الحسم في حمص عقب “أكثرية” الاستفتاء
أي رهان بعد على تغيير روسي؟
روزانا بومنصف
تبنى مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان قرارا يندد مرة اخرى بالانتهاكات في سوريا التي تزداد خطورة على حقوق الانسان وسط معارضة متجددة لكل من روسيا والصين ومعهما كوبا للتصويت على القرار مما حدا بأوساط سياسية الى التساؤل عن سبب التفاؤل باحتمال تبديل روسيا موقفها بعد الانتخابات الرئاسية الروسية في 4 آذار الجاري. إذ من الواضح ان روسيا لا تبدي ليونة حتى في مجلس حقوق الانسان ازاء ادانة النظام السوري فيما برزت على نحو لافت ادارة روسيا او ضبطها ايقاع اداء النظام. واللافت ان الامم المتحدة كانت اعلنت بعد ظهر الاربعاء ان سوريا رفضت استقبال وكيل الامم المتحدة للشؤون الانسانية فاليري اموس لتعود الخارجية السورية فتعلن بعد موقف للخارجية الروسية اعربت فيه عن املها بالسماح بدخول اموس الى سوريا ان هذه الاخيرة طلبت القدوم في موعد لم يكن مناسبا للنظام في اشارة الى التدخل الروسي لدى دمشق من اجل التعاون على الصعيد الانساني. وسبق لروسيا ان تدخلت لدى النظام على اثر استخدامها الفيتو في مجلس الامن لعرقلة صدور قرار دولي يدين النظام ويتبنى خريطة الطريق العربية للانتقال السلمي من اجل تحديد موعد سريع للاستفتاء على الدستور الجديد الذي جرى يوم الاحد الماضي في 26 شباط. وهو ما تولاه وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي اصطحب معه في زيارته لسوريا رئيس جهاز الاستخبارات الروسي. كما تدخلت روسيا لدى النظام من اجل ان يقبل بلجنة المراقبين العرب بعدما كان رفضها النظام مما يؤشر الى كون روسيا الحليف الاساسي الذي يؤمن التغطية السياسية للنظام تملك مفتاح الحل في سوريا راهنا اكثر من اي وقت مضى. اذ من جهة تضبط ايقاع حركة النظام السوري وتدير حركته السياسية وتمنحه في الوقت نفسه الحماية السياسية في حين تغدو اكثر فأكثر الرقم الصعب في وجه الدول الغربية من جهة اخرى ما لم تطرأ تطورات ميدانية في سوريا تجعل وضع روسيا صعبا.
وبحسب المصادر السياسية فان الرهان الغربي على تبدل في الموقف الروسي استنادا الى نتيجة الانتخابات الروسية يبدو مماثلا لتلك الرهانات التي بنيت لدى المشاورات الدولية السابقة للاعداد لصدور القرار الدولي. اذ لم تبدل روسيا موقفها بل على العكس ازدادت تصلبا في حين يبدو مستغربا بالنسبة الى هذه المصادر البناء على الحسابات التي تجعل الرئيس الروسي المقبل فلاديمير بوتين باعتباره المرشح الاقوى الذي سيفوز في هذه الانتخابات، يبدل موقفه بعد الانتخابات عما قبلها كأنما الموضوع السوري هو موضوع عاطفي مؤثر بالنسبة الى الناخبين في روسيا. ووفقا لهذه المصادر فان الاصح في الرهانات هو التغيير الذي تأمل روسيا حصوله في سوريا من اجل البناء على مقتضاه قبل الانتخابات وما بعدها بقليل. ففي المدة الفاصلة بين فشل صدور قرار دولي عن مجلس الامن والانتخابات الروسية سرّع النظام السوري من وتيرة عملياته العسكرية وصولا الى حسم المعركة في حمص بعد شهر من حصارها لمصلحته فضلا عن اجرائه استفتاء على دستور جديد ضمن من خلال الارقام التي وزعها، في ظل عدم وجود آلية تثبت او تؤكد ما اعلنه، حصوله على أكثر من نسبة النصف زائد واحد من خلال تصويت 89 في المئة من نسبة 57 في المئة من الشعب السوري من الذين شاركوا في التصويت. وهو ما يفيد بمغزاه السياسي انه لا يزال يمثل اكثرية الشعب السوري ولو ان هناك مغزى اكبر في امتناع نسبة 47 في المئة من الشعب عن المشاركة في هذا التصويت. وهذان الحسم العسكري والاستفتاء السياسي هما عاملان مساعدان جدا لروسيا في رفع شروط التفاوض الدولية التي رفضتها حتى الان حول مصير الرئيس السوري بشار الاسد واصرارها على رفض الخطة اليمنية التي كانت اعلنت سابقا انها مناسبة لسوريا في مقابل تشديدها على بقاء الاسد من اجل ان يكون جزءا من الحل المقبل في سوريا وان لا حل من دونه.
وثمة معطيات تفيد بانتظار روسيا ان يخطو النظام برعايتها ومشورتها خطوات سياسية اخرى بحيث يفرض استمراره في السلطة كأمر واقع لا بد منه مع حكومة جديدة مطعمة ببعض شخصيات المعارضة الداخلية التي تكون تحت سقف النظام ما دام الغرب يظهر عجزه عن الاتفاق على اي خطط بديلة للتغيير في سوريا في ظل الفيتو الروسي. اذ ان ما جرى في المقابل هو استمرار تعثر الدول المعارضة لبقاء النظام على كل الصعد ان لجهة تأمين المساعدات الانسانية واستمرار حاجتها الى النظام لكي يسمح لها بذلك او على صعيد تقرير الخطة المناسبة التي يجب اعتمادها لوقف العنف وفق ما برز في مؤتمر اصدقاء سوريا الذي انعقد في تونس في 24 من الشهر المنصرم. يضاف الى هذا التعثر الرهان مجددا وبدءا بمؤتمر تونس وما بعده على محاولة تغيير موقف روسيا بعد الانتخابات الروسية تماما كما حصل في الرهان على تغيير موقفها قبل الاعداد لقرار جديد في مجلس الامن وادخال تعديلات على القرار تكون مقبولة من روسيا والصين.
النهار