صفحات الناس

منطقة “خالية من داعش” في شمال سوريا؟/ ألكس راول

 

 

في ظلّ هذا الكم الكبير من الإشاعات، والمعلومات الخاطئة، والبيانات الحكومية المتضاربة التي غالباً ما تشوب أي أخبار حول التدخّل الأجنبي العسكري في سوريا، لا نتفاجأ بأن يتبيّن أنّ تفاصيل خطة أميركية – تركية مشتركة جرى الحديث عنها لتمشيط مساحة كبيرة من منطقة الحدود الشمالية السورية وتنظيفها من مقاتلي داعش، هي معلومات غير أكيدة.

من جهة، بدا أنّ جهات إعلامية مثل وكالة AP، ونيويورك تايمز، وواشنطن بوست، تؤكّد صحة تقارير وردت في الصحافة التركية أواخر الأسبوع الماضي بأنّ منطقة عرضها قرابة ـمئة كلم وعمقها من 40 الى 60 كلم، تضم الشريط الأخير من الحدود التركية – السورية الذي يسيطر عليه داعش، قد تكون عرضة لضربات جوية أميركية مصحوبة بمساعدة مجموعات ثوار سورية تدعمها تركيا وذلك من أجل إخراج الجهاديين من المنطقة. وفي الوقت نفسه، نقلت وسائل إعلامية أخرى عن مسؤولين أميركيين استبعادهم صحة هذه التقارير بشكل واضح وصريح.

من جهة، يبدو الإرباك متعلّقاً بالمصطلحات: ففي حين أبدى المسؤولون الأتراك حماسة لإظهار الخطة كما لو أنها بهدف إقامة “منطقة حظر جوي” حيث يمكن إطلاق النار على طائرات بشار الأسد، شدّد نظراؤهم الأميريكيون على أنها ليست حتى “منطقة آمنة”، بل هي مجرّد “منطقة خالية من داعش” ليس إلاّ.

وهذا التضارب يعكس التباين في الرأي الذي ظهر منذ وقت طويل بين البلدين فيما خص سوريا، حيث تسعى واشنطن الى معالجة مشكلة الجهاديين حصراً، بدون التعرّض الى نظام الأسد، في حين ترى أنقرة بأنّ القتال ضد الأسد لديه الأهمية نفسها للقتال ضد داعش.

هكذا ومن خلال صيغة “منطقة خالية من داعش”، يشعر الطرفان بأنهما لبيّا أهدافهما- حيث يمكن للولايات المتحدة أن تعمل على “كسر شوكة” داعش في سوريا، في حين يمكن لتركيا أن تؤمّن ملجأ آمناً لكتائب الثوار الموالية لها، وللاجئين أيضاً ربما. (يُقال إنّ ثمة دافعًا آخر لتركيا وهو مراقبة التقدّم الأخير لأعدائها القدامى، الأكراد، الذين إن تمكّنوا من إخراج داعش من قطعة الأرض هذه، سوف يضعون يدهم على مساحة غير مسبوقة من الامتداد على طول 500 كلم من عفرين في الغرب وصولاً الى العراق في الشرق).

لكن حتى مع ذلك، قال محللون لـNOW إنّ هناك تفاصيل لوجستية أساسية يمكن أن يثبت صعوبة حلها، مثل هوية الثوار الذين سوف يحلّون محل داعش. “ثمّة قضايا خطيرة […] ليس أقلها ضمان السماح بتمتع قوى المعارضة السورية المعتدلة حسب المعايير الأميركية فحسب من دخول أي منطقة خالية من داعش أو منطقة آمنة” قال شارلو ليستر، العضو الزائر في مركز بروكينغز في الدوحة. وفي حين سترفض واشنطن العمل مثلاً مع “جبهة النصرة”، التابعة للقاعدة، تُعتبر أنقرة من الداعمين الأساسيين لائتلاف “جيش الفتح”، الذي تشكّل النصرة القوة الأبرز فيه.

بالإضافة إلى ذلك، قال محللون إنه بدون وجود مكوّن منطقة الحظر الجوي، لن يكون بالإمكان وقف قوات الأسد الجوية من تدمير أي بنى تحتية عسكرية قد ينشئها الثوار الواصلين جديداً الى تلك المنطقة- وهذا الواقع قد يُسرّع في عودة داعش الى المنطقة مرة أخرى.

“إن حصلت، سوف تكتسب هذه الخطة أهمية فقط في حال منعت طائرات النظام من التحليق ومنعت رمي البراميل المتفجرة”، قال حسن حسن، العضو المساعد في Chatham House والمشارك في وضع كتاب داعش: داخل جيش الرعب، مضيفاً “حتى الآن، لستُ متفائلاً أبداً بشأن ذلك”.

ومع ذلك، قال ليستر لـ NOW إنّ هذا التحرّك يأتي من ضمن سلسلة من الخطوات التركية الجارية مؤخراً، ويشير إلى الرغبة في رؤية المزيد من التدخّل في شمال سوريا، على حساب كل من داعش والنظام. وقد حصل تطور أساسي آخر الخميس الماضي مع الإعلان الذي وافقت عليه أنقرة، بعد أشهر من التردّد، عن إذعانها للطلبات الأميركية باستخدام قاعدة إنجرليك الجوية التركية في أضنة، على بعد 150 كلم عن الحدود السورية، من أجل عملياتها المضادة لداعش. وأشارت تقارير الى أنّ “المنطقة الخالية من داعش” كانت في جزء منها التعويض الذي سدّدته واشنطن ثمناً [للسماح لها باستخدام] قاعدة إنجرليك.

“على الرغم من أنها لا تشكل منطقة حظر جوي ولا بأي شكل، فإن انغماس تركيا في تحديد الديناميات العسكرية في شمال حلب سوف يشكّل عائقاً آخر أمام قدرة الأسد على إعلان نفسه كأول مناهض للإرهاب في سوريا”، قال ليستر. “من الواضح بأنّ الأميركيين استهدفوا جبهة حلب كأحد أهم الاهداف خلال الأشهر الأخيرة، وبالتالي مع فتح قاعدة أنجرليك وتورط الجيش التركي، يبدو بأن المسرح الحلبي سوف يكتسب أهمية أكبر خلال الأسابيع والأشهر القادمة”.

الجدول الزمني لأحداث أخيرة أدّت الى الإعلان عن “منطقة خالية من داعش”:

الإثنين، 20 تموز: تفجير انتحاري لداعش يقتل 32 شخصاً في بلدة سوروتش جنوب تركيا، قرب كوباني الكردية في سوريا

الأربعاء، 22 تموز: حزب العمال الكردستاني يعلن مسؤوليته عن مقتل شرطيين تركيين في بلدة جيلان بينار الواقعة على الحدود الجنوبية، ويقول إنه انتقام من تفجير سوروتش

الخميس، 23 تموز: تركيا تمنح الائتلاف المناهض لداعش بقيادة الولايات المتحدة إذناً باستخدام قاعدتها الجوية أنجرليك في أضنة

الخميس، 23 تموز: تبادل لإطلاق النار بين داعش والقوات التركية على الحدود السورية، قرب محافظة كيليس، يؤدي الى مقتل ظابط تركي

الجمعة، 24 تموز: تركيا تنتقم لهجوم كيليس بواسطة ضربات جوية على مواقع داعش في قرية حوار السورية القريبة. أحد المسؤولين الأتراك يقول إن أنقرة انتقلت من “الدفاع السلبي” الى “الدفاع الايجابي” ضد داعش

الجمعة، 24 تموز: تركيا تعتقل العشرات من المتهمين بالانتماء الى داعش في اسطنبول

الجمعة، 24 تموز: أول تقارير غير واضحة في الصحافة التركية حول إقامة “منطقة حظر جوي” بالاتفاق مع الولايات المتحدة

هذا المقال ترجمة للنص الأصلي بالإنكليزية

(ترجمة زينة أبو فاعور)

موقع لبنان ناو

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى