صفحات الرأي

إدوارد سعيد: الحياة والفكر

د. يحيى عمارة

أن تتحدث عن إدوارد سعيد، يعني أنك تريد الحديث عن العالم حياة وفكرا وثقافة وطروحات في العلوم الإنسانية والسياسية والكونية، لأن الرجل رمز ثقافي فريد قلما يجود الزمان بمثله، إنه الصوت الفلسطيني العربي الذي يزداد علوا بمرور السنوات، ويكتسب حضورا أكبر على كل الساحات.

إنه النص المفتوح على العالم يتحدى بشخصيته وفكره وطروحاته ومواقفه كل الأمكنة والأزمنة. حيث يعد إدوارد سعيد واحدا من المفكرين الأكثر شهرة وانتشارا، ليس لأفكاره وحدها فقط، بل لدفاعه المستميت عن القضايا الكبرى التي عاشها بوصفه إنسانا عربيا يضع قضية الوطن الفلسطيني الأم، قضية كل الإشكاليات التي يجب على المثقف والمفكر والسياسي الدفاع عنها، بعرض إشكالية الوجود الفلسطيني إزاء العين والذهن والواقع الغربيين، وبفرض الذات الفلسطينية لمقاومة المحتل بكل أصنافه. وفي الوقت نفسه، العمل على إنتاج معرفة كونية تناصر الحرية والعدالة والحق، وكل رسائل القيم الإنسانية المشتركة. إدوارد سعيد شخصية فلسطينية عربية كونية، مزجت الشخصي بالعام، المحلي بالكوني، والذاتي بالموضوعي، هو من هو، مثقف ما بين الحضارات، قارئ الثقافات، مفكر الكون، المحلق خارج المكان (1)، المناهض للسلطة المهيمنة بكل مراتبها وأنواعها، الكاتب والناقد المستوعب لكل الخطابات والتيارات الثقافية والفكرية والنقدية الحديثة والمعاصرة، الباحث العميق في قضايا الغرب باستشراقه وحضارته وأسئلته، والقائم بحفريات في اللغة والكتابة والهوية والمنفى والسلطة والحرية والالتزام، قصد انتقاد الثقافة الغربية من داخلها، وفضح بواطنها، انطلاقا من أسسها ومكوناتها، فإدوارد سعيد المولود بزهرة المدائن، والمهاجر إلى الديار المصرية طوعا من أجل استكمال تعليمه، والمهاجر إلى الديار الأمريكية قسرا، حيث سيستقر هناك، ليواصل دراسته الجامعية بالحصول على شهادة الدكتوراه عن أدب جوزيف كونراد من جامعة هارفارد، سيمضي أكثر من نصف عمره، مسافرا من دون هوادة في المعرفة الكونية، عقلا متجولا بلا توقف في الإبحار وسط الطروحات والإشكاليات، كيف لا، وهو الذي قال، ‘لقد عشت في الولايات المتحدة خلال القسط الأوفر من حياتي البالغة، وكنت خلال العقود الأربعة الأخيرة، مدرسا وناقدا وباحثا ملتزما بالفكر الأنسني. ذلك هو العالم الذي اعرفه أكثر من سواه.’

لقد قدم المثقف الفلسطيني العربي عصارة فكره ثمارا يانعة دانية قطوفها، أغنت الفكر الإنساني وتركت آثارها واضحة على جملة من القضايا المعرفية والفكرية والأدبية، ألف زهاء ثلاثين كتابا في مواضيع عديدة جدا ومتشعبة، من النقد الفكري الاستشراقي، إلى الطرح الثقافي النقدي بكل ظواهره وقضاياه، من التنظير الأدبي والنقدي إلى الإبداع النقدي المحدد في تحديد المفاهيم الجديدة، وانتقاد المرجعيات من أجل تصحيحها وتجاوز أفكارها، لأن معرفته كانت تسعى دوما إلى البحث عما جد في الأدب والنقد والفكر، إما دراسة وإما مقارنة بين ثقافة الغرب نفسها وثقافة الغرب والشرق، تقوم تلك المعرفة على الاستشهاد بأمهات الكتب النقدية والفلسفية، ليس للعرض والتبجح النظري الموسوعي، بل للنقاش والنقد والجدال والتجاوز، ‘كان إدوارد سعيد بين المفكرين والكتاب الأهم في عصرنا، أيا كان المقياس، وكان لكتاباته تأثير هائل على نطاق العالم بأسره، في المستوى العلمي أو في مستوى العرض للسجالات العامة، وهو التأثير الذي عبر القارات والجماهير والأنظمة الأكاديمية. وكان عمله يقتبس دائما، ويبنى عليه، ويستوحى منه، ويهاجم في أوساط نقاد الأدب والمنظرين الثقافيين، الأنثروبولوجيين، المحللين السياسيين، وحتى في ذلك النظام التعليمي الفرعي المسمى بـ’دراسات مناطق الشرق الأوسط’ الذي هاجمه سعيد بشدة'(2(

من هذا المنطلق، استطاع إدوارد سعيد أن يصبح واحدا من أبرز المفكرين في السنوات الأخيرة المشاكسين بالمعرفة والوعي والمقاومة، ومن أكثرهم حضورا في عالم الأدب المقارن والعلاقات الدولية الثقافية، ظل مقيما بين الثقافات، كما وصف نفسه أكثر من مرة، على سبيل التمثيل لا الحصر، قوله ‘إحساسي بأني معلق بين ثقافات متعددة كان ومازال قويا جدا. أستطيع القول إنه التيار الأقوى في حياتي، والحقيقة أنني دائما داخل الأشياء وخارجها، لكني لست أبدا من شيء لمدة طويلة. (3) هنا، يمكن القول إن الموقف الإدواردي يتجلى في تشبثه بآرائه الموضوعية طوال حياته التي تبدأ بفضح المؤسسة الاستشراقية، وتنتهي عند هتك أقنعة الثقافة الامبريالية، مع الحفاظ على الإيقاع النضالي بالكلمة والفعل والموقف، حيث لم يجامل، ولم يساوم أحدا، ليلازمه النقد البناء الذي ظل سمة مرافقة له أو هوية، يدافع عنها بوصفها الوسيلة الأهم للإبقاء على الجوهر الإنساني للأشياء، ولإزالة ما يحيط بها من انحياز وتشوه وخداع. فمن شهامة صاحب مشروع النقد الاستشراقي، أنه لم يسقط بتاتا في فخاخ الفكر المستلب أو البراغماتي أو المنكسر، بل استطاع فتح خارطة الطريق إزاء الرؤى العربية للوعي بالآخر، وبثقافته من دون الوقوع في أسر الانبهار به، بل عبر موالاة نقده، وتفكيك مقولاته، وفضح الجوانب السلبية فيها، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ومن ثم، فهو من المفكرين العرب المعاصرين القلائل الذين لم يقعوا أسرى الرؤية الغربية المتعصبة عرقيا وثقافيا. لأنه كان يريد أن يعارض كل أشكال الاستبداد والهيمنة والإساءة لكل منتج عقلي حتى لو كان من عرق بشري أدنى، بما ينتج معرفة غير قسرية لمصلحة الإنسانية وإحساسها المتأصل بالحرية.'(4)، وفوق ذلك كله، استطاع بذكاء خارق ومنطق يستعصي على النقض أن يستخدم منهج الخطاب الغربي وأدواته في إنتاج خطاب مختلف من حيث المنطلقات والفرضيات والنتائج، ولم يعدم مع ذلك كله التفاف أقطاب من المؤسسة الغربية حول مقولاته والاسترشاد بها في إعادة استنطاق الكثير من المسلمات السائدة من منظورات جديدة كل الجدة. فأهميته العظمى الثقافية والفكرية، تتجاوز الإعلام والسياسة إلى حقول معرفية عدة من ضمنها: الدراسات الأنثروبولوجية، والأدب المقارن، والدراسات النقدية، وتاريخ الفن، ودراسات خطاب ما بعد الاستعمار، والنظرية الثقافية، الذي كان سعيد من ابرز المنظرين والباحثين، الذين حولوا مسارها خلال ربع القرن العشرين الأخير، وهو الأمر الذي جعل مؤرخ الفلسفة السويدي فريديريك غرومر ‘يضع الكاتب الفلسطيني العربي ضمن العشرين شخصية عالمية التي تركت بصماتها على الفلسفة السياسية، واعتبره أحد فلاسفة مدرسة فرانكفورت هوتيودور أدورنو الضمير الفكري الذي هيمن على طول النصف الثاني من القرن العشرين، وقال عنه كوفي عنان الأمين العام السابق عند تأبينه: ‘إن أمريكا والشرق الأوسط سيصبحان أكثر فقرا بفقدان صوت إدوارد سعيد المميز، ‘(5).

إن إدوارد سعيد شخصية عربية سيرة وكتابة، قيمة وحضورا فاعلا، كما أنه مفكر كوني نهضوي، إنساني، منفتح على الذات الجماعية المؤمنة بقيم الخطاب الديمقراطي التنويري الذي لا نستطيع أن نفر من العيش فيه والتعامل مع تجلياته، كما كان يسعى إليه، دوما، إدوارد إنه النص المفتوح على العالم، النص الذي تخطى كل أبعاد مركزية الذات التي كانت تسيطر على الثقافة الغربية عامة والأوروبية خاصة، إنه منظومة قيم معرفية جمالية دلالية جديدة لم تعهدها المنظومات الفكرية والأدبية والفنية والعلمية من قبل. يتم قول هذا، لأن إسهاماته المتعددة تشكل جهدا نقديا وفكريا متميزا في رصيد النظرية المتصلة بحقول الدراسات الإنسانية، كما في إطار مقاربات وتحليل الأوضاع العالمية ومجمل ما تفرضه متحولاتها من مهام على المثقف بصورة عامة وعلى الفلسطيني والعربي بصورة خاصة.

‘كان إدوارد سعيد ينتمي، بالتالي إلى تلك القلة من المفكرين المعاصرين الذين يسهل تحديد قسماتهم الفكرية الكبرى، ومناهجهم وأنظمتهم المعرفية وانهماكاتهم، ولكن يصعب على الدوام حصرهم في ‘مدرسة’تفكير محددة، أو تصنيفهم وفق مذهب بعينه. ذلك لأنه نموذج دائم للمثقف الدائم الانشقاق، ممن يعيش عصره على نحو جدلي ويدرج إشكالية الظواهر كبند محوري على جدول أعمال العقل، ويخضع ملكة التفكير لناظم معرفي ومنهجي مركزي هو النقد.'(6)

تأسيسا على ذلك، أصبح إدوارد سعيد مفكرا عالميا، يحضر بقوة في الموسوعات الغربية التي تؤرخ للنقد الأدبي والنظرية وعلوم الأنثروبولوجيا ودراسة الآخر ونقد الموسيقى، حيث كانت الموسيقى جزءا أساسا من حياته الثقافية والشخصية، حيث معارفه الموسيقية الواسعة ومتابعته لتاريخ الموسيقى وإصداره كتبا في هذا المجال، فقد كتب عددا كبيرا من المقالات في مجال الموسيقى، له كتابات رصينة ومسهبة في الفن الموسيقي، من بينها كتاب ‘نظائر ومفارقات استكشافات في الموسيقى والمجتمع'(7)، ولن ننسى كذلك، أنه كان عازف بيانو مميزا، كل ذلك أضاف أبعادا جمالية سواء على كتاباته أم على أدواته النقدية، فكان يمزج كل تلك الخبرات في العمل النقدي، سواء أكان أدبيا، أم فكريا، أم سياسيا، وكانت الخلاصة على الدوام، إبداع مؤلفات معرفية وسياسية وثقافية وإنسانية وأدبية تصب كلها، في المشروع الإدواردي المتسم بالنزعة الكوزموبوليتانية الإنسانية الساعية إلى تفكيك الخطاب الغربي، ونقد هذا الخطاب الذي اخترع الآخر، الشرقي والعربي والمسلم، ليميز ذاته عن آخره الذي يقع في أدنى سلم الحضارة، مبررا حملته الاستعمارية على الشرق، وإلى دراسة ما يسمى في حقل الفلسفة المعاصرة تحليل أنظمة الفكر، عبر اختراق حجب التقاليد الثقافية الغربية التي شيدت على مدى عقود طويلة في القرون الماضية، وتغيير أفكارها انطلاقا من تفسيرها وتأويلها معرفيا وأيديولوجيا عبر نسقها وسياقها العامين، حيث غير المثقف الفلسطيني الطريقة التي كان يقرأ بها مستهلك الثقافة والمعرفة الصورة النمطية التي يقدمها له الفكر الغربي للإسلام والعرب والشرق الأوسط، كما قام باستكشاف الطريقة التي يجري بها توظيف المعرفة للدفاع عن السلطة وإكسابها المشروعية، بوصف تضافر المعرفة مع القوة التي تجعل المعرفة وسيلة من وسائل الهيمنة وفرض السيطرة، مناهضا أي إدوارد كل أشكال التفرقة الطبقية والتفوق الجنسي والتعالي العرقي والهيمنة الثقافية ومقاومة السلطة المتسلطة ومقارعة الهيمنة التي تمارسها هذه السلطة على غيرها من بني البشر المظلومين، وما شابه ذلك، داعيا إلى إنهاء الخطاب الاستشراقي الذي يحمله مسؤولية المحافظة على العلاقة غير المتكافئة بين الشرق والغرب، وترسيخ خطابات التسييد، والتمركز حول الذات الغربية شبه العنصرية، التي تولد المواضيع الخادمة دوائر رسم السياسات الكولونيالية الجديدة، فما قام به من تفكيك للنص الكولونيالي، والمركزية الثقافية، وللنظريات الأدبية بكل أجناسها التي تسهم لا محالة في تشكيل الأمم معرفيا، كان أثرا حقيقيا تجاوز به إدوارد سعيد مساحة النقد الأدبي الذي أبدع فيه إلى فضاء مصائر الثقافات والأفراد، إلى إحساس الشعوب بهويتها وباحترامها لنفسها ولتراثها إزاء آراء واتجاهات في الغرب، ليبقى إنجازا آخر حققه المفكر الكوني يتمثل في الدفع بالنص في مركز الصراع السياسي الثقافي بين المجتمعات والثقافات المختلفة، بدءا من النص الاستشراقي، ومرورا بالنصوص السردية من جهة، وبالنهوض بكل مؤسسي المجتمعات والثقافات من عوالم المجرد الضائع إلى عوالم المحسوس، من جهة أخرى. فرؤيته رؤية باحث نهضوي شبيه – وبشكل أكثر- بعلماء ومفكري أوروبا الذين نهضوا بمجتمعاتهم من ظلمات العصور الوسطى إلى النور.’عبر هذا الوعي العميق، الشامل والكوني، لتعلق مصائر البشر والشعوب والأفراد، والإيمان بالتشابه القائم بين تجارب المنفيين والمقاتلين من أوطانهم ولغاتهم وثقافاتهم، استطاع إدوارد سعيد أن يصبح واحدا من أبرز المفكرين في القرن العشرين (بشهادة أعلام كبار في الفكر والثقافة الغربيين مثل نعوم تشومسكي وتوني موريسون وسلمان رشدي وكاميل باجليا)، ومن أكثرهم حضورا وتأثيرا في عالمي الثقافة والإعلام، رغم محاولات الأجهزة الصهيونية في أمريكا والغرب التعتيم على عمله ومنعه من إيصال صوته، بصفته المتكلم الأبرز باسم الفلسطينيين في العالم الغربي إلى أوسع دائرة من القراء والمستمعين والمشاهدين في الغرب. لكن هذه المحاولات المستميتة التي استمرت على مدار ربع قرن على الأقل، لم تنجح في لجم صوت إدوارد بل زادته إيمانا بدوره السياسي لتوضيح حجم الظلم الذي وقع على شعبه الفلسطيني، وقد ساعده على تحقيق هذه المهمة، التي نذر نفسه لها، ضخامة إنجازه في النقد الأدبي وحقل الدراسات الثقافية وعمق أفكاره التي يطرحها واتساع دائرة انشغالاته الثقافية. لقد أصبح شهيرا ومؤثرا، له تلامذة ومريدون ومعجبون في كل أنحاء العالم، بحيث أصبح صعبا أن تنال منه الدوائر الصهيونية والصحف ووسائل الإعلام الموالية لها ‘(8).

لقد جسد إدوارد سعيد ظاهرة استثنائية فريدة من نوعها عند المثقفين والمفكرين تتمثل هذه الظاهرة في إنكار الذات، وتذويبها في الوجود المشترك، حيث عاش حياته كلها أنموذجا رائعا قدم فيه نفسه دائما على أنه ذات جماعية قبل أن تكون فردية. هو الذي سافر وغامر مثل السندباد تنظيرا وممارسة، قطع كل أنواع الجغرافيات المكانية والفكرية والحياتية، لكي يعبر بصوت المثقف المناضل المدافع عن كل القضايا الإنسانية والجمالية المشتركة المتجذرة في النضال من أجل الهوية، التركيز على السلطة الإمبريالية، والخطاب الكولونيالي، والشجب للاضطهاد السياسي والثقافي، والعناية بالشروط المادية للفكر والكتابة، ورفض النماذج المهيمنة للنظرية الأدبية والثقافية. قائلا ‘نحن موجودون في العالم مهما رددنا بملء أصواتنا أننا في البرج’.

فهو ابن الجغرافيات الكبرى التي ظل يعيش في كنفها، فإلى جانب جغرافية الفكر والنقد والثقافة، هناك جغرافيات أخرى ظلت تسيطر على ذاكرته التي أسهمت بشكل واضح في تأثيث فكره ودعمه، من هذه الجغرافيات نذكر الوداع، الوصول، المنفى، حنين الوطن، الانتماء والسفر بحد ذاته، لكن كل هذه الجغرافيات يلتقي جريانها في الوطن الأم فلسطين الذات، فلسطين الجماعة، فلسطين الأمة، لأنه أمضى أكثر من نصف عمره يكتب آلاف الصفحات، ويحاضر، ويجول، ويناقش، ويجادل، في جميع أنحاء العالم، ويتحدث إلى أهم وسائل الإعلام وأكثر عداوة لقضية شعبه: عن فلسطين، وعن اغتصاب فلسطين، والشتات الفلسطيني، والوجع الفلسطيني، والهوية الفلسطينية، والمقاومة الفلسطينية، ليصبح إدواردنا مثل أسطورة العنقاء، كل رماده الآن مواجهة وتحد للصهيونية والامبريالية مهما بقي الدهر. وليصبح أهم وأكثر الأصوات جسارة دفاعا عن الشعب الفلسطيني والوطن الفلسطيني في العالم، على الإطلاق. كتب وأبدع ونظر وانتقد قصد استرجاع وطنه المسلوب المحتل، كان وطنه في الكتابة كما كانت الكتابة في وطنه، الأمر الذي جعل إذ فاليمي يكتب في مجلة ‘الأوبزرفور’، على سبيل المثال مقدما مقابلته مع إدوارد سعيد التي ظهرت في عدد 29/آب/1999:’أن تستهدف إدوارد سعيد بفأس، معناه أن تهوي على واحد من أكثر الأشجار إثمارا وأناقة في غوطة الفكر الإنساني ‘.

وبعد أن أشار إلى أن إدوارد سعيد واحد من قادة المنظرين الأدبيين في القرن العشرين، وأنه ناقد موسيقي مرموق، ولاسيما لفن الأوبرا، وأنه مؤرخ، وعازف بيانو، وكاتب مقال سياسي، وأنه أكثر أنصار قضية فلسطين تشبثا بقضيته، بل إنه الأوسع شهرة في صفوف المعنيين بهذه القضية على مستوى العالم، أضاف: إن سعيدا هو’المثال الحي لتلك الحكمة التي سكها تيودور أدورنو، اللاجئ الجذري الآخر الذي قدم إلى نيويورك من الرايخ الثالث عندئذ: بالنسبة للإنسان الذي لم يعد يملك وطنا، تغدو الكتابة مكانا للعيش’.(9)

لائحة المراجع:

1 ـ محمود درويش، مجلة ‘الكرمل’، عدد78، 2004. من مقدمة المجلة.

2 ـ ستيفن هاو، إدوارد سعيد:المسافر والمنفى، ترجمة بتصرف:صبحي حديدي، مجلة ‘الكرمل’، مرجع سابق، صفحة 15.

3 ـ إدوار سعيد، السلطة والسياسة والثقافة، تقديم غاوري فسواناثان، ترجمة د.نائلة قلقيلي حجازي، الطبعة الأولى باللغة العربية، عام 2008، دار الآداب للنشر والتوزيع، بيروت، ص93.

ـ شيلي واليا، صدام ما بعد الحداثة، إدوارد سعيد وتدوين التاريخ، ترجمة:عفاف عبدالمعطي، الطبعة الأولى 2006، منشورات رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة، ص133.

5 ـ د. زهير الخويلدي، معان فلسفية، الطبعة الأولى 2009، منشورات دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، ص150.

6 ـ صبحي حديدي، مجلة ‘الكرمل’، مرجع سابق، ص11.

7 ـ كتاب ألفه إدوارد سعيد بالاشتراك مع دانيال بارنبويم، تنقيح وتقديم آراغو زيلمان، ترجمة:د.نائلة قلقيلي حجازي، الطبعة الأولى باللغة العربية، عام 2005، منشورات دار الآداب للنشر والتوزيع، بيروت.

8 ـ د.فخري صالح، إدوارد سعيد، دراسة وترجمات، الطبعة الأولى 2009، منشورات الاختلاف، الجزائر، الدار العربية للعلوم، ناشرون، بيروت، ص50-51.

9 ـ مأخوذ من المجلة العربية للثقافة، عدد 45، مارس 2004، عدد خاص عن إدوارد سعيد، ص56-57.

شاعر وباحث من المغرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى