إيران تقترح الإجتماع بـ”معارضة الخارج “السورية!
سركيس نعوم
يتحدث بعض وسائل الإعلام المحلية والاجنبية عن تاريخ 30 حزيران باعتباره موعداً نهائياً لانعقاد اجتماع دولي حول سوريا في موسكو وبدعوة منها تحضره اثنتا عشرة دولة تقريباً منها الجمهورية الاسلامية الإيرانية. ويتحدث بعض آخر من وسائل الإعلام نفسها عن مشاورات تجرى لعقد الاجتماع المذكور في موعد قد يكون30 الجاري، اقترحته موسكو ولا تزال تنتظر أجوبة نهائية عنه من الجهات والدول التي يفترض ان تشترك فيه. ورغم ان لدى مصادر “البعضين” من وسائل الإعلام المشار اليهما باعا طويلاً في عملية الحصول على معلومات دقيقة عن قضايا مهمة وأحياناً شائكة ومعقدة، فإن تناقضهما حيال الاجتماع الدولي المذكور اعلاه يعكس حقيقة واضحة هي استمرار غياب التوافق بين الجهة الداعية والجهات المدعوة على امور عدة، قد يكون من بينها جدول اعمال المباحثات في الاجتماع الدولي. إلا ان أهمها هو، لا شك، الاختلاف حول اشتراك ايران فيه. فروسيا الداعية تصر على مشاركتها انطلاقاً من قدرتها على القيام بدور فاعل في إقناع النظام السوري بالتساهل وتالياً بالتجاوب، بغية التوصل الى تسوية توقف شلال الدم وتضع سوريا على طريق جديدة تريدها غالبية شعبها هي طريق الإصلاحات والحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان. أما اميركا وفرنسا ودول اخرى مدعوة فإنها ترفض اشتراك ايران في المؤتمر لأنها في رأيها جزء من المشكلة الصعبة في سوريا، ولذلك فإنها لا تستطيع ان تكون جزءاً من الحل كما تعتقد موسكو. فهي التي توفر له الدعم السياسي والمالي والسلاحي والتدريبي الذي يحتاج اليه، وربما انواع دعم اخرى. ولذلك فان اشتراكها في الاجتماع الدولي المخصص لسوريا سيكون هدفه التعاون مع روسيا لإبقاء نظام بشار الاسد، ولكن مع اصلاحات جزئية لا تفي بالمطلوب وتجاوزها، ومن زمان، الدم المراق في كل انحاء سوريا. طبعاً لم يعد الموعد المقترح للاجتماع الدولي حول سوريا في موسكو بعيداً. وخلال الايام القليلة المقبلة يمكن معرفة ما إذا اصبح موعداً ثابتاً او نهائياً أو إذا ارجىء. لكن ما تعرفه مصادر واسعة الاطلاع لبنانياً وخارجياً يشير الى امرين. الأول، ان قبول اشتراك ايران في المؤتمر من الجهات الرافضة لا يزال احتمالاً ضعيفاً حتى الآن لأسباب متنوعة، اهمها استمرارها في عدم التجاوب مع المساعي الدولية شبه الشاملة لايجاد حل لملفها النووي يبعدها عن الحصول على اسلحة نووية. وطبيعي في سنة انتخابات رئاسية اميركية ان يرفض الرئيس اوباما وإدارته الاعتراف لها بأي دور “ايجابي” في اي مشكلة اقليمية او دولية. أما الثاني، فهو ان روسيا وربما جهات اخرى تحاول ان تحقق، وقبل انعقاد المؤتمر، تسوية للأزمة السورية يسمح تطبيقها باطلاق عملية سورية داخلية للإصلاح برعاية اقليمية ودولية جدية. وتقوم هذه التسوية على تأليف حكومة انتقالية في سوريا يترأسها نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، ويمثّل أول ثلث من اعضائها النظام، وثاني ثلث معارضة الخارج بما في ذلك “الاخوان المسلمون”، وثالث ثلث معارضة الداخل. علماً ان نظام الأسد سيرفض ذلك استناداً الى قريبين منه.
لماذا تريد ايران الاسلامية دوراً في حل الأزمة الراهنة في سوريا؟
تقول مصادر اسلامية عليمة إن ايران دولة جدية وتعرف تماماً ماذا يجري في سوريا، ومصيرها كما مصير النظام الذي تدعمه اذا استمرت “الحرب”. وتعرف تماماً ان “المذهبية” التي عُمِّم في العالم انها جامعٌ بين نظام الاسد و”شعبه” وايران الشيعية ليست جامعاً. فأيام المؤسس حافظ الاسد أُرسل 50 تلميذاً علوياً الى قم للدراسة. عادت غالبيتهم وبقي عشرة منهم فقط. ايران تريد التعامل مع سوريا كلها وليس مع سوريا العلوية (إذا حصل تقسيم) لأنها لا تريد ان تعاديها غالبية المسلمين في العالم. وتقول المصادر نفسها ايضاً إن سفيراً لايران في عاصمة عربية اقترح رسمياً على شخصية اسلامية قريبة من “الإخوان” عقد اجتماع بين ايران والمعارضة السورية في الخارج ومعهم (“الاخوان”). وتقول ثالثاً إن موسى ابو مرزوق، مدير مكتب “حماس” في القاهرة، تلقى من جهات ايرانية طرحاً مماثلاً. وتقول رابعاً إن “حزب الله” اللبناني طرح الاقتراح نفسه وأكثر من مرة.
طبعاً لم تثمر كل الطروحات الايرانية المذكورة اعلاه حتى الآن. لكن لا يمكن القول انها رُفِضَت. ربما الظروف الراهنة في سوريا وفي غيرها من دول العرب تدفع الى التريث قليلاً، علماً ان بعض “الأجواء الإخوانية” يشجع على التجاوب.
النهار