اقولها صراحة
درويش محمى
لم أفرح لمقتل العقيد معمر القذافي, لأننا في سورية نعاني من ديكتاتور لايقل عن القذافي بطشاً وطيشاً وشراسة, وفي حين وقف العالم ومعهم أشقاؤنا العرب, وقفة الرجل الواحد ومنذ اليوم الاول الى جانب الثورة الليبية, يحيطونها بكامل عنايتهم وكريم رعايتهم وبالحماية الجوية والأرضية والقرارات الدولية والاقليمية, بالإضافة الى الوصاية العربية, لكن معنا نحن ومع ثورتنا فلم يقف أحد, بل تركنا نواجه آلة عسكرية قمعية ارهابية عنيفة, لا يمكن مقارنتها بميليشيات القذافي المسكين ومرتزقته الافارقة.
الحقيقة التي لا يستطيع ان ينكرها احد, ان النظام الليبي لم يكن ليسقط, لولا الدعم الدولي والعربي والاسلامي لمناهضيه, كما ان المعركة في ليبيا لم تكن لتحسم على هذا النحو, لولا التدخل الدولي في الشأن الداخلي الليبي, حتى الدقائق الاخيرة من حياة “ملك ملوك افريقيا”, كان للتدخل الدولي دوره واثره, فقد تعرض رتل العربات التي كان بضمنها سيارة العقيد القذافي, لقصف من طائرة ميراج فرنسية, افشلت محاولة فراره او انسحابه من ارض المعركة, واجبرته على مواجهة مصيره, وبقية القصة تعرفونها, فقد قبض على الرجل, ليعذب ويضرب ويهان, ثم يقتل برصاصة في الرأس.
من المفترض ان نفرح لا بل ان نرقص فرحا بسقوط معمر القذافي, فسقوط الطاغية الليبي يعني الكثير بالنسبة للثورة السورية, والحدث كبير لا شك في ذلك, وسيؤثر على الموقف الغربي المماطل تجاه الثورة السورية, وسيشجع العرب كذلك على الشروع في دعمنا ومساعدتنا, كما سيشجع الشباب السوري على الاستمرار في ثورته رغم الكم الهائل من التضحيات, والاهم من كل هذا وذاك, هو وقع التجربة الليبية الناجحة علينا نحن “المعارضين” السوريين, احزابا وشخصيات, ولعلى وعسى ان تشكل التجربة الليبية درساً بليغاً, نتعلم منها الديناميكية والواقعية السياسية, ونتخلى عن منطقنا السريالي في تعاطينا مع مفهوم السيادة الوطنية, فالغالبية العظمى من معارضينا الأشاوس, لايزال يتعامل مع الحدث على اساس مادة التربية الوطنية, ومجرد الحديث عن ضرورة التدخل الاجنبي لوضع حد لمعانة اهلنا في الداخل السوري, يغيظ البعض منا, وكأن احدهم دخل غرفة نومه في غيابه.
.المعارضة الليبية وخلال ايام قليلة فقط, تمكنت من تشكيل هيئة موحدة لقيادة الثورة الليبية, وخلال ايام قليلة فقط, طالب المجلس الانتقالي الليبي بالحماية الدولية والتدخل في الشأن الداخلي الليبي للاطاحة بنظام الطاغية معمر القذافي, وكان لهم ذلك, وهاهم اليوم يحتفلون بتحرير بلادهم من طاغية ديناصور جثم على صدورهم لمدة اربعة عقود, فهنيئاً لهم نصرهم على الطاغية, فقد كانوا على مستوى المسؤولية, والكثير من الحنكة والديناميكية والواقعية.
لم أفرح لمقتل القذافي, لا بل حزنت, اقولها صراحة, فطريقة قتل الرجل كانت قاسية وعنيفة, والقذافي وقع في الاسر, والاسير اياً كان, من حقه ان يعامل معاملة حسنة, كما من حقه ان يحاكم امام محكمة عادلة ونزيهة.