أحداث السبت 09 أيلول 2017
مقتل «أمير» دير الزور ووزير حرب «داعش»
موسكو، باريس – «الحياة»
أعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتل 40 مسلحاً من تنظيم «داعش» بينهم قياديان، في غارة جوية نفذتها طائرتان من نوع «سوخوي»، استهدفت بقنابل خارقة تحصينات أحد مراكز القيادة للتنظيم في ريف دير الزور، ما أسفر عن تدميره ووحدات اتصال تابعة له .
ووفق المعطيات الروسية، فإن اثنين على الأقل من أبرز رموز التنظيم قتلا في الغارة، هما «أمير» منطقة دير الزور أبو محمد الشمالي المسؤول عن الشؤون المالية و «وزير الحرب» غل مراد حليموف. وأفادت معلومات نشرتها وسائل إعلام روسية بأن الأخير قد يكون نقل إلى بلدة موحسن على بعد عشرين كيلومتراً من موقع الغارة، بعد تعرضه لإصابة بالغة.
ولفتت إلى أن حليموف كان قائداً في الشرطة الخاصة في طاجكستان، وانضم قبل عامين مع 6 من زملائه إلى تنظيم «داعش»، وشغل منصب «وزير الحرب» في التنظيم بعد مقتل أبو عمر الشيشاني قبل شهور. وتولى أبو محمد الشمالي بعد انتقاله من تنظيم «القاعدة»، ملف الدعم اللوجستي، وساهم في نقل المسلحين إلى سورية من تركيا وبلدان أوروبية وإفريقية وعربية.
وشدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس على «أهمية مواصلة العمليات العسكرية في سورية حتى القضاء تماماً على الإرهابيين»، ودعا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان إلى «ضرورة إلحاق هزيمة نهائية بقوات الإرهابيين في سورية وعدم السماح بانتقالهم إلى أوروبا وآسيا وروسيا»، مشيراً إلى أن بلاده «تشاطر باريس المخاوف من ظهور تهديدات جديدة إذا انتقلت فلول الإرهابيين إلى مناطق أخرى».
وقال لافروف: «يجب سحق الإرهابيين. لا يجوز أن نسمح لهم بالتواري عن الأنظار».
وكان الوزيران ناقشا الملف السوري، وأكد لافروف موقف بلاده حيال التحقيق في استخدام السلاح الكيماوي في سورية، منتقداً تقريراً أممياً اتهم دمشق باستخدام أسلحة كيماوية في هجوم خان شيخون. وفي تأكيد جديد لتغير في الموقف الفرنسي حيال الوضع في سورية، كرر لودريان التشديد على أن باريس لا تضع رحيل الرئيس السوري بشار الأسد شرطاً مسبقاً لإطلاق عملية سياسية وبدء المرحلة الانتقالية.
وكان وزير الخارجية الفرنسي وصل إلى موسكو أمس للبحث مع نظيره الروسي في اقتراح فرنسا تشكيل مجموعة اتصال حول سورية تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وعدداً من دول المنطقة لدعم عمل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي يعتزم عقد دورة مفاوضات جديدة مع الأطراف السورية في ١٨ أيلول (سبتمبر) الجاري في جنيف.
في غضون ذلك، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس الفيدرالية (الشيوخ) الروسي فرانس كلينتسيفيش، أن مروحيات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، قامت بنقل «زعماء حرب متنفذين من داعش في دير الزور نهاية الشهر الماضي». وكان التحالف نفى صحة معلومات في هذا الشأن نقلت عن مصادر «ديبلوماسية– عسكرية» روسية أنه تم إجلاء 22 عنصراً من «داعش» بمساعدة أميركية. وأوضحت المصادر أن «مروحية تابعة للقوات الجوية الأميركية قامت ليلة 26 آب (أغسطس) بإجلاء قياديين اثنين من أصول أوروبية، برفقة أفراد عائلتيهما من المنطقة التابعة لبلدة الطريف في ريف مدينة دير الزور. وبعد يومين نفذت القوات الأميركية عملية أوسع بإجلاء حوالى 20 قيادياً آخرين من التنظيم من منطقة البوليل جنوب غربي دير الزور، ونقلتهم إلى شمال سورية.
وكتب كلينتسيفيش أمس، على صفحته في «فايسبوك»، أن «مسألة قيام طائرات هليكوبتر تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن بإجلاء بعض قادة مسلحي «داعش» من دير الزور هي واقعة ثابتة مئة في المئة».
وقال: «أنا كشخص شارك في الحرب في أفغانستان، أستطيع أن أؤكد مشاركة الأميركيين المباشرة إلى جانب الأصوليين المتشددين. كنا نشعر بهذا باستمرار».
«قوات سورية الديموقراطية» تبدأ عملية ضد «داعش» في دير الزور
دير الزور، أبو فاس (سورية)، بيروت – أ ف ب، رويترز
أعلنت «قوات سورية الديموقراطية»، تحالف فصائل كردية وعربية، في بيان اليوم (السبت) بدء حملة عسكرية لطرد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) من شرق محافظة دير الزور التي يخوض الجيش السوري في ريفها الغربي معارك ضد المتشددين.
وتلا رئيس «مجلس دير الزور العسكري» المنضوي في «قوات سورية الديموقراطية» أحمد أبو خولة خلال مؤتمر صحافي في قرية أبو فاس شرق البلاد، بياناً جاء فيه «نزف بشرى البدء بحملة عاصفة الجزيرة، والتي تستهدف تحرير ما تبقى من أراضي الجزيرة السورية وشرق الفرات من رجس الإرهابيين وتطهير ما تبقى من ريف دير الزور الشرقي».
جاء ذلك في وقت قال التلفزيون الرسمي السوري فيه، إن الجيش وحلفاءه انتزعوا حقلاً نفطياً من «داعش» قرب مدينة دير الزور اليوم في تقدم جديد لهم أمام المتشددين.
وذكر التلفزيون الرسمي أن الجيش السوري وحلفاءه أحكموا سيطرتهم على حقل «التيم» النفطي في صحراء جنوب دير الزور.
وكان الجيش السوري بدأ أمس هجوماً جديداً لفك الحصار الذي يفرضه «داعش» على مطار دير الزور العسكري وأحياء مجاورة في إطار عمليته الهادفة إلى طرد المتشددين من المدينة، بحسب مصدر عسكري.
وقال المصدر الموجود في مدينة دير الزور شرق سورية «بدأت ظهر اليوم عملية فك الطوق عن المطار العسكري» الواقع جنوب المدينة.
وتسعى وحدات الجيش إلى إعادة وصل مناطق سيطرتها في غرب المدينة، بعدما تمكن التنظيم مطلع العام الحالي من فصلها إلى قسم شمالي تم كسر الحصار عنه الثلثاء الماضي، وآخر جنوبي يضم المطار العسكري والأحياء المجاورة المحاصرة من المتشددين.
وبحسب المصدر، فإن القوات الحكومية الموجودة في اللواء 137 تقدمت اليوم جنوباً، وتخوض معارك عنيفة ضد «داعش» في منطقة المقابر، الواقعة على بعد حوالى كيلومتر شمال غربي المطار. وسيطر الجيش اليوم على بلدة الشولا الواقعة على بعد حوالى 40 كيلومتراً جنوب غربي المطار.
ويهدف الهجوم الأخير وفق المصدر العسكري، إلى «فتح الطريق بين المدينة (مناطق سيطرته) والمطار العسكري والأحياء الشرقية» التي يسيطر عليها «داعش».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس أن الطائرات السورية والروسية وجهت ضربات متتالية على مناطق سيطرة التنظيم المتطرف ومواقعه في محيط المطار العسكري وأطراف المدينة.
ويسيطر التنظيم منذ صيف العام 2014 على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور الحدودية مع العراق والغنية بالنفط وعلى 60 في المئة من مدينة دير الزور. ومنذ مطلع العام 2015، فرض التنظيم حصاراً مطبقاً على الأحياء الواقعة تحت سيطرة الجيش.
وتسبب الحصار بمفاقمة معاناة السكان مع النقص في المواد الغذائية والخدمات الطبية، إذ بات الاعتماد بالدرجة الأولى على مساعدات غذائية تلقيها دورياً طائرات سورية وروسية وأخرى تابعة لـ «برنامج الأغذية العالمي».
وغداة دخول شاحنات محملة بالمواد الغذائية مخصصة للبيع بأسعار مخفضة في الأسواق التجارية، أعلن «الهلال الأحمر» السوري اليوم دخول أول قافلة محملة بالمساعدات الإنسانية براً إلى المدينة.
وتضم القافلة 35 شاحنة وفق بيان لـ «الهلال الأحمر»، تحمل مواد غذائية وصحية وأدوية من «الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، إضافة الى سبع شاحنات من «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» تحمل مواداً غذائية معلبة تكميلية.
ويقدر عدد المدنيين الموجودين في الأحياء تحت سيطرة الجيش بحوالى 100 ألف شخص، فيما يتحدث «المرصد السوري» عن وجود أكثر من 10 آلاف مدني في الأحياء تحت سيطرة التنظيم. وتشير تقديرات أخرى إلى أن العدد أكبر.
«البصمة السورية» تدمغ الإرهاب في روسيا
موسكو – رائد جبر
فتح إعلان وزارة الدفاع الروسية، العثور على تحصينات في دير الزور أقامها متطرفون من روسيا وجمهوريات سوفياتية سابقة، سجالات جديدة تتناول ارتباط تصاعد التهديدات الإرهابية في روسيا، مع التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية، خصوصاً مع تأكيد الأجهزة الأمنية الروسية إحباط عشرات الهجمات التفجيرية في روسيا خلال عام، خطط لها مواطنون من بلدان آسيا الوسطى تلقى بعضهم تعليمات مباشرة من الأراضي السورية.
في نيسان (أبريل) الماضي، وبعد مرور يومين فقط على تفجير انتحاري في مترو أنفاق سان بطرسبورغ أسفر عن مقتل 16 شخصاً وجرح 50 آخرين، رفض وزير الخارجية سيرغي لافروف بشدة فكرة ارتباط تزايد التهديدات الإرهابية مع العمليات العسكرية في سورية، واعتبر هذا التفسير «ليس أخلاقياً» و «محاولة جديدة من الغرب لبث دعايات على أساس ازدواج المعايير».
لكن المعطيات التي قدمتها بعد ذلك وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية الروسية، وهي الجهات التي تدير حالياً سياسة موسكو في سورية، دلت بوضوح على تزايد المخاوف، بسبب تأثيرات الوضع في سورية في الأمن الداخلي الروسي. وتكفي الإشارة إلى تلقي منفذ هجوم المترو القيرغيزي الأضل تعليمات من سورية. كما دل اعتقال 10 أشخاص بعد الهجوم مباشرة، على «البصمة السورية» أيضاً. وسيمثل المتهمون أمام القضاء الشهر المقبل لمواجهة اتهامات بالانخراط في تنظيمي «داعش» و «جبهة النصرة».
وأشار الجزء المعلن حتى الآن من ملفات القضية، إلى أن المتهمين وهم من مواطني آسيا الوسطى بدأوا منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، أي بعد مرور شهرين فقط على إطلاق العملية العسكرية في سورية، تجنيد انتحاريين لتنفيذ هجمات ضد منشآت عامة في روسيا.
وعلى رغم أن هجوم سان بطرسبورغ اعتبر الحادث الأكثر دموية خلال السنوات الأخيرة، إلا أن الهجمات التي أعلنت موسكو عن إحباطها خلال الشهور الأخيرة، كانت في غالبيتها تركز على استهداف محطات القطارات ومنشآت عامة ومواقع تكون عادة مكتظة. ونشرت هيئة (وزارة) الأمن الفيديرالي على موقعها الإلكتروني في حزيران (يونيو) الماضي شريط فيديو ظهر فيه شخص كان يعد لتفجير في محطة سكك الحديد وقال للمحققين بلغة روسية مكسرة أنه «تلقى تعليمات بتفجير القطار».
وخلال الشهرين الأخيرين فقط، أحبطت موسكو هجومين كبيرين أحدهما في سان بطرسبورغ، والثاني كان يتم التحضير له في موسكو صباح الأول من أيلول (سبتمبر) أثناء توجه مئات الآلاف من الروس مع أطفالهم إلى المدارس في أول أيام العام الدراسي.
في الحالين، برزت إشارات إلى تلقي تعليمات من الخارج، وأقر الإرهابي الذي خطط لتفجير نفسه في التحقيق الأولي، بأنه «جاء إلى روسيا تلبية لنداء الجهاد».
وقال نائب المدعي العام ألكسندر بوكسمان أن الأجهزة الروسية أحبطت خلال النصف الأول من العام، 12 هجوماً كبيراً. وفي إحصاءات الأجهزة، تجاوز عدد الهجمات المحبطة 18 حتى مطلع الشهر الجاري.
واللافت أن روسيا تجاهلت إعلان مجموعة متشددة مجهولة أطلقت على نفسها اسم «كتيبة الإمام شامل»، قالت في بيان بثته على الشبكة العنكبوتية أنها نفذت عملية سان بطرسبورغ. وتوحي التسمية بأن المجموعة الإرهابية مرتبطة بالمتطرفين في منطقة القوقاز، ما يعني أن سبب التجاهل الروسي قناعة بأن من يقف وراء تصعيد النشاط الإرهابي حالياً في روسيا يرتبطون بالوضع في الشرق الأوسط، وليس بالوضع الداخلي في منطقة القوقاز. وعززت الإعلانات المتتالية عن اعتقال مواطنين من جمهوريات آسيا الوسطى، وعن الوجود الناشط لإرهابيين من المنطقة ذاتها في سورية، هذه القناعة.
ودفع تصاعد المخاوف معارضين روساً إلى التساؤل عن «ثمن الانتصار في سورية»، وفي إطار تعليق مدون روسي على استطلاع حديث أظهر أن نصف الروس يريدون إنهاء تدخل بلادهم العسكري في سورية، تساءل: «هل غدت روسيا وغدا العالم أكثر أمناً»؟
هذا السؤال حاول رئيس هيئة الأمن الفيديرالي ألكسندر بورتنيكوف، الرد عليه بالإشارة إلى أنه «على رغم تلقي تنظيم داعش ضربات قوية، إلا أنه ما زال قادراً على التأقلم مع الظروف وتشكيل خطر جدي».
قوات سوريا الديمقراطية تعلن عن عملية ضد تنظيم “الدولة” في دير الزور
“القدس العربي” – وكالات: قال مسؤول كبير في قوات سوريا الديمقراطية يوم الجمعة، إن القوات المدعومة من الولايات المتحدة ستعلن عن عملية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”(داعش) في شمال محافظة دير الزور.
وأضاف المسؤول أن العملية التي تهدف إلى دفع الدولة الإسلامية إلى التقهقر من المناطق الشمالية لدير الزور ستعلن رسمياً السبت.
وقال إن القوات ستطلق الهجوم من جنوب الحسكة الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في إطار هجوم أوسع لطرد الدولة الإسلامية من مدينة الرقة.
وتقاتل قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف من قوات كردية وعربية، لطرد الدولة الإسلامية من مدينة الرقة إلى الشمال على نهر الفرات، مدعومة بغطاء جوي ودعم قوات خاصة من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وتقول قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية إنها انتزعت السيطرة على 65 في المئة من مدينة الرقة من الدولة الإسلامية.
وفي هجوم دير الزور ستنطلق قوات سوريا الديمقراطية باتجاه نهر الفرات من شرق المحافظة على الحدود مع العراق.
ومن المرجح أن تجعل العملية قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، قريبة من قوات النظام السوري والقوات المتحالفة معها والتي حققت تقدماً في مدينة دير الزور.
وقبل أيام وصل النظام السوري إلى جيب تابع له في مدينة دير الزور على الضفة الغربية لنهر الفرات ليكسر بذلك حصاراً كانت تفرضه الدولة الإسلامية على الجيب منذ ثلاث سنوات.
وبمساعدة سلاح الجو الروسي ومقاتلين مدعومين من إيران توج التقدم أشهراً من التقدم المطرد ضد الدولة الإسلامية عبر الصحراء.
ما هو مصير مقاتلين من المعارضة بعد أن تصالحوا مع النظام السوري؟
حضن الوطن أم حضن المقابر
دمشق – «القدس العربي»: تعتبر مدن وبلدات ريف العاصمة السورية دمشق، والتي هجر النظام السوري برعاية روسية إيرانية مقاتلي المعارضة السورية منها نحو الشمال السوري، من أكثر المناطق ضعفاً أمام سطوة قوات الأسد، ليبقى الأهالي رهائن سياسة حكومة النظام، أما حياة أبناء تلك المناطق فهي لم تختلف كثيراً عن تلك التي سادت خلال سنوات الحرب، والمشهد الأكثر تطبيقاً، هو توقف النظام السوري بفرقه العسكرية وميليشياته عن قتل الاهالي المحاصرين، وجمع فرائسه من الشباب للتضحية بهم على جبهاته.
مصدر خاص في ريف دمشق، قال لـ «القدس العربي»: النظام السوري لم يربح فقط تهجير المعارضة السورية المسلحة وقسم من الأهالي نحو محافظة إدلب، بل اغتنمت قواته خزاناً بشرياً كبيراً من الشباب والرجال في عموم مناطق ريف دمشق المهجر.
وأضاف المصدر، الذي فضل حجب اسمه: ففي مدينة معضمية الشام، التي تقع على المدخل الغربي للعاصمة السورية، كسب النظام السوري أكثر من 8 آلاف شاب ورجل من ابناء المدينة، فيما تجند لصالحه العشرات ان لم نقل المئات من المدنيين أو من مقاتلي الجيش الحر، الذين فضلوا تسوية أوضاعهم مع الأسد والبقاء ضمن حدود مدنهم، ورفضهم لسياسة التهجير.
إلا أن الوعود كافة التي منحهم اياها النظام السوري، لم تشكل درعاً لهم أمام قبضته الأمنية، فمن رضخ منهم لسياسة الأسد العسكرية، بات اليوم يقاتل في صفوف النظام السوري على جبهات الغوطة الشرقية، او على تخوم حي جوبر في العاصمة دمشق، وبعضهم قاتل في وقت سابق على جبهات درعا البلد جنوب سوريا، ولا يستطيع أي من العناصر المعارضة المصالحة للأسد فرض أي رأي، وما يقع عليهم هو التنفيذ فقط لأوامر قوات النظام. علماً بأن النظام السوري كان قد وعدهم قبيل المصالحة والعودة الى «حض الوطن» بأن تواجدهم يقتصر على مدنهم وعلى شكل لجان محلية لحمايتها وحراستها.
وفي حوار خاص لـ «القدس العربي» مع قيادي سابق في الجيش السوري الحر، وهو الآن احد المنتسبين الى الميليشيات الموالية للنظام، قال «خالد الشامي» -الاسم المستعار له – ما دفعني بداية للبقاء في المدينة وعدم الخروج نحو الشمال السوري، هو محاولتي مع عدد من اهالي البلدة بعدم السماح للقوات الإيرانية والميليشيات الأجنبية باحتلال المدينة وتغيير معالمها السكانية.
ولكن بعد تهجير زملائي من مجموعات الجيش الحر نحو إدلب، ضاقت بنا السبل في معضمية الشام، فكافة الهيئات السياسية المعارضة، قيمتنا مثلما تقيم المناطق الموالية للأسد، فقطعت العلاقات كافة معنا، ومنعت عنا الدعم، ولم تعد تعترف بنا ولا بثورتنا.
وأضاف «الشامي»، مع توالي الأشهر لم أعد ومثلي الكثير يمتلك قوت يومه، وغالبيتنا من المتزوجين ولدينا أطفال، وحاولنا كثيراً الهروب نحو الشمال السوري، ولكن مخابرات الأسد اصطادت عددا من رفقانا ممن حاولوا الهروب نحو المناطق المحررة.
وقال المقاتل: هنا لم يعد أمامي أي خيار، سوى الالتحاق بقوات النظام، بحثاً عن 50 دولاراً أعود بها لعائلتي نهاية كل شهر، ولكن ما حصل معنا كان كارثياً، فمنذ ستة أشهر وأنا مجند لدى ميليشيا درع العاصمة المدعومة من قبل رامي مخلوف، ولكن منذ تطوعي معهم ليومنا هذا لم يقدموا لنا أي مبلغ حتى لو ليرة سورية واحدة، ونحن اليوم أمام «ذل لا يعلم به إلا الله».
وأكد القيادي السابق في الجيش الحر، والمقاتل الحالي ضمن قوات النظام، بأن عددا من أبناء مدينة معضمية الشام والتل وخان الشيح ممن صالحوا النظام في وقت سابق، قتلوا على جبهات جوبر أو الغوطة الشرقية بعد أيام قليلة من زجهم على الجبهات الساخنة وفي الخطوط الامامية الاولى وعاد الى ذويه جثة هامدة، والبعض الآخر قُتل بعد أشهر من التطوع، ومات ولم يتقاض ليرة سورية واحدة، بينما قدم النظام لذويهم 50 الف سورية أي ما يقارب الـ 100 دولار وذلك كتعويض عن حياة معيلهم.
واعتبرت بعض المصادر أن النظام السوري استخدم الحصار والتجويع كورقة رابحة في الضغط على أبناء المصالحات للقتال ضمن صفوفه، بعد إغرائهم ببعض الامتيازات والمرتبات الشهرية التي تتكفل حكومة طهران بجزء كبير منها، كما هو حال ميليشيات «الدفاع المحلي» والتي تندرج تحت لوائها ميليشيا «درع المهدي»، إضافة إلى «الفوج الخامس اقتحام».
وحسب مصادر أهلية من محافظة درعا، أفادت لـ «القدس العربي» بأن «النظام السوري أرسل حشوداً عسكرية ضخمة إلى تخوم درعا البلد إبان معاركه فيها، كان قوامها المئات من أبناء مدن ريف دمشق التي أبرمت اتفاق المصالحة مع النظام، بعضهم كان متطوعاً لدى فصائل المعارضة السورية، وبعضهم تم تجنيده بشكل إجباري بعد اعتقاله على الحواجز العسكرية التي تقطع أوصال العاصمة دمشق وأريافه».
وقال المحلل العسكري العقيد محمد العطار لـ «القدس العربي» إن «هذه الميليشيات المكونة من أبناء المدن الثائرة شكلها الأسد نتيجة لضعف الوضع العسكري وقلة عناصره، وعقب حصار خانق على ريف دمشق، حيث استطاع النظام السوري فرض الهدن على المناطق الاستراتيجية التي يرغب بالسيطرة عليها في وقت لاحق. ورأى أنه «لا بد ان النظام السوري لجأ الى زيادة التعبئة ضمن صفوفه من أجل تخفيف اعتماده على الإيرانيين واتباع عناصره لميليشيا «حزب الله» اللبناني، بالإضافة إلى مساعيه في تأمين قوة عسكرية جديدة لنفسه، تحقق له أهدافه بصرف النظر عن الأهداف الروسية الإيرانية.
الكوادر التي تم تجنيدها من تلك قرى وبلدات في ريف دمشق، والتي سيطر الأسد عليها مؤخراً، سيعمل من خلالها لشق صف «سنة» تلك المناطق بشكل نهائي، إذ أن رفاق الأمس وأبناء القضية الواحدة سيكونون موزعين على جبهتي القتال فيقتل الصديق صديقه ويقتل الأخ أخاه، وبهذا تكون الخسارة في كلا الحالتين من السنة وهذا يعتبر مكسباً للأسد ونظامه.
وقال «إن قوات النظام التي تعتمد بشكل أساسي على أبناء البلدات المناوئة لحكم الأسد ستحقق للاخير أكثر من غاية هامة، خاصة بأنها شكلت في توقيت حرج جداً من عمر الثورة، وضخت له مادة إعلامية مكثفة تساهم في رفع الروح المعنوية لدى مقاتليه وتضعف إرادة القتال عند الثوار، مستغلاً الإرهاق النفسي الحاصل عقب تراجع المعارضة السورية.
وقال الناشط الإعلامي عبد الرزاق القادري لـ «القدس العربي»، «شهدت مناطق المصالحات تجنيداً للعشرات من أبنائها ضمن صفوف قوات النظام السوري، فقد وثقنا تجنيد العشرات من أبناء المعضمية وداريا وقدسيا والهامة وخان الشيح وغيرها ضمن صفوف ميليشيات درع القلمون، درع العاصمة، وهي المناطق التي كانت تحتل رأس الهرم في قائمة اهتمام النظام السوري، فيما كان بعضهم يحمل السلاح مع الثوار ولكن الظروف الراهنة غيّرت مكانه إلى الصف النقيض، لأسباب كثيرة إما السحب الاجباري، أو للحفاظ على المدخول المادي، وقسم آخر تم تجنيده خلال سنوات الحصار عبر أزلام النظام السوري، وعبر علاقات انتهت بالتطبيع والتجنيد وأضاف الناشط الإعلامي: ان تجنيد شباب مناطق المصالحات يتم غالباً ضمن ميليشيات تتبع لرامي مخلوف، ويتقاضون رواتبهم من جمعية البستان التابعة له، ومنهم من يتقاضى 150 دولاراً أمريكياً، ومن يتم تنصيبه كعميل لجلب شبان آخرين يتقاضى 250 دولاراً.
الائتلاف الوطني السوري يرفض إجلاء فصيلين من المعارضة إلى الأردن
عبد الرزاق النبهان
حلب – «القدس العربي»: رفض الائتلاف الوطني السوري المعارض إجلاء فصيلين من البادية، وذلك عقب مطالبة «غرفة الموك» فصيلي «الشهيد أحمد العبدو» و»جيش أسود الشرقية» التابعين للمعارضة السورية المسلحة في البادية السورية، بوقف قتال قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها، والدخول إلى الأراضي الأردنية.
وجاء في بيان تسلمت «القدس العربي» نسخه منه، انه تشهد مسيرة الفصيلين في الجيش الحر، الشهيد أحمد العبدو وأسود الشرقية، بأداء متميز في مواجهة نظام الأسد وتنظيم داعش الإرهابيين، فشهداؤهما انتشروا في عموم المناطق السورية.
وأضاف البيان، أنه بدلاً من تعزيز دور هذين الفصيلين في محاربة النظام وتمدد «داعش» في البادية السورية، تقوم جهات إقليمية وخارجية بتوجيه رسالة ممتلئة بالشروط التي تخل بوجود ودور ومصير هذين الفصيلين، وتأكيد بنودها في لقاءات عقدت في إحدى دول الجوار تقتضي بخروج قوات الفصيلين وأسلحتهم إلى الأردن وترحيل عائلاتهم إلى مخيم الأزرق، وبما يخالف إرادة وإصرار الفصيلين وعلاقتهما بغرفة الدعم والمعارك الدائرة في المنطقة.
وأكد الائتلاف السوري في بيانه أنَّ الذي يجري غير مفهوم أبداً بالنسبة للكثيرين، ويخشى أن يكون جزءاً من ترتيبات أو صفقة مع روسيا والنظام المجرم بشأن البادية السورية وإخلائها من الجيش الحر.
وأشار إلى التقاء أعضاء الائتلاف الوطني بممثلي الفصيلين منذ قدمت تلك الشروط، وتشاور معهما بشأن الخطوات التي يجب القيام بها لوقف هذه الإجراءات، إن كان عبر التواصل مع المعنيين في الإدارة الأمريكية عن الملف السوري، أو مع جهات صديقة عديدة ومع فصائل الجيش الحر، ومازال يواصل جهده، بتفويض من الفصيلين، مع الأشقاء في الأردن وأطراف الدعم، مبيناً الأخطار الناجمة عن هذا الوضع ودلالاته.
وأكد البيان على رفض ترحيل قوات مقاتلة مشهود لها بالشجاعة والثبات إلى خارج الأراضي السورية، في وقت يتحرك فيه «داعش بحرية في اتجاهات مختلفة على الأراضي السورية أمام مرأى العالم، ومراقبة الأقمار الصناعية لدول كبرى، كما يدين أية صفقات تجري في البادية على حساب نضالات الشعب السوري وطموحاته المشروعة في انتزاع حريته، وفي محاربة نظام الجريمة والفئوية وتنظيم داعش الإرهابي».
أستانة (6): المعارضة السورية تؤكّد الحضور وأردوغان يصفها بـ”النهائية“
عدنان علي
أكّد وزير خارجية كازاخستان، قيرات عبد الرحمنوف، اليوم السبت، أنَّ المعارضة السورية، أبدت “استعدادها المبدئي” للمشاركة في الجولة السادسة من محادثات “أستانة” حول سورية، التي وصفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ”النهائية”.
ولفت عبد الرحمنوف، خلال مؤتمر صحافي، إلى أن تركيا تعمل بنشاط على إشراك “الفصائل العسكرية” بالمحادثات. وكانت الخارجية الكازاخية أعلنت، في بيان سابق، أن الجولة السادسة من محادثات أستانة ستعقد في الرابع عشر والخامس عشر من سبتمبر/أيلول الحالي.
بدوره، أكّد عضو وفد المعارضة إلى المحدثات العقيد فاتح حسون، لـ”العربي الجديد”، أن وفد المعارضة تلقى دعوة رسمية عن طريق الضامن التركي لحضور هذه الجولة، مشيراً إلى وجود توافق بين الفصائل على الحضور.
وحول مضمون المباحثات في الجولة المقبلة، قال حسون إن جدول أعمال المباحثات غير معلن حتى الآن، لكن الجولة المقبلة ستكون لها أهمية كبيرة جداً لجهة إقرار وتثبيت الاتفاقات المعلن عنها في مناطق خفض التصعيد وتحديد آليات تطبيقها، مستبعداً أن يتم التطرق لأي نقاط جديدة غير ما تم التباحث بشأنه سابقاً. وشدد في الوقت نفسه، على ضرورة أن تلتزم روسيا بما أقرته في الاجتماعات السابقة والاتفاقيات المبرمة.
ويُقبل الملف السوري على استحقاق أساسي الأسبوع المقبل، مع انعقاد جولة جديدة من اجتماعات أستانة هدفها إقرار خرائط مناطق وقف التصعيد في سورية، في ظل دفع روسي لهذه الاجتماعات كمدخل لحل الصراع في هذا البلد.
في الأثناء، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن اجتماعات أستانة المتعلقة بالأزمة السورية، والمقرر انعقادها في العاصمة الكازاخية، يوم 14 سبتمبر الجاري، ستكون بمثابة مرحلة نهائية للمباحثات التي تهدف إلى وضع حل للأزمة.
جاء ذلك، خلال اجتماع ثنائي عقده أردوغان مع نظيره الكازاخي نور سلطان نزارباييف، اليوم، عقب مراسم استقبال رسمية أقيمت له في قصر أكوردا الرئاسي بأستانة.
وأشار الرئيس التركي إلى أهمية الاجتماعات التي ستحتضنها أستانة في 14 سبتمبر الجاري حول الأزمة السورية، مؤكداً اكتمال المباحثات الأولية، وأن الاجتماعات المقبلة ستكون بمثابة مرحلة نهائية.
واستدرك قائلاً “أتمنى أن تكون (مباحثات) أستانة نهاية للخطوات المتخذة، وتساهم بذلك في تسهيل مباحثات جنيف”.
من جهته، أكّد نزارباييف، أن المباحثات السورية في عاصمة بلاده ستستمر بناء على اقتراح من نظيريه التركي، والروسي فلاديمير بوتين.
وتستضيف أستانة مباحثات برعاية من روسيا وتركيا وإيران، بغية التوصل إلى تفاهمات ميدانية لتثبيت وقف إطلاق النار في الأراضي السورية، وتحديد مناطق خفض التصعيد، وتأمين المساعدات الإنسانية للسكان.
وكانت الجولة السابقة من المحادثات تأجلت بعد اعتراضات من وفد المعارضة على إدراج إيران بين الدول الضامنة لاتفاقات “خفض التصعيد”، التي اتفقت كل من روسيا وإيران وتركيا على إقامتها في أربع مناطق سورية. غير أن موسكو أبرمت اتفاقات منفصلة أحدها مع واشنطن، جنوب سورية، وأخرى مع الفصائل العسكرية في غوطة دمشق الشرقية، إضافة إلى اتفاق أبرم، أخيراً، في شمال حمص.
كما تستضيف مدينة جنيف السويسرية، بالتوازي مع ذلك، جولات من المباحثات الرامية إلى التوصل لحل سياسي للأزمة السورية كان آخرها الجولة السابعة منتصف يوليو/تموز الماضي.
مليشيات “سورية الديمقراطية” تعلن معركة دير الزور
عدنان علي
وسط اشتداد المواجهات العسكرية بين تنظيم “داعش” الإرهابي وقوات النظام السوري والمليشيات التي تقاتل معها في ريف دير الزور الغربي، حيث تحاول الأخيرة فك الحصار عن مواقعها في المدينة والمطار العسكري، أعلنت مليشيات “قوات سورية الديمقراطية”، بدورها، عن البدء بمعركة تحرير دير الزور من “داعش”.
وأعلنت “قوات سورية الديمقراطية”، في بيان، اليوم السبت، عن بدء حملتها العسكرية لطرد “داعش” من شرق محافظة دير الزور. وتلا رئيس مجلس دير الزور العسكري المنضوي في “قوات سورية الديمقراطية” أحمد أبو خولة، خلال مؤتمر صحافي في قرية أبو فاس في شرق البلاد، بياناً جاء فيه “نزفّ بشرى البدء بحملة (عاصفة الجزيرة)، والتي تستهدف تحرير ما تبقى من أراضي الجزيرة السورية وشرق الفرات من رجس الإرهابيين وتطهير ما تبقى من ريف دير الزور الشرقي”.
وتحدث البيان عن انهيارات كبيرة في صفوف تنظيم “داعش”، لافتاً إلى أن التنظيم يسعى إلى “رفع معنويات قواته في الرقة”، بتنفيذه ضربات مباغتة في مناطق متفرقة جنوب الحسكة، مشيراً إلى أن التحالف الدولي سوف يشارك في العملية براً وجوّاً.
وقالت مصادر محلية إن “قوات سورية الديمقراطية” بدأت عمليتها من الجهة الشمالية لدير الزور، عبر بلدة السبعة وأربعين، جنوب محافظة الحسكة شمال شرقي البلاد، حيث تدير العملية من مساكن الجبسة في ناحية الشدادي. وتوقعت المصادر أن يكون هدف العملية السيطرة على المنطقة الممتدة من ريف الشدادي الجنوبي الواقع في جنوب الحسكة، وصولًا إلى الضفاف الشرقية لنهر الفرات.
ويسيطر تنظيم “داعش” على معظم مناطق دير الزور، باستثناء أحياء في المدينة ونقاط في محيطها إضافة للمطار العسكري، حيث بدأت قوات النظام السوري المدعومة من روسيا قبل أيام عملية عسكرية واسعة لفك حصار تنظيم “داعش” لقواتها في المنطقة.
وتحاول عبور مياه نهر الفرات إلى ريف دير الزور الشمالي، انطلاقاً من مواقعها التي قالت إنها كسرت الحصار عنها في مدينة دير الزور في الخامس من الشهر الجاري.
وتوقعت مصادر إعلامية أن تسيطر “قوات سورية الديمقراطية” بمساندة التحالف الدولي على الجزء الشمالي من مدينة دير الزور فقط، وذلك ضمن اتفاق روسي – أميركي يترك المجال لقوات النظام من أجل السيطرة على بقية المحافظة.
وكانت فصائل من الجيش الحر منتشرة في البادية السورية تسعى للمشاركة في معركة دير الزور، إلا أن “قوات سورية الديمقراطية” اشترطت عليها أن تعمل تحت قيادتها، الأمر الذي رفضته تلك الفصائل مطالبة بأن توفر لها نقطة انطلاق من منطقة الشدادي وأن تعمل بشكل مستقل.
وسيطرت “قوات سورية الديمقراطية”، أمس الجمعة، على محطة جويف في ريف دير الزور الشمالي، وذلك عقب اشتباكات مع تنظيم “داعش” خلفت قتلى وجرحى في صفوف الطرفين.
ومن جهة الغرب، قالت مصادر النظام إن قواته سيطرت على بلدة الشولا بريف دير الزور الغربي بعد القضاء على تنظيم “داعش” فيها واقتربت من جبل الثردة.
وقالت مصادر محلية إن قوات النظام تمكّنت من تحقيق تقدم تحت غطاء جوي روسي في منطقة المقابر، ضمن عملية عسكرية مباغتة لفك الحصار عن مطار دير الزور العسكري.
وأعلنت سيطرتها على مرتفعات في أطراف منطقة المقابر، فارضة سيطرتها النارية على ما تبقى من المنطقة الواقعة بين أماكن سيطرتها والمتصلة بمطار دير الزور العسكري والمؤلفة من حيي الطحطوح وهرابش، وأجزاء واسعة من حي الرصافة في القسم الجنوبي الشرقي من المدينة، والجزء المتصل مع اللواء 137 والمؤلف من جمعية الزهور وحيي الجورة والقصور وأجزاء من أحياء الرشدية والحويقة والجبيلة والموظفين، بالقسم الجنوبي الغربي من المدينة. وتوقعت المصادر أن تسيطر قوات النظام خلال اليوم السبت على المنطقة المتبقية بين المطار العسكري والأحياء المتصلة مع اللواء 137.
وكان تنظيم “داعش” قد تمكّن مطلع العام الجاري من السيطرة على هذه المنطقة وفرض حصار ثانٍ بعد الحصار الأول الذي كان مفروضاً على مدينة دير الزور منذ مطلع عام 2015.
وفي محافظة الرقة المجاورة، قُتل ثمانية أشخاص، خمسة منهم من عائلة واحدة جراء استهداف طائرات التحالف الدولي ومدفعية “قوات سورية الديمقراطية” أحياء مدينة الرقة.
وكان 24 شخصاً قد لقوا حتفهم جراء قصف طيران التحالف مدرسة أبي ذر الغفاري بالرقة في حي الدرعية، والتي كانت قد لجأت إليها عائلات عدة، في حين استهدفت “قوات سورية الديمقراطية” الملعب البلدي في مدينة الرقة بالقذائف الصاروخية، ما أدى لحدوث دمار فيه.
وفي ريف حمص الشرقي، سيطرت قوات النظام مدعومة بمليشيات أجنبية فجر اليوم، على قرى أبو قعطور، وأبو لية، وجب حبل، والهبر الشرقية، وأم صهريج جنوب منطقة جب الجراح، وذلك عقب معارك مع تنظيم “داعش”، تزامناً مع قصف مدفعي وصاروخي متبادل، في حين شنّت الطائرات الروسية غارات عدة على مواقع التنظيم في المنطقة.
وفي جنوب البلاد، شنّت فصائل المعارضة هجوماً على مواقع قوات النظام في بلدة حضر بالقطاع الشمالي من ريف القنيطرة، والتي تسيطر عليها قوات النظام والمسلحون الموالون لها والقريبة من الحدود مع الجولان السوري المحتل. وتمكنت الفصائل من السيطرة على تلة في المنطقة ومواقع أخرى في محيط وأطراف البلدة، قبل أن تشن قوات النظام هجوماً معاكساً، وتتمكن من استعادة السيطرة على الموقع بالترافق مع قصف مدفعي متبادل، ما أدى إلى مقتل 6 من قوات النظام وإصابة آخرين. كذلك قتل عدد من قوات المعارضة، في حين ألقى الطيران المروحي براميل متفجرة على بلدة بيت جن ومحيطها.
وفي محيط دمشق، قصفت قوات النظام أطراف بلدة جسرين في غوطة دمشق الشرقية، فيما تجددت الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها ومقاتلي فيلق الرحمن في محيط المتحلق الجنوبي من جهة بلدة عين ترما، وسط قصف متبادل بين الطرفين.
وفي جنوب البلاد، يتواصل القتال بين فصائل المعارضة و”جيش خالد بن الوليد” المبايع لتنظيم “داعش” في بلدات جبيلة والبكار والعبدلي في منطقة حوض اليرموك، بريف درعا الغربي، حيث تمكن “جيش خالد” من السيطرة على أجزاء من بلدة العبدلي بينما قتل نحو 10 من مقاتلي المعارضة وجرى فصل رؤوس بعضهم عن أجسادهم، فيما أحرقت بعض الجثث الأخرى.
وفي شمال البلاد، تعرضت مناطق في ريف حلب الشمالي وريف عفرين إلى قصف من قبل القوات التركية وبعض فصائل المعارضة، خاصة بلدتي مرعناز وعين دقنة، وقرية البيلونية من دون ورود أنباء عن وقوع خسائر بشرية.
“داعش” يتوعّد الملتحقين بمدارس خارجية من أهالي مخيّم اليرموك
أحمد حاج حمدو
هدّد تنظيم “داعش” الطلّاب والمدرّسين في مخيم اليرموك جنوبي العاصمة السورية دمشق، بالمحاسبة والعقوبة في حال الالتحاق بالمدارس الواقعة خارج المخيّم.
وذكرت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” أن التنظيم حمّل ذوي الطلاب، أي مسؤولية عن تسجيل أولادهم المقيمين داخل المخيم في تلك المدارس.
ويشكّل هذا التهديد الذي أطلقه التنظيم عقبة جديدة أمام الطلاب السوريين والفلسطينيين السوريين الموجودين في المخيّم، الذين حرمهم حصار النظام سابقاً من إكمال تحصيلهم العلمي في الأعوام الماضية.
وبحسب مصادر “العربي الجديد”، فإن عدد الطلاب الموجودين داخل المخيّم الذين شملهم التهديد بلغ نحو 420 طالباً وطالبة، يُضاف إليهم نحو 50 مدرّساً.
وذكرت مصادر مطلعة، أن التنظيم منع أيضاً الطلبة والمعلمين القاطنين في مخيم اليرموك من الخروج إلى بلدة يلدا، بغية منعهم من إكمال تحصيلهم العلمي في المدارس البديلة، وفرض شروطاً قاسية على عبور الطلّاب والمدرّسين من وإلى البلدة المذكورة.
وتأتي هذه الخطوة، بهدف إغلاق كل السبل أمام المدرّسين والطلاب لإجبارهم على الدراسة في المدارس التي أنشأها التنظيم، والتي تقتصر مناهجها على التعاليم المتشدّدة والجهادية.
ويبسط التنظيم سيطرته على أحياء التضامن، العسالي، ونحو 70 في المائة من مخيّم اليرموك، وجميعها في جنوب دمشق، في حين تُعتبر مدينة الحجر الأسود جنوب دمشق أيضاً معقله الرئيس في تلك المنطقة.
وسبق لتنظيم “داعش” أن حظر عمل المنظمات الإنسانية والطبية والتعليمية والتنموية في مناطقه بجنوب دمشق، وطردها إلى مناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة.
يذكر أن المئات من العوائل الفلسطينية نزحت عن مخيم اليرموك إلى البلدات المجاورة بعد سيطرة “داعش” على المخيم مطلع مايو/ أيار من عام 2015.
ويُعاني السكّان الموجودون في جنوب دمشق من تحكّم التنظيم بجميع مجريات حياتهم، وفرض شروطه القاسية عليهم، الأمر الذي يزيد معاناة الحصار المفروض عليهم.
يُذكر أن موسم بدء المدارس في سورية، يبدأ خلال سبتمبر/أيلول الجاري، ويلتحق مئات آلاف الطلاب والمعلّمين بمدارسهم.
الأردن والثورة السورية… خط لم ينقطع يوماً مع النظام/ محمد الفضيلات
تتبادل عمّان مع دمشق عبارات الودِ ورغبات تحسين العلاقات التي تراوحت خلال سنوات الصراع السوري بين البرود والتوتر وتبادل الاتهامات، من دون أن تنزلق إلى حدود القطيعة. منذ انطلاق الثورة السورية، منتصف مارس/ آذار 2011، وجد الأردن نفسه من بين أكثر المتأثرين بالأزمة على الصعيدين الإنساني والأمني، كما خضع لضغوط من حلفائه لتبنّي موقف علني من النظام السوري، خصوصاً بعد تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية وقطع العديد من الدول العلاقات الدبلوماسية مع النظام.
تمكّن الأردن من تطوير صيغته الخاصة في إدارة علاقاته مع سورية، حافظ خلالها على شعرة معاوية مع النظام، فدعا مبكراً لحل سياسي يحفظ وحدة سورية واستقرارها ويوقف إراقة الدماء، من دون أن يمنعه ذلك من الانخراط في سياسات ترضي حلفاءه المتحمسين لإسقاط نظام بشار الأسد، مواصلاً مراقبة توجّهات القوى العظمى من تطورات الأزمة والتكيّف الحذر معها.
وصل اللاجئون السوريون إلى الأردن بعد أيام من اندلاع الثورة، لكن الحكومة الأردنية رفضت أن تطلق عليهم وصف لاجئين، واعتبرتهم ضيوفاً على أقاربهم في شمال الأردن الذي ترتبط عشائره بعلاقات دم وقربى مع عشائر الجنوب السوري. لكن سياسة الإنكار انهارت بعد أشهر قليلة بعدما أصبح اللجوء يأتي على شكل موجات بشرية.
حرص الأردن على عدم إحراج النظام السوري عبر ملف اللجوء، لكنه وجد نفسه بعد نحو عام ونصف العام مضطراً إلى افتتاح مخيم رسمي للاجئين السوريين. وقبل أن يفتتح في 30 يوليو/ تموز 2012 مخيم الزعتري، الذي أصبح “عنوان اللجوء السوري”، أشعر دمشق التي بدأت تتهمه بـ”دحرجة كرة اللجوء” بالأمر، ورد على تمنياتها بعد الإقدام على الخطوة وطلب منها تفهماً.
وسط تضامن دولي وشعبي خلال الأشهر الأولى مع الشعب السوري في وجه المجازر التي يتعرض لها، قال الملك الأردني عبدالله الثاني في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011: “أعتقد أنني لو كنت مكانه (بشار الأسد) لتنحيت”. لكن سرعان ما تصدى الديوان الملكي لنزع حدة التصريح، خصوصاً بعدما حاول متظاهرون سوريون اقتحام مقر السفارة الأردنية في دمشق، والانتقادات العنيفة التي أطلقها المسؤولون السوريون تجاه الأردن الذي كان يشهد موجة احتجاجات شعبية مطالبة بالإصلاح.
التصريح الذي جاء بعد يومين من تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية، لم ينعكس على السياسة الرسمية الأردنية التي حافظت على علاقاتها الدبلوماسية مع سورية، مع غض النظر عن الفعاليات التضامنية مع الشعب السوري والتي أقيمت غالبيتها على مقربة من مقر السفارة السورية في عمّان.
الموقف الأردني المنادي بالحل السياسي، لم يمنع، منتصف عام 2013، من استقبال غرفة “الموك” لدعم فصائل المعارضة السورية المقاتلة في الجهة الجنوبية، وانخراط المملكة في برامج تدريب المعارضة السورية، التي بقيت تدار بسرية حتى الإعلان رسمياً عنها في 23 مارس/ آذار 2015 على اعتبارها برنامجاً لتدريب العشائر السورية على محاربة تنظيم “داعش”. وحتى قبل افتتاح غرفة “الموك”، كان الأردن هدفاً للاتهامات السورية المتكررة، بتدريب المعارضة وتسليحها، وتسهيل عبور الإرهابيين عبر حدوده للالتحاق بالجماعات الإرهابية الناشطة في سورية، وهي اتهامات عززها انضمام نحو 3 آلاف أردني إلى تنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش”، وهي تهم بقي ينفيها الأردن.
وفي الأول من إبريل/ نيسان 2014 أغلق الأردن معبر جابر الحدودي مع سورية أمام حركة المسافرين ونقل البضائع، في أعقاب اشتباكات بين قوات النظام والمعارضة المسلحة في الجانب السوري من المعبر (نصيب)، انتهت بسيطرة المعارضة على المعبر، لتبقى الحدود البرية مغلقة بين البلدين حتى اللحظة، وسط مساعٍ جديدة لفتحها. حافظت العلاقة الدبلوماسية الأردنية – السورية على إيقاعها المتوتر، إلى أن وصلت إلى حالة من العداء المعلن عندما أعلن الأردن في 26 مايو/ أيار 2014 السفير السوري في عمّان بهجت سليمان “شخصاً غير مرغوب فيه” لإساءته المستمرة للمملكة وقياداتها ورموزها السياسية ومؤسساتها الوطنية، لترد دمشق بطرد القائم بالأعمال في السفارة الأردنية في دمشق. بقيت العلاقات الدبلوماسية قائمة، لكنها أصبح أكثر توتراً، خصوصاً أن السفير المطرود بهجت سليمان لم يتوقف عن الإساءة للأردن عبر صفحته الشخصية على موقع “فيسبوك”.
في 10 سبتمبر/ أيلول 2014 أعلن الأردن رسمياً انضمامه للتحالف الدولي للحرب على “داعش”، وشارك سلاح الجو الأردني بقصف الرقة، وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول سقطت طائرة مقاتلة أردنية في الرقة وأسر تنظيم “داعش” قائدها الملازم معاذ الكساسبة، وبث في 3 فبراير/ شباط 2015 فيديو لإعدامه حرقاً. بعد ذلك، تكرر القصف الأردني لمواقع تابعة للتنظيم في الداخل السوري، وسط مطالبات من قبل النظام السوري بالتنسيق معه في الحرب على الإرهاب، لكن الأردن بقي ينسق مع روسيا عبر غرفة عمليات عسكرية أقيمت في عمان للتنسيق بين الطرفين بما يحفظ استقرار الجنوب السوري المتاخم للحدود الأردنية، الأمر الذي فُهم حينها انعطافة أردنية في الموقف من الصراع السوري، في حين علّل الأردن تواصله مع الروس الذين ضمنوا له حضور مباحثات أستانة بصفة مراقب، بالحرص على التواصل مع جميع أطراف الأزمة السورية بما يحقق مصالحه. استمر تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن، حتى 21 يونيو/ حزيران 2016 عندما أعلن الأردن حدوده منطقة عسكرية مغلقة في أعقاب هجوم إرهابي استهدف نقطة عسكرية مقابل مخيم الركبان الحدودي قُتل خلاله 6 عسكريين وأمنيين أردنيين.
الاقتراب الأردني من الروس، اللاعب الأهم في الصراع السوري، جعل السياسة الأردنية أكثر واقعية في التعامل مع ملف الأزمة، وأصبح الحديث ينصبّ أكثر على جهود عودة الاستقرار لضمان عودة اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن. وفي 30 ديسمبر/ كانون الأول 2016 خرج رئيس هيئة الأركان الأردنية الفريق الركن محمود فريحات، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية ليكشف عن أن الاتصالات مع النظام السوري لم تنقطع طوال فترة الصراع. وأكثر ما يوجه من انتقادات للأردن، هو الدور الذي يقال إن المخابرات الأردنية أدته في تجميد جبهة الجنوب والضغط لإبقائها خامدة منذ التدخل الروسي في الحرب السورية، نهاية عام 2015، حتى في عز الأوقات التي كانت فيها مناطق قريبة تحتاج إلى عشرات آلاف مقاتلي المنطقة الجنوبية، تحديداً خلال مجازر داريا وحصارها وحروب الغوطة الشرقية لدمشق.
وساهمت السياسة الأميركية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما تجاه سورية، في جعل الأردن حذراً من اتخاذ موقف حاسم من الأزمة. وفي عهد الرئيس دونالد ترامب، وبعد أن استشعر الأردن أن الإدارة الأميركية الجديدة توشك على حسم الموقف من نظام الأسد، صرح الملك في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست” في 4 إبريل/ نيسان الماضي، أن “المنطق يقتضي بأن شخصاً (بشار الأسد) ارتبط بسفك دماء شعبه من الأرجح أن يخرج من المشهد”. هذا التصريح دفع الأسد بعد أقل من ثلاثة أسابيع لتخصيص مقابلة صحافية للهجوم على الأردن والتشكيك في استقلاله، ما فتح السجال لتراشق الاتهامات بين عمّان ودمشق من جديد.
وبعدما أعاد الأردن قراءة الموقف الدولي من الأزمة والنظام، عاد ليبني خياره على تحسين العلاقات مع دمشق، خصوصاً بعد الإعلان في 8 يوليو/ تموز الماضي، عن توصل الأردن والولايات المتحدة وروسيا لاتفاق وقف إطلاق نار في جنوب غرب سورية، لتعقبه في 25 أغسطس/ آب الماضي، تصريحات للمتحدث باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، رجح خلالها أن تأخذ العلاقات الأردنية – السورية منحى إيجابياً، ليحسم الأردن موقفه من هذا الصراع بعدما شارف على النهاية.
العربي الجديد
ستيفان دي ميستورا… دبلوماسية بخدمة الأقوى/ عدنان علي
لم تكن التصريحات الأخيرة المثيرة للجدل التي أطلقها المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، وتضمنت دعوة للمعارضة السورية للإقرار بهزيمتها في الحرب والتوجه إلى بناء السلام على هذا الأساس، هي الأولى من نوعها خلال المهمة السورية للدبلوماسي الإيطالي – السويدي الحافلة بالفشل عموماً.
في هذا السياق، فإن مراجعة التصريحات المتتالية للمبعوث الدولي خلال السنوات الثلاث الماضية منذ تسلّمه منصبه خلفاً للدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، كشفت أنه استمر في محاولاته التأقلم في كل مرة مع مواقف الطرف الأقوى في الصراع السوري، خصوصاً مواقف روسيا التي باتت اللاعب الأول في الساحة السورية منذ تدخلها العسكري في سبتمبر/أيلول 2015. الرجل ليس “صاحب مبادئ” بل “رجل صفقات” وقادر على التخلي عن المرجعيات الدولية الناظمة للحل السياسي في سورية، كلما تعرّض لضغوط من الدول الكبرى، خلافاً للمبعوثين السابقين مثل الأخضر الإبراهيمي وكوفي أنان ممن فضّلوا الاستقالة على الخضوع للضغوط أو دفعهم لسلوك طريق نهايته الفشل المحتوم.
وقد لاقت تصريحات دي ميستورا الأخيرة التي دعا فيها المعارضة “لأن تدرك أنها لم تفز بالحرب”، ناصحاً إياها بـ”التحلي بالواقعية”، قبل انطلاق الجولة الجديدة من مباحثات أستانة في كازاخستان، ردود فعل غاضبة لدى المعارضة السورية. واعتبرها منسّق الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب بمثابة “هزيمة للوساطة الأممية في تسوية القضية السورية”، مضيفاً بأنه “يورّط نفسه من جديد بتصريحات غير مدروسة، تعزز دعوتنا لطرح أممي جديد إزاء القضية السورية”.
أما كبير مفاوضي “الهيئة العليا”، محمد صبرا، فقد طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ”اتخاذ خطوات إزاء انحياز دي ميستورا”، مشدّداً على أنه “لم يعد مقبولاً كوسيطٍ للمحادثات، لأنه فقد حياده وتحدث كجنرال روسي، لا كوسيط دولي”. واعتبر قائد “الفرقة 13” سابقاً، عضو المجلس العسكري في “جيش إدلب الحر”، المقدّم أحمد السعود، أن “دي ميستورا بات مشكلة في حياتنا”، مشيراً في تغريدات له عبر موقع “تويتر” إلى أن “المبعوث الدولي يروّج حتى بعد تقرير الكيماوي الأخير (صدر يوم الأربعاء الماضي)، لبقاء بشار الأسد بعد أن سقط شعبياً وسياسياً وأخلاقياً وأمنياً وعسكرياً”.
وجاءت تصريحات دي مستورا قبل أقل من عشرة أيام، من محادثات أستانة التي تسعى فيها الدول الضامنة للدفع باتجاه التوقيع على الوثيقة الروسية حول مناطق “خفض التصعيد” في سورية، وقبل انطلاق جولة جديدة من مباحثات السلام بين وفدي النظام والمعارضة في أكتوبر/تشرين الأول بجنيف، ولم يلطف منها كثيراً الاستدراك الذي صدر عن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، بأن حديث دي ميستورا حول “دعوة المعارضة السورية لإدراك أنها لم تفز بالحرب، قد أُسيء تفسيره”.
والواقع أن تصريحات دي ميستورا الأخيرة جاءت في سياق “منطقي” في مسيرة الرجل التراجعية عن المبادئ والنواظم التي حددتها المجموعة الدولية لحل القضية السورية، إذ سبقها تصريحات ومواقف أخرى مشابهة قاسمها المشترك محاولة التأقلم المستمرة مع ما يستجد من مواقف دولية، وما تقتضيه التفاهمات بين القطبين المتنافسين في العالم وفي الساحة السورية، أي الولايات المتحدة وروسيا. وهي محاولات هوت في كل مرة بجزء من مصداقية المبعوث الدولي، فغابت عنده البوصلة، إبان ملاحقته التغييرات المستمرة في المواقف السياسية، حتى إنه تحول في أحد أدواره إلى محلل سياسي، متوقعاً أن “يشهد الشهر الحالي بداية تحوّلات نوعية في القضية السورية”، من دون تحديد طبيعة هذه التغيرات، مضيفاً أن “شهر أكتوبر سيكون شهراً حاسماً في سورية”.
ولعلّ السرد الذي قدمه رئيس وفد المعارضة السورية لجنيف، نصر الحريري، لتجربة المعارضة مع الرجل يلخص هذه المسيرة التراجعية. وبرز حرص المبعوث الدولي على “دوام” مهمته بأي ثمن، وبغض النظر عن الحصاد في نهاية المطاف. ووصف رئيس وفد المعارضة السورية لجنيف، نصر الحريري، تصريحات دي ميستورا بأنها “صادمة ومخيبة للآمال، وتتطابق مع الأجندة الروسية”. وقال في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، إنه “في كل مرة كنا نتوقع أن يقدم دي ميستورا تقريراً واقعياً أمام الأمم المتحدة حول إعاقة العملية من قبل النظام، كان يلتزم الصمت”، معتبراً ذلك أن “أعطى النظام الضوء الأخضر للاستمرار بارتكاب جرائمه”.
وأضاف بأنه “لا يحق للمبعوث الدولي أن يتخلى عن القرارات الدولية، فهو عندما يتحدث عن إصلاح دستوري وعن شكل ما من تشارك السلطة، يبتعد كلياً عن جوهر هذه القرارات وعن جوهر هذه المبادئ ويتنافى مع روح بيان جنيف في تحقيق انتقال سياسي عبر هيئة حكم انتقالية”، لافتاً إلى أن “مواقف المبعوث الدولي تتطابق تماماً مع الأجندة الروسية”. ولدي ميستورا حليف من يدافع عنه، وهي روسيا، التي قال مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف أليكسي بورودافكين، إن “وساطة دي ميستورا بين النظام السوري والمعارضة يجب أن تستمر”. وأضاف أن “الطرف الروسي سبق أن وجّه إلى دي ميستورا انتقادات، لكن من دون المطالبة بتوقف مهمته من أجل تقريب وجهات نظر الحكومة والمعارضة”.
ودعا الدبلوماسي الروسي “الهيئة العليا للمفاوضات”، تحديداً “رياض حجاب إلى تكييف موقفه مع الوقائع العسكرية والسياسية الجديدة في سورية والامتناع عن توجيه انتقادات واهية إلى الأمم المتحدة ودي ميستورا شخصياً”، متهماً المعارضة بأنها “تستغل مفاوضات جنيف لتكرار مطالبها غير الواقعية، لا سيما رحيل بشار الأسد، بدلاً من العمل على اتخاذ قرارات مشتركة مع وفد الحكومة وتنسيق المسائل المطروحة على أجندة الحوار”.
بدوره، رأى الكاتب، المحلل السياسي السوري غازي دهمان في حديث لـ”العربي الجديد” أن “دور دي ميستورا لا يتعدى أن يكون الحفاظ على زخم شكلي للمفاوضات برعاية الأمم المتحدة، بينما الصفقات الحقيقية تتم تحت الطاولة بين القوى الفاعلة في المشهد السوري وفي مقدمتها روسيا، لذلك يتوارى عن المشهد عندما يحصل صدام بين الدول الكبرى أو تتغير قواعد اللعبة، بانتظار جلاء الموقف ليعيد تموضعه من جديد”.
وكانت مصادر دبلوماسية فد ذكرت أن “دي ميستورا كان قد طلب من الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، إعفاءه من منصبه لأسباب شخصية، بعد أن أصيب بالإحباط حيال إمكان تحقيق أي تقدم في المسار السياسي في سورية، وأنه ستعرض إلى ضغوط مستمرة وصلت حد إعلان موقف علني من روسيا، طعناً في صدقيته كمبعوث محايد”. وجاء طلب دي ميستورا، بعد يوم من اتهام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف له بأنه “يقوض عقد محادثات بين السوريين من دون شروط مسبقة”، في حين شددت المصادر على أن “الضغوط من روسيا على دي ميستورا كانت قد بدأت منذ مطلع السنة الماضية واستمرت بالتصاعد تدريجاً، وصولاً إلى إعلان خطة الحسم العسكري في حلب”.
“أستانة-6” مرحلة نهائية للترتيبات الميدانية السورية
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن الاجتماعات المقررة لبحث الأزمة السورية في العاصمة الكازاخية أستانة، يومي 14 و15 أيلول/ سبتمبر الحالي، تعتبر بمثابة مرحلة نهائية للمباحثات الرامية لحل الأزمة، في وقت أعلنت فيه الخارجية الكازاخية عن موافقة المعارضة السورية “مبدئياً” على حضور الاجتماعات.
وجاءت تصريحات أردوغان خلال اجتماع ثنائي عقده مع نظيره الكازاخي نور سلطان نزارباييف، السبت، وأشار خلالها إلى أهمية الاجتماعات التي ستستضيفها أستانة منتصف الشهر الحالي، مؤكداً اكتمال المباحثات الأولية، وأن الاجتماعات المقبلة ستكون بمثابة مرحلة نهائية.
وبحسب ما أفادت وكالة “الأناضول”، فإن أردوغان قال “أتمنى أن تكون (مباحثات) أستانة نهاية للخطوات المتخذة، وتساهم بذلك في تسهيل مباحثات جنيف”، فيما نقلت عن الرئيس الكازاخي، أن المباحثات السورية في عاصمة بلاده ستستمر بناء على اقتراح من نظيريه التركي، والروسي فلاديمير بوتين.
تجدر الإشارة، إلى أن أستانة تستضيف مباحثات برعاية الدول الضامنة، تركيا وروسيا وإيران، بغية التوصل إلى تفاهمات ميدانية لتثبيت وقف إطلاق النار في الأراضي السورية، وتحديد مناطق خفض التوتر، وتأمين المساعدات الإنسانية.
وفي السياق، أعلن وزير خارجية كازاخستان، خيرت عبد الرحمنوف، بأن المعارضة السورية أكدت بشكل مبدئي مشاركتها في الجولة الـ6 من مفاوضات أستانة بشأن سوريا.
وقال عبد الرحمنوف، في تصريح صحافي، السبت، إن تركيا تعمل بنشاط على القضايا الجوهرية للمفاوضات القادمة، بما في ذلك مسألة مشاركة المعارضة السورية المسلحة، مضيفا أنها أكدت حضورها بشكل مبدئي، وأوضح أن “المعلومات عن ذلك ستأتي في مستهل الأسبوع المقبل”.
يذكر، أن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، الذي يزور السعودية، السبت، كان قد أشار خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي جان ايف لودريان، إلى أهمية عملية أستانة “على الرغم من بقاء صعوبات معينة”، مشيراً إلى تجاوز هذه الصعوبات ببطء، وموضحاً أن ذلك أصبح ممكناً لأن جميع المشاركين يفكرون في سبل إنهاء الحرب.
وأكد لافروف أن عملية جنيف أيضاً تواجه صعوبات، لكنه شدد على أن هذه العملية قد بلغت “الكتلة الحرجة” التي ستسمح قريباً جداً، مع الاعتماد على الاتفاقات الخاصة بإقامة مناطق تخفيف التوتر، بإطلاق حوار مباشر وموضوعي سيكون عبارة عن عملية تفاوض بين النظام والمعارضة.
ديرالزور: النظام يفتح طريقاً عسكرياً.. و”قسد” دخلت السباق
محمد حسان
دخلت “قوات سوريا الديموقراطية”، التي تهيمن “وحدات حماية الشعب” الكردية عليها، على خط السباق إلى ديرالزور، وأعلن “مجلس ديرالزور العسكري” التابع لـ”قسد”، السبت، أن عملية طرد “داعش” من شرقي ديرالزور قد بدأت رسمياً، تحت مسمى “عاصفة الجزيرة”.
وأضاف بيان “المجلس”: “باسم القيادة العامة لمجلس ديرالزور العسكري نزف بشرى البدء بحملة (عاصفة الجزيرة) والتي تستهدف تحرير ما تبقى من أراضي الجزيرة السورية وشرق الفرات من رجس الإرهابيين وتطهير ما تبقى من ريف ديرالزور الشرقي”. وتابع “تحاول عصابات داعش شن الهجمات على مناطق الشدادي والريف الشرقي لديرالزور في محاولة يائسة لرفع معنويات قواته في الرقة، لذلك فإننا في مجلس ديرالزور العسكري قررنا البدء بهذه الحملة الحاسمة والتي تنبع من روح المسؤولية التي نشعر بها تجاه إخواتنا وإخواننا في الرقة تأييداً ومؤازرة وواجباً تجاه أهلنا في الجزيرة السورية عامة وريف ديرالزور الشرقي خاصة، والذين ينتظرون هذه اللحظة التاريخية بفارغ الصبر”.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تستمر فيه قوات النظام بعملياتها العسكرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” جنوبي وجنوب غربي ديرالزور، بعدما تمكنت من فتح ممر التقت فيه قواتها المتقدمة من جهة جبل البشري مع قواتها المتمركزة داخل “اللواء 137” غربي المدينة.
وتمكنت قوات النظام، ليل الجمعة/السبت، من السيطرة على قرية الشولا وحقل الشولا النفطي جنوبي مدينة ديرالزور، بعد معارك مع تنظيم “داعش”، وماتزال المعارك مستمرة بين الطرفين في منطقة المالحة والبانوراما جنوبي المدينة، والتي تسعى مليشيات النظام للسيطرة عليها لفتح طريق دمشق-ديرالزور.
وتقوم مليشيات النظام منذ ليل الجمعة/السبت بمحاولة التقدم وفك الحصار عن مطار ديرالزور العسكري وحيي هرابش والطحطوح شرقي المدينة، من محور منطقة المقابر وتجمع الكليات جنوبي المدينة، وتمكنت ميليشيات النظام من السيطرة على تلة علوش المطلة على منطقة المقابر.
هجوم ميليشيات النظام باتجاه مطار ديرالزور العسكري كان متزامناً مع هجوم أخر من الجهة الغربية للمدينة، حيث أحكمت المليشيات سيطرتها على منطقة الرواد بشكل كامل والمعارك الآن تدور على أطراف حي البغيلية.
كما تستمر مليشيات النظام بمحاولة توسيع مناطق سيطرتها جنوبي وغربي “اللواء 137″، لتأمين الممر الذي تم فتحه عبر القوات المتقدمة إلى اللواء وحيي الجورة والقصور، والقادم من جبل البشري مروراً بالبادية الجنوبية الغربية. وذلك من خلال إزالة الألغام التي زرعها التنظيم في وقت سابق وتأمين محيط الطريق، وطرد تنظيم “الدولة” من منطقة الحّوية والخراطة غربي اللواء.
وخسرت مليشيات النظام أكثر من 27 عنصراً خلال الساعات الـ24 الماضية، من المعارك، كما تكبد التنظيم خسائر تجاوزت 25 عنصراً، كما تمكن التنظيم من اسقاط طائرة استطلاع روسية ليل الجمعة/السبت جنوبي المدينة.
مصدر ميداني من ديرالزور، قال لـ”المدن”، إن الممر الذي تم فتحه هو طريق عسكري تمنع مليشيات النظام دخول وخروج المدنيين عبره، لعدم تأمينه بشكل جيد. وسيقتصر الممر على دخول التعزيزات العسكرية والمواد الغذائية والصحية، القادمة إلى ديرالزور إلى أن يتم فتح وتأمين طريق دمشق-ديرالزور.
ووصلت ليل الجمعة/السبت إلى مناطق سيطرة النظام، قافلة مساعدات طبية قادمة من دمشق، ضمت 5 سيارات إسعاف وعيادة متنقلة وشاحنتين محملتين بـ6 أطنان من الأدوية والمستلزمات الطبية. وكان قد سبقها دخول 37 شاحنة تابعة لـ”الهلال الأحمر السوري” محملة بالمواد الغذائية، و40 شاحنة من “السورية للتجارة” تم وضع محتوياتها في صالات البيع بذات أسعارها في مدينة دمشق.
“الهلال الأحمر” أعلن أن السبت سيكون أول أيام توزيع المساعدات الإنسانية على المدنيين، بحسب جدول التوزيع الخاص بأهالي كل حي، وتتضن الحصص التي سيتم توزيعها مواداً غذائية وبقوليات ومنظفات.
سعاد من أهالي حي القصور، قالت لـ”المدن”، إن أسعار المواد الغذائية انخفضت بشكل كبير داخل حيي الجورة والقصور بعد فتح الممر إلى تلك الأحياء وبدء دخول المواد الغذائية. سعر كيلو البندورة داخل صالة “البعث” عاد إلى 200 ليرة سورية والتفاح إلى 250، بعد أن كان سعر الكيلو منهما أكثر من 2000 ليرة في حال توافره.
وأضافت، أن استمرار دخول المواد الغذائية والصحية إلى أحياء المدينة، سيكون عاملاً مهماً لإعادة الحياة للأهالي الذين فتك بهم الجوع، بالأضافة إلى تفعيل الحركة التجارية داخل الأسواق بعدما أغُلق الكثير منها، نتيجة حصار تنظيم “الدولة” الذي دام لثلاث سنوات.
مليشيات النظام، تستمر بدورها باستقدام تعزيزات عسكرية إلى مناطق سيطرتها في مدينة ديرالزور بشكل شبه يومي، وتضم التعزيزات التي وصلت إلى المدينة عربات روسية خاصة بإزالة الألغام، وزوارق حربية ومدرعات وكمية كبيرة من الذخائر والمحروقات.
وتهدف قوات النظام من خلال تلك التعزيزات إلى تحقيق أهداف متعددة؛ الأول، استكمال المرحلة الثانية من عملياتها العسكرية لفك الحصار عن مطار ديرالزور العسكري وحيي هرابش والطحطوح، بالإضافة إلى فتح طريق دمشق-ديرالزور عبر السيطرة على منطقتي المالحة والبانوراما. والهدف الثاني، السيطرة على منطقة البغيلية ومستودعات عياش وتل الحجيف غربي مدينة ديرالزور، لتأمين المنطقة المحيطة بـ”اللواء 137″ ومعسكر الطلائع. أما شرقي المدينة فستعمل مليشيات النظام على محاولة طرد التنظيم من حقل التيم وجبل الثردة وقرية الجفرة والتقدم شرقاً باتجاه قريتي المريعية والبوعمر، بهدف ايجاد محيط آمن للمطار العسكري، ثم السعي للسيطرة على حويجة صكر، للضغط على التنظيم وتضييق الخناق عليه داخل أحياء المدينة الخاضعة لسيطرته.
تنظيم “الدولة” يبدو عاجزاً أمام تقدم مليشيات النظام في المناطق المفتوحة من البادية، ولا خيار أمامه سوى التحصن داخل المدن والمناطق ذات الكثافة العمرانية، والاعتماد على عمليات الالتفاف والتسلل إلى نقاط تمركز القوى المعادية ومحاولة ارباك المليشيات عبر الهجوم على خطوط إمدادها في البادية أو عرقلة عملها عبر زراعة الألغام.
لافروف في السعودية والأردن تحضيراً لإجتماع أستانة
يقوم وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، السبت، بزيارة إلى السعودية، قبل التوجه إلى الأردن، لبحث الملف السوري والأزمة الخليجية، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الروسية.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا، في مؤتمر صحافي، إن “لافروف سيلتقي في جدة مع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ونظيره السعودي عادل الجبير، قبل أن يتوجه إلى عمّان حيث سيجري مباحثات مع الملك الأردني عبد الله الثاني، ووزير الخارجية أيمن الصفدي”.
وأكدت زاخاروفا، أن مباحثات لافروف في السعودية والأردن ستتركز على تسوية الأزمات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا سيما الوضع في سوريا وإقامة مناطق تخفيف التوتر في إطار عملية أستانا، إضافة إلى الجهود الرامية إلى تشكيل وفد موحد للمعارضة السورية إلى المفاوضات مع النظام في جنيف.
وأشارت المتحدثة، إلى أن مباحثات لافروف ستتناول كذلك الخلافات الموجودة بين دولة قطر وعدد من دول المنطقة، وأوضحت أن موسكو لا تزال تدعو الدول المعنية إلى تجاوز خلافاتها من خلال المفاوضات، مؤكدة على دعم موسكو لجهود دولة الكويت والأمير صباح الأحمد الصباح للتوسط بين طرفي الأزمة.
وبشأن الملف السوري، أشارت المتحدثة إلى تعزيز التطورات الإيجابية على الأرض في سوريا، داعية شركاء روسيا في العالم للانضمام إلى جهود موسكو الرامية إلى تجاوز الكارثة الإنسانية في سوريا، وقالت إن الشرطة العسكرية الروسية مستعدة لتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق “تخفيف التوتر”.
وأضافت زاخاروفا، أن الجولة السادسة من المفاوضات السورية، والتي ستجري في أستانة في يومي 14 و15 أيلول/سبتمبر، ستبحث المسائل المتعلقة بإقامة مناطق تخفيف التوتر وكذلك تعزيز الهدنة وزيادة المساعدات الإنسانية والعمل على إزالة الألغام.
التحالف يستجيب لروسيا ويوقف مراقبة قافلة “داعش“
أعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، أنه ونزولا عند طلب روسيا أوقف مراقبته عبر الطائرات المسيرة لقافلة حافلات تقل مقاتلين من التنظيم ومدنيين يرافقونهم في الصحراء السورية قرب الحدود العراقية.
وأفادت وكالة “فرانس برس”، أن روسيا أبلغت التحالف عبر “خط تجنب الاصطدام” أن قوات النظام السوري ستمر عبر المنطقة في طريقها الى مدينة ديرالزور، طالبة إخلاء المنطقة من الطائرات الأميركية.
من جهته، قال التحالف في بيان، إنه “لضمان تجنب الاصطدام في جهود هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، غادرت طائرات المراقبة التابعة للتحالف المجال الجوي المحاذي بطلب من المسؤولين الروس خلال هجومهم على ديرالزور”.
وأفاد مسؤول عسكري أميركي، أن التحالف كان بوسعه مراقبة القافلة حتى مرور القوات السورية، لكنه لم يوضح إذا ما كانت كل أنواع المراقبة توقفت، ولاسيما عبر الأقمار الصناعية.
وكانت واشنطن قد أكدت أكثر من مرة، أنها لم تكن جزءاً من الاتفاق الذي أبرمه “حزب الله” والنظام السوري مع “داعش”، وأن مصير من هم على متن الحافلات ليس من اهتمامات التحالف.
وقال مدير العمليات في التحالف الجنرال جون براغا، إن “تقدم قوات النظام قرب القافلة يؤكد مسؤولية النظام السوري المستمرة بخصوص الحافلات والإرهابيين”، وتابع: “كما هي العادة دوما، سنفعل أقصى ما بوسعنا لضمان عدم تحرك إرهابيي التنظيم باتجاه حدود شركائنا العراقيين”.
ومنذ أيام، تنفذ الطائرات المسيرة التابعة للتحالف عملية مراقبة مستمرة للقافلة المكونة من 11 حافلة، وكانت تقوم بقتل مقاتلي التنظيم إذا ما ابتعدوا عن محيطها، وفيما لم يستهدف التحالف الحافلات نفسها التي تضم نحو 300 مسلح ومثلهم من المدنيين، أعلن قتل العشرات من عناصر “داعش”، الخميس، وقال إنهم حاولوا مغادرة القافلة.
يشار إلى أن القافلة انطلقت، قبل نحو أسبوعين، من الحدود اللبنانية-السورية باتجاه الحدود العراقية بموجب اتفاق مع “حزب الله” وقوات النظام السوري، قضى بانسحاب عناصر التنظيم من منطقة القلمون الغربي المحاذية للبنان.
وقام التحالف بعد ذلك بعرقلة سير الحافلات، وشن ضربتين جويتين استهدفتا طريقاً كان من المفترض أن تسلكه خلال توجهها إلى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، ما دفعها إلى تغيير وجهتها نحو مدينة الميادين، جنوب شرق دير الزور، من دون أن تتمكن من التقدم.
“داعش”شرقي السلمية:خلاف إيراني-روسي..وابتزاز ل”الأغا خان”
مصطفى محمد
رغم ارتفاع حدتها على مدار الشهور الثلاثة الأخيرة، لم تبدد المعارك التي تخوضها قوات النظام، مدعومة بمليشيات إيرانية ومسنودة بغطاء جوي روسي، ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، في ريف حماة الشرقي، من مخاوف أهالي مدينة السلمية ذات الغالبية الاسماعيلية، حيال الخطر الذي يُشكله وجود التنظيم شرقي المدينة في الجيب المتبقي له في ريفي حماة وحمص.
وكثّفت مليشيات النظام هجماتها مؤخراً على منطقة حمادي عمر، عقب سيطرتها على عقيربات وبلدة خطملو، بهدف انهاك التنظيم عبر خلق فجوات جديدة ضمن مناطق سيطرته شرقي حماة. وانخفضت وتيرة الاشتباكات على امتداد المحور الأهم والأخطر المقابل لمدينة السلمية، والمتمثل بالنقاط القريبة من منطقة الحردانة وبلدات أم ميل وسوحا وعكش، ما يُشير إلى عدم استعجال النظام في إبعاد التنظيم عن المدينة، التي تتعرض بين الحين والأخر للاستهداف بالصواريخ بشكل عشوائي، وكان آخرها ليل الأربعاء/الخميس.
مصدر من السلمية، قال لـ”المدن”، إن “مصلحة النظام كانت السبب المباشر وراء الإبقاء على وجود التنظيم شرقي السلمية طوال السنوات الثلاث الماضية، وذلك بغية ابتزاز أبناء المدينة، وحثهم على الانخراط في المعارك إلى جانبه عبر تخويفهم من جهة، والاستفادة من مساعدات الآغا خان (الزعيم الروحي للطائفة الإسماعيلية) من جهة أخرى”. ويرتبط، بحسب المصدر، مستوى تدفق مساعدات مؤسسات الآغا خان، إلى السلمية، بـ”تصاعد مؤشر الخوف على الطائفة الإسماعيلية”.
وأضاف المصدر: “هناك رغبة دولية بالتخلص من وجود التنظيم في هذه المنطقة، والنظام وجد نفسه مضطراً للقيام بهذه المهمة، على أن تقوم بها جهات أخرى من بينها أطراف تتلقى دعماً أميركياً”. وأوضح بالقول: “من المُرجّح أن تكون زيارة الآغا خان الأخيرة إلى موسكو، قد أثمرت، ويبدو أنه قد نجح في دفع الروس لممارسة المزيد من الضغط على النظام وإيران، في سبيل التعامل مع إزالة التنظيم شرقي السلمية بشكل جدّي وجذري”.
الكاتب والباحث تركي مصطفى، قال لـ”المدن”، إن ما يجري من معارك شرقي السلمية ليس إلا “تحركات للمراوغة بهدف إيصال رسائل سياسية”، جازماً باستحالة إقدام النظام ومن خلفه إيران على إزالة وجود التنظيم من ريف حماة، لوجود المصالح المشتركة غير المباشرة بين الجانبين. وأضاف: “لدى النظر إلى سير المعارك، يتضح أن اللواء الخامس المدعوم روسياً هو من تقدم في منطقة عقيربات، أي هو الطرف الوحيد الذي يبدي جدية في مقاتلة التنظيم، بينما تُعتبر مناطق تواجد المليشيات الإيرانية في قرية حويسيس منطقة رخوة تتخذ فيها المعارك طابع الكر والفر”.
ويدلل ذلك، بحسب مصطفى، على خلافات عميقة بين روسيا وإيران، بسبب عدم التوافق بعد على التوسع الإيراني في عمق البادية.
ويبدو جلياً أن اختيار محور عقيربات لبدء الهجوم الأخير لم يكن أمراً اعتباطياً، خاصة أن المنطقة تعتبر من أهم مراكز ثقل التنظيم. ما يعني أن النظام بتخطيط روسي، عمد إلى سياسة المخاطرة والتصادم المباشر مع المركز لتحريك “عش الدبابير”، حتى يسهل من بعد مطاردة ما تبقى من فلول تائهة من التنظيم لا تعرف وجهتها. وسبق لمليشيات النظام أن اتبعت التكتيك العسكري ذاته، الذي يعتمد على “تقسيم المقسم”، قبل الإجهاز على الخصم، في حلب أواخر العام 2016، والذي قاد إلى سقوط الأحياء الشرقية بالكامل، بعد انسحاب المعارضة عنها.
وإلى أن تُحسم المعارك شرقي السلمية، وهو الأمر الذي يبدو أنه لن يكون قريباً، وفق مراقبين، تزداد نسبة المخاوف الشعبية لدى الأهالي، الأمر الذي أكده تأجيل افتتاح مدارس المدينة وريفها إلى الأسبوع المقبل بسبب الأوضاع الراهنة التي تمر بها المنطقة، مع أنباء تتحدث عن حشود ضخمة للتنظيم، الهدف منها شن هجوم معاكس على قرية المبعوجة ومدينة السلمية. وهناك احتمال شنّ هجوم انتقامي من قبل التنظيم على المدينة، أو محيطها الشرقي، كما حدث في هجوم التنظيم المباغت من جهة خط البترول، قبل يومين. ويقدر عدد عناصر التنظيم في الجيب المحاصر شرقي حماة المتداخل مع ريف حمص، بحوالي ثلاثة آلاف مقاتل، غالبيتهم من أبناء المنطقة، ويتمركزون في مناطق وعرة تمنحهم حرية المناورة لتنفيذ الكمائن وخوض حرب العصابات من دون التركيز على التمسك بالأرض.
المحلل السياسي مازن إسماعيل، من أبناء مدينة السلمية، قال لـ”المدن”: إنه “يجب سحب الحجة من النظام وإيران، وإتمام المعارك الحالية إلى منتهاها”، وأضاف: “على المليشيات الإيرانية أن تدرك تماماً أن أهمية المدينة الاستراتيجية لا تخولها استباحة الوسط الشعبي في السلمية، المختلف فكرياً معها”. وتابع: “إيران تعاقب مدينة السلمية وأهلها بشمّاعة التنظيم، على خلفية الخلاف المذهبي القديم”، من دون أن يوضح أكثر.
صفقة أردنية-روسية لإخلاء البادية من مقاتلي المعارضة
أعرب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، عن تخوّفه من وجود “صفقة” بين جهات إقليمية ودولية لإخلاء البادية السورية من قوات “الجيش السوري الحرّ”، مؤكداً رفضه دعوات لخروج مقاتلي فصيلي “الشهيد أحمد العبدو” و”أسود الشرقية” من منطقة البادية.
وقال الائتلاف السوري في بيان، الجمعة، إنه بدلاً من تعزيز دور هذين الفصيلين لمواجهة تنظيم “داعش” والنظام السوري “تقوم جهات إقليمية وخارجية بتوجيه رسالة ممتلئة بالشروط التي تخل بوجود ودور ومصير هذين الفصيلين”، مشيراً إلى أن هذه الجهات اتفقت “في لقاءات عُقدت في إحدى دول الجوار” على إخراج قوات الفصيلين من المنطقة وترحيلهم مع عائلاتهم إلى مخيم الأزرق في الأردن.
وأضاف البيان، إن “الذي يجري غير مفهوم أبداً بالنسبة للكثيرين، ويخشى أن يكون جزءاً من ترتيبات أو صفقة مع روسيا والنظام المجرم بشأن البادية السورية وإخلائها من الجيش الحر”. وأكد الائتلاف أنه يجري مشاورات مع ممثلي الفصيلين حول الخطوات الضرورية لمنع هذا الإجراء، إن كان عبر التواصل مع الإدارة الأميركية أو مع “جهات صديقة عديدة” ومع فصائل “الجيش السوري الحر”.
وأكد البيان رفض الائتلاف “لترحيل قوات مقاتلة مشهود لها بالشجاعة والثبات إلى خارج الأراضي السورية، في وقت تتحرك فيه “داعش” بحرية في اتجاهات مختلفة على الأراضي السورية أمام مرأى العالم، ومراقبة الأقمار الصناعية لدول كبرى”. وأدان “أي صفقات تجري في البادية على حساب نضالات الشعب السوري وطموحاته المشروعة في انتزاع حريته، وفي محاربة نظام الجريمة والفئوية وتنظيم داعش الإرهابي”.
وكانت شبكة “الإعلام الحربي السوري” التابعة لجيش النظام السوري، قد أعلنت بدء التحضيرات لانسحاب قوات من فصيل “الشهيد أحمد العبدو” المعارض من منطقة البادية السورية باتجاه الأردن. وأوضح “الإعلام الحربي” أن الجيش السوري سيحلّ مكان المقاتلين المنسحبين، بموجب اتفاق روسي-اردني. ورجّح أن تبدأ عناصر فصيل “أسود الشرقية” بدورها بانسحاب “قريباً”.
في غضون ذلك، كتبت جريدة “الغد” الأردنية أن الأردن يحاول تحقيق مصالحه أولاً عبر تحقيق وقف لإطلاق النار بين الجيش السوري وفصائل المعارضة على حدوده في البادية السورية، تمهيداً لجعلها منطقة تخفيف توتر، خاصة بعد تغيير الوضع العسكري الميداني لصالح الجيش السوري وحلفائه. ونقلت الصحيفة عن مصادر أردنية قولها إن هذه الإجراءات “هي ميدانية تكتيكية، ولا تعكس أي تغير في الموقف الأردني من ملف الأزمة السورية”.
وذكرت الصحيفة في تقرير آخر أن غرفة عمليات “الموك” خيرت مقاتلي المعارضة في البادية بين إخلاء مواقعها والانتقال إلى منطقة التنف عند الحدود العراقية-السورية-الأردنية، أو الدخول إلى الأردن، وبين مواجهة الجيش السوري المتفوق عليهم عسكرياً. وأضافت الصحيفة أن الفصائل المعارضة تتردد بين القبول والرفض “خاصة وأن عرض الموك بالدخول إلى الأردن يعني من وجهة نظرهم انتهاء الثورة السورية المسلحة رسمياً على الأرض السورية”.
استعادة دير الزور من داعش تفرض تسوية للصراع في سوريا
تفاهمات واشنطن وموسكو ترسم خرائط جديدة للنفوذ بينهما فوق الأراضي السورية.
روسيا تحكم قبضتها على الملف
موسكو – تعوّل روسيا على العمليات الجارية للسيطرة على دير الزور وطرد تنظيم داعش منها ضمن الأجندة التي تشرف عليها لإيجاد تسوية للصراع في سوريا.
وأعلنت روسيا، الجمعة، أنها قتلت عددا من كبار القياديين في تنظيم داعش في غارة في سوريا بينهم “أمير” دير الزور و”وزير حرب” التنظيم اللذين كانت الولايات المتحدة حددت مكافأة للقبض عليهما.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه “نتيجة ضربة دقيقة نفذها سلاح الجو الروسي في محيط مدينة دير الزور على مركز قيادة ومركز اتصالات، قتل نحو أربعين مقاتلا من تنظيم الدولة الإسلامية”.
وأضافت “بحسب معلومات مؤكدة، بين القتلى أربعة قياديين ميدانيين مؤثرين أحدهم أمير دير الزور أبومحمد الشمالي”.
وتؤكد مصادر روسية مراقبة أن العمليات العسكرية التي يقوم بها برا الجيش السوري وجوا سلاح الجو الروسي، تجري بالتنسيق العسكري الكامل مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وتضيف المصادر أن موافقة واشنطن على قيام القوات التابعة لدمشق بهذه العمليات تعكس تفاهمات ترسم الخرائط بعناية بين روسيا والولايات المتحدة في الداخل السوري من جهة، كما بين قوات سوريا الديمقراطية ذات الطابع الكردي “قسد” والتي تدعمها واشنطن والقوات الحكومية التي تدعمها روسيا وميليشيات شيعية تابعة لإيران.
وتردد المصادر الروسية الرسمية أن سقوط دير الزور بات قريبا جدا، وهو ما سبق أن أعلنه محافظ المدينة محمد إبراهيم سامرا.
ويسيطر التنظيم الجهادي منذ صيف 2014 على أجزاء واسعة من المحافظة وعلى ستين بالمئة من مدينة دير الزور، فيما يسيطر الجيش على بقية الأحياء الموجودة في غرب المدينة وعلى المطار العسكري.
ويشير المراقبون إلى أهمية معركة دير الزور، فهي منطقة غنية بالنفط وكانت المورد التمويلي الأول للتنظيم، ويوجد بها مطار عسكري كبير، إضافة إلى كونها تمثل امتدادا للمناطق التي تسيطر عليها “قسد” في الرقة.
ويلفت المحللون إلى أن قيام التحالف الغربي في 26 أغسطس بإنزال عسكري في الجزء الغربي من المحافظة لإجلاء المدنيين وجمع المعلومات، حسب بيان التحالف، يعبر عن إصرار أميركي على التواجد في دير الزور بعد تحريرها، وأن واشنطن لن تسمح بأن تصبح المنطقة بيد تحالف موسكو وإيران، وأن تفاهما أو تقاسما يجري حول هذه المنطقة.
وكانت موسكو عبّرت عن امتعاضها من الإنزال الأميركي في هذه المنطقة، وقالت إن هذا الإنزال كان هدفه إجلاء بعض قيادات داعش.
وقال السيناتور الروسي فرانس كلينتسيفيتش، إنه “مهما حاول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يدّعي محاربة تنظيم داعش والإرهاب في المنطقة تبرير تصرفه الأخير حول إجلاء الإرهابيين من دير الزور، فهذا دليل آخر على أن الولايات المتحدة لا تحارب الإرهاب بصورة جدّية بل تنفذ أهدافها وأجندتها ليس إلا”.
وأضاف كلينتسيفيتش “شاهدوا ممارسات أميركا في أفغانستان وغيرها من الدول التي دخلتها تحت شعار محاربة الإرهاب، لقد كانت دائما تقف إلى صف المجاهدين في أفغانستان والإرهابيين في دول أخرى واليوم في سوريا”.
ونفى المقدم أدريان رانكين غالواي، أحد المتحدثين باسم وزارة الدفاع الأميركية، صحة الادعاءات بشأن إخلاء عناصر من داعش الإرهابي من مدينة دير الزور. وقال غالواي إن “هذه الادعاءات التي أوردتها وكالة أنباء ريا نوفوستي الروسية لا تعكس الحقيقة وأنها خاطئة جملةً وتفصيلا”.
وتؤكد مصادر روسية أن السيطرة على دير الزور من قبل القوات السورية التابعة لدمشق ستوسع مساحة ما يطلق عليه اسم “سوريا المفيدة” التي يسيطر عليها النظام السوري.
ومع ذلك فإن مصادر في الأمم المتحدة تعتبر أن هذه العمليات العسكرية لا يمكنها أن تحمل نصرا نهائيا للرئيس بشار الأسد. وتضيف المصادر أن تنامي مناطق خفض التوتر وفق الاتفاقات الروسية الأميركية أو تلك التي تخرج عن اجتماعات أستانة سيحوّل مناطق النظام إلى منطقة خفض توتر إضافية.
وتم تحديد يومي 14 و15 من الشهر الجاري موعدا لانعقاد اجتماع جديد في العاصمة الكازاخية، والذي يتوقع أن يميط اللثام عن مناطق جديدة لخفض التصعيد من بينها المنطقة الموجودة جنوب شرق سوريا الحدودية مع الأردن.
ويبدأ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف السبت جولة في المنطقة تقوده إلى الأردن ثم المملكة العربية السعودية.
وتشكل الأردن والسعودية طرفين إقليميين رئيسيين في الملف السوري، وهناك أرضية مشتركة ترسم اليوم بينهما وروسيا لإنهاء الملف.
ويتوقع أن يضع لافروف خلال زيارته إلى عمان اللمسات الأخيرة على منطقة خفض التصعيد الجاري الحديث عنها بجوار المملكة، فيما سيكون تركيزه خلال زيارته إلى الرياض على مسألة ضرورة إقناع المعارضة السياسية السورية بتخفيف سقف مطالبها وتوحيد صفوفها تمهيدا لمؤتمر جنيف المرتقب في أكتوبر والذي يتوقع أن يطلق صافرة البداية لحل سياسي جدي في سوريا.
وكان الرئيس الروسي قد أوضح قبل أيام قائلا “فور انتهاء المعارك في دير الزور، ستحصل القوات الحكومية على تفوق لا جدال فيه”، مضيفا أنه “يجب القيام بالخطوة التالية باتجاه تثبيت نظام وقف النار وتعزيز مناطق تخفيف التوتر وإطلاق العملية السياسية”.
“نيويورك تايمز”: المدنيون وقود معركة “الرقة” بين داعش والتحالف
ترجمة منال حميد – الخليج أونلاين
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن الأيام الأخيرة لمقاتلي تنظيم الدولة في الرقة السورية شهدت سقوط العشرات من الضحايا بين صفوف المدنيين؛ على إثر الضربات الجوية التي نفّذها طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
الحياة لم تعد ممكنة في الرقة؛ فمقاتلو تنظيم الدولة لا يسمحون لأهالي المدينة بالمغادرة، في حين أن الضربات الجوية التي تنفّذها طائرات التحالف تؤدي إلى مقتل المدنيين، إضافة إلى الألغام التي زرعها التنظيم حول المدينة، وهي تمنع المدنيين من المغادرة، وفقاً للصحيفة.
وتضيف الصحيفة أن “مدينة الرقة التي توصف بأنها عاصمة الخلافة الإسلامية التي أعلنها التنظيم، محاصرة من قبل القوات الكردية والقوات المحلية المدعومة من طرف التحالف الدولي، ويقود التحالف الدولي سلسلة من الضربات الجوية التي تستهدف المدينة، ورغم ذلك يصرّ مقاتلو التنظيم على القتال”.
وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 25 ألف مدني ما زالوا محاصرين داخل الرقة، وهي التي كان يبلغ عدد سكانها قبل احتلال تنظيم الدولة لها قرابة 300 ألف نسمة، حيث نجح العديد منهم في الفرار من وسط المدينة، واصفين ما يجري في داخل الرقة بأنه موت متواصل ما بين ضربات التحالف الدولي، وأيضاً غياب أدنى مستلزمات الحياة، خاصة المياه.
أحد الفارّين من الرقة قال للصحيفة الأمريكية بعد وصوله إلى كردستان العراق، إنهم كانوا يعيشون الخوف، وعدم اليقين بالبقاء أحياء، إذ إنهم واقعون ما بين الطرق المفخّخة حول المدينة وما بين القصف الجوي.
وتشير الصحيفة إلى أن “سيدة من الرقة حاولت الهرب من المدينة، غير أن لغماً أرضياً انفجر، ما أدّى إلى إصابتها، ليعمد عناصر التنظيم بعد ذلك إلى سحبها لأحد السجون المؤقتة، قبل الإفراج عنها”.
وتؤكد “نيويورك تايمز” أن وقوع سكان الرقة بين حصار في الداخل يفرضه مقاتلو التنظيم، الذين يمنعون خروجهم، وبين الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي، التي لا تفرّق بين مدني أو مقاتل في التنظيم، أدى إلى دفن العشرات من المدنيين تحت الأنقاض، في حين دفن أهالي المدينة العديد من المدنيين، بعد أن قُتلوا برصاص قنّاصي التنظيم في أثناء محاولتهم الهرب من المدينة.
بعض التقديرات تشير إلى أن عدد المدنيين الذين قُتلوا بطائرات التحالف الدولي في الرقة بلغ نحو 800 مدني، وذلك منذ أن بدأت تلك الضربات، في يونيو الماضي، وفقاً للمرصد السوري.
وكانت الولايات المتحدة بدأت عملية موسعة لتحرير الرقة من قبضة تنظيم الدولة بالاعتماد على قوات كردية مسلحة، عمدت الولايات المتحدة إلى تسليحها ودعمها.
وتختم الصحيفة بالقول: “وبرغم مضي نحو شهرين على انطلاق تلك المعركة، فإن التقدّم صوب المدينة ما زال بسيطاً؛ نتيجة الألغام التي زرعها التنظيم حول المدينة، ما أعاق التقدّم نحوها”.
بماذا هددت روسيا فصيلين بالبادية السورية إذا لم ينسحبا؟
يمان نعمة
كشف مصدر مسؤول في أحد فصائل الجنوب السوري؛ عن تفاصيل تهديدات روسية تلقاها فصيله مع فصيل آخر؛ في حال لم يتم الموافقة من الفصيلين على الانسحاب من البادية للأردن، تمهيدا لجعل المنطقة “منطقة خفض توتر”.
وأوضح المصدر في قوات الشهيد أحمد العبدو، لـ”عربي21″، طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن روسيا هددت بتدمير وحرق مواقع المعارضة في البادية بالغارات الجوية في غضون 24 ساعة فقط، مشيرا إلى أن هذا التهديد وصل أيضا إلى فصيل جيش أسود الشرقية.
وأضاف ذات المصدر: “لقد قال لنا الأمريكان والأردنيون إن رفضكم للمقترح يعني الانتحار، وسيترتب على رفضكم خسارة الورقة السياسية التي نفاوض الروس بها”.
وفي الاتجاه ذاته، أكد المصدر أن قوات الشهيد أحمد العبدو بدأت بنقل مخازن سلاحها إلى مناطق آمنة، مشيرا كذلك إلى استمرار عمليات إخلاء سكان مخيمي الحدلات والرويشد؛ إلى مخيم الركبان القريب من الحدود الأردنية.
من جانب آخر، أشار المصدر إلى وجود بعض الأمور العالقة في الاتفاق الذي تم بين غرفة الموك والروس.
وقال إن “الاتفاق سيصار إلى تنفيذه بالنهاية، لكن هناك بعض التفاصيل التي تتعلق بضمان سلامة سكان المخيمات”.
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم “قوات الشهيد أحمد العبدو” المقدم عمر صابرين، في حديث مع “عربي21″، إن التحركات العسكرية لفصيله تشير إلى أن الاتفاق دخل حيز التنفيذ.
وعن بنود الاتفاق، أوضح صابرين أنه تم الاتفاق على تشكيل منطقة منزوعة السلاح بعمق نحو 40 كلم عن الحدود الأردنية، وأن يتعهد التحالف بضمان حماية مخيم الركبان.
من جانبها، أكدت “شبكة الإعلام الحربي” الموالية، الخميس، أن قوات “الشهيد أحمد العبدو” بدأت بالانسحاب فعليا من البادية السورية باتجاه الأراضي الأردنية.
مصادر إعلامية أردنية بدورها؛ وصفت الاتفاق بأنه “إجراء ميداني تكتيكي”، مشددة على أن “الاتفاق لا يعكس أي تغير في الموقف الأردني من الملف السوري”.
يذكر أنه وبحسب ما رشح من بنود الاتفاق الأمريكي- الروسي، سيتم انسحاب المليشيات الطائفية الموالية للنظام التي تقدمت في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية.
عربي21
التحالف: النظام مرّ قرب قافلة داعش من دون التعرض لها
دبي – العربية.نت
فيما الاستعدادات العسكرية قائمة لحسم معركة #دير_الزور وبتنسيق أميركي – روسي، أعلن #التحالف الدولي مساء الجمعة أنه ونزولا عند طلب #موسكو أوقف مراقبته عبر الطائرات المسيرة لقافلة الحافلات التي تقل عناصر تنظيم #داعش وعائلاتهم في الصحراء السورية قرب الحدود العراقية.
وقال التحالف في بيان إن تعليق المراقبة جاء “لضمان تجنب الاصطدام في جهود هزيمة التنظيم، وبطلب من المسؤولين الروس خلال الهجوم على دير الزور”.
وأوضح البريغادير جنرال جون براغا مدير العمليات في التحالف ان قوات النظام السوري مرّت بالقرب من الحافلات الـ 11 التابعة لداعش، شرقي الصحراء السورية من دون مهاجمتها، مجدداً التأكيد على عدم السماح للحافلات من الاقتراب من #الحدود_العراقية.
يذكر أن التحالف الدولي كان أعلن الأحد الماضي أن قافلة #داعش في سوريا انقسمت إلى مجموعتين، ولا تزال مجموعة من الحافلات في الصحراء، في حين عادت مجموعة أخرى إلى مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري. وأضاف أنه تم تزويد الحافلة بالطعام والمياه.
وأضاف في بيان بالبريد الإلكتروني، بحسب ما أوردت رويترز، إنه سيراقب القافلة ويمنعها من دخول أراضي التنظيم في شرق #سوريا، وإن الحافلات الباقية في الصحراء، والتي تضم مقاتلين وأسرهم تلقت الغذاء والماء.
إلى ذلك، أوضح المتحدث باسم التحالف، الكولونيل راين ديلون في تغريدة على حسابه على تويتر في الثالث من سبتمبر، أن 85 عنصراً من داعش لقوا حتفهم في ضربات للتحالف على القافلة، وأنه تم تدمير 40 سيارة مستقلة لداعش، مشدداً على أن التحالف لم يمنع أو يستهدف أي وسائل تقل مساعدات للمدنيين.
قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري يتقدمان في حملتين بدير الزور
من جون ديفيسون
بيروت (رويترز) – تقدم تحالف قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري في حملتين منفصلتين بشرق سوريا يوم السبت مما زاد من الضغوط على مساحة الأراضي المتقلصة التي لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر عليها في مناطق غنية بالنفط قرب الحدود مع العراق.
وشنت قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف مدعوم من الولايات المتحدة يضم في معظمه مقاتلين عربا وأكرادا، عملية جديدة على تنظيم الدولة الإسلامية شمالي محافظة دير الزور بهدف السيطرة على مناطق إلى الشمال والشرق من نهر الفرات.
من جهة أخرى انتزعت قوات الحكومة السورية وحلفاؤهما، والمدعومة من روسيا وإيران، السيطرة على حقل نفطي من التنظيم على الضفة الأخرى من نهر الفرات واستعادت جزءا من طريق يربط دير الزور بمناطق تحت سيطرة الدولة الإسلامية.
ومن شأن هذا التقدم في أراض ظلت الدولة الإسلامية تسيطر عليها لسنوات أن يضع قوات سوريا الديمقراطية وقوات الحكومة السورية على مسافة أكثر قربا من بعضهما بعضا.
وكانت طائرة أمريكية قد أسقطت طائرة عسكرية سورية قرب الرقة في يونيو حزيران، واتهمت قوات سوريا الديمقراطية الحكومة السورية بقصف مواقعها على نحو أبرز خطر التصعيد بين أطراف متحاربة على ساحة تعج بالأطراف بالفعل.
وذكرت القيادة العامة لمجلس دير الزور العسكري، والتي تقاتل ضمن قوات سوريا الديمقراطية، في بيان أن العملية الدائرة في محافظة دير الزور تهدف إلى السيطرة على مناطق في الريف الشمالي والشرقي والتقدم باتجاه نهر الفرات.
وجاء في البيان ”إننا باسم القيادة العامة لمجلس دير الزور العسكري نزف بشرى البدء بحملة (عاصفة الجزيرة) والتي تستهدف تحرير ما تبقى من أراضي الجزيرة السورية وشرق الفرات من رجس الإرهابيين وتظهير ما تبقى من ريف دير الزور الشرقي“.
وذكر أحمد أبو خولة القيادي في قوات مجلس دير الزور العسكري في تصريحات لرويترز بعد الإعلان ”الخطة الأولى هي تحرير الضفة الشرقية لنهر الفرات وتحرير ما تبقى من أراضي الجزيرة السورية الموجودة فيها داعش“.
وأحجم أبو خولة عن التصريح بما إذا كانت هناك خطط لدخول مدينة دير الزور نفسها وقال ”مرحلتنا الأولى حتى شهر نهر الفرات، وفي الأيام القادمة لا نعلم كيف تسير المعارك وكيف تسير الأمور“.
وفيما يتعلق بالبرنامج الزمني للعملية قال ”إن شاء الله ستكون عملية سريعة ومفاجئة… لن نتأخر في تحرير الأهداف الشرقية إن شاء الله. لا نحدد وقتا لكنها عملية سريعة“.
ومضى قائلا إن قوات سوريا الديمقراطية لا تتوقع اشتباكات مع قوات الحكومة السورية أثناء تقدمها لكنه قال ”لا يوجد قلق، لكن نحن كقوة عسكرية لدينا تجهيزات وتحضيرات، أي قوة معادية تطلق النار باتجاه قواتنا سوف نرد“.
أفراد ومركبات من قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور يوم 25 أغسطس آب 2017. تصوير: رودي سعيد -رويترز
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات سوريا الديمقراطية تقدمت بالفعل أمام تنظيم الدولة الإسلامية في الريف الشمالي الغربي لدير الزور وسيطرت على عدد من التلال وإحدى القرى.
*الجيش السوري يسيطر على حقل نفطي
في الوقت ذاته انتزعت قوات الحكومة السورية وحلفاؤها السيطرة على حقل التيم النفطي جنوب غربي مدينة دير الزور على الضفة الأخرى من نهر الفرات حسبما ذكر التلفزيون الرسمي.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان والذي يقع مقره في بريطانيا أن القوات الحكومية سيطرت أيضا على جزء من طريق سريع رئيسي يمتد من دير الزور إلى مدينة الميادين التي تقهقر إليها الكثير من مقاتلي التنظيم.
ومن شأن ذلك أن يمنع وصول تعزيزات لتنظيم الدولة الإسلامية من الميادين.
كانت القوات الحكومية قد حققت تقدما سريعا الأسبوع الماضي مدعومة بضربات جوية روسية ووصلت إلى جيب في دير الزور تسيطر عليه الحكومة ويحاصره المتشددون منذ سنوات. ولا تزال قوات الحكومة تقاتل للوصول إلى قاعدة جوية مجاورة ما زال مقاتلو التنظيم يحاصرونها.
ولا يزال التنظيم يسيطر على كثير من أنحاء محافظة دير الزور ونصف المدينة بالإضافة إلى جيب إلى الغرب قرب حمص وحماة.
لكن التنظيم فقد معظم أراضي دولة الخلافة التي كان قد أعلنها وامتدت منذ عام 2014 لتشمل مناطق واسعة من سوريا والعراق منها دير الزور الغنية بالنفط.
ولا تزال قوات سوريا الديمقراطية تقاتل لطرد مقاتلي التنظيم من المناطق التي ما زالوا يسيطرون عليها في الرقة، معقلهم الرئيسي السابق.
ومن المقرر إجراء محادثات في آستانة الأسبوع القادم بين روسيا وإيران وتركيا داعمة المعارضة ، ربما يعقبها مسار منفصل بالأمم المتحدة في جنيف في أكتوبر تشرين الأول أو نوفمبر تشرين الثاني.
وشاركت حكومة الأسد في جولات سابقة من موقع قوة بعد أن استعادت معظم الأراضي بما فيها المراكز الحضرية الرئيسية في الغرب ومناطق صحراوية في الشرق.
إعداد أمل أبو السعود للنشرة العربية – تحرير أحمد صبحي خليفة
كيف يمكن فك العقدة التي تربط الأكراد السوريين بتركيا/ سونر چاغاپتاي
يبدو أن دعم واشنطن المستمر للقوات الكردية في سوريا محفوف بالمخاطر التي تهدد العلاقة الأمريكية-التركية. فمنذ عام 2015، كانت الولايات المتحدة تتعاون مع «حزب الاتحاد الديمقراطي» وجناحه العسكري – «وحدات حماية الشعب» – من أجل محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وشمل ذلك توفير الأسلحة والمساعدة التقنية إلى «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي منظمة جامعة كردية/عربية تهيمن عليها «وحدات حماية الشعب». غير أن «حزب الاتحاد الديمقراطي» – «وحدات حماية الشعب» يتفرع عن «حزب العمال الكردستاني» [«الحزب»]، وهي جماعة تركية صنفتها وزارة الخارجية الأمريكية منظمة إرهابية أجنبية، وتحاربها أنقرة منذ عقود.
وكما سيتمّ توضيحه أدناه، يسيطر الأكراد الأتراك على القيادة الجماعية لكل من «حزب العمال الكردستاني» و «حزب الاتحاد الديمقراطي» – «وحدات حماية الشعب» ويتخذون من جبال قنديل شمال العراق مقراً لهم. ومنذ عام 2015، عندما تعثرت محادثات السلام بين «حزب العمال الكردستاني» وأنقرة، استأنف «الحزب» حربه الدموية ضد قوات الأمن التركية والتي شملت قتل مدنيين. وإذا استحوذ «الحزب» على أسلحة أمريكية من «وحدات حماية الشعب» واستخدمها ضد تركيا، سيُحدث ذلك حتماً شرخاً في العلاقات بين واشنطن وأنقرة التي تعتبر أقدم حليف ذي أغلبية مسلمة للولايات المتحدة والعضو الوحيد من دول الشرق الأوسط في حلف “الناتو”.
وللتخفيف من الخطر الذي ينطوي عليه مثل هذا التصدع، على الولايات المتحدة أن تدرس احتمال اتخاذ تدابير [مناسبة] لتقويض قيادة «حزب العمال الكردستاني» الكردية التركية بدرجة كبيرة في جبال قنديل. وسيسمح ذلك للأكراد السوريين بالسيطرة على «حزب الاتحاد الديمقراطي» – «وحدات حماية الشعب» وتحويل انتباههم عن تركيا بصوة كاملة. وعندها، يمكن لواشنطن أن تفصل سياستها حيال الأكرد في سوريا عن علاقاتها الهشة مع تركيا.
الجذور السورية لـ «حزب العمال الكردستاني»
عندما تمّ تأسيس «حزب العمال الكردستاني» في عام 1978، دعمه السوفييت باعتباره وسيلة لتقويض تركيا، حليفة الولايات المتحدة. وقد تأسس «الحزب» أولاً في سهل البقاع في لبنان الذي كان آنذاك خاضعاً للاحتلال السوري. ووفر حافظ الأسد، والد الديكتاتور السوري الحالي، ملاذاً آمناً لأعضاء الجماعة طيلة عقود، كما عاش زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان في دمشق خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
وبعد انتهاء الحرب الباردة، واصلت الحكومة السورية استخدام «حزب العمال الكردستاني» كورقة مساومة خلال مفاوضاتها مع تركيا حول حقوق المياه في نهر الفرات. وفي الوقت نفسه، وبينما هناك أغلبية من الأكراد السوريين المهمشين وعديمي الجنسية في ظل حكم “حزب البعث”، اعتبرت دمشق «حزب العمال الكردستاني» وسيلة لإبعاد الغضب الكردي القومي عنها وتوجيهه نحو “عدو خارجي”.
وإذ أدركت أنقرة احتمال أن يتسبّب أي تمرد لـ «حزب العمال الكردستاني» ومقره في سوريا بزعزعة استقرارها، اتخذت خطوات ضد دمشق في أيلول/سبتمبر 1998، وهددت باجتياح سوريا ما لم يتوقف النظام عن إيواء «الحزب». ورداً على ذلك، طرد الأسد أوجلان ووقّع “بروتوكول أضنة” مع تركيا، منهياً بذلك رسمياً الدعم السوري لـ «حزب العمال الكردستاني».
لكن بما أنه كان قد سُمح لـ «الحزب» بتجنيد أعضاء بشكل علني ونشر حملة دعائية في سوريا لما يقارب عقدين من الزمن، تمكّن «حزب العمال الكردستاني» من تشكيل قاعدة دعم محلية استمرت لفترة طويلة بعد قطع العلاقات بشكل رسمي. ففي عام 2002، قرر «الحزب» إطلاق فروع له في سوريا وإيران والعراق، غير أن «حزب الاتحاد الديمقراطي» كان الوحيد من بين هذه الفروع الذي انطلق بزخم.
وبحلول عام 2012، عندما كانت الحرب الأهلية في سوريا في أوجها، وحيث قام نظام الأسد بإخلاء مناطق الأكراد لتخصيص المزيد من الموارد لجبهات أخرى، تمكن «حزب الاتحاد الديمقراطي» من ملء الفراغ بسرعة. وقد أسس «الحزب» 3 كانتونات أعلنت نفسها ذاتياً في شمال سوريا، هي: عفرين وكوباني والقامشلي، التي تعرف جماعياً بروج آفا. ومنذ عام 2014، استحوذت «وحدات حماية الشعب»/«قوات سوريا الديمقراطية» على نحو 20 في المائة من الأراضي السورية بفضل مساعدة عسكرية أمريكية كبيرة. كما تربط الميليشيا علاقات بروسيا التي نشرت قواتها مؤخراً في منطقة تمركز «وحدات حماية الشعب» في عفرين المتاخمة لتركيا.
خوض معركة الأكراد الأتراك
على الرغم من أن صفوف «وحدات حماية الشعب» وقيادتها تتألف بمعظمها من أكراد سوريين، إلّا أنّ القيادة الكردية التركية عموماً لـ «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق هي التي تتولى إدارتها. وكما أوضح تقرير صدر في أيار/مايو 2017 عن “مجموعة الأزمات الدولية“، توجه “الكوادر المدربة لـ «حزب العمال الكردستاني»” معظم العمليات الرئيسية لـ «وحدات حماية الشعب»: “فهم يتخذون القرارات بشأن الميزانية الإدارية وتعيين قادة الخطوط الأمامية والمناطق وتوزيع العتاد العسكري والتنسيق مع الجيش الأمريكي. أما التكنوقراطيون، ومعظمهم من المتعاطفين مع أوجلان والذين لا يتمتعون بأي خلفية عسكرية في «حزب العمال الكردستاني»، فيقودون اسمياً المؤسسات الرسمية في منطقة الحكم الذاتي”.
وعلاوةً على ذلك، تمنع هيكلية قيادة «وحدات حماية الشعب» الأفراد الذين لا يتمتعون برصيد داخل «حزب العمال الكردستاني» من تولي مناصب رفيعة: “هناك فرصة ضئيلة لتقدم قادة الوحدات والفصائل، الذين انضم معظمهم إلى «وحدات حماية الشعب» بعد تأسيسها عام 2012… حيث أن الأكاديميات الإيديولوجية التي تنطوي على فرص للترقية تتطلب التزاماً طويل الأمد بنضال «حزب العمال الكردستاني»، تحت قيادة «الحزب» المباشرة في جبال قنديل”. ونتيجةً لذلك، تتمتع قيادة «حزب العمال الكردستاني» في قنديل – المؤلفة من مراد كارايلان وجميل بايق ودوران كالكان ورضا ألتون، وجميعهم من الأكراد الأتراك – بتأثير كبير على «وحدات حماية الشعب».
وببساطة، إن الأكراد السوريين ضمن أسرة «حزب العمال الكردستاني» الأوسع نطاقاً مرغمون على الاضطلاع بدور ثانوي مقارنةً بالأكراد الأتراك الذين يركزون على معركتهم ضد أنقرة ويعتبرون سوريا مسرحاً ثانوياً للعمليات يُستخدم كعامل دعم ضد تركيا. وسيؤدي هذا الموقف لا محالة إلى أزمة في العلاقات الأمريكية-التركية، خاصة إذا قرر «حزب العمال الكردستاني» السماح للأسلحة التي وفرتها الولايات المتحدة لـ «وحدات حماية الشعب» بالوصول إلى كوادره في تركيا. وعلى الرغم من أن قيادة هذه الوحدات قد وعدت واشنطن بأن ذلك لن يحصل، قد يسعى قادة «حزب العمال الكردستاني» إلى تحقيق هذا الأمر لأن الصدع في العلاقات الأمريكية-التركية يصب في مصلحته في نهاية المطاف. وبالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا ليس ما إذا كانت الأسلحة الأمريكية المزودة لـ «وحدات حماية الشعب» ستنتهي في أيدي «حزب العمال الكردستاني»، بل متى.
تركيز «حزب الاتحاد الديمقراطي» على سوريا
لحسن الحظ، بإمكان الولايات المتحدة منع حدوث مثل هذا الاحتمال وسط مواصلة التعاون مع الأكراد السوريين. فالسياسة الرسمية لواشنطن تتمثل بأن «حزب الاتحاد الديمقراطي» – «وحدات حماية الشعب» هو منظمة سورية لكن عليه تحويل هذا المبدأ إلى واقع إذا كان يأمل في تجنب حصول صدع في العلاقة مع تركيا. وهذا يعني إقناع تركيا بإطلاق عمليات عسكرية لها ثلاثة أهداف رئيسية هي: ضرب شبكات مخابئ «حزب العمال الكردستاني» تحت الأرض في جبال قنديل في العراق، وحشر قوات «الحزب» في المنطقة، وربما حتى القبض على بعض كبار قادته الأكراد الأتراك. وأي حملة من هذا القبيل ستتطلب من واشنطن الحصول على موافقة بغداد على شن عمليات في أراضيها، فضلاً عن تقديم المساعدة الاستخباراتية للقوات التركية والذخيرة الخاصة الضرورية لاستهداف المخابئ المحصنة.
وبدورها ستؤدي هذه السياسة إلى تمكين الأكراد السوريين في روج آفا، الأمر الذي يفتح الطريق أمامهم لتولّي القيادة الكاملة لـ «حزب الاتحاد الديمقراطي»- «وحدات حماية الشعب». ومن المفترض أن تركز الجماعة بعد ذلك على خوض معركة الأكراد السوريين على روج آفا، وليس على حرب «حزب العمال الكردستاني» ضد تركيا في سوريا وخارجها. وسيتعين على واشنطن أيضاً طمأنة الأكراد السوريين بأنها ستحافظ على مصالحهم إذا نفذوا ذلك. ومن ناحية أخرى، إن اتخاذ خطوات ملموسة بحق «حزب العمال الكردستاني» يمكن أن يحسّن إلى حدّ كبير العلاقات الأمريكية-التركية التي شهدت توترات كبيرة خلال السنوات الأخيرة.
ويدرك الأكراد السوريون على الأرجح أنهم سيحتاجون إلى دعم واشنطن فيما يتخطى معركتهم القصيرة الأمد ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». فمن دون دعم الولايات المتحدة، سوف تقع روج آفا تحت السيطرة الروسية الكاملة وتتحول إلى النسخة الشرق أوسطية من ترانسنيستريا ، وهي جزء منفصل عن مولدوفا تهيمن عليه موسكو ويفتقر إلى أي نوع من الشرعية الدولية. وكبديل، ومع تموضع واشنطن في زاويتها الدبلوماسية، قد تتصدى روج آفا للضغوط التي تمارسها روسيا ونظام الأسد، مما تتيح لنفسها المجال لالتقاط أنفاسها وربما التوجه نحو تحقيق الحكم الذاتي في نهاية المطاف داخل سوريا. لكن أياً من هذا لن يكون ممكناً طالما أن قيادة «حزب العمال الكردستاني» في جبال قنديل تسيطر على الحركة الكردية السورية، على نحو يضر بها.
معهد واشنطن