صفحات العالم

بعد سوريا أي بلد سيكون التالي؟


يوسف كانلي

تشير التقارير المتضاربة من سوريا وعنها أن الفصل السوري في ما يُعرَف بالربيع العربي – أم بالأحرى “مشروع الشرق الأوسط الأكبر وشمال أفريقيا”؟ – يقترب أيضاً من النهاية. وما بدأ في ليبيا أو مصر أو تونس مع انتهاء “الربيع” قد يبدأ قريباً في سوريا أيضاً.

عبّر باراك أوباما، الرئيس الأميركي الذي أثبت أنه “بوش الأسود”، وقد يكون أسوأ من بوش الأبيض، عن ثنائه على المقاتلين المسلمين من أجل الديموقراطية في الشرق الأوسط وأماكن أخرى. لقد ذكّرني، وربما ذكّر كثراً سواي، بمسلسل “رامبو”: القتال يداً بيد مع حركة “طالبان” الإسلامية وميليشيات إسلامية أخرى ضد المحتلّين السوفيات الكفّار في أفغانستان. سقط الاتحاد السوفياتي منذ وقت طويل، ويقاتل الأميركيون الآن “طالبان” وتنظيم “القاعدة” ومجموعات ميليشيوية إسلامية أخرى في أفغانستان في حرب بدأت تتحوّل حرب فيتنام ثانية.

بالأمس كانت هناك “سياسة الحزام الأخضر” التي وضعها الخبير الاستراتيجي العظيم زبيغنيو بريجنسكي، والتي كان الهدف منها احتواء الشيوعيين المتقدّمين والوقوف في وجههم. أما اليوم فيتبنّى كثرٌ مشروعاً رديئاً يُعرَف بـ”مشروع الشرق الأوسط الأكبر وشمال أفريقيا”. لا يزال ملتبساً. يقول البعض إن هدفه هو تغيير الخريطة السياسية وإنشاء منطقة أكثر أماناً للدولة اليهودية؛ ويزعم البعض الآخر أن المشروع يهدف إلى تدجين المسلمين المتصلّبين وجعلهم يتبنّون إسلاماً أكثر اعتدالاً، مما يتيح نوعاً من الحكم الديموقراطي، بفضل رجل دين مسلم ودود يعيش الآن في بنسلفانيا. قد تكون تلك الأهداف صحيحة، لكن من الواضح أن الهدف الحقيقي للمشروع هو تحويل هذه المنطقة الشاسعة سوقاً مفتوحة واستغلال مواردها الطبيعية الوافرة. هذا ما يجب رؤيته بعد نزع القناع الذي يدّعي أن الهدف هو إحلال الديموقراطية في تلك البلدان التي تعاني تحت وطأة الأنظمة الديكتاتورية والقمعية.

احزروا من يشارك في رئاسة المشروع الذي بدأ تطبيقه منذ وقت طويل عبر استغلال المتاعب الحكومية، والفقر، والقمع، والانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان؟ إنها تركيا حيث يُزَجّ منتقدو الحكومة الإسلامية في السجون جسدياً، أو تُسجَن عقولهم فلا يعودون يجرؤون على الكلام أو الكتابة. ومن يموّله؟ السعوديون والقطريون. فهل هم أكثر ديموقراطية من سوريا مثلاً؟

في أجزاء من المنطقة، أصبحت مجموعات مدنية معارضة كانت غير منظّمة وغير مسلّحة في السابق، مدجّجة بالسلاح وتنظّمت قدر الإمكان؛ وساعدها “مستشارون” على تطوير استراتيجيات، وبدأت “تتمرّد” على الأنظمة القمعية. وفي أجزاء أخرى من المنطقة، ساعدت البلدان المجاورة ومنظّمات إقليمية، بموافقة دولية، على إسكات الأشخاص الذين يطالبون بحقوقهم، بحدّ السلاح أو بترهيب من جحافل الدبابات.

العملية مستمرّة: في يوم من أيام كانون الأول 2010، حوّل محمد البوعزيزي جسده شعلة أعلنت “قدوم الربيع”. غرقت تونس في فوضى غير مسبوقة، وانهار نظام زين العابدين بن علي في غضون أيام بعد 23 عاماً في الحكم. ثم تزعزع الاستقرار أكثر فأكثر في العراق، وأصبح العقيد الليبي معمر القذافي من التاريخ، وأطيح حسني مبارك في مصر، ويبدو الآن أن بشار الأسد في سوريا في طريقه إلى الرحيل.

أي بلد سيكون التالي؟ السعودية؟ تركيا؟ دور من الآن؟

“حريت” التركية

ترجمة نسرين ناضر

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى