صفحات الثقافة

يحصل في سورية/ كنده يوسف

 

 

يفترض أن تفجيراً ضخماً أصاب تمثال الحرية، وأن مخيماً نُصب أمام مبنى الأمم المتحدة وأن قصفاً لطائرات امتد على طول شارع البرلمان الإنجليزي، تفقد رموز البلاد تميزها السياحي، وتصبح منصة عرض حرب متخيلة تحدث في هذه الأماكن، ليختتم الصورة بمقولة مكررة في جميع الأعمال المنشورة “إن كان هذا لا يحدث في مدينتك فلا يعني أنه لا يحدث، فكروا في سورية”.

ليس الهدف وراء الأعمال المنشورة إخافة المُشاهد، ولكن ربطه بما يحدث خارج محيطه ومدينته، وليفكر للحظة واحدة أن ما يحصل في أطراف العالم هو قابل للحدوث بالقرب منه.

“لا أريد أن يتعاطف الناس مع أعمالي لأنهم يعرفونني، لا أريد لأعمالي أن تكون لها أبعاد متعلقة بجنسيتي أو ديانتي أو أي شيء آخر، أريد أن تكون الأعمال مستقلة بشكل كامل من العناصر السابقة، أن تكون كأشخاص ولكن دون جنسية، دون أحكام مسبقة عنها، ما يهم فقط هو ما الذي تحتويه وتفعله”، يقول داالي، الفنان الذي يقف خلف هذا العمل الفني.

داالي، الاسم يعبر عن سوريالية الحرب، والألف الزائدة هي الحرف الأول من اسم الفنان الحقيقي، ولكن حتى اللحظة صاحب فكرة داالي يرفض الإفصاح عن هويته، يقول إنه ولد يوم أنشأ الصفحة في أغسطس/آب 2015، وهو مختص بالتصميم الغرافيكي، وإنه لا ينتمي لرقعة جعرافية محددة، هو مجهول العنوان ومكان الإقامة ولا يسعى للشهرة ولا يهم أن يظهر اسمه الشخصي أو يُعرف وجهه، فلتكن الشهرة من نصيب رسائل يرغب في إيصالها عن طريق أعماله الفنية، وليكن استحضار الحرب ونقلها لتراها عيون لم تشهدها في مناطق مختلفة من العالم الهدف وراء وجود داالي.

مع تعدد الأعمال الفنية التي تستحضر الحرب إلا أن صفحة داالي من الصفحات القليلة مجهولة الهوية، فصاحب اللوحة يعتبر أن الإفصاح عن هوية الفنان لربما ستشتت المُشاهد في الحكم على العمل والتأثر به، فعندما ينشر أحدهم على صفحات التواصل عملاً ما، ستنهال إعجابات من يعرفونه بغض النظر عن سوية ومدى تأثير العمل الفني، بعضهم سيدعمه لمرجعية دينية أو جغرافية او سياسية ما، وهذا ما يعتبره داالي سبباً وجيهاً لعدم الإفصاح عن نفسه، ولكن ترك المنصة للعمل.

بعض الأعمال تخضع لتأثير ظروف آنيه وبعضها الآخر يكون ضمن حملة، فيتم تحديد موضوع الحملة وفكرتها ومن ثم البحث في جوانبها المتعددة السياسية والدينية وأبعادها الثقافية، ليتم تنفيذ الأعمال النهائية بالهوية البصرية الأنسب، لتكون قريبة من كل مشاهد، دون تكلف أو فوقية ببساطة وسلاسة، بطريقة فنية واضحة ومُتقنة، وأما جل التركيز الحالي فهو على الحرب السورية، لأنه وحسب داالي فما يحصل في سورية مأساة حقيقية يتجاهلها كثيرون ويتابعونها على شاشات التلفاز كفيلم لا كواقع، من هنا نبعت الفكرة بخلق أعمال فنية تحاكي الواقع وتتجاوزه أحياناً.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى