صفحات العالم

الأرقام المقدّرة للناخبين لن تتجاوز 5 ملايين أي انتخابات في سوريا ولو استمر النظام؟/ روزانا بومنصف

أبدى مسؤولون في “حزب الله” في الآونة الاخيرة تأكيدات لاعادة انتخاب الرئيس السوري بشار الاسد على نحو جازم لا ينسحب بالمقدار نفسه على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان او تحديد الاتجاهات كما فعلوا بالنسبة الى اعلان فوز الرئيس السوري بولاية جديدة واستبقوا من خلال هذه التأكيدات إعلان الاسد نفسه ترشحه لهذه الانتخابات ولو ان الامر يبدو محسوما . ويدخل ذلك بحسب مصادر ديبلوماسية متابعة في اطار تسجيل المكاسب السياسية للحزب في موازاة تقارير اعلامية ومواقف تؤكد عبور النظام حال الخطر كما اعلن الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في سعي الى توظيف هذه المكاسب داخليا في لبنان وإزاء ما يعتبره الحزب حربا من دول اقليمية وخارجية على النظام . ومن المرجح بالنسبة الى هذه المصادر ان حسم الانتخابات السورية يتقدم من حيث الاهمية وهي تسبق الانتخابات الرئاسية اللبنانية التي ستتأخر وفق ما يرتقب الى ما بعد الانتخابات السورية بحسب تقديرات سياسية وديبلوماسية. علما ان هذه المصادر لم تستبعد ان تكون التصريحات الاستباقية من جانب الحزب في اطار ايحاء ايران باستعدادات لديها للمساومة اذا كان من استعدادات اميركية او اقليمية من اجل بازار تتطلع ايران لان تبدأ به على الصعيد السوري وفقا لما فهم من مؤشرات اطلقها مسؤولوها في هذا الاطار وبعضها انطلاقا من دول عربية . فهذه المواقف اطلقت جميعها قبل ان يعلن الاسد ترشحه في مؤشر تبني المصادر على انه كمن يوحي بانه ينتظر اشارة ما قبل المضي قدما . فيما يقول سياسيون في لبنان ان الحزب اكد ما هو ثابت في ظل ما هو معروف عن الفشل الدولي في التعاطي مع الوضع السوري ولم يقل جديدا ، لكنه رغب في توظيف التسليم الدولي ببقاء الاسد ولو على نحو غير شرعي من اجل ان يوجه رسالة ان بقاء الاسد لولاية جديدة هي على طريق تثبيت هذه الشرعية لاحقا بعدما ساهم الحزب في انقاذه من الانهيار وأمّن استمراره في السلطة خلال العامين الماضيين اللذين تعرض فيهما لخطر وجودي حقيقي .

في حسابات الامم المتحدة عن الوضع السوري للسنة 2014 – 2015 ان عدد الشعب السوري يبلغ 22 مليونا ونصف مليون تقريبا . وقبل اشهر من الاعداد لانتخابات رئاسية ضبط النظام معاييرها دستوريا وقانونا من اجل تأمين اعادة انتخاب الرئيس الاسد وحده فيما تولى اركان في “حزب الله” الاعلان عن الفوز المحسوم له بولاية جديدة ، تفيد تقارير الامم المتحدة ان عدد الشعب ما تحت سن الانتخاب والتي هي 18 سنة يبلغ قرابة 9,6 ملايين ما يعني ان هناك 12 مليونا يستطيعون الانتخاب. واذا اخذت في الاعتبار اعداد المهجرين في الخارج والتي تتجاوز الـ 3 ملايين موزعين على دول الجوار من المسجلين وغير المسجلين حتى لو استثنى منهم الاولاد فان عدد من يتبقى من 12 مليوناً هو 9 ملايين، وتقول الامم المتحدة ان 4,250 الفاً منهم هم مهجّرون داخل سوريا مما يعني تعذر وصولهم الى مراكز الاقتراع بسبب الحرب او تدمير القرى والمدن فلا يستطيعون التصويت على الارجح . يبقى نحو خمسة ملايين في أحسن الاحوال. علما ان هناك ما بين مليون ومليوني سوري يعملون في الخارج وسيكون غريباً ان يستطيع هؤلاء التصويت خارج سوريا في قنصليات او سفارات غالبها لم يعد عاملا مما يجعل الحد الاقصى للناخبين لا يتخطى الـ 5 ملايين في احسن الاحوال اي بما لا يزيد عن 20 في المئة من 12 مليونا يستطيعون التصويت اصلا في حال التسليم جدلا بان كل الناخبين المؤهلين الموجودين في مناطق سيطرة النظام سيشاركون في عملية الانتخاب في حين ان الحسابات الدقيقة الفعلية لن تؤكد ذلك في مطلق الاحوال نظرا لعدد الضحايا الكبير من جهة ولوجود معتقلين ومخفيين باعداد هائلة ايضا .

اي انتخابات رئاسية في سوريا ستكون إذاً؟

هذه الاشكالية التقنية في انتخابات الرئاسة السورية تشكل مبدئيا عصب الموقف الغربي من لا شرعية هذه الانتخابات كيفما جرت وتحت اي عنوان . وهو واقع، تقول المصادر الديبلوماسية المعنية، تدركه جميع الدول وحتى كل من روسيا وايران الداعمين الرئيسيين للنظام انطلاقا من المعطيات الميدانية المتوافرة التي تعيها موسكو وطهران اكثر من سواهما . الا انه يسري على نطاق واسع نقلا عن مراكز ومراجع في دول مؤثرة ان ثمة تلاقيا موضوعيا دوليا واقليميا حتى من الدول التي طالبت الاسد بالتنحي فيما هي تستمر واثقة من عدم قدرته على اعادة السيطرة على سوريا ، على ان يقوم بما يقوم به اي اعادة تأمين انتخابه في فترة الوقت الضائع في العلاقات الدولية وعدم التوافق حول المرحلة المقبلة . ومع ان هذه الدول لن تجاهر بذلك لا بل ستوسم الانتخابات ايا تكن النسبة التي سيعلن النظام عنها بأنها لا شرعية وفقا للتفاصيل المذكورة من جهة ولمسؤولية النظام قانونا على الاقل عن الضحايا الذين سقطوا في سوريا ، فان الوضع السوري سيشهد حالا من الاستنقاع والمراوحة حتى يتم التوصل الى حل . لكن المسألة قد لا يطرحها النظام بهذا الشكل باعتبار انه سيوظف العجز وعلى الارجح عدم الرغبة الغربية بافتعال مشكلة او منع اعادة انتخابه من اجل الاستفادة في وجه معارضيه كما رفع مسؤولو ” حزب الله” التحدي على هذا الصعيد .

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى