صفحات العالم

هل بدأ تفكك النظام السوري؟


الياس خوري

مكابرة النظام السوري الدموية وصلت الى نهايتها في حلب. اجمل مدن الكون واكثرها عراقة تقصف بطائرات الميغ الحربية. كأن بشار الأسد ولفيفه من القتلة والسفاحين يعتقدون انهم يستطيعون تدمير كل سورية وتحويلها الى مقبرة. وبذا يصير النظام حارسا للقبور وحاكما على الأشباح الهائمة.

لم يتعظ ابن ‘السلطة الابدية’ لما جرى لأقرانه من المستبدين العرب، بل اعتقد واهما ان الدعم الخارجي سوف يعطيه يدا حرة ومطلقة من اجل تدمير سورية.

كل مدن سورية ثائرة، والجيش النظامي ينتشر على مساحة البلاد كلها، القصف يمتد من دمشق الى درعا، ومن دير الزور الى حمص، ومن حلب الى حماه وحمص واللاذقية.

ومع ذلك استطاع الجدار العسكري الأصم ان يصمد في دفاعه عن الرئيس الديكتاتور والسلالة الحاكمة، ورغم كل الانشقاقات في صفوف جنود الجيش السوري، وخصوصا في صفوف الضباط، فان آل الأسد لم يبالوا، واستمروا في لعبة البقاء الدموي في السلطة.

لكن امس حدثت احدى المفاجاءات الكبرى، رئيس الحكومة رياض حجاب هرب الى الأردن، ويقال انه انشق مع ثلاثة وزراء، اعتقل منهم وزير المالية قبل ان يستطيع الهرب الى الاردن.

ماذا بقي من السلطة ايها الديكتاتور؟

بلد بلا حكومة، وبرلمان لا شرعي، وقضاء بلا معنى، واعلام كاذب.

السلطة تتفكك حجرا حجرا، ولم يعد من الممكن الاستمرار في اللعبة.

لا ادري ماذا سيقول لافروف لسيده بوتين، كي يلخص له بؤس حالة النظام الذي يبهدل السلاح الروسي، محولا روسيا الى عدو للسوريين والعرب اجمعين؟

لكن بعد تداعي الحكومة باتت المسألة في ملعب واحد.

انها لحظة الحقيقة بالنسبة للجيش السوري النظامي، على قيادات الجيش ان تختار بين النظام والوطن.

فالسياسة الرعناء التي تتبعها السلالة الحاكمة لن تقود سوى الى خراب سورية. فالنظام الأرعن الذي فتح جميع ابواب التدخل الخارجي، الروسي- الايراني، كان عليه ان يتوقع تدخلا موازيا من اطراف أخرى، وبذا فهو يقود سورية الى الخراب والدمار، فيما يحفر قبره بيديه.

انها لحظة الحقيقة بالنسبة للجيش الذي دُمرت سمعته وجرى تلويثه بدماء الأبرياء، فالمخرج الوحيد من الحرب المفتوحة، التي قد تكون كوكتيلا من مساويء كل الحروب الأهلية، لأنها سوف تدمج طائفية حرب لبنان بهمجية التطهير العرقي الصربي، بوحشية استباحة المدنيين على الطريقة العراقية، المخرج هو انشقاق قوى وازنة من الجيش النظامي وائتلافها مع الجيش الحر من اجل تشكيل قوة تحمي الثورة والمجتمع والدولة، وتعلن نهاية الحقبة الأسدية السوداء.

لا ادري اذا كان ما اقوله مجرد امنية، فالكلمات التي نكتبها الآن في سباق مع الاحداث، والأمل هو ان لا يسمح الجيش النظامي بارتكاب مذبحة مروعة في حلب، لأن ثمن هذه الخطيئة سوف يكون كبيرا، وكبيرا جدا.

ان انشقاق الجيش او قوى اساسية فيه عن هذه السلطة وانفكاكها عن الجريمة الوحشية التي ترتكب بحق الشعب السوري منذ ستة عشر شهرا، لن تأخذ معناها العميق الا عبر ائتلاف يجمعها مع الجيش السوري الحر ومع تنسيقيات شباب الثورة، كي يستعيد المجتمع المدني السوري حقه في حكم نفسه بنفسه، وكي يتم تحرير الثورة من اي ارتهان لقوى خارجية سواء كانت عربية او اجنبية.

فالحرية هي ايضا فعل مستقل واستقلالي بامتياز.

كل شيء يشير الى ان النظام الاستبدادي يتفكك.

والأمل هو ان يتسع الانشقاق اليوم قبل الغد، كي لا يكون ثمن اسقاط هذا النظام الوحشي اكبر من ان يحتمل.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى