صفحات العالم

هل بدأ البحث الجدي بإخراج الاسد من السلطة؟/ سامر شمس الدين

 

خرج مؤتمرا جنيف 1 و2 بثابتة واحدة، وإن اختلفت تسميتها، وهي المرحلة الإنتقالية؛ أي تشكيل هيئة حكم إنتقالية تمهد لوضع دستور جديد للبلاد، وبالتالي تنحية رئيس النظام السوري بشار الأسد عن الحكم. وفي ضوء الوقائع الميدانية على الأرض، ورغم معارك الكر والفر، فإن ما يسيطر عليه النظام لا يشكل أكثر من 40 في المئة، من الأراضي السورية.

لماذا عاد الحديث عن “جنيف 3″، في حين لم يتبدد بعد التخبط الدولي في التعاطي مع الأزمة السورية، ولا الإرتباك الذي يعانيه الإئتلاف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، في كل من سوريا والعراق. فالولايات المتحدة الأميركية أعادت تقييم نتائج الضربات الجوية التي تنفذها ضد تنظيم الدولة، حين لم تؤت ثمارها المرجوة. وفي موقف متجدد، أعاد الرئيس الأميركي باراك أوباما، التأكيد على أنه لا مكان لبشار الأسد في الحكم السوري مستقبلاً. ذهب أوباما أكثر من ذلك، حين قال “إن تنحية الأسد هي شرط أساسي للقضاء على داعش”. ويعتبر هذا، وللمرة الأولى، أكثر تصريح وضوحاً من الرئيس الأميركي. ورغم ذلك فهذا لا يعني أن واشنطن ستوجه ضربات عسكرية ضد النظام السوري. بل يشير الكلام إلى ضرورة البدء ببحث جدّي، دولياً وإقليمياً، لإيجاد مخرج للأزمة السورية، بوابته إخراج الأسد من السلطة. وذلك من أجل تهيئة أرضية خصبة لمواجهة التنظيم “الإرهابي” الآخذ بالتمدد والتوسع، مستفيداً من إجرام النظام، وانعدام أي رؤية معارضة جدية له.

في قراءة لمجريات الوقائع الميدانية، في الجنوب السوري، وتحديداً في درعا، يمكن التقاط بعض الإشارات، التي يمكن ربطها بمواقف إقليمية، قد تؤدي في ما بعد إلى الإطاحة بالأسد. ففي هذه المحافظة، التي انطلقت منها شرارة الثورة السورية، ما زالت القوى المعارضة المسيطرة على الأرض، هي القوى المعتدلة “الجيش الحر”، الذي يبسط سيطرته شبه الكاملة على المحافظة القريبة من دمشق. وتوحي المعارك التي خاضها الجيش الحر في السابق، إلى أن هناك عملية قضم بطيء وممنهج، بدعم دولي عبر الأردن، قد يتوج بتسجيل انتصارات أكبر وأوسع، حين تنضج الظروف السياسية الدولية.

في السياسة، وربطاً بأحداث الجنوب السوري، يبرز موقف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي قال إن واشنطن تسعى إلى إسقاط الأسد ونظامه بشكل سرّي. يكشف كلام لافروف بعض المداولات الدولية، التي تقودها واشنطن حول سوريا، ويجوز ربطه بالتطورات العسكرية في درعا. وبالتأكيد، لا يمكن فصل هذا الكلام عن كل التطورات الدولية، إن كان لجهة الأزمة الأوكرانية وتداعياتها في عزل موسكو، والمرتبطة بالحرب النفطية ضد روسيا، ولا لجهة مفاوضات الملف النووي الإيراني، رغم التأكيد الدولي على عدم ربط هذه الملفات في المفاوضات.

ربما أصبحت روسيا على اقتناع بوجوب تنحية الأسد. قد يكون ذلك مدخلاً لفك عزلتها، ومقدمة للبدء بحوار جدي لخروجها من المستنقع الأوكراني وتداعياته. يُشير زوار روسيا مؤخراً، إلى أن الإدارة الروسية أصبحت أكثر من مقتنعة بضرورة إنهاء حكم الأسد، مع الحفاظ على إمتيازاتها في سوريا. من هنا يأتي استقبال روسيا للمعارض السوري البارز أحمد معاذ الخطيب، وهي تستعد لجمع أطراف أخرى من المعارضة السورية. وهذا لا ينفصل عن التقارب السعودي-الروسي، حول الموقف من مكافحة “الإرهاب”، ولا عن التقارب التركي-الأميركي حول الوضع السوري، بعد تباعد كبير في وجهات النظر. حيث يأتي لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنائب الرئيس الأميركي جو بايدن، ليؤكد التطابق في وجهات النظر حول الوضع السوري، ما يعني رفض الأسد في السلطة، ودعم المعارضة المعتدلة.

بعد إعادة التقييم الأميركي للخطوات الجديدة في الشرق الأوسط، تبرز ثابتة واحدة في سوريا، كانت قد سبقتها أخرى مثيلة لها في العراق؛ وجود قناعة أميركية بأن المقدمة لبدء محاصرة تنظيم الدولة، هي إسقاط الأسد، وتشكيل هيئة حكم جديدة يحظى فيها السنّة بدور بارز وصلاحيات جدية، تعيدهم إلى صفوف الدولة، وتضعهم في ركب التحالف في الحرب على التنظيم. فلا يمكن محاصرة التنظيم، قبل اسقاط الأسد، وهذا ما بدأ الإعداد له دولياً وإقليمياً، وحين تتبلور بنود الإتفاق التي ستشكل المخرج لهذه الأزمة المستعصية منذ سنوات، ستدرج على طاولة المؤتمر الذي سيشترك بعقده وإنجاحه، كل من واشنطن وموسكو وطهران.

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى