أحداث الأحد 12 أذار 2017
تفجيران يستهدفان زواراً شيعة وسط دمشق
لندن، بيروت، دمشق – «الحياة»، رويترز
قتل عشرات العراقيين بتفجيرين، أحدهما نفذه انتحاري، استهدفا تجمعاً وسط دمشق لزوار عادوا من مزار شيعي في السيدة زينب جنوب العاصمة السورية، بالتزامن مع تعرض حي برزة شمال دمشق لصواريخ أرض – أرض أطلقتها القوات النظامية، في وقت لوحت فصائل معارضة بعدم المشاركة في اجتماع آستانة بعد يومين في حال لم يتم الالتزام بوقف النار. في الوقت ذاته، شن المبعوث الأميركي الى سورية مايكل راتني هجوماً عنيفاً على «هيئة تحرير الشام» التي تضم فصائل عدة بينها «فتح الشام» (النصرة سابقاً).
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه «ارتفع إلى 46 على الأقل عدد الأشخاص الذين قضوا نتيجة التفجيرين اللذين ضربا وسط دمشق»، لافتاً الى أن «أحد التفجيرين ناجم عن تفجير شخص لنفسه، وسط تجمع لزوّار شيعة عند مقبرة باب الصغير في منطقة الشاغور، في حين لا يزال الغموض يلف التفجير الثاني الذي استهدف المنطقة ذاتها، ولم يعلم حتى اللحظة ما إذا كان ناجماً عن انفجار عبوة ناسفة أم نتيجة تفجير شخص آخر نفسه في المنطقة». وقال مراسل «المنار» التابعة لـ «حزب الله» في اتصال هاتفي مع القناة إن الانفجار الثاني وقع بعد نحو عشر دقائق من الأول وأوقع خسائر بشرية بين عمال الدفاع المدني الذين تجمعوا للتعامل مع الضحايا. وأضاف أن الزوار كانوا سيؤدون الصلاة في المقبرة بعد زيارة مزار السيدة زينب خارج دمشق مباشرة.
ولم يعلن الى مساء أمس أي طرف المسؤولية عن الهجومين. وفي حزيران (يونيو) الماضي، أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن هجمات تفجيرية قرب مزار السيدة زينب.
في الطرف الآخر من دمشق، قال «المرصد» إنه «سقطت 6 صواريخ يعتقد أنها من نوع أرض – أرض أطلقتها قوات النظام على مناطق في بساتين حي برزة بأطراف العاصمة الشرقية، وسط تجدد الاشتباكات في محور المنطقة، بين فصائل معارضة وقوات النظام».
وأعلنت فصائل مسلحة أمس، أن عقد اجتماع آستانة المقرر يومي 14 و15 الشهر الجاري، سيعتمد على ما إذا كانت الحكومة وحلفاؤها ملتزمين بوقف لإطلاق النار أُعلن حديثاً من 7 آذار (مارس) إلى 20 من الشهر ذاته. وأضافت أن الحكومة والفصائل المتحالفة معها المدعومة من إيران تواصل قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة قرب دمشق وحمص ودرعا وإدلب وتستعد لاقتحام منطقتين على أطراف دمشق.
ولا يشمل وقف إطلاق النار تنظيم «داعش» أو الجماعة التي كانت تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة». ووجه المبعوث الأميركي الى سورية انتقادات حادة الى «جبهة النصرة». وقال في بيان: «المكون الأساسي لهيئة تحرير الشام هو جبهة النصرة، وهي منظمة مدرجة على لائحة الإرهاب. وهذا التصنيف ساري المفعول بغض النظر عن التسمية التي تعمل تحتها وأي مجموعات أخرى تندمج معها. وسنتعامل مع القاعدة في سورية بالطريقة نفسها التي نتعامل بها مع داعش».
عشرات القتلى بتفجيرين انتحارييْن في دمشق
دبي، بيروت، بغداد – «الحياة»، رويترز
قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن 44 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب عشرات آخرون اليوم (السبت) بتفجيرين انتحاريين في العاصمة السورية دمشق.
وذكر «المرصد السوري» أن أعداد من قضوا بالتفجيرين تواصل ارتفاعها، مع استمرار محاولات إسعاف من تبقى من الجرحى الذين أصيبوا بجراح خطرة، إذ «ارتفع إلى 44 على الأقل عدد الأشخاص الذين قضوا بتفجيرين استهدفا منطقة باب الصغير، خلال وجود حافلتين في منطقة الشاغور وسط العاصمة».
وتابع «المرصد» أن «عدد القتلى في التفجيرين لا يزال مرشحاً إلى الازدياد لوجود عشرات الجرحى بعضهم بحالات خطرة، حيث استهدف التفجيران حافلتين على الأقل وجدتا في المنطقة».
من جهته، نقل التلفزيون العراقي عن وزارة الشؤون الخارجية في بغداد قولها، إن 40 عراقياً على الأقل قتلوا في التفجيرين الانتحاريين في دمشق اليوم.
وفي شأن آخر، قال الرئيس السوري بشار الأسد إنه لم ير «شيئاً ملموساً» بعد من الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ما يتعلق بتعهده دحر تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) ووصف القوات الأميركية الموجودة في سورية بأنها «قوات غازية» لأنها دخلت من دون إذن.
وقال الأسد في مقابلة مع قناة «فينيكس» التلفزيونية الصينية إنه «نظرياً» لا يزال يرى مجالاً للتعاون مع ترامب «لكن عملياً» لم يحدث شيء بهذا الصدد بعد. وأضاف أن تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية إعطاء الأولوية لدحر تنظيم «الدولة الإسلامية» كان «مقاربة واعدة» لكن «لم نر شيئاً ملموساً بعد في ما يتعلق بهذا الخطاب».
ووصف الأسد الحملة العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة ضد «داعش» في سورية بأنها «هجمات وغارات عسكرية» تقتصر على مناطق صغيرة، وقال «نأمل في أن تقوم هذه الإدارة الأميركية بتنفيذ ما سمعناه».
وسُئل الأسد عن نشر قوات أميركية قرب مدينة منبج شمال البلاد، فقال «أي قوات أجنبية تدخل سورية من دون دعوتنا أو إذننا أو التشاور معنا تعتبر قوات غازية. ولا نعتقد أن هذا سيكون مفيداً».
وتهاجم قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سورية منذ أكثر من عامين. وتدعم حالياً حملة لمقاتلين سوريين متحالفين معها لتطويق مدينة الرقة معقل التنظيم المتشدد في سورية وانتزاع السيطرة عليها.
وأشار الأسد إلى أن قواته المدعومة من روسيا اقتربت من الرقة، قائلاً «بتنا قريبين جداً من الرقة الآن… بالأمس وصلت قواتنا إلى نهر الفرات القريب جداً من مدينة الرقة… والرقة هي معقل داعش اليوم وبالتالي فإنها ستكون أولوية بالنسبة لنا».
لكنه أوضح أن قواته قد تشن هجوماً موازياً صوب دير الزور في الشرق قرب الحدود العراقية. ومحافظة دير الزور بالكامل تقريباً تحت سيطرة التنظيم. وقال الأسد إن دير الزور «استخدمها داعش كممرات ومعابر للدعم اللوجيستي بين العراق وسورية وبالتالي سواء هاجمنا المعقل أو هذا المعبر الذي يستخدمه داعش فإن للهجوم النتيجة نفسها».
خارجية فرنسا تدين هجوم دمشق وتدعو روسيا وإيران لضمان الهدنة
باريس – رويترز – أدانت وزارة الخارجية الفرنسية، تفجيراً دموياً وقع في دمشق ودعت ضامني الهدنة في سوريا خاصة روسيا وإيران إلى التأكد من احترام تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل كامل.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد إن عدد القتلى في تفجير مزدوج استهدف شيعة في مزار في دمشق السبت ارتفع إلى 74 شخصاً.
وقالت الخارجية في بيان “هناك حاجة عاجلة الآن أكثر من أي وقت مضى لاحترام وقف إطلاق النار في سوريا.”
وأضاف البيان “ندعو ضامني الهدنة خاصة روسيا وإيران الذين سيجتمعون في آستانة هذا الأسبوع إلى الضغط على الأطراف المعنية لضمان احترام وقف إطلاق النار بالكامل.”
ومن المقرر أن تعقد محادثات سلام تدعمها روسيا في آستانة يومي 14 و15 مارس آذار.
المرصد السوري: ارتفاع قتلى تفجير دمشق إلى 74
بيروت – رويترز – قال المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد، إن عدد قتلى تفجير مزدوج استهدف زواراً شيعة في دمشق ارتفع إلى 74 قتيلاً.
ومعظم القتلى في الهجوم الذي وقع السبت عراقيون شيعة كانوا في طريقهم لزيارة مقبرة قرب الحي القديم بدمشق.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها. وقال تلفزيون المنار التابع لجماعة حزب الله اللبنانية إن الهجوم نفذه انتحاريان.
ويدعم مقاتلون شيعة من بلدان مثل العراق وأفغانستان ولبنان الرئيس السوري بشار الأسد.
المعركة المقبلة على الرقة تعيد تشكيل التحالفات المحلية والإقليمية
إبراهيم درويش
شهدت الساحة السورية حراكا نشطا في الأيام الأخيرة تركز حول المعركة المقبلة في الرقة آخر المعاقل الكبيرة لتنظيم «الدولة» وهي المعركة التي تتصارع عليها الإرادات المتعددة. وعلى خلاف المعركة الدائرة على الموصل في العراق وتقترب من نهايتها، فإن الأراضي التي أجبر تنظيم «الدولة» على الخروج منها في سوريا أصبحت مركزا للتنافس الاستراتيجي بين القوى المحلية والإقليمية والدولية. ولهذا جاءت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الخميس إلى موسكو واجتماعه مع الرئيس فلاديمير بوتين حيث جدد فيها رغبة بلاده طرد المقاتلين الأكراد من مدينة منبج الذين دخلوها ضمن تحالف أنشاته أمريكا وهو «قوات سوريا الديمقراطية» في محاولة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما استرضاء تركيا التي تعتبر قوات حماية الشعب الكردية فرعا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربا انفصالية ضد الدولة التركية. وكان لافتا أن تركيا قررت إرسال قواتها إلى العمق السوري بعد أسابيع من طرد جهاديي تنظيم «الدولة» من منبج. فقد أعلنت أنقرة في آب (أغسطس) 2016 عن عملية درع الفرات في محاولة لمواجهة تهديد تنظيم «الدولة» على تركيا الذي شن عمليات إرهابية ضدها خلال العامين الماضيين من جهة ومنع الأكراد من التقدم صوب غرب الفرات لتأمين كانتونهم «روج آفا» حيث تخشى من ولادة كيان تابع لحزب العمال الكردستاني. ويبدو أن تقدم القوات المدعومة من تركيا باتجاه منبج كان وراء نشر أعداد من القوات الأمريكية الخاصة في سوريا وبشكل علني، حيث رفرفرت الأعلام الأمريكية على دبابات سترايكر وهمفي وانتشرت في عدد من القرى القريبة من منبج في مهمة قال المسؤولون الأمريكيون أنها من أجل التهدئة وتأكيد السلام بين الأطراف المتنازعة وسط تحضيرات الإدارة الأمريكية لمعركة الرقة.
من يدخل الرقة؟
وتحولت المعركة على الرقة وطبيعة القوة التي ستقودها لموضوع نقاش حاد، حيث ترفض أنقرة مشاركة قوات سوريا الديمقراطية وبالضرورة دخول قوات كردية مدينة غالبيتها عربية. أما أمريكا فعلى ما يبدو ماضية في تحضيراتها وتعاونها معهم. وحسب المراجعة التي طلبها دونالد ترامب في 28 كانون الثاني/ يناير لخطة الهجوم على ما يطلق عليها عاصمة «الخلافة» والتي أعدتها إدارة أوباما، فالبنتاغون سيزيد من عدد القوات الخاصة وسيزود السلاح مباشرة للأكراد من قاعدة عسكرية في بلدة كوباني حسبما أوردت صحيفة «واشنطن بوست»، وزادت الولايات المتحدة من تحضيراتها حيث نشرت 900 جندي يوم الأربعاء بعضهم سيستخدم أسلحة ثقيلة في المعركة المقبلة. كل هذا وسط جدل بين أربع قوى وهي أمريكا وتركيا وروسيا والنظام السوري، كل يحاول إملاء شروطه وشكل المعركة المقبلة والتي تركزت على مدينة منبج في الوقت الحالي. وكانت تركيا اقترحت على الإدارة الأمريكية خطة بديلة لتحرير الرقة لم تجد قبولا من القيادة العسكرية الحالية ولا السابقة التي تعتقد أن الأكراد هم حلفاؤها في سوريا. وأشارت صحيفة «الغارديان» أنه بمواجهة الخطة الأمريكية يجري الحديث عن خطة أخرى روسية ـ تركية يتم فيها التعاون بين القوات المدعومة من أنقرة وبقايا جيش النظام وبدعم من الطيران الروسي، ومن السابق لأوانه الحديث عن هذا.
وتقول الصحيفة إن معركة التأثير في الحرب السورية يتم تشكيلها ولأول مرة على الجبهة السياسية. فقد دعت روسيا وتركيا المتحالفتان منذ العام الماضي قوات النظام للعودة إلى المنطقة القريبة من الحدود التركية نفسها حيث ترابط القوات الأمريكية الآن.
نهاية قضية
وترى المعارضة السورية التي ركزت معظم الوقت على محاولات الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، أن التحرك يعتبر المسمار الأخير في تراجع الدعم التركي لقضيتهم. فالمعركة على حلب وسقوطها في نهاية العام الماضي والذي التزمت تركيا الصمت عليه بالإضافة لتركيز حكومة أنقرة جهودها على قتال تنظيم «الدولة» والأكراد، أقنع قادة المعارضة المسلحة في الشمال أن قضيتها انتهت. وتقوم هذه التحولات بتشكيل النظام الإقليمي الذي تؤثر عليه تركيا وإيران وترعاه روسيا. وتقول جماعات المعارضة إن الرسالة التركية لها هي أنه يجب التركيز الآن على العدو المشترك بينها والنظام – أي تنظيم «الدولة». وفي شمال سوريا تشعر الجماعات التي أتعبتها خمس سنوات من الحرب أنها «خسرت». ونقلت «الغارديان» عن سعيد شيخ الذي قاتل منذ بداية الحرب قوله «قضيتنا انتهت» و «بدون تركيا وقطر فلا نعرف إلى أين نمضي، والواقع ظل هكذا منذ سقوط حلب». ويتزامن التغير في الموقف التركي المدفوع على ما يبدو بالحسابات الجيوسياسية والمخاوف على حدودها الجنوبية مع سوريا مع مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة لدونالد ترامب الذي جمد المساعدات للمعارضة السورية. وحتى برنامج مساعدة المقاتلين الذي كانت تشرف عليه «سي آي إيه» من خلال مركز العمليات العسكرية في أضنة وبرنامج التدريب الفاشل الذي أشرفت عليه وزارة الدفاع لم تكن كافية لمنح المقاتلين السلاح الكافي للانتصار في المعركة. فالأسلحة التي كانوا يحصلون عليها مستعملة وتشترى من دول أوروبا الشرقية. ولم تستجب الولايات المتحدة لمطالب قادة الفصائل الحصول على أسلحة جيدة. وحسب قيادي توقف عن القتال في تموز/يوليو ويعيش الآن في جنوب تركيا «كانت المعارضة تأتي من الأمريكيين دائما» و«كانوا راضين عن توفير البنادق والرصاص وهذا كل ما في الأمر، وبهذه لم نكن لنربح الحرب وكنا نأمل بالسيطرة على الأسلحة الثقيلة من النظام، وبعد ذلك غيرت تركيا موقفها». ومع أن مركز العمليات العسكرية لا يزال موجودا إلا أن الأسلحة التي ترسل قليلة جدا ومعظمها من فترة الاتحاد السوفييتي السابق والتي تم شراؤها من بلغاريا وصربيا وترسل بتعليمات أنها للاستخدام فقط في محاربة تنظيم «الدولة».
البعد الكردي
ولا يخفى أن التغير في الموقف التركي نابع من خوف أردوغان على سيادة أراضيه ووحدة بلاده. فقد حاولت روسيا لعب الورقة الكردية ضده بعد تردي العلاقات الروسية – التركية إثر إسقاط الطائرة الروسية والذي أدى لتوقف العلاقات وعقوبات اقتصادية ودعم للأكراد حيث سمح الكرملين لهم بفتح ممثلية في موسكو. وحدث التغير في العلاقات في نيسان/ إبريل عندما أعلن بوتين أنه مع وحدة الأراضي السورية وهو ما يعني عدم دعم الطموحات الإستقلالية للأكراد. واعتبر أردوغان الإعلان بمثابة حماية للسيادة التركية. وفي الوقت الذي قللت فيه روسيا من دعمها للأكراد زادت الولايات المتحدة من الدعم. وهو ما أغضب تركيا التي على كونها عضوا في حلف الناتو فهي تعتبر الحليف التقليدي للولايات المتحدة وجزءا من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم «الدولة» وسمحت باستخدام القاعدة العسكرية في إنجرليك ضد الجهاديين. وبالنسبة لأنقرة فموسكو تبدو متعاطفة مع المخاوف التركية أكثر من الحليف التقليدي، واشنطن. وحسب دبلوماسي غربي تحدث لـ«الغارديان» «فقد كانت هذه هي اللحظة التي غيرت كل شيء» و «منذئذ باعت تركيا حلب لمنع الأكراد، وبدأوا (الأتراك) بالحديث عن مهمتهم في سوريا باعتبارها إنسانية، وبدأ الدور الأمريكي يقل أكثر فأكثر». وكان مدير الإستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» الجديد مايك بومبيو قد زار أنقرة الشهر الماضي لمناقشة الحرب في سوريا وقتال تنظيم «الدولة». وحسب مسؤول بارز «فلا يزال من غير الواضح من سيسطر على الرقة بعد سقوط الموصل»، «ويواصل الأمريكيون الميل تجاه الأكراد رغم معارضة الأتراك الشرسة. ويريد الروس أن يقوم بالمهمة جيش النظام وجماعات المعارضة تحت رعايتهم، ولا تعارض تركيا هذا. وما هو مؤكد أن الأسد لا يحتاج للخوف من المعارضة، فمصيره بيد الروس والإيرانيين». وفي المحصلة النهائية تواجه أنقرة والجماعات المتحالفة معها معضلة تتمثل بأن مسارات الحرب تسير في الإتجاه المضاد لها، ففي معركة الرقة تتمسك الولايات المتحدة بقوات سوريا الديمقراطية. وعندما تبدأ المعركة فستدخل الحرب في مرحلتها النهائية وستجد تركيا نفسها أمام منعطف. وتبدو الرقة «هدية» يريد كل طرف الحصول عليها لتعزيز مواقعه في أي تسوية مقبلة على مستقبل سوريا، فأكراد سوريا يعتبرونها هدفا لتأكيد وجودهم وأنهم قوة يحسب لها حساب. وهم في الطريق لتحقيق هدفهم، ذلك أن أمريكا تقف بينهم وبين تركيا.
قطار التهجير يصل إلى حي الوعر في حمص
عدنان علي
من المنتظر أن يوقع صباح اليوم الأحد وفدا الأهالي في حي الوعر الحمصي والنظام السوري على صيغة الاتفاق النهائي بضمانة روسيا، والذي يقضي بخروج من يرغب من الحي على دفعات، إلى الشمال السوري، ليبسط النظام بذلك سيطرته على كامل مدينة حمص.
وقال الناشط أسامة أبو زيد، المخول من المجلس المحلي في الوعر للحديث عن الاتفاق، لـ”العربي الجديد” إن الاتفاق جاء إثر اجتماع بين وفد الأهالي مع ممثل وفد النظام، اللواء ديب زيتون، رئيس شعبة إدارة المخابرات، وينص على “خروج من يرغب من الحي على دفعات، كل سبعة أيام دفعة تضم ما يصل إلى 1500 شخص إلى أن ينتهي عدد الخارجين”.
ومن المتوقع أن يخرج بموجب هذا الاتفاق نحو 20 ألف شخص من المقاتلين وعائلاتهم إضافة إلى الراغبين بالخروج.
وأوضح أبو زيد أن “الرحيل سيكون إلى محافظة إدلب وإلى الريف الشمالي لحمص، حيث تحفظ النظام على مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي”. وأشار إلى أنه سيتم “تسوية أوضاع من يرغب بالبقاء في الوعر، بعد ستة أيام من توقيع الاتفاق”، موضحاً أن المقصود بالتسوية هو أن “يسلّم الشخص سلاحه إن كان مسلحاً، وأن يسوي وضعه إن كان مطلوبا وبعد فترة إن وجدوا أن عليه جرما ما يتم اعتقاله ومحاكمته”.
وتم الاتفاق أيضا على ألا يدخل النظام إلى الحي إلا بعد مرور ستة أشهر، ولكن ستدخل الشرطة التابعة للنظام والشرطة الروسية في هذه الفترة، وسيتم تشكيل لجنة من الحي لمتابعة أمور التفاوض، وسيبقى نحو 300 مسلح لضمان أمن الحي بالتنسيق مع قوات النظام.
كما يقضي الاتفاق بفتح الطريق لعودة أهالي الوعر وخروج الموظفين والطلاب وإدخال الطعام ومستلزمات الحي.
وأضاف أبو زيد أن من سيبقى داخل حي الوعر، ستفرض عليه التسوية، ويكون تحت رحمة قوات النظام مما يعرضه للاعتقال أو السحب للخدمة العسكرية، لافتاً إلى أن الراعي للاتفاق بشكل كامل هو الطرف الروسي، و”الذي يحاول فرض قوته وسيطرته على الأرض”. وذكر أنه “لا يوجد أي ضمانات قدمت من النظام والروس للأهالي، والدليل الخروقات التي قامت بها قوات النظام والمليشيات الطائفية بقصف الحي بعد إعلان الاتفاق”.
بدوره، توقع الناشط أبو محمد الفاعوري في تصريحٍ لـ “العربي الجديد” خروج أعداد كبيرة من الحي، خوفاً من عمليات تجنيد قد يفرضها النظام على الشبان مع فقدان الثقة بقوات النظام، موضحاً أن الحي محاصر بقوات النظام والمليشيات والأحياء الموالية من كل الجهات، ومن لا يخرج بموجب الاتفاق لن يستطيع الخروج لاحقا لأنه سيكون عرضة للاعتقال بشكل شبه مؤكد.
وحي الوعر الذي يعتبر آخر أحياء المعارضة في حمص، ويخضع من يعيشون فيه للحصار من جانب قوات النظام منذ أكثر من عامين، ويتعرض طيلة هذه الفترة إلى قصف وتضييق من جانب قوات النظام، زادت حدته منذ فبراير/ شباط الماضي، وذلك بهدف إجبار الأهالي على الخروج منه والقبول بشروط النظام.
وشهد الأسبوع الأول من مارس/ آذار الجاري اجتماعات مكثفة بين اللجنة المفوضة من قبل أهالي حي الوعر والنظام، توصلت إلى وقفٍ لإطلاق النار وبنود غير محددة للاتفاق الأساسي، لتتالى فيما بعد اجتماعات اتضحت فيها النية الأساسية للنظام، وهي السيطرة بشكل كامل على الحي وإفراغ مدينة حمص بشكل كامل، من أي وجود لمقاتلي المعارضة. وهو ما دفع فصائل المعارضة أمس إلى ربط مشاركتها بمفاوضات أستانة بوقف عمليات التهجير التي يقوم بها النظام، واحترامه وقف إطلاق النار.
وخلال عملية التفاوض بعد ظهر أمس، واصلت قوات النظام قصف الحي بقذائف الهاون والمدفعية. وقال مركز حمص الإعلامي إن عشرات الأسطوانات وقذائف الهاون استهدفت الحي عقب الاتفاق المبرم مع النظام.
وتهجير مقاتلي وأهالي حي الوعر، هو أحدث حلقة في عمليات التهجير التي تقوم بها قوات النظام خاصة في ريف دمشق، والتي شملت خلال الأشهر الأخيرة الكثير من المدن والبلدات، بدءا من داريا والمعضمية ومرورا بخان الشيح وزاكية وقدسيا والهامة، وصولاً إلى التل.
زوجان سوريّان يؤكدان صمودهما وحبهما عبر جدران دمشق
جلال بكور
“من أسوار عاصمة الياسمين والحب أحبك كما أحب الثورة”، عبارة وجهتها أم معاذ، لزوجها بعد كتابتها على حائط في حي القابون شرق مدينة دمشق.
ووجّهت أم معاذ في عبارتها رسالة ليس لزوجها محمد القابوني فقط إنما للعالم بأسره، من أجل تسليط الضوء على الجرائم التي يرتكبها النظام السوري في شرقي دمشق، بحسب ما قاله الزوج محمد القابوني لـ”العربي الجديد”.
وبعد انتهاء زوجة محمد من كتابة العبارة بعلبة رش الألوان على الحائط، التقط صديق محمد عدي عودة الصورة، التي شكلت لوحة فنية تحمل رسائل الحب والصمود.
وأكد محمّد أن الصورة تعبر عن رفض التهجير، وتوجه رسالة تؤكد رغبتهم في البقاء في مدينتهم، المعروفة بمدينة الياسمين. وتزوج محمد القابوني قبل ثلاث سنوات تقريبا ولديه طفله معاذ ابن السنتين.
ولاقت الصورة استحسان الناشطين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأوا بتناقلها والكتابة تعليقا عليها.
ويعمل محمد القابوني الذي ولد في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1993 عضوا في “المكتب الإعلامي لحي القابون”، وانخرط في نشاطات الثورة السورية ضد النظام السوري منذ أيامها الأولى في مارس/آذار عام 2011.
وتعيد الصّورة إلى الأذهان صورة مشابهة التقطت في مدينة حلب قبل تهجير النظام لسكانها وجمعت بين الحب والحرب، وكانت الصورة تحمل عبارة “راجعين يا هوى” التي كتبها صالح على جدار نصف مهدّم، وكان يحتضن زوجته مروى بيد وباليد الأخرى يحمل بندقية.
ويذكر أنّ منطقة شرق مدينة دمشق والتي تضم أحياء ومناطق جوبر، القابون، تشرين، برزة، مساكن برزة، بساتين برزة، حرستا الغربية، تتعرض لقصف متكرر وحملة عسكرية من قوات النظام السوري منذ قرابة الشهر، وأدى القصف والاشتباكات لوقوع ضحايا من المدنيين.
وتقول المعارضة السورية إن النظام السوري يسعى إلى إحداث تغيير ديموغرافي في مدينة دمشق من خلال تهجير سكانها الأصليين.
مقتل مدنيين بقصف روسي.. ومدرعات أميركية تدخل سورية
جلال بكور
قتل مدنيان وجرح آخرون، اليوم الأحد، بغارتين من طائرة روسية استهدفت ريف حماة الشرقي، فيما قصفت قوات النظام السوري حي الوعر المحاصر شمال غربي مدينة حمص بعد ساعات من الاتفاق على تهجير المعارضة في الحي، بالتزامن مع دخول رتل من المدرعات الأميركية إلى شمال سورية لدعم المليشيات الكردية.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن طائرة روسية شنت غارتين على قريتي أبو دالية وسوحا في ريف حماة الشرقي، في المنطقة الخاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، مما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين وجرح خمسة آخرين.
كما استهدف الطيران الحربي الروسي مدينة كفرزيتا في ريف حماة الشمالي وسط البلاد، موقعاً أضراراً مادية، فيما طاول قصف مدفعي من قوات النظام، أيضا، قرى عيدون والدلاك في ريف حماة الجنوبي.
من جهة أخرى، أفاد الناشط، أحمد المسالمة، في حديث مع “العربي الجديد”، بأن قوات النظام السوري تكبدت خسائر بشرية إثر تصدي “الجيش السوري الحر” لمحاولة تقدم في أطراف حي المنشية بمدينة درعا.
وفي السياق نفسه، تمكن “الجيش السوري الحر” من إحباط محاولة تقدم من قوات النظام إلى مبنى الصوامع في منطقة غرز، قرب بلدة النعيمة شرق مدينة درعا.
إلى ذلك، قالت مصادر محلية إن رتلا من المدرعات الأميركية دخل إلى الأراضي السورية من معبر سيمالكا الحدودي بين إقليم كردستان العراق ومحافظة الحسكة السورية، تزامنا مع وصول عدد من طائرات الشحن إلى القاعدة الأميركية في مدينة القامشلي شمال شرق سورية.
وأوضحت المصادر أنّ الحركة العسكرية الأميركية في شمال سورية تأتي ضمن إطار التجهيز لمعركة الرقة، ودعم المليشيات الكردية بالسلاح والعتاد.
وأكدت المصادر أنّ القوات التي دخلت من العراق إلى سورية توجهت معظمها إلى قاعدة الرميلان العسكرية، شمال شرق مدينة الحسكة، مبينا أن القاعدة يتم استخدامها من قبل قوات “التحالف الدولي” الذي تقوده واشنطن.
ويأتي ذلك في ظل تقدم من مليشيا “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في مواقع عدة على طريق دير الزور- الرقة، بدعم من مقاتلات التحالف الدولي، حيث تمكنت “قسد” من السيطرة اليوم على قرية كأس عجيل، الواقعة في محور أبو خشب، 48 كم جنوب شرقي مدينة الرقة.
وفي سياق متصل، قصفت قوات النظام السوري، بالمدفعية والهاون، حي الوعر المحاصر شمال غربي مدينة حمص وسط سورية، وذلك بعد ساعات من الاتفاق على تهجير المعارضة في الحي.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، الأحد، إنّ “قوات النظام قصفت حي الوعر بقذائف المدفعية والهاون، ليل السبت الأحد، مما أدى إلى وقوع أضرار مادية، مشيرة إلى أنّ “القصف يأتي كتهديد من النظام السوري”.
وجاء القصف بعد ساعات قليلة من اتفاق بين لجنة المعارضة في الحي والنظام السوري برعاية روسية، نص على تهجير المعارضة والمدنيين من الحي، مقابل توقف النظام عن قصفه، إذ من المقرر أن يتم توقيع الاتفاق صباح اليوم.
إلى ذلك، قتل ثلاثة مدنيين، بينهم عنصر من الدفاع المدني السوري، جراء انفجار ألغام زرعها “داعش” في مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، قبل انسحابه من المدينة، وسيطرة قوات “درع الفرات” عليها منتصف فبراير/ شباط الماضي.
وأكد مصدر في الدفاع المدني لـ”العربي الجديد”، أنّ “فرق الدفاع المدني، وبينما تواصل عملها في مدينة الباب لليوم الخامس عشر على التوالي من أجل تسهيل عودة المدنيين، فقدت عنصراً من عناصرها، خلال محاولة تفكيك لغم داعشي”.
ونتيجة الألغام التي زرعها “داعش” في الباب، قُتل أيضاً رجل وزوجته بانفجار لغم بهما، في حين تم العثور على جثث ثلاثة مدنيين كانوا تحت الأنقاض، نتيجة تهدم منزلهم سابقاً.
وفي سياق متصل، قتل مدني جراء انفجار لغم أرضي به، في أطراف مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، عند محاولته الفرار من مناطق سيطرة تنظيم “داعش”.
وفي دير الزور، قصفت قوات النظام السوري بالمدفعية الثقيلة حي الرشدية، بالتزامن مع اشتباكات متقطعة بين قوات النظام وعناصر تنظيم “داعش” في أطراف الحي، وعمليات قنص أوقعت خسائر في صفوف الطرفين.
وفي تطورات ميدانية أخرى، أفاد الناشط، جابر أبو محمد، “العربي الجديد”، اليوم الأحد، بأنّ “الطيران الحربي الروسي استهدف مدينة خان شيخون في ريف إدلب شمالي سورية، بقنابل عنقودية”.
من جهة أخرى، شنّ طيران التحالف الدولي، عدة غارات على مدينة الرقة معقل تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، ولم تتبين نتيجة الغارات بسبب فرض التنظيم طوقاً أمنياً على المناطق المستهدفة.
تفجيرات دمشق: فصل من الصراع الروسي الايراني؟
رائد الصالحاني
فرضت المليشيات الشيعية بالاشتراك مع “الدفاع الوطني” و”الأمن الجنائي”، طوقاً أمنياً في محيط منطقة التفجير (أ ف ب)
هزّ انفجاران، صباح السبت، ساحة الزوار في مقبرة “باب الصغير” في دمشق القديمة، استهدفا باصات تقل زواراً شيعة من العراق، كانوا قد وصلوا عبر مطار دمشق الدولي، ظهر الجمعة، بإدارة مكتب السياحة الدينية لـ”الحاج علي حسين عليوي”، وذهبوا لزيارة مرقد رقية، قبل التوجه إلى مقبرة باب الصغير، التي تضم مقبرتي “شهداء كربلاء” و”آل البيت”.
إعلام النظام غير الرسمي، وفي تصريحات متناقضة، قال إن عبوتين ناسفتين، انفجرتا بفارق خمس دقائق بالقرب من الباصات، بينما نقل الإعلام الحربي التابع لمليشيا “الدفاع الوطني” المسيطرة على المنطقة، أن انتحاريين فجّرا نفسيهما أثناء تجمع الزوار للانطلاق من المنطقة. وكانت مليشيا “الدفاع الوطني” قد نعت 16 مقاتلاً قضوا في التفجيرات. بينما نقلت “وكالة سانا” نبأ مقتل أربعين زائراً عراقياً في تفجير مزدوج في دمشق القديمة. وكانت مصادر محلية، أكدت سقوط قذيفة صاروخية مجهولة المصدر في منطقة قريبة من “باب الصغير”، قبل عشر دقائق من التفجيرات، من دون أن تُخلّف أضراراً بشرية. فيما نقلت مصادر، قيام “وحدات الهندسة” التابعة لقوات النظام، بعد حدوث الانفجارات، بتفكيك عبوة ناسفة بالقرب من سور المقبرة المذكورة، وعبوتين اثنين في مدينة جرمانا قبل انفجارهما، وسط تشديد أمني مكثف على مداخل ومخارج دمشق القديمة على وجه الخصوص، وأحياء دمشق عموماً.
وفرضت المليشيات الشيعية بالاشتراك مع “الدفاع الوطني” و”الأمن الجنائي”، طوقاً أمنياً في محيط منطقة التفجير، مع حضور شخصيات قيادية من المليشيات الشيعية من أحياء الشاغور والأمين، مع منع الصحافيين السوريين غير الشيعة من الدخول إلى المنطقة. وسارعت “محافظة دمشق” إلى إرسال العشرات من العمال مع الآليات لتنظيف المنطقة فور الانتهاء من نقل الجرحى، على غير العادة في التفجيرات السابقة.
وعلمت “المدن” من مصدر طبي في مشفى المجتهد، الذي استقبل معظم الجرحى والقتلى، أن أعداد القتلى تعدت 55 مع عشرات الجرحى الذين لم تتسع لهم غرف الإسعاف، فتم تحويلهم إلى مشاف أخرى. وكانت قيادات شيعية رفيعة المستوى، وقيادات النظام على رأسهم رئيس الوزراء عماد خميس ووزير الداخلية محمد الشعار، قد حضروا إلى المشفى، بعد أقل من ساعتين من التفجير، لزيارة الجرحى.
التفجير الذي خلف أكثر من خمسين قتيلاً على رأسهم الرادود الشيعي سيد عبد الكريم الموسوي، لم تتبناه أي جهة معارضة حتى الآن، باستثناء بيان مزور تم نشره في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يحمل توقيع “ألوية سيف الشام” التابعة إلى “الجبهة الجنوبية”. “الألوية” كذّبت البيان وأكدت تزويره.
مسؤول العلاقات العامة والتواصل في “ألوية سيف الشام” أبو غياث الشامي، نفى لـ”المدن”، صلة الألوية أو “الجبهة الجنوبية” بالتفجيرات، مشيراً إلى أن ذلك الخرق الأمني يحمل بصمات أجهزة النظام، ومن خلفها روسيا. فاتهام “الجبهة الجنوبية” بالتفجير، وهي التي كانت طرفاً في مفاوضات جنيف وأستانة، يتماشى مع اتهام روسيا للجيش السوري الحر بعرقلة المفاوضات.
وتدور إشاعات عن مسؤولية “هيئة تحرير الشام” واحتمال اصدارها بيان تبنٍ للعملية، خلال الساعات القادمة. وأياً يكن، يشير مراقبون إلى صعوبة الوصول إلى الباصات من قبل أي فصيل معارض، خاصة أن عملية نقل الزوار تتم عبر باصات خاصة وبتنسيق مع المليشيات الشيعية، لخطورة المنطقة التي تم بها التفجير؛ من انتشار عناصر المليشيات إلى مراقبة الشوارع بالكاميرات. والأمر إن تمّ على يدّ “هيئة تحرير الشام”، فإنه يرجح تورط جهة أمنية سهّلت عبور المهاجمين. ويشير مراقبون إلى احتمال تورط جهة موالية لروسيا في العملية، مع تصاعد الخلاف مع إيران، حول تواجدها العسكري في دمشق وريفها، والعمليات العسكرية التي تقودها المليشيات الشيعية بشكل منفصل في كثير من الأحيان. كما يعتقد البعض أن التفجير هو ردّ روسي على ما حدث قبل أيام في حمص، من عملية تبنتها “هيئة تحرير الشام” واستهدفت بها جهازي “الأمن العسكري” و”أمن الدولة” المواليين لموسكو، بتسهيل من مليشيا “الرضا” الشيعية و”المخابرات الجوية” الموالية لطهران.
هذا عدا عن الخلاف الاقتصادي بين الطرفين، وتلكؤ النظام في تنفيذ الاتفاقيات التي كان رئيس الحكومة عماد خميس، قد وقعها في طهران في 17 كانون الثاني/يناير 2017، ومن ضمنها تأسيس شركة اتصالات جديدة في سوريا. وتشير تقارير إلى أن شركة “MCI” الإيرانية للاتصالات مرتبطة بـ”الحرس الثوري الإيراني” وكانت قد تقدمت بعرض سابق في العام 2010، قوبل بالرفض من قبل النظام، لتحصل مؤخراً على ترخيص من دون المباشرة حتى اليوم في تنفيذ المشروع. التأخير في التنفيذ كان قد أثار استياء طهران، وكانت “وكالة رويترز” قد نقلت عن الباحث كريم سجادبور، قوله إن “الاتصالات قطاع حساس للغاية، سيسمح لإيران بمراقبة وثيقة للاتصالات السورية”، الأمر الذي أثار تحفظات كثيرة لموسكو التي عمدت مؤخراً الى تزويد النظام السوري بأجهزة حديثة لمراقبة الاتصالات، وتحديث مشغلات الانترنت في سوريا، وسط وعود بإدخال انترنت الألياف الضوئية إلى البلاد.
وكانت الاتفاقية بين دمشق وطهران، الموقعة مؤخراً، قد نصت على استثمار إيران لأراضٍ تبلغ مساحتها خمسة آلاف هكتار، تمتد من مدينة داريا التي باتت مرتعاً للمليشيات الشيعية إلى السيدة زينب أكبر معاقل إيران في ريف دمشق، ومركز انطلاق عملياتها العسكرية. إلا أن حكومة النظام أصرت على أن تكون تلك الأرضي في محافظة الرقة معقل تنظيم “الدولة الإسلامية”. وكانت صحيفة “الحياة” قد ذكرت قبل يومين في تقرير لها أن موسكو تدخلت لإجراء تغييرات في مشروع “بساتين الرازي” الذي تشرف عليه إيران بشكل مباشر، لتحول دون إجراء تغيير ديموغرافي في المنطقة.
ولم تتوقف الأمور عند الجانب الاقتصادي، بل ظهر الخلاف الإيراني الروسي بشكل واضح في العمليات العسكرية في سوريا عموماً وريف دمشق على وجه خاص. وأكدت مصادر خاصة لـ”المدن”، أن روسيا تعمد إلى حلّ الأمور في ريف دمشق، من خلال “المصالحات” ومن دون عمليات تهجير، تزامناً مع أعمال عسكرية ضد مناطق المعارضة، بينما تسعى إيران لتهجير من تبقى في ريف دمشق إلى شمال سوريا، لتبسط سيطرتها على دمشق ومحيطها لأسباب سياسية ودينية واقتصادية. الأمر الذي دفع بالروس لنشر شرطة عسكرية في مناطق تمركز المليشيات الشيعية؛ أبرزها محيط وادي بردى وسرغايا، مع تفعيل “الفيلق الخامس” بشكل جدي في معركة تدمر والاستمرار في إغراء الشباب المتطوعين في المليشيات الشيعية لتركها والانضمام إلى “الفيلق”.
ويُعتقد أن تفجيرات دمشق ستحد من حركة الزوار الشيعة بقصد “السياحة الدينية” إلى دمشق، خاصة مع كثرة المكاتب في الآونة الأخيرة وازدياد الوفود بشكل ملحوظ والتي باتت بشكل شبه يومي، خوفاً من تحولها إلى تغيير ديموغرافي مع استيطان عشرات العوائل والمقاتلين في السيدة زينب ودمشق القديمة منذ التدخل العلني في سوريا،.وتشير المصادر إلى نية إيران توطين عراقيين وشيعة من جنسيات أخرى، في حال تم إنهاء مشروع بساتين الرازي واستثمار أراضي داريا. فضلاً عن قيام المليشيات الشيعية بتدشين “مضافة” تابعة لمقام زينب جنوبي العاصمة، مع تركيب أجهزة إنذار حول المنطقة، بمشاركة رجال دين شيعة، شاركوا في وضع حجر الأساس للمشروع قبل أيام.
عملية استهداف باصات الشيعة في دمشق، هي الثانية من نوعها خلال العامين الماضيين. وكانت “جبهة النصرة” قد استهدفت في كانون الثاني/يناير 2015، حافلة تقل زواراً لبنانيين عند مدخل سوق الحميدية في دمشق القديمة.
الخطف والخطف المضاد بين درعا والسويداء/ همام الخطيب
لهجة الخاطفين لا تشبه تلك الخاصة بأهل حوران (انترنت)
يُخطف الضحايا في السويداء من قبل عصابات محليّة تبيعهم إلى عصابة من البدو المنتشرين بين درعا والسويداء، تأخذ دور “الوسيط” لسهولة تنقلها بين المحافظتين، قبل أن تصل الضحية إلى أراضي محافظة درعا. بعدها يتم طلب الفدية عبر اتصال الخاطفين بذوي المخطوف، ويطلبون مبالغ طائلة.
وكان النظام قد اعتمد على المهمشين وأصحاب السوابق الجرمية في السويداء، وأعطاهم سلطة في مجتمعها المحلي، لقمع القوى الطامحة إلى التغيير. “الشبيحة” أعطيوا صلاحيات ضخمة، إلى حدّ تجاوزوا فيه القوانين والأعراف والتقاليد، وتحوّلوا إلى عصابات تحظى بشرعية أمنية، لا بل يديرون ملفات الفساد بالتعاون مع عصابات أخرى منتشرة في محافظة درعا، وبتسهيل من قوى النظام الأمنية التي استثمرت في تلك الملفات أمنيّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً، وأحياناً بالتنسيق معها.
الخاطفون كانوا قد طلبوا 30 مليون ليرة سورية مقابل إطلاق سراح ربيع الشعراني، بعد خطفه مطلع شباط/فبراير. في حين طلبت العصابات مبالغ أكبر في حالات أخرى، وصلت إلى 70 مليون ليرة. وغالباً، ما يلجأ ذوو المخطوفين في السويداء إلى اختطاف بعض أبناء درعا النازحين إلى المحافظة، ليدفعوا ذويهم إلى الضغط على الخاطفين في درعا، أو المساهمة في دفع الفدية. وقد تُستغل هذه الظروف من قبل عصابات السويداء ذاتها لخطف نازحين من أهالي درعا ثم طلب الفدية، وتحميل المسؤولية لذوي المخطوف من السويداء. وعلى هذه الآلية المعقدة تشكلت ظاهرة الخطف والخطف المضاد، التي تعتبر أكثر الملفات تحدياً للسلم الأهلي، وتُبقي المحافظتين في حالة توتر دائم مؤهل في أي لحظة للانفجار.
ويرى ناشطون من كلا المحافظتين أن ما يجري من حوادث خطف مرده إلى أن النظام يسعى بشكل حثيث إلى دفع الجارتين إلى اقتتال يكون هو الرابح الوحيد فيه، وفق إستراتيجيته المعتمدة منذ بدء الاحتجاجات عليه الهادفة إلى تذرير الشعب السوري لإنهاكه، وللاستثمار لاحقًا في ما ينشأ عن ذلك من عداوات تفضي إلى تطاحن بينيٍّ، بينما يدير هو تلك العملية بأقل الخسائر. وهذا ما تؤشر عليه بوضوح المقاطع المصورة التي يبثها الخاطفون، أو يبعثونها إلى ذوي المخطوفين في السويداء، وتحتوي مشاهد عنف تمارس على الضحية، إضافة إلى تقصد ذكر عبارات طائفية تؤجج الفتنة.
الفيديو الذي أرسل إلى ذوي ولاء شكر، ظهر فيه ابنهم وهو يتعرّض لتعذيب شديد ترافقه شتائم وعبارات طائفية. وفي مطلع آذار/مارس، بعث خاطفو الشابين مازن غرزالدين وكفاح الصالح، مقطعاً مصوّراً، يظهر الشابان فيه وهما يتعرضان للتعذيب. المستهجن في الأمر أن لهجة الخاطفين لا تشبه تلك الخاصة بأهل حوران، وهم من إدعوا أنّهم من أبناء درعا. الخاطفون طلبوا رأس قائد مليشيا “جمعية البستان” التابعة لرامي مخلوف، أنور الكريدي، كفدية، أو مبلغ 50 مليون ليرة. ويرى ناشطون في عمليّة الخطف هذه أنها أمنية بامتياز، لأن الخاطفين لم يستطيعوا أن يخفوا لهجتهم، وطلبهم رأس الكريدي الذي بات المجتمع في السويداء ينفر منه، لضلوعه في ملفات الفساد والجريمة، في خطوة لإعادة تعويمه من قبل المخابرات، وإكسابه تعاطفاً كونه مطلوباً للخاطفين في درعا.
ومن جهة أخرى، يبقى ملف الخطف “مسمار جحا” الذي يعود إليه النظام، كلما استشعر بأن هناك معركة قد تحدث في محافظة درعا، أو عندما ينوي تنفيذ اقتحام لإحدى المناطق هناك. هذا ما يفسر ارتفاع وتيرة الخطف في الآونة الأخيرة بالتزامن مع معركة “الموت ولا المذلة” التي أطلقتها قوى المعارضة المسلحة في درعا؛ حيث شهدت المحافظتان عشرات جرائم الخطف في هذه الفترة.
بينما يرى آخرون أن حوادث الخطف هي نتيجة طبيعية لما تعيشه السويداء من فوضى وانفلات أمني، وارتفاعا غير مسبوق في مستوى الجريمة؛ من قتل وخطف وسرقة. فالمليشيات التي سلحها النظام ودرّبها أصبحت هي من تدير ملفات الجريمة والفساد بعدما تمرّدت على ما تبقى من مؤسسات الدولة المتهالكة.
وبعدما أسّست الأجهزة الأمنية للجريمة المنظمة عبر رعايتها للفاسدين وإدارة أعمالهم وتسهيلها، وكانت تحصل على “حصة الأسد” من كل تلك الملفات، باتت تُواجه اليوم بتغوّل المليشيات المحليّة. فهم المليشيات لآلية عمل السلطة جعلها تطمح لأكثر مما كانت تحصل عليه، فأصبحت تأخذ أكبر من حصتها، وتعلن استقلاليتها شيئاً فشيئاً عن شبكة السلطة. وهذا ما يفسّر جزءاً من المناوشات التي تحصل أحياناً بين الأجهزة الأمنية والمليشيات.
والمناطق التي تتم فيها عمليات الخطف، هي ريف السويداء الغربي، والذي بات الناشطون يطلقون عليه “مثلث برمودا”. ولو أرادت تلك المليشيات مقاومة تلك الظاهرة، لاستطاعت ذلك تبعاً لعددها وتسليحها وانتشارها الكثيف، إلّا أنه حيث توجد هذه المليشيات بكثرة، تزداد احتمالات الخطر من نهب وقتل وخطف.
كما أن عمليات الخطف في الآونة الأخيرة لا تؤشر على أنها تحدث وفق عمل عشوائي أو فردي، بل هي منظمة تبعاً لتكرارها وتشابه حالاتها وآلية حدوثها. ويرى متابعو ملف الخطف في محافظتي درعا والسويداء أن هذه الحوادث تقوم بها شبكة منظمة، وفق تنسيق كامل مع الأجهزة الأمنية التي تحاول أن تشيح الأنظار عن تردي المستوى المعيشي والأزمات الخانقة التي يعيشها أبناء السويداء على المستويين الأمني والاقتصادي، باتجاه خطر خارجي يمثله ملف الخطف. وهذا ما يفسر أيضاً توقيت عمليات الخطف عندما يزيد الاحتقان لدى أبناء محافظة السويداء أو عند ظهور تحركات احتجاجية مطلبية.
ويجري الحديث مؤخراً عن تنسيق بين الجيش الحر في درعا وبعض القوى في السويداء يهدف إلى محاصرة تلك الشبكة وكشفها، وذلك عبر آلية عمل تقوم على محاسبة كلا الطرفين للأشخاص الذين يثبت تورّطهم في هذا الملف، والتحقيق معهم لمعرفة خيوط تلك الشبكة وعناصرها في كلا المحافظتين ومن هو المدير الفعلي لها بالاعترافات والأدلة.
المدن
غضب في الجنوب السوري من وثيقة عهد حوران
منسحبون منها رأوا أنها تحفز النزعات الانفصالية
بهية مارديني
تصاعدت وتيرة الغضب في جنوب سوريا من محاولات غير مفهومة للعمل على وثيقة قيل إنها تؤسس لتقسيم حوران، وتمهد للناس انفصالًا آتيًا عبر التلاعب بالمصطلحات، مما حدا بناشطين سوريبن إلى انتقاد وثيقة العهد في حوران أو ما أطلق عليها اسم ” المبادرة”، الأمر الذي يزيد من إشكالية كيفية التعامل مع المناطق المحررة في سوريا وطرق تنظيمها.
إيلاف: أكد نصر فروان الحريري الباحث السياسي السوري في لقاء مع “إيلاف” حول الوثيقة وأسباب ظهورها هذه الفترة أنه بغضّ النظر عن نوايا الأشخاص الذين طرحوها وأهدافها، فهي “تدل على مراهقة سياسية، وعدم معرفة بالنظم السياسية وبالقواتين الدستورية”. لذلك اعتبر أن “الوثيقة أسست إشكالية ومدارًا لجدل واسع”.
إدارية.. لا سياسية
وأوضح ردًا على سؤال “هل تؤسس لحكم ذاتي في الجنوب” أنه لقد طرح في سوريا وفي محافظة درعا عددًا من الرؤى والتصورات والمشاريع الإدارية من قبل هيئات ومنظمات مجتمع مدني، “ولكن هذه الوثيقة هي الأكثر إثارة للجدل وللشك وللريبة ولاقت انتقادات حادة، لكونها حوت على مصطلحات، لا أقول إنها تدلل على حكم ذاتي أو فيدرالية، ولكن سوء صياغتها إضافة إلى هواجس الناس وخوفهم من التقسيم، يجعلهم يرفضون أي طرح يقترب من بعيد أو قريب من ذلك”.
أضاف: “الوثيقة بعناوينها الرئيسة طرحت اللامركزية الإدارية، ولم تطرح اللامركزية السياسية، وهي بذلك تشكل نوعًا من الإدارة المحلية. ولكن الإشكالية في تفصيلاتها، وبشكل عام، أستطيع القول إن المشكلة ليست بالفكرة، بل بطريقة صياغة الوثيقة، وهذا ما سبب الجدل الواسع، فالبناء الأساسي للوثيقة هو دستور دولة تم تغيير مصطلحاته، فمثلًا استبدلوا المجلس النيابي بمجلس الممثلين والسلطات الثلاث بالهيئات، والدستور بالوثيقة، وهكذا فبدت الوثيقة كأنها مسخ، وتدلل على عدم معرفة، كما ذكرت، وعلى مراهقة سياسية”.
إشكالية تمييزية
ما أثار المخاوف أيضًا، بحسب الحريري، بعض المواد التي احتوتها الوثيقة، والتي كانت مثارًا للشك والريبة، فمثلًا “تكلمت عن منطقة حوران كإقليم جغرافي وعن أهالي حوران كشعب بدلًا من درعا كمحافظة، وأعتقد أن لهذا دلالاته، كما ذكرت الوثيقة في الفصل الثالث، أن أهالي حوران والمقيمين فيها في المحافظات السورية الأخرى متساوون في الحقوق والواجبات، وهذا يدلل على التفريق بين أهالي حوران وغيرهم من أبناء المحافظات الأخرى”.
كما بدا لافتًا أن الوثيقة تتحدث عن مبادئ دستورية وتفصيلات قانونية تتعلق بالملكية والقضاء والأحوال الشخصية والحريات العامة والسجون والتربية والتعليم ومصدر التشريع، كما أعطت لمجلس الممثلين صلاحيات تشريعية.
أسباب الانسحاب
هذا وبعد الإعلان عنها، انسحب مؤسسون من الوثيقة المعلنة، ومنهم الدكتور إبراهيم الجباوي، مدير الهيئة السورية للإعلام، والشيخ ناصر الحريري عضو مجلس الشعب المنشق عن نظام بشار الأسد، والمحامي مثقال أبازيد، بينما بقي قسم يتمسك بالوثيقة، ومنهم رجل الأعمال وليد الزعبي، والمحامي حسان الأسود، والدكتور عبد الكريم الحريري.
وحول أسباب انسحاب البعض أكد نصر فروان الحريري أن من يقرأ الوثيقة بتمعّن يجد أنها “تشير إلى توجهات مناطقية وتشجّع على النزعة الانفصالية، بذلك تتجاوز سقف أو حدود الإدارة المحلية، أي تكون أقرب إلى الحكم الذاتي منها إلى الإدارة الذاتية أو الإدارة المحلية، أي أقرب إلى اللامركزية السياسية منها إلى اللامركزية الإدارية. لذلك هذه الوثيقة مصيرها الفشل، لأنها ولدت ميتة، ومؤشرات فشلها بدت واضحة، حيث إنها لم تلق قبولًا، لا من المؤسسات والهيئات القائمة، ولا من الأفراد، خاصة الشخصيات الاعتبارية، فجميعهم أصدروا بيانات إدانة، كنقابة المحامين الأحرار ونقابة الأطباء الأحرار وهيئة الإصلاح ومجلس شورى حوران وغيرها”.
لتنظيم ملائم
وبرأي الباحث السوري، الذي ينحدر من هذه المنطقة، فإن “هذا المشروع وغيره من المشاريع الأخرى التي طرحت اعتبرها من الوسائل والاستراتيجيات التي طبّقت بهدف احتواء الثورة. فهم يقولون إن هدفهم هو التنظيم، نعم نحن مع التنظيم، ولكن تنظيم يتناسب مع المرحلة، فهناك مرحلة الثورة، والمرحلة الانتقالية، ومرحلة الاستقرار، ولكل مرحلة تنظيم ونظم تختلف عن الأخرى. ربما هذا الشكل من التنظيم يناسب المرحلة ما بعد الانتقالية، ولكن المرحلة الآن تتطلب مركزية شديدة وديكتاتورية مقيتة، فنحن نعلم أن دولة قائمة في حالة الحرب أو الاضطرابات تعلق عمل المؤسسات والهيئات والعمل بالقوانين وحتى بالدستور. كيف ووضعنا وحالتنا الآن، وهم يغرقوننا بالمشاريع الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني”. وشدد الحريري في الختام على أن “منطق الحركات الثورية لا يتفق مع ذلك”.
«فورين بوليسي»: عودة المنافسة الأمريكية الروسية في الشرق الأوسط
ترجمة وتحرير شادي خليفة – الخليج الجديد
اتّسمت الأعوام القليلة الماضية بزيادة التنافس بين الولايات المتّحدة وروسيا حول العالم. وكان التركّيز الرئيسي على جهود روسيا لتحدّي حلف الناتو (شمال الأطلسي) وإضعاف عزيمته، وتخويف جيرانها.
وهناك أيضًا التدخّل في سوريا، وطموحات روسيا في ترسيخ أقدامها في الشرق الأوسط، لكنّها قد لاقت اهتمامًا أقلّ بكثير. ولكن في غالبية الأحاديث هذه الأيّام مع مسؤولي الحكومات وخبراء السياسة في الشرق الأوسط، يبرز موضوع واحد فقط من هذه الموضوعات. يكون التركيز على التناقض الرهيب بين الوضع الحالي وقبل عامين عندما كان دور روسيا في المنطقة هامشيًا مقارنةً بالتدخّل الكبير للولايات المتّحدة.
وترى روسيا الشرق الأوسط أقرب الحدود لها، والمرحلة الأولى من خطّتها طويلة الأمد لاستعادة مكانتها القوية وتأثيرها في العالم، وهو ما تمتّعت به خلال أبرز الأوقات في الحرب الباردة. وتعمل منذ فترة طويلة على تقويض علاقات الولايات المتّحدة بالشرق الأوسط وإعادة هيكلة النظام الإقليمي بما يخدم أجندتها. وفي الواقع، فإنّ استراتيجية روسيا في الشرق الأوسط لا تختلف عن نهجها في تقويض حلف الناتو والاتّحاد الأوروبي في أوروبا.
وكانت نقطة الانطلاق الواضحة هو قرار روسيا بالتدخّل في سوريا خريف عام 2015 بناءً على طلب الرئيس السوري «بشّار الأسد». ويعدّ هذا التدخّل تاريخيًا، حيث هو الأول من نوعه لروسيا في المنطقة منذ مساعدة روسيا لسوريا في حرب عام 1973 ضدّ (إسرائيل). وبكل الحسابات فقد حقّقت نجاحًا كبيرًا، حيث ثبّتت أقدام «نظام الأسد» في سوريا، وحمت قاعدتها العسكرية الوحيدة في الشرق الأوسط، ودفعت الجهات الإقليمية الفاعلة في إعادة التفكير حول دور روسيا في المنطقة، وكلّ ذلك بتكلفةٍ منخفضة نسبيًا.
ليس فقط في سوريا
لكنّنا بحاجة لتجنب الوقوع في فخّ التركيز فقط على سوريا. فحفظ «الأسد» في السلطة ليس الطموح الوحيد لروسيا في المنطقة. بدلًا من ذلك، على المحللين وصانعي القرار توسيع دائرة الدراسة، والنظر إلى تدخّل روسيا المتزايد في الكثير من دول الشرق الأوسط، والتي تحاول روسيا من خلاله تحقيق أهداف تضمن لها هيبة عالمية، من خلال المشاركة الاقتصادية والأمنية وفي مكافحة الإرهاب. بل يتعيّن على صانعي القرار في الولايات المتّحدة النظر إلى نشاط روسيا مع أهم شركاء الولايات المتّحدة في المنطقة منذ عقودٍ طويلة، مثل تركيا ومصر و(إسرائيل).
وربما لا يمكن مقارنة علاقات روسيا في الشرق الأوسط، بتلك العلاقة الصّاخبة مع تركيا. وخلال الحرب الباردة، وجد البلدان نفسيهما على طرفي النزاع حين انضمّت تركيا لحلف الناتو عام 1952. وفي خلال الأعوام التي تلت سقوط برلين، تحسّنت العلاقة بفضل العلاقات التجارية والاقتصادية. لكنّ العلاقة بين تركيا وروسيا أخذت منعطفًا حادًّا في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015 حين أسقطت تركيا طائرة عسكرية روسية انتهكت مجالها الجوّي، الأمر الذي أدّى إلى تجميد العلاقات الثنائية.
ومع ذلك، كما حدث في علاقة تركيا بروسيا، توتّرت علاقة تركيا بالولايات المتّحدة أيضًا، وهنا وجد البلدان نفسيهما من جديد في حاجة إلى التّقارب بشأن المصالح المشتركة في سوريا. وفي صيف عام 2016، التقى الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» في سان بطرسبرغ، ويتعاون الاثنان الآن في سوريا وغالبًا بدون أي تنسيق مع الولايات المتّحدة. وقد توسّطا معًا،مؤخّرًا، في وقف إطلاق نار بين «الأسد» والمعارضة، الأمر الذي همّش الولايات المتّحدة تمامًا وجعلها غير قادرة على بدء تنسيق الضربات ضدّ الدولة الإسلامية.
ومصر دولة أخرى تشقّ روسيا طريقها إليها. ولـ 25 عامًا منذ ثورة عام 1952 التي أتت بـ«جمال عبد الناصر» للسلطة وحتّى اتّفاقية كامب ديفيد عام 1979، كانت مصر موضوعًا للمنافسة بين الولايات المتّحدة وروسيا لبسط النفوذ. لكن في ظلّ حكم «السّادات» الذي حلّ رئيسًا خلف «جمال عبد الناصر»، بدأت مصر تتحرّك باتّجاه الفلك الأمريكي في السبعينات، وهو التحوّل الذي تأكّد بتوقيع اتّفاقية كامب ديفيد، وأصبحت مصر منذ ذلك الحين شريكًا موثوقًا به في المنطقة لدى الولايات المتّحدة، وقوّة دبلوماسية لحفظ الاستقرار في المنطقة.
لكنّ الفوضى التي أحلّها الربيع العربي في مصر فتحت لروسيا بابًا جديدًا. وفي حين تراجعت الولايات المتّحدة عن دعمها لمصر في أعقاب الانقلاب العسكري للجنرال «عبد الفتاح السيسي» عام 2013، لم يكن لدى روسيا مثل هذه الهواجس. وفي عام 2014، وقّعت مصر مع روسيا أوّل صفقة أسلحة كبيرة منذ الحرب الباردة. ومنذ ذلك الحين، بدأت مصر بالتحرّك أكثر ناحية المعسكر الروسي. وتحرّكت مصر كذلك للتقارب مع روسيا في سوريا، وكذلك في الدعم المشترك لـ«خليفة حفتر» في ليبيا.
و(إسرائيل) دولة أخرى تكسب روسيا النّفوذ فيها، على الرّغم من أنّ العلاقات الأمنية بين (إسرائيل) والولايات المتّحدة تبقى أولوية قصوى لدى الإسرائيليين. ومنذ التدخّل الروسي في سوريا، بدا التعاون والتفاهم بين (إسرائيل) وروسيا في السّماح لـ (إسرائيل) بتنفيذ غارات جوّية محدودة داخل سوريا، إذا ما كشفت حركة أسلحة متطورة تنتقل من دمشق إلى حزب الله في لبنان.
وقد زار «نتنياهو» موسكو كذلك ثلاث مرّات في العامين الماضيين، وهو تطوّر ملحوظ في العلاقة. لقد دخل «بوتين» في مساحة كانت تخضع تقليديًا لهيمنة الولايات المتّحدة، من خلال محاولة طفيفة للتدخل في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية ومحاولة ترتيب قمّة بين «نتنياهو» والرئيس الفلسطيني «محمود عبّاس». وقد حاولت (إسرائيل) في السنوات القليلة الأخيرة عدم الوقوع في موقفٍ تختار فيه ما بين روسيا والولايات المتّحدة في الأمم المتّحدة، وذلك على عكس النهج التقليدي على مدى سنوات بالانحياز للولايات المتّحدة. وعلى سبيل المثال، اختارت (إسرائيل) الغياب عن تصويت الجمعية العامة للأمم المتّحدة الذي يخصّ التشديد على وحدة أراضي أوكرانيا. وهربت مؤخّرًا من تصويتٍ آخر على قرار بتمكين التحقيقات في مزاعم بارتكاب جرائم حرب في سوريا.
والردّ على هذه التحرّكات ليس مسألةً حزبية. ويرى صنّاع القرار في اليمين واليسار أنّ هناك تباطؤًا شديدًا في التعامل مع هذه التطوّرات. ويلقى باللوم على إدارة «أوباما» التي آثرت السّلامة وتراجعت أمام فوضى الربيع العربي ولم تستطع مواجهة تحدّيات روسيا في أوكرانيا وعبر أوروبا.
ما الذي يجب على إدارة «ترامب» فعله؟
والآن، على إدارة «ترامب» مضاعفة الجهود ثلاثة أضعاف. أولًا وقبل كلّ شيء، على مجتمع صنّاع القرار القيام بتدقيقٍ أفضل حول ما كانت تفعله روسيا بالضبط في الشرق الأوسط منذ عودة الرئيس «بوتين» للسلطة عام 2012. ويعني هذا إلقاء نظرة قريبة على مجموعة العلاقات المتطوّرة بين روسيا وعدد من الشركاء التقليديين والتاريخيين للولايات المتّحدة، وليس التركيز على سوريا فقط.
ثانيًا، على الولايات المتّحدة البحث في كيفية الاصطفاف مع روسيا فيما يخدم المصلحة الأمريكية. وأفضل مثال للتعاون بين الولايات المتّحدة وروسيا هو التنسيق في اتّفاق خطّة العمل المشتركة الشاملة الذي يهدف إلى تحقيق أمن وسلامة المنطقة. وليس سرًّا أنّ الشرق الأوسط قد يكون بمثابة المسار الاستراتيجي، الذي يضطر الولايات المتّحدة خوض استثمار غير ملائم بمزيجٍ من الدمّ والثروات الأمريكية. ولا شكّ أنّ تقاسم العبء مع جهات خارجية مثل روسيا، يخفّف الضّغط على الولايات المتّحدة سياسيًا وماليًا وعسكريًا.
ومع وجود الكثير من الشوّاهد حول التحرّكات الذّكية لروسيا مع شركاء الشرق الأوسط ضدّ مصالح الولايات المتّحدة، يجرّنا ذلك إلى المهمة الثالثة، وهي استعداد الولايات المتّحدة لمواجهة هذه التحدّيات. وقد بدت الولايات المتّحدة ضعيفة الأفق حين قرّرت روسيا إرسال بعضًا من رجالها إلى أوكرانيا في مطلع عام 2014. وبالمثل، فوجئت الولايات المتّحدة بالتّحرك العسكري الروسي في سوريا. على صنّاع القرار في الولايات المتّحدة العمل أكثر على التنبّؤ بمجالات الصراع المحتملة مع روسيا في الشرق الأوسط.
هل تدعم روسيا «الأسد» للتوجّه ناحية الجنوب باتّجاه الحدود الأردنية والإسرائيلية، وبالتّالي الهجوم على قوّات المعارضة المعتدلة التي خلقت منطقة عازلة مفيدة لشريكي الولايات المتّحدة؟ هل تزيد بشكل كبير من بيع الأسلحة المتطوّرة إلى إيران؟ أم تنسّق في النتائج في سوريا وليبيا مع تركيا ومصر على التوالي مع تهميش تام وإخراج للولايات المتّحدة من الصّورة؟ ولنكون واقعيين، لن تقدم روسيا على احتلال أراضي في الشرق الأوسط، ولكن يمكنها القيام بخطواتٍ مفاجئة من شأنها أن تقوّض بشكلٍ كبير من مصالح الولايات المتّحدة.
في نهاية المطاف، لن يكون الشرق الأوسط هو ساحة التنافس الرئيسية بين روسيا والولايات المتّحدة. لكنّ الأدوار واسعة النطاق التي تلعبها روسيا في سوريا وخارجها أمرٌ لا يمكن تجاهله.
المصدر | فورين بوليسي
فرنسا تدعو ضامني الهدنة بسوريا للضغط لتثبيتها
دعت الخارجية الفرنسية اليوم الأحد الأطراف الضامنة لـ الهدنة في سوريا وخاصة روسيا وإيران إلى الضغط على الأطراف المعنية لتثبيت وقف إطلاق النار، لتهيئة الأجواء لعقد جولة مفاوضات جديدة في أستانا عاصمة كزاخستان بين الأطراف السورية المتنازعة.
وقال بيان الوزارة إن “هناك حاجة عاجلة الآن أكثر من أي وقت مضى لاحترام وقف إطلاق النار في سوريا”.
وأضافت الخارجية الفرنسية في البيان “ندعو ضامني الهدنة خاصة روسيا وإيران الذين سيجتمعون في أستانا هذا الأسبوع إلى الضغط على الأطراف المعنية لضمان احترام وقف إطلاق النار بالكامل”.
ومن المقرر أن تعقد محادثات سلام تدعمها روسيا في أستانا يومي 14 و15 من الشهر الجاري.
وأدان بيان الخارجية الفرنسية التفجير الذي وقع أمس في دمشق واستهدف حافلات تقل زوارا شيعة وأدى لمقتل 74 شخصا وجرح عشرات آخرين.
وقبل يومين، دعا مجلس الأمن أطراف الأزمة السورية لتطبيق اتفاق وقف النار الموقع نهاية العام الماضي بصورة كاملة، مطالبا بضمان وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة.
وحث المجلس الدولي مجموعة دول دعم سوريا على ممارسة تأثيرها على أطراف الأزمة لإنهاء العنف، وبناء الثقة لإدخال المساعدات.
وعبّر المجلس عن تطلعه لاستئناف المفاوضات بين الأطراف السورية بحسن نية وصورة بناءة، وفقا لبرنامج عمل وضعه المبعوث الدولي الخاص لسوريا ستفان دي ميستورا.
وكانت تركيا وروسيا توصلتا نهاية العام الماضي في أنقرة لاتفاق وقف النار بسوريا. ودخل الاتفاق حيز التنفيذ ليلة الخميس 29 ديسمبر/كانون الأول 2016 بضمانة روسية وتركية.
جميع حقوق النشر محفوظة، الجزيرة
2017
سوريا.. وصول 43 حاملة دبابات ومدرعات أميركية مشارف منبج
تدخل أميركي في سوريا استعدادا لمعركة حاسمة ضد “داعش”
دبي – قناة العربية
قال #المرصد_السوري لحقوق الإنسان إن 43 حاملة دبابات ومدرعات أميركية وصلت إلى مشارف مدينة #منبج.
وبحسب المرصد فإن هذه المدرعات ستساند ما تسمى بـ” #قوات_سوريا_الديمقراطية ” المدعومة من #التحالف_الدولي ، في معركة حاسمة يتوقع أن تبدأ ضد ” #داعش “.
وكانت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة أرسلت 400 جندي أميركي إضافي تم نشرهم في سوريا لمنع أي اشتباك بين #الفصائل_السورية التي تدعمها كل من أنقرة وواشنطن.
قبل ذلك قامت قوات النظام بتهجير من تبقى من سكان بلدة منبج في #ريف_حلب الشرقي إلى معسكرات اعتقال في بلدة جبرين، بحسب ما ذكره ناشطون سوريون.
الناشطون تحدثوا أيضاً عن قيام ما تسمى بـ”قوات سوريا الديمقراطية” بمنع الرجال من أهالي منبج، من العودة إلى بيوتهم.
كيف تحول جيش بشار الأسد ومسؤولوه إلى مجرد لصوص وقطّاع طرق.؟!
ترجمة ريما قداد
حاول الجيش والمخابرات العسكرية، في بعض الأوقات، معاقبة أمراء الحرب، لكن محاولات من هذا النوع كانت تبوء على الدوام بالفشل الذريع. في شهر مارس/ آذار من عام 2016، اعتقلت قوات الأسد زعيم ميليشيا مسيحية ذات نفوذ من شمال محافظة حماة بعد تبادل لإطلاق النار، لكن أتباعه احتجوا بقوة ليطلق سراح الرجل بعد ذلك بمدة وجيزة.
يقول “حسين ديوب”، رئيس حزب البعث الأسدي في حماة: “نعم هنالك مشكلة”. ويعترف ديوب، وهو جالس في مكتبه الخشبي تحت صورة للرئيس، بأن عناصر من المسلحين أقاموا حواجز وابتزّوا الناس ليسمحوا لهم بالعبور. ويقول أيضاً إن التهريب والخطف مشكلة حقيقية، لكنه يضيف أنه لا يعلم من يقف وراء كل ذلك.
من الناحية النظرية، يُعد ديوب رجلاً قوياً، وهو رئيس الفرع المحلي للحزب الحاكم. ولكن يبدو أن هذا الرجل أيضاً يخشى ألا يكون مناسباً من وجهة نظر الميليشيات – الحكام الفعليين في حماة. وبعيداً في دمشق، يقول وزير المصالحة في البلاد لصحيفة “دير شبيغل” الألمانية إن النظام على علم بهذه المشكلة، لكنه لا يملك القوة لوضع حد لها.
ومن الممكن أن تجد أكبر المنافسين لقوات النمر، التي تتخذ من حماة مقراً لها، في الصراع من أجل الحصول على غنائم التهريب وكسب القوة، من الممكن أن تجدهم في اللاذقية، المدينة الساحلية التي تقع في قلب المنطقة العلوية.
ويقع مصنع الصلب الذي يمتلكه “محمد جبر” وسط الحقول الجنوبية في المدينة. وفي نفس المكان الذي صنعت فيه حزم T لتشييد المباني ذات مرة، تجمع الصواريخ الآن مع بعضها ويتم تركيب الأسلحة على سيارات البيك أب. وهذا هو المكان الذي يمتلك فيه صقور الصحراء إحدى قواعده وواحد من مصانع الأسلحة الخاصة به.
وقد يصل طول العنبر رمادي اللون، المصنوع من الإسمنت والصفائح المموجة، إلى 200 متر. كما تتمركز 8 دبابات من طراز T-72 سوفييتية الصنع في الوحل في أحد الجوانب بينما تحيط الشاحنات العسكرية وناقلات الجند المدرعة والمدفعية الثقيلة بالمبنى.
شهادات شكر وامتنان
يتحلّق أمام بناء لمكتب سابق، شباب لا يزيد عمر بعضهم عن الخامسة عشرة. يرتدي أولئك الشبان ملابس مموجة ويبدو على عيونهم الإرهاق؛ فلم يكن قد مضى على عودتهم من المعركة في حلب وقت طويل. يتجمعون تحت المطر ويدخنون السجائر بين أجزاء للشاحنات وأسلحة مضادة للطيران. أما في الداخل، حيث كانت تُرفع الفواتير والقسائم وتُوضع في خزائن خشبية في السابق، تتكدس الآن صناديق تملؤها الذخائر.
وبعد أن قام زعيم صقور الصحراء “جبر” بجولته الصريحة على نحو مستغرب، يتجه إلى شقته. فهو يسكن في الطابق الرابع في مبنى سكني فخم يطل على ميناء اللاذقية. تكسو جدران شقته ألواح خشبية، أما الأرضية فهي مصنوعة من الرخام، وفي الجزء الخلفي من الشقة هناك شاشة مسطحة عملاقة تعرض مقاطع فيديو دعائية للميليشيا التي يقودها. ووضع على إحدى الرفوف شهادات شكر مؤطرة كان قد حصل عليها من روسيا.
جبر رجل مكتنز الجسد ومغرور، إذ أمضى ساعة متواصلة في الحديث عن الإنجازات التي حققتها الميليشيا التي يتزعمها وهو ينادي على موظفيه بصورة دورية ليقدموا الشاي والخرائط.
وقد اعترف في النهاية بأن رجاله قد تورطوا في عمليات نهب، لكنه قال إن ذلك كان في حالات نادرة. ويقول إن المتمردين موجودون في كل مكان “ونحن مجموعة كبيرة، فيها الجيد وفيها السيء. لكن جميع رجالي يقاتلون من أجل بلادنا، وهذا أهم ما في الأمر”.
ويضيف: “هناك بعض المسلحين في حماة؛ هم القتلة واللصوص والمجرمون”، مشيراً بذلك بالطبع إلى منافسيه، قوات النمر.
وقد تبادل الطرفان إطلاق النار أثناء المعركة التي دارت في مارس/ آذار من عام 2016 من أجل مدينة تدمر، المشهورة بآثارها القديمة. وقد تم إرسال وفد عسكري رفيع المستوى على وجه السرعة من دمشق للوساطة. ومنذ ذلك الحين، حاول رجال الأسد تكليف قوات النمور وقوات الصقور باستلام جبهات مختلفة.
من مسؤولين لصوص إلى أمراء حرب
في بداية الأمر، أصبح محمد جبر وشقيقه أثرياء عن طريق عمليات التهريب التي كانا يقومان بها، وفي أواخر التسعينات بدأا بتهريب النفط إلى البلاد من العراق قبل أن يستثمرا الملايين التي كانا يملكانها في صناعة الصلب. ومع بداية الحرب الأهلية السورية عام 2011، وبعد أن فُرضت العقوبات الدولية على نظام الأسد ليتم عزله عن العالم، طُلب إليهما أن يستخدما معارفهما في عمليات التهريب للحصول على النفط والغاز اللذين يشكلان حاجة ماسة.
وبغية حماية القوافل التي كانا يقودانها عبر الصحراء، جند الأَخَوان جبر مئات الجنود السابقين، والمجرمين. وفي شهر أغسطس/ آب من عام 2013، أصدر الأسد مرسوماً يقتضي السماح لأصحاب الأعمال الخاصة بالإبقاء على قواتهم الأمنية، ممهداً بذلك الطريق أمام أولئك الفاسدين الذين يقفون في صفه ليصبحوا أمراء حرب.
وعلى الرغم من ذلك يزعم جبر أنه ليس مهتماً لا بالسلطة ولا حتى بالمال، إذ يدّعي أنه يملك في الأصل ما يكفيه من كليهما. ويقول إنه بدلاً من ذلك يريد مساعدة الرئيس العظيم بشار الأسد، وإنه سيضع أسلحته عند انتهاء الحرب قبل أن يضيف بعد وقت قليل قوله التالي: “كان باستطاعتنا أن نسيطر على 60% من البلاد، لو كان مسموحاً لنا”.
وبالنسبة للتعامل مع هذه الميليشيات، فالروس يتبعون نهجاً عملياً؛ إذ يقوم ذلك النهج بناءً على الوضع القائم، بمنح أمراء الحرب المحليين الأسلحة والأوسمة والصور الشخصية مع الضباط الروس. لكن أولئك الجنرالات يشكون بالسر حالة الصدمة في الجيش والميليشيات.
وفي حال أصبح أمراء الحروب أكثر نفوذاً وقوة، لن يكون الأسد في وقت قريب سوى مجرد صورة أو رمز محاط باللصوص والمهربين. بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن تلك الميليشيات تكتسب مع الوقت نفوذاً سياسياً: ففي الانتخابات التشريعية الربيع الماضي، لم يقم المرشحون من الطبقة الحاكمة القديمة بما اعتادوا على فعله سابقاً، ليظهر المرشحون التابعون لأمراء الحرب منتصرين.
وفي طبيعة الحال، فالانتخابات في سوريا لا تعبر عن إرادة الناخبين، ذلك أن هذه الانتخابات إنما تُظهر من لديه القوة والقدرة على تمكين مرشحه من الفوز في الانتخابات. وغالباً ما يقال إنه على الرغم من أن الأسد قد يبدو مخيفاً، إلا أنه آخر سلطة حكومية متبقية في البلاد. لكن القوة التي تظهرها الميليشيات المذكورة تبين لنا أنه قد فقد تلك السلطة منذ وقت طويل.
دير شبيغل
السوري الجديد