صفحات العالم

أعباءٌ جديدةٌ على كتف سوريّة


غسان زقطان

إشارتان عبرتا فوضى الفضائيات ـ خلال الأيام الماضية ـ نحو سوريّة، خارج حزمة ما يبثّه الإعلام السوري “الرسمي”، وبعيداً عما يتدفّق من تنسيقيات الثورة المسمّاة بأسماء المدن، والمتحدثين باسم المجلس الوطني، وأولئك الذين ليسوا في إطار المجلس الوطني والجيش الحر.

الإشارة الأولى جاءت من “المسؤول” العراقي في وزارة الداخلية ـ نائب الوزير على ما أظن ـ والتي تفيد بأن أعداداً من “الجهاديّين” وأسلحة بدأت تجتاز الحدود العراقية نحو المدن والبلدات السوريّة.

الإشارة الثانية جاءت من “الظواهري” نفسه، فبعد “البشارة” التي ألقاها على رأس الشعب الصومالي ومخيمات المجاعة المفرودة على طول تلك البلاد، والمتمثلة بمبايعة “الشباب المجاهدين” لـ “جماعة قاعدة الجهاد”، أضاف أول من أمس، “بشارة” جديدة عندما تناول الثورة السوريّة في تصريح تبنّى فيه ثورة السوريّين اليتيمة حقاً، مستغلاً فشل المجموعة العربيّة والدوليّة في اتخاذ موقف حقيقي وفاعل من المجزرة.

هذا يُشعلُ أكثرَ من ضوءٍ أحمر أمام الثورة في سوريّة بعد إنذار التدخل الدولي القائم، هذه أعباء تُضافُ إلى عبءِ مواجهة دمويّة النظام وآلته العسكريّة، وورقة سيستغلها إعلام النظام، على الرغم من براءة الثورة منها. وهو يقتضي، قبل كل شيء، إغلاق الثغرات التي نفذ منها “هؤلاء” وتسلّلوا من خلالها إلى جسد سوريّة المثخن، هؤلاء عبءٌ ثقيل على سوريّة، يُهدِّدُ وبشكلٍ جدّي بالتأثير على خطاب الثورة ومسارها وأهدافها التي حملتها منذ اللحظة الأولى لانطلاقتها، والقائمة على سلميّة التحرّك وتعزيز الوحدة الوطنيّة، وبناء الدولة التعدّدية الديمقراطيّة.

تلك هي مُبرِّرات الثورة وأسبابها، حيث تكمن قوّتها وطاقتها المتجدّدة وقدرتها على الحياة والتحرُّك، والتعبير الحقيقي عن مصلحة سوريّة الشعب والوطن، و”هؤلاء” الذين يتهيّؤون للقفز على أكتاف الثورة سيسلبونها أهدافها وأسبابها والتفاف العالم حولها.

شراسةُ النظامِ وفوضى خطاب المعارضة وتعدُّد مصادره من جهة، وعجز الجامعة العربيّة وانتهازيّة المجتمع الدولي من جهة ثانية، أوصلت الوضع إلى ما هو عليه، حرب أهليّة أو ما يشبه ذلك، تلك هي الدفيئة التي يعتاش عليها “الظلاميُّون” و”لُصوص الثورات” و”الطائفيُّون”.

لقد نجح النظام في دفع خطاب الثورة نحو “العنف”، وفي جرِّ المسيرات السلميّة بِبُعدِها الشعبي وبأصوات مُغنيها، نحو حقول مجهولة يُتقن النظام التجوّل فيها، بينما لا تتفق المعارضة على تفسير موقفها وتبرير الأصوات الدّاعية إلى العنف بين صفوفها والرّافضة بشكلٍ عدميّ للحوار الوطنيّ.

المطلوب أبسط مما يبدو، خطاب مُوحَّد وواضح للمعارضة، ومواجهة واضحة لهؤلاء المتسللين إلى صفوف الثورة ومواجهتهم بالصلابة والشجاعة اللتين تواجه فيهما الثورة النظام نفسه، فهم ليسوا أقلّ خطراً من سياسة القتل، بل هم جناحها الثاني الذي سيحاول النظام الطيران بوساطته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى