صفحات الناس

داعش .. أغنى تنظيم إرهابي في العالم/ ألين حلاق

 

 

على مدى السنوات الماضية مئات من التفجيرات نفذها تنظيم داعش سواء في سوريا أو العراق أو لبنان، وآخرها تفجيرات برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية وهجمات باريس الدامية، وعلى مدى سنوات أيضا تزداد قدرة التنظيم وتسلحه عسكرياً، ويرتفع عدد المنتمين اليه من مختلف أنحاء العالم، كما ترتفع نسبة عملياته وتتسع دائرة أهدافه حتى بات يهدد القارة الأوروبية ومعها واشنطن في عقر دارهما، وكل ذلك يرتب على التنظيم نفقات إضافية ويطرح في الوقت عينه العديد من التساؤلات حول مصادر تمويله.

وبالرغم من عدم القدرة على تحديد دقيق لمداخيل داعش ونفقاته، الا أن العديد من الدراسات تؤكد أن التنظيم يحتاج سنويا الى ما يقل عن ملياري دولار لتمويل عملياته ودفع رواتب مقاتليه التي تصل الى 360 مليون دولار وتزداد بإزدياد أعداد الزوجات والأطفال، ومنها تقرير مصور للقناة الرابعة البريطانية صدر في تشرين الاول من العام 2015 وتطرق الى ايرادات ونفقات داعش.

أما من اين لك هذا؟ فمصادر دخل التنظيم متعددة، ويقول تقرير المركز الأوروبي لدراسة وتحليل الإرهاب لعام 2015 أن حجم الثروة الكامنة في مساحة الأرض التي يحتلها التنظيم في سوريا والعراق تقدر بـ2200 مليار دولار في العام 2015، مقابل 2000 مليار دولار في 2014، لما فيها من آبار النفط والغاز أو المناجم، أو الحقول والجسور والطرقات والبنية الأساسية والمطارات والغابات والبحيرات وغيرها من الموارد التي سيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق، إضافة إلى قيمة العقارات المنقولة والثابتة والضرائب التي كانت تُفرض عليها وتجد طريقها في السابق إلى الخزينتين السورية والعراقية، قبل سيطرة داعش.

أما أبرز مداخيله فتلك المتأتية من النفط، وقد قدّرت وزارة الخزانة الأميركية أنه في عام 2014 كان تنظيم داعش يربح ما يصل الى 100 مليون في الأسبوع من بيع النفط الخام والمكرر لوسطاء محليين، يقومون بدورهم بتهريبه إلى تركيا وإيران أو يبيعونه إلى الحكومة السورية. ففي المنطقة المحيطة بالرقة وحدها يقوم داعش بإستخراج 30 ألف برميل يوميا، وهذه الكمية قليلة مقارنة مع 300 ألف برميل كانت تستخرجها حكومة النظام السوري، ومع ذلك توفر للتنظيم مصدرا للدخل لا بأس به. وبعد سيطرته في 2014 على أعداد أكبر وأهم من آبار النفط والغاز في سوريا خصوصا، وإحكام قبضته على 80% من الثروات النفطية السورية و10% من آبار النفط العراقية، إنتعشت مداخيل التنظيم المالية، على الرغم من ان هذا الإنتعاش لم يدم طويلا بسبب الضربات الجوية للتحالف.

منابع تمويل داعش تعتمد بالدرجة الثانية على بيع الآثار المسروقة، وهو ما اكدته منظمة الاونيسكو وأوضحت ان داعش يتاجر بالفن والآثار لتمويل عملياته، وفي عمليات البيع هنا تدخل دولٌ ومافيات.

أما المصدر الثالث لميزانية داعش فتتمثل بالابتزاز و الضريبة أو الخوة بإسم ” الدولة”. و يقوم في الرقة بتنظيم المجالس الشرعية التي تجمع الزكاة، وفرض الجزية على المسيحيين، وكذلك الأمر في كل المناطق التي يسيطر عليها، وتعتبر نقاط التفتيش والحواجز على الحدود بين العراق وسوريا المصدر الآخر للدخل. وأوضح تقريرالمركز الأوروبي لدراسة وتحليل الإرهاب أن الضرائب تشمل اقتطاع 50% من رواتب الموظفين الحكوميين الذين يبلغ عددهم 60 ألفاً في الموصل، والذين يتقاضون رواتبهم من بغداد، الأمر الذي يسمح للتنظيم بالحصول على ما بين 500 و 600 ألف دولار سنوياً.

وبشكل عام أصبح التنظيم يعتمد بدرجة أساسية على “الضرائب” وانتزاع الأموال والابتزاز التي أصبحت مورد الدخل الأول حسب التقرير بعد أن قفزت من 350 مليون دولار في 2014 إلى 1 مليار دولار في 2015. وإضافة الى الابتزاز و الخوات لداعش مصدر أخر ايضا لا يقل أهمية عن غيره وهو الخطف، وقد حصل التنظيم على أكثر من 20 مليون دولار عام 2014 هي عبارة عن مبالغ فدية. وتأتي كذلك عملية الإتجار بالبشر في مرتبة متقدمة ومن خلالها يجمع التنظيم الملايين من الدولارات ولعل قضية نساء الايزيديات من أبرز الأمثلة على ذلك. وتقدر دراسة للأمم المتحدة صدرت في آب 2015 متوسط أسعار الرقيق في أسواق داعش، ويبلغ السعر 150 يورو (180 دولار) للأطفال بين 1 و 9 سنوات من الذكور كما الإناث، و110 يورو (132 دولار) للمراهقة، و70 يورو (84 دولار) للنساء بين 20 و30 سنة. ومن أبرز مجالات التمويل لداعش أيضا تجارة القطن. و يُسيطر التنظيم على 90% من حقول إنتاجه في سوريا وتهريبه إلى تركيا أساساً، التي تعد أكبر سوق للتنظيم، ويُشير التقرير إلى أن 1 من أصل 5 قمصان قطنية مصنوعة في تركيا، مصدرها داعش، ومن تركيا تتسرب هذه القمصان إلى أوروبا والعالم، لتوفر للتنظيم موارد في حدود 100 مليون دولار سنويا.

في تشرين الاول 2015 نشر موقع “جهادلوجي” وهو موقع متخصص في متابعة ورصد الحركات المتطرفة وفي مقدمتها تنظيم داعش، جانباً من الطرق المعتمدة من قبل التنظيم في الحصول على الموارد المالية، بالاعتماد على “تقرير” مُحاسبي مُفصل يوضح كيفية تحصيل الأموال وتوزيعها في محافظة دير الزور السورية التي يسميها التنظيم ولاية الخير، ما يكشف حجم الموارد الداخلية الهائلة المتاحة للتنظيم، ويتبين أن هذه الإيرادات تتأتى من النفط والغاز بنسبة 27.7% ثم الكهرباء بـ3.9% والضرائب المختلفة بـ23.7% والمصادرات للأملاك والعقارات بنسبة 44.7%، والتي تشمل المصادرة أيضاً للمواد الغذائية والممنوعات مثل الخمور والسجائر والبضائع على الطرقات أو عند التفتيش. وفي المقابل تتوزع مصاريف التنظيم في دورالزور على أجور المقاتلين بـ43.6% تليها النفقات على المعسكرات بـ19% .ثم نفقات شرطة التنظيم بـ10.4%، فمصاريف ديوان الخدمات بـ17.7% دون تحديد نوع الخدمات التي يوفرها هذا الديوان، ونفقات بيت المال بـ5.7% تُنفق على المساعدات، وأخيراً يحظى الإعلام بدعم مالي بـ2.8%. وبالرغم من إعلان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ان أكثر من 40 دولة في العالم تمّول داعش إلا أن مصادره المتنوعة تشكل رافدا أساسيا للإستمرارية المالية لهذا التنظيم الذي تبين أنه أغنى تنظيم إرهابي في العالم.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى