون.

> لنبقى قليلاً في موضوع «جنيف 2». أنت بقيت هنا في نيويورك مدة طويلة. هل أنت على تنسيق كامل مع الأمين العام بان كي مون في اتخاذكم قراراً بموعد انعقاد المؤتمر؟ إلى ماذا توصلت؟ ما هي مهمتك كأمين عام لجامعة الدول العربية في إطار التحضير لجنيف ٢؟ أين وصلتم؟

– في إطار التحضير لجنيف، جامعة الدول العربية بعدما قررت في 22 مايو من عام 2012 إحالة الملف على مجلس الأمن كما تقضي أحكام الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة. نحن منظمة إقليمية وعلينا أن نلتزم بالمنظمة الأم وهي الأمم المتحدة، اشتركنا معاً في تعيين مبعوث خاص كان كوفي أنان. وفي هذا الإطار ذهبنا معاً إلى جنيف، طبعاً كما تعلمين أن الأمم المتحدة تمثل الشريك الأكبر ونحن الشريك الأصغر لا شك في ذلك. لكن أنا قابلت السكرتير العام هنا عدة مرات وقال لي في المقابلة التي تمت أمس: أنت الوحيد الذي قابلته مرتين. لأني قابلته بعد وصولي بيوم وقابلته قبل أن أسافر بيوم.

> حدثني عن الجوهر؟

– الجوهر هو الاهتمام بأهمية انعقاد مؤتمر جنيف في أقرب فرصة. من الخطأ في نظري أن تختزل المشكلة السورية التي نتج منها 4 ملايين مشرد وأكثر من مئة ألف قتيل ومهجرون في دول كثيرة يعانون عذاباً أليماً، أن تختزل في معالجة الشق الكيماوي على أهميته. لذلك لا بد من معالجة القضية برمتها وهذا لن يتم إلا في مؤتمر جنيف. وجودي أمس كان لتأكيد أهمية انعقاد مؤتمر جنيف، ولتأكيد أهمية البدء في عملية إغاثة إنسانية للشعب السوري الذي يعاني الأمرين.

> من سيدعى إلى جنيف؟ دول إقليمية؟ الدول المجاورة؟

– لم يتحدد بعد. للأسف الشديد في ما يتعلق بجنيف هذه المرة، في هذه المرحلة الولايات المتحدة والاتحاد الروسي هما اللذان يقرران.

> هذه المرة؟

– هذه المرة مع السكرتير العام (للأمم المتحدة). لا نشارك نحن في هذه المرحلة.

> لماذا لا دور لكم؟

– لا نشارك في هذه الاجتماعات لأنها اجتماعات للأمم المتحدة. الفرق بين هذا الاجتماع واجتماع العام الماضي أن كوفي أنان كان هو الداعي. هذه المرة قرر السكرتير العام أن يكون هو الداعي، فالأمم المتحدة …

> لكن أنت شريك كأمين عام لجامعة الدول العربية.

– نتكلم في التلفون كثيراً وفي مراسلات ذهاباً وجيئة بيننا لكننا نحن الشريك الأصغر. كل شيء يصل لي، اليوم …

> السؤال هو من سيُدعى إلى «جنيف ٢»؟

– هذا لم يتقرر بعد. حتى في ما يتعلق بإيران لم يتقرر بعد، أو هل هناك دول أخرى إقليمية.

> لم يتقرر إن كانت إيران ستدعى إلى جنيف؟

– لا لم يتقرر بعد. لم يتقرر بعد من هي الدول العربية التي سوف تدعى. المرة السابقة كانت هناك مشكلة كبيرة وأنا اقترحت أن ندعو طبقاً للمناصب أي رئيس القمة، الرئيس الوزاري.

> ما هي مرجعية «جنيف 2»؟

– «جنيف 1». البيان الختامي لاجتماع «جنيف 1» الذي يقرر في نهاية المطاف النقطتين المهمتين فيه، أولاً بدء مرحلة انتقالية وثانياً تشكيل هيئة تنفيذية ذات صلاحيات كاملة.

> كانت في الماضي عقدة الرئيس بشار الأسد. أين وصلت تلك العقدة؟ هل تحلحلت؟

– لا لم تتحلحل. في «جنيف 1» كان هناك غموض حول هذه النقطة، لكن المفهوم المنطقي والتفسير الذي يتفق مع الأوضاع كلها أنه عندما تبدأ مرحلة انتقالية تعني أن هناك اختلافاً بين المرحلة السابقة والمرحلة الانتقالية.

> لكن في الوقت ذاته، من بين التطورات الجديدة أن هناك دوراً للحكومة السورية والرئيس بشار الأسد في تنفيذ الاتفاق على تفكيك السلاح الكيماوي وبالتالي هناك نوع من تزامن بين موعد الانتخابات الرئاسية في سورية وموعد الانتهاء من تدمير الأسلحة الكيماوية. إذن أترى أن هناك تعمداً لإبقاء الرئيس السوري في منصبه حتى نهاية العملية؟

– موضوع الرئيس السوري وولايته هذا متروك للطرفين اللذين سوف يجلسون ويتفاوضون في جنيف. والصعوبة هنا في نظري، ليست مع المعارضة لأن المعارضة تذهب إلى جنيف سوف تكسب شيئاً. من سيخسر شيئاً، أياً كان هذا الشيء الذي سيُتفق عليه، سيكون النظام. أنا لا أدري كيف سيستطيع الرئيس الأسد أن يعطي تعليمات واضحة للوفد المفاوض إلا ليقول لا. لا تنسي أن النظام السوري عندما تبدأ المرحلة الانتقالية سوف يخسر شيئاً. النظام السوري بالوضع الناشئ عن استخدام الأسلحة الكيماوية خسر لأنه سيكون هناك مفتشون على الأرض، وهناك بحث، لا أقول أكثر من ذلك، بحث عن أسلوب لحمايتهم.

> لحماية المفتشين؟

– المفتشون بالطبع. عندما يكون هناك أشخاص كثيرون يذهبون إلى هنا وهناك، ويفتحون… هذا يهز هيبة النظام.

> نعم ولكن هناك رأياً آخر يقول إن ما تراهن عليه روسيا وإيران الشريكان مع النظام، هو فشل المعارضة السورية في اتخاذ موقف يجعل منها شريكاً جدياً في «جنيف 2».

– والله أنا لا أعتقد أن الحكومة وروسيا وإيران كما تقولين مؤثرة إطلاقاً. على العكس المعارضة مشكلتها أنهم أطياف مختلفة.

> الدول تراهن على فشل المعارضة في لملمة نفسها والتوجه إلى جنيف بمشاركة حقيقية.

– أنا لم أتحدث في هذين المعيارين، ولكن مع روسيا، بكل وضوح، قابلت لافروف وقال لي إن المعارضة مشتتة طبعاً.

> أتحدث عن دوره في جنيف هل كلفت أنت كأمين عام لجامعة الدول العربية أن تتولى إقناع المعارضة؟

– نعم هناك اتصالات مستمرة والمعارضة طلبت مني أشياء لن أتحدث عنها الآن لأن الذي ظهر في الصحف أنهم يرغبون في غطاء عربي.

> ماذا يعني ذلك؟

– يعني ذلك أن الدول العربية تحضهم على الذهاب لأن هناك خلافات في المعارضة حول الذهاب أم لا. لا يزال هناك كثيرون في المعارضة ولا أستطيع أن أذكر لك أسماءهم، يرون أن الحل يجب أن يكون عسكرياً، ونحن نقول طوال الوقت في الجامعة العربية على رغم اختلاف المشارب واختلاف التوجهات أن الحل يجب أن يكون حلاً سياسياً.

> السيد أحمد الجربا تحدث عن إطار الضمانات والتغطية العربية، ولكن ما زال ذلك غامضاً لا سيما أن هناك اختلافاً في مواقف الدول العربية ذاتها نحو هذه المسألة. بماذا تفسر هذا؟

– أنا لا أعتقد أن الخلاف بين الدول العربية هذا يؤثر في إطار القرار الذي تتخذه جامعة الدول العربية. مثال (على ذلك) في أول أيلول (سبتمبر) كان هناك اجتماع وزاري لـ ١٨ وزير خارجية كانوا موجودين في القاهرة وكان البحث حول موضوع الضربة العسكرية التي يفترض أن الولايات المتحدة كانت تهدد بها. وانتهى الأمر وكانت هناك آراء مختلفة. هناك آراء معها وآراء ضدها ولكن انتهى الأمر بالوصول إلى حل وسط مقبول وهو دعوة الأمم المتحدة لاتخاذ الإجراءات ضد استخدام الأسلحة الكيماوية طبقاً لميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي. فأستطيع أن أقول بكل اطمئنان أن الدول العربية عندما تجلس معاً تجد أن الحل المقبول هو الذي يتم اتخاذه.

> السؤال كان عن معنى الغطاء العربي والضمانات؟

– لا أحد يستطيع أن يعطي ضمانات الآن. ما أقصده هو وبكل صراحة حوالى ربما ما يقرب من نصف الائتلاف السوري معارض للذهاب إلى جنيف، فنحن نرغب أن يكون هناك غطاء عربي بمعنى أن الدول العربية كما ذكرت تحضهم على الذهاب إلى جنيف. هذا هو المقصود.

> ذكرت أن هناك طبعاً اختلافاً بين الذين يعتقدون أنه لا بد من التمسك بالحل العسكري والذين يعتقدون أن الحل السياسي هو الحل الوحيد. أترى من المنطقي الاستمرار في تسليح المعارضة كي تقوي أوراقها كما يقال لدى البعض لا سيما إذا كانت تود الذهاب إلى الديبلوماسية بقوة أكبر على الأرض؟

– أولاً الجامعة العربية ليس لها علاقة بالتسليح وهو أمر لم يذكر مرة في قراراتها، لكن أحب أن أكون واضحاً أن التسليح هذا يتم للطرفين. بعض الدول العربية تجد أن من الواجب عليها أن تساعد المعارضة عسكرياً فهي تعلم في الوقت نفسه أن هناك مساعدات عسكرية كبيرة جداً تصل من روسيا وتصل من إيران. فالكل يتسلح.

> بالنسبة لإيران. هذا سيشكل انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من الميثاق إذا كان ما تقوله صحيحاً.

– نعم عليهم أن يغيروا هذه السياسة. وإذا كنت تريدين أن تقولي أن يقوم طرف بوقف تزويد المعارضة أو النظام بالسلاح فيجب أن يتم للطرفين معاً. وأعتقد أن اجتماعاً كاجتماع جنيف سيتم فيه الاتفاق على هذا.

> أنتم اتخذتم موقفاً كجامعة الدول العربية من المسألة السورية لكني لا أذكر أنكم تحدثتم عن التسليح الإيراني للنظام في دمشق أو عن مشاركة «حزب الله» المعلن في القتال.

– لا، اتخذنا قراراً ضد «حزب الله» بوضوح. واتخذنا قراراً ضد المساعدة للأطراف الأخرى جميعها. اتخذنا قرارات.

> هل اتخذتم قرارات بالنسبة لموضوع تسليح إيران للنظام؟

– انتقدناه وطلبنا أن يتوقف، لا نستطيع أن نفعل أكثر من هذا. إيران ليست طرفاً، ليست عضواً في جامعة الدول العربية فلا نستطيع إلا أن نعبر عن رأينا.

> في حديثكم مثلاً مع جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني. هل تحدثتم عن دور «حزب الله» في سورية؟

– لم أتحدث معه في هذا. أولاً كانت المدة صغيرة جداً ولم أتحدث معه عن «حزب الله» ولكني تكلمت معه عن التدخلات بصفة عامة.

> هو لم يصفها بالتدخلات. ماذا قال؟

– يجب أن يتوقف الجميع عما يقومون به وأن يذهبوا إلى جنيف. كنا نتكلم عن الذهاب. كنت أنظر إلى الأمام وليس إلى الوراء.

> الرئيس أوباما كان واضحاً في التوجه إلى كل من إيران وروسيا من منصة الأمم المتحدة ليقول لهما أن من الأفضل أن يتخليا عن الرئيس الأسد، وتقدم بنوع من التعهدات من جانبه على الأقل ولجهة من يدعم المعارضة، بالحفاظ على مؤسسات الدولة. وبالذات الأقليات. هل تجري هذه المقايضة وراء الكواليس الآن؟

– نعم أعتقد أن التوجه الآن هو أن عدداً كبيراً من الدول بما فيها الولايات المتحدة، ترغب في التغيير ولكن في الوقت نفسه لا ترغب في أن تنهار الدولة وتصبح دولة فاشلة. لذلك الفكرة وراء اجتماع جنيف وتشكيل الهيئة الحكومية في المرحلة الانتقالية، من النظام ومن المعارضة، هو ألا تنهار الدولة وبالذات هناك تخوف من بعض الجماعات المتطرفة أن تكون لها اليد العليا.

> ألا ينهار النظام؟

– لا، الدولة وليس النظام. النظام سيتغير. ننتقل إلى مرحلة انتقالية يعني أن النظام يتغير فوراً.

> ماذا تقصد؟

– نعم، جنيف، عندما يطبق البيان الختامي لمؤتمر جنيف الأول: بدء مرحلة انتقالية يعني أن هناك تغييراً في النظام، فوراً.

> النظام السياسي أم النظام العسكري؟ أيضاً الجيش؟

– لا، النظام السياسي من ناحية، والهيئة الحكومية التي ستتولى في المرحلة الانتقالية تكون ذات صلاحيات كاملة وبالذات، وهناك نص صريح الجميع متفق عليه، أن تكون مسيطرة على الجيش والاستخبارات.

> أتوافق من يقول إن الولايات المتحدة قفزت على العرب في موضوع سورية. بل أن البعض يقول إنها ضللت بعض العرب عندما تحدثت عن ضربة عسكرية وتحدثت عمن سيشارك فيها من العرب ثم اتخذت قرار الإلغاء والتوجه إلى الديبلوماسية مع إيران وروسيا؟

– هذه كلها تكهنات. ليست هناك معلومات أكيدة. كل ما أشعر به أن الولايات المتحدة كانت تعتزم فعلاً أن تقوم بضربة عسكرية. لا شك في ذلك. لكن الفشل الذي حدث في الحكومة البريطانية في أن تحصل على موافقة والموقف الذي اتخذه أعضاء مجلس الشيوخ والنواب لا شك غيّر الموقف. هذا التغيير جاء رغماً عن الحكومة.

> أنت كنت تتحدث قبل قليل عن الخسارة من ناحية النظام في دمشق ولكن في الواقع هناك من يقول أن هناك فشلاً للاستراتيجية العربية في سورية وانتصاراً للاستراتيجية الإيرانية والروسية.

– لكي نكون دقيقين فإن مجلس الأمن هو من فشل في حل الأزمة السورية . جامعة الدول العربية أحالت الأمر على مجلس الأمن في يناير 2012 وهو فشل خلال اكثر من 20 شهراً الأخيرة في حل الأزمة فيما قتل أكثر من 100 ألف إنسان في سورية. جامعة الدول العربية قامت بكل ما تستطيع أن تقوم به طبقا لميثاقها وأكثر. لكن لم تستطع أن تحل الأزمة. في مرحلة معينة تبين بوضوح أنها لا تستطيع أن تحل هذه المشكلة بنفسها. هناك مبادرات قدمت إلى الرئيس الأسد بما فيها بقاؤه لعام 2014 وإجراء إصلاحات سياسية ولكنها رفضت جميعها.

> من رفضها؟

– النظام السوري. أنا قابلته يوم 10 سبتمبر عام 2011 وتحدثت معه في هذه المبادرة ولو أني لم أذكر له كلمة المبادرة لأنها كانت ظهرت في «الشرق الأوسط» وليس «الحياة» صباح ذلك اليوم، على رغم أنه كان يفترض أنها سرية، لكنهم كانوا لا يرغبون في أي تغييرات.

> ولكن بعد ذلك أصرت روسيا وإيران على بقاء الأسد في السلطة إلى حين الانتخابات، وأنتم كنتم تدعون إلى تنحيه.

– تنحيه، وأخذنا قراراً بأننا مستعدون لترتيب خروج آمن له، ومن معه، على غرار ما حدث في اليمن.

> لكن فات الأوان على ذلك؟

– هو رفض منذ البداية، هو رفض. ماذا يعني فات الأوان؟ هو رفض.

> إذن أنتم فشلتم في مسعاكم. نجح المشروع الروسي – الإيراني وفشل المشروع العربي؟

– لا مشروع روسي ولا مشروع إيراني. هو إصرار الحكومة السورية على البقاء في السلطة على رغم بقاء النظام الحالي في السلطة في سورية، وها هم حصل عندهم مقتل ١٠٠ ألف، هذا خطأ تاريخي كبير جداً سيذكره التاريخ.

> أنت شخصياً، وضعك مع سورية تدهور طبعاً.

– هم قطعوا العلاقة بي، أنا أعترف بهذا. بعد سحب المراقبين استمرت اتصالات خفيفة بيني وبين وزير الخارجية وليد المعلم ثم انقطعت. قابلته بعد ذلك في إيران وتعانقنا وقلت له لا بد أن يكون هناك علاقة فأجاب بنعم واتصلت به تلفونياً مرة أو مرتين وتحدثنا ثم لم يعد يأخذ مكالماتنا، لم تعد هناك علاقة بيننا وبينه. لأنه بعد تجميد مشاركة سورية في الجامعة العربية، هم يقولون إن الجامعة العربية ليست جامعة عربية من دون سورية.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى