صفحات العالم

المخرج الآمن للرئيس الاسد


رأي القدس

فجر اقتراح ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا حول استعداده لايجاد مخرج آمن للرئيس السوري بشار الاسد في اطار حل للازمة تراشقا بالتصريحات من عدة اطراف معظمها معارض، بل نأسف لهذه المبادرة.

فبينما رأى السفير الامريكي في لندن ان الرئيس الاسد يجب ان يحاكم بسبب ما ارتكبه من جرائم، خرج الرئيس السوري على قناة روسيا اليوم في مقابلة مطولة، اكد فيها رفضه لفكرة مغادرة سورية واللجوء الى اي بلد آخر متعهدا بالتصدي الى اي غزو اجنبي لبلاده محذرا في الوقت نفسه من ان مثل هذا الغزو ستكون له تداعيات على العالم بأسره.

الرئيس الاسد بدا في المقابلة متحديا لمعارضيه ومستخدما لغة غير مسبوقة مثل قوله انه ‘ليس دمية.. ولم يصنعني الغرب كي اذهب الى الغرب او اي بلد آخر.. انا سوري.. انا من صنع في سورية وسأعيش واموت في سورية’.

الرئيس الاسد يرد في هذه المقابلة على تلميحات كاميرون بانه يمكن ان يؤمن له اللجوء، وزوجته البريطانية الجنسية، الى بريطانيا، ويغمز من قناة المعارضة السورية المجتمعة حاليا بالدوحة بناء على اقتراح امريكي كشفت عنه السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية اثناء مؤتمر صحافي عقدته في زغرب.

ولعل اخطر ما في هذه التصريحات قوله انه سيعيش ويموت في سورية مما يعني عمليا انه سيستمر في حلوله الامنية والعسكرية ضد معارضيه حتى اللحظة الاخيرة من حياته، تماما مثل الرئيس العراقي صدام حسين والعقيد الليبي معمر القذافي.

الرئيس الاسد يريد ان يقول انه لن يكون الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي غادر تونس الى منفى آمن في المملكة العربية السعودية هو وزوجته واولاده، كما انه لا يقبل الحل اليمني اي التنحي جانبا، وتسليم السلطة لنائبه.

اللافت ان الرئيس السوري لم يكشف عن طبيعة التداعيات الخطيرة التي يمكن ان تترتب على غزو عسكري لبلاده وتمتد آثارها الى المنطقة والعالم بأسره، فهل يتحدث هنا عن حرب اقليمية يدخل فيها حلفاؤه في ايران ولبنان (حزب الله) طرفا مباشرا، ام عن حرب عالمية ينخرط فيها حلفاؤه في الصين وروسيا دفاعا عنه وحفاظا على نظامه؟

توقيت هذه التصريحات، وبعد يوم واحد من فوز الرئيس الامريكي باراك اوباما بولاية ثانية جرى اختياره بعناية فائقة، حيث يتوقع الكثير من المراقبين من الرئيس الامريكي ان يحدد سياساته بوضوح تجاه الملف السوري وكيفية التعاطي معه. فهل سيلجأ للتدخل العسكري الذي تطالب به المعارضة او بعض فصائلها لاطاحة النظام على غرار ما حدث في العراق وليبيا، ام انه سيفضل ‘القيادة من الخلف’ اي تسليح المعارضة السورية المسلحة على الارض باسلحة حديثة ومتطورة مضادة للطائرات والدبابات؟

لا بد ان الرئيس الاسد يشعر بالقلق ليس لان التفجيرات وصلت الى حي المزة في دمشق الذي من المفترض ان يكون اكثر المناطق تحصينا باعتباره حي السفارات والمقرات الحكومية الحساسة، وربما ايضا من الخطوة الامريكية المقبلة، خاصة ان الرئيس اوباما بات متحررا من ضغوط الانتخابات؟

تصريحات الرئيس الاسد يجب ان تدرس بعناية لفك الرسائل الكثيرة المبطنة والظاهرة التي احتوتها ومن قبل الاطراف الموجهة اليها، لاستقراء ما يمكن ان يحدث في هذه الازمة من تطورات في الايام المقبلة.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى