الرقة.. وجهة ‘خليفة المسلمين’ الأولى/ هادي سلامة
كان للضجة الإعلامية التي رافقت مبايعة أبي محمد العدناني لأبي بكر البغدادي خليفةً للمسلمين معلناً بدء عصر الخلافة، وقعٌ خاصٌ على محافظة الرقة، المعقل الأبرز للتنظيم في سوريا. تمثل ذلك علناً بإطلاق الأعيرة النارية احتفالاً بعظمةِ ما تمّ الإعلان عنه في مختلف مدن المحافظة. حيث جالت دوريات التنظيم في الولاية طالبةً مبايعة العامة في الشوارع، مغدقةً الأوراق النقدية على بعض مبايعيها!
رد الفعل هذا كان إثر قدوم وفدٍ من خارج “الولاية” شمل مركبات للتنظيم يتقدمها سبعٌ من الخيل نُصبت عليها راية داعش، في مشهدٍ اتضح أنه الإعلان عن خروج التنظيم من هيكلية الدولة إلى قالب الخلافة. انتهى الركبُ بوصوله لأحد المقرات الأمنية على مقربةٍ من مدخل المدينة (معسكر الطلائع سابقاً)، قبيلَ إفطارِ أول أيام شهر رمضان.
تم تسريب مجريات الحدث من داخل التنظيم، وتقول المعلومات إن والي الرقة، أبا لقمان، وثلة من أمراء “الولاية”، كانوا على أهبةٍ لاستقبال الوفد ضمن المقر، حيث سارع والي الرقة لمصافحة أحد القادمين، معلناً بيعته للخليفة أبي بكر البغداديّ باسمه “عبد الله إبراهيم بن عواد بن إبراهيم بن علي بن محمد البدري القرشي الهاشمي الحسيني نسباً”، خليفةً لمسلمي الأرض. يضيف المصدر لـ”المدن” قائلاً: “إثر أول مائدة إفطار جمعت الزائرين مع أمراء الولاية، أخذ والي الرقة البيعة باسم الخليفة البغداديّ من مجمع الحضور فرداً فرداً، معلناً أن خليفة المسلمين سيزور الولاية (للمرة الثالثة) لكي تتم مبايعته بشخصه بيعةَ السمع والطاعة”.
وتابع المصدر بأن أروقة مقرات داعش سابقاً، شهدت تمتماتٍ عن زيارةٌ لشخصيةٍ أمنيةٍ مجهولةِ الهوية على مستوى رفيعٍ من التنظيم لـ”الولاية”، لكن الإعلان الصريح الآن لزيارات البغدادي سابقاً إلى الرقة بدد الشك باليقين، وأرخى علائم الذهول على بعض الحضور، إذ لم يكن معروفاً أن “الخليفة” جال في الرقة مرتين.
صاروخ سكود في موقع الكبر في دير الزوروعلى الرغم من أن الوفد القادم لم يعكس انطباعاً على الرقة سوى استعراضات لدوريات التنظيم، وهو أمر اعتاده سكان المدينة في مجمل الحال، إلا أن شوارع المدينة الخارجية والرئيسية شهدت حظراً لمرور السيارات في ثاني أيام رمضان من قبل مسلحي مكتبي الحسبة والشرطة الإسلامية، الذين أمروا بإغلاقها التام مع فرض غراماتٍ مالية، وأخرى وصلت إلى الاعتقال لكلّ من خالف أمر الآمر، وشمل ذلك سيارات الإسعاف، مع التعتيم التام على أسباب تلك التحركات الغريبة، التي انتهت بعرضٍ لجحافل التنظيم متضمنةً دباباتٍ وصواريخ أرض – أرض ومدافع ومضاداتٍ للطيران بأعداد هائلة من غنائم أرض الرافدين، حملت لوحاتها اسم محافظة نينوى العراقية، إلى جانب صاروخ بالستي “سكود” قيل لاحقاً إن التنظيم حصل عليه من موقع الكبر في دير الزور بعدما تم نقله من العراق إلى سوريا، بعيد الغارة الجوية الأميركية في العام 2009.
يبقى القول إن إعلان دولة الخلافة الذي طوى مسمّى العراق والشام من التداولات والتعاملات الرسمية، كان مشورةَ أهلِ الحل والعقد من أعيانٍ وقادةٍ ارتأوا تنصيب البغدادي خليفةً وإماماً للمسلمين في كلّ مكان. خلافةً تلغي الحدود، مجتازةً أصقاع الخرائط، تجاوبَ معها عدد كبير من التنظيمات الجهادية مقابل رفض وهجوم حاد من جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في بلاد الشام. كل ذلك وأكثر، يضعنا على بينةٍ من وصول التنظيم إلى مرحلةٍ من العسير جداً العودةُ عنها.
المدن