صفحات الثقافة

المؤسسة العامة للسينما: تصفية (الرأي) الآخر؟


فصل ثلاثة مخرجين سوريين معارضين

أسامة محمد، نضال حسن، ونضال الدبس ثلاثة سينمائيين اشتهروا بوقوفهم إلى جانب الحراك الشعبي، ومناهضتهم للنظام، فكان مصيرهم الفصل من الصرح الثقافي الرسمي بدعاوى شتّى

أنس زرزر

دمشق | تعدّ المؤسسة العامة للسينما إحدى أكثر الدوائر الثقافية في سوريا التي تشهد سجالات وخلافات، تلخص إلى حد ما، علاقة المؤسسة الثقافية الرسمية بصناع الفن السابع. هؤلاء يتهمون أصحاب القرار في مؤسستهم، على رأسهم مديرها العام محمد الأحمد «بالفساد والمحسوبيات، وإعطاء الفرص والمنح لبعض الأصدقاء والمقربين دون غيرهم». وكل عام، تبلغ الخلافات ذروتها مع اقتراب «مهرجان دمشق السينمائي» الذي غاب هذا العام بسبب الأحداث الدامية.

آخر فصول مهاترات المؤسسة أثارها قرار فصل المخرجين أسامة محمد، نضال الدبس، ونضال حسن. أحدث القرار ردود فعل في الوسط، باعتبار المخرجين الثلاثة وقفوا إلى جانب الحراك الشعبي، وأعلنوا مناهضتهم للنظام، ولممارسات أجهزته الأمنية. يومها، وقف أسامة محمد في مهرجانات سينمائية عالمية، حاملاً صور شباب مثقفين سوريين، اعتقلوا في أقبية الأمن، كما اعتقل نضال حسن في تظاهرة المثقفين الشهيرة في دمشق، وقدم للمحاكمة بتهم مختلفة.

للاستفسار عن قرار الفصل، اتصلت «الأخبار» بالمدير العام للمؤسسة محمد الأحمد، الذي أكد «أنّ القرار إجراء قانوني، جاء تنفيذاً لأحد بنود قانون العاملين الموحد، الذي يقرّ فصل الموظف في حال تغيبه أكثر من 15 يوماً عن الدوام الرسمي من دون تقديم عذر». وأضاف إنّ القرار جاء تنفيذاً لتوصية من رئاسة مجلس الوزراء بعد مراسلات طويلة. وتوقع أيضاً أن يثير القرار الاستهجان في الأوساط التي اعتبر أنّها تكنّ العداء للمؤسسة: «لقد تعودنا ردات فعل مماثلة، لكن عليهم أن يعرفوا أنه لا أحد فوق القانون». وبالفعل، انتشرت ردود الفعل على فايسبوك. تناقل روّاد الموقع الأزرق تعليقات وصوراً، ظهر فيها الأحمد برفقة مخرجين مقربين منه في تشكيلات تبدو كأنها ملصقات دعائية لأفلام من بطولة الأحمد ورفاقه، حملت أسماءً تهكمية ساخرة.

على صفحات الفايسبوك نفسها، تواصلنا مع أسامة محمد المقيم في باريس منذ بداية الأحداث. قال «إذا قال لك (الأحمد) إنّ قرار الفصل صادر عن مجلس الوزراء فهو «كَذَّاب» وفقاً لأغنية ابراهيم القاشوش الشهيرة، وإذا قال لك إن السبب تغيبٌ عن الدوام، فهو «كذّاب» وفقَ الأغنيّة نفسها». وأكّد السينمائي السوري أنّ القوانين الناظمة لعمل الفنانين في سوريا تعفيهم من الدوام «بدلاً من ذلك، يطالب القانون بحجم عمل سنوي. لذا، فقرار الفصل سياسي أمني». واعتبر صاحب «نجوم النهار» أنّ فصله مع اثنين من السينمائيين المعارضين «بداية لعملية تطهير ثقافي للرأي الآخر، وقوننة القتل والاعتقال والتعذيب». بدوره، أكد المخرج الشاب نضال حسن في اتصال مع «الأخبار» أنّ قرار فصله مع زميليه «وقّعه محمد الأحمد بنفسه كمدير عام للمؤسسة، وهذا ما يعتبر مخالفة قانونية صريحة لمرسوم رئاسي صادر عام 1973 يعفي الفنانين من الدوام الرسمي، ما لم يتم تكليف الفنان بعمل اداري يستوجب حضوره اليومي». وشرح صاحب «جبال الصوان» وجود مخالفة قانونية ثانية تضمنها القرار: «لا يحق لمحمد الأحمد توقيع قرار بفصلي، فالأمر منوط برئيس مجلس الوزراء باعتباري موظفاً من الفئة الأولى، وهذا مخالف للمرسوم الذي صدر عن الرئيس بشار الأسد عام 2001».

تضامن «فايسبوكي»

على صفحاتهم في فايسبوك، تناول عدد من المثقفين السوريين قضية «المفصولين» من المؤسسة العامة للسينما. من بين هؤلاء الكاتب ياسين الحاج صالح الذي علّق على بيان أسامة محمد التضامني مع زملائه المخرجين، بالقول: «أسامة محمد جميعه يترك مؤسسة السينما وحدها». من جهتها، كتبت الشاعرة والمخرجة هالا محمد على صفحتها: «فصلوا أسامة من مؤسسة السينما. من فصله؟ ولمن هي المؤسسة؟ أليست للدولة السورية؟». أما الممثل فارس حلو فكتب: «لتسقط سينما البعث الكاذبة… تلك السينما التي تختبئ بالمحظورات السياسية والاجتماعية المتخلفة، ولتحيَ سينما الحرية… تحيا السينما».

الأخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى