صفحات العالم

القمة فشلت في الامتحان السوري!

راجح الخوري
اهم ما “أنجزته” القمة العربية في بغداد ذلك المشهد المتناقض، الذي جسدته تلك الصورة التذكارية عندما جلس الحاضرون من قادة ووزراء امام جدارية فخمة تعكس خطوط “الارابيسك” في تشكيل فني بديع، يتوسطهم المشير عمر حسن احمد البشير المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بما يعكس تقريباً بؤس الحال على مستوى القرار العربي ومؤسسة القمة!
لن يجادل احد هوشيار زيباري الذي استفاض في الحديث عن “النجاح المنقطع النظير الذي حققته القمة”، فهو كوزير للخارجية العراقية مضطر الى اسباغ مثل هذه الكلمات على قمة اقل من عادية، ليس بسبب المشاركة المتواضعة للزعماء العرب فيها، بل بسبب تواضع فعالية هذه المؤسسة التي تعكس ارادة الدول العربية امام العالم، وخصوصاً الآن في مرحلة التحولات العاصفة في اكثر من بلد عربي.
كانت اكثر الكلمات تداولاً في اليومين الماضيين: “ان العراق عاد الى العرب وان العرب عادوا الى العراق بعد غياب 22 عاماً”. ولكن واقع الاحوال في العراق كما في الدول العربية يستدعي القول: “عودة وبأي حال انت يا عودة”؟ ذلك ان عدداً من الدول العربية دخل مرحلة تحوّل وتغيير في الانظمة والقيادات يغلب عليها الغموض وتسودها فوضى مرحلية ليس من الواضح متى تنتهي وكيف، بينما يقف عدد آخر على ابواب تغيير ليس من المعروف كيف ومتى يبدأ، ذلك ان رياح ما سمي “الربيع العربي” لم تتوقف بعد وان كانت تعصف دماً الآن في سوريا!
قمة بغداد سقطت في الامتحان السوري وهو طبعاً الاكثر إلحاحاً في هذه المرحلة، سقطت لا لأن سوريا رفضت سلفاً اي قرار يصدر عنها، ولا لأن بعض الكلمات التي ألقيت فيها كانت على طريقة النعامة اللبنانية والنأي بالنفس، بل لأن محاولات احياء روح “المبادرة العربية” التي دعت الرئيس بشار الاسد في 22 كانون الثاني الماضي الى التنحي لصالح نائبه فشلت تماماً، بعدما تم دفنها في مقبرة كوفي انان ونقاطه الست التي فتحت مع دمشق طريقاً من الردود والرد على الردود لن ينتهي، فها هو الاسد يوافق على خطة انان لكنه لا ينفذ فيوقف النار، بل يدفع بدبابات الى المدن والاحياء في سياق الحل العسكري ثم يفاجىء انان بالقول: وافقنا ولكن لنا ملاحظات والشياطين تكمن عادة في الملاحظات!
وفي حين وقف زيباري ينفض قميص عثمان العربي من المأساة السورية مكرراً القول: “ان الازمة دخلت دائرة التدويل” وهي مدولة اصلاً على يد روسيا، كان انان يوسع خريطة زياراته الى العواصم بما يعطي الاسد مزيداً من الوقت، بينما اعلنت موسكو انه وحده الذي يقرر تمديد مهمته او عدم تمديدها، وان اجتماع “اصدقاء سوريا” في تركيا لا يمكن ان يلغي دور مجلس الامن حيث تقيم حاجز “الفيتو” في وجه اي قرار!
النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى