القوات الروسية تدخل الحرب السورية!
عبد الرحمن الراشد
هذه أول مرة في تاريخنا المعاصر نرى روسيا تتدخل على الأرض مباشرة في منطقة الشرق الأوسط. وهي بذلك تعلن إغلاق الباب أمام احتمال أي تدخل دولي، أو أي عون عسكري عربي، وإنهاء الأمل بإقامة منطقة معزولة للاجئين بين تركيا وسوريا قد تكون معسكرا لجيش سوريا الحر ينطلق منها. وهي خطوة سابقة لمؤتمر تركيا الذي يعقد بعد أيام. وبقواتها تهدد روسيا حقا الأمن والاستقرار في المنطقة وقد تكون بداية لأول غزو روسي.
موسكو تقف ضد الأغلبية الساحقة من الشعب السوري، وتقف إلى جانب واحد من أسوأ الأنظمة في العالم. فهل إرسال روسيا قواتها إلى سوريا سيغير المعادلة؟ هل هي النجدة التي ستنقذ نظام الأسد من السقوط؟ الروس يزعمون أنهم أرسلوها تحت ذريعة استخدامها لإجلاء المواطنين الروس عند الحاجة، فهل سمعتم أن روسيا أرسلت قوات إلى منطقة نزاع في العالم لإجلاء مواطنيها؟
كيف ندرس التطور الخطير الجديد؟ وفق مراجعة لمعاهد بحثية متخصصة فإنها تستبعد تدخل قوات غربية في النزاع الدائر في سوريا بخلاف ما فعلته في ليبيا. وكما لاحظت مجلة «التايم» فإن تدخل الناتو أنهى حرب ليبيا في سبعة أشهر بعشرة آلاف طلعة جوية قصفت مواقع لقوات العقيد معمر القذافي في العام الماضي. وبالتالي التدخل الروسي سيواجه الشعب السوري وسيكون سببا في ارتفاع شعبية الجماعات الجهادية.
وقد لعبت موسكو دورا داعما لنظام الأسد لم تلعب مثله حتى في ذروة تحالفها مع النظام السوري نفسه في السبعينات عندما حارب إسرائيل، ولم تدعم حليفها الأول نظام عبد الناصر بنفس الحماس إلا بعد هزيمته أمام إسرائيل. روسيا منذ منتصف العام الماضي وهي تمد بجسر بحري النظام السوري بكل ما يحتاج إليه، وآخرها سارعت بتزويده بأكثر من 35 طائرة خفيفة بنصف مليار دولار. أيضا اعترف الروس أمس أنهم أرسلوا على متن سفينة عسكرية قوات مكافحة الإرهاب لمساندة الأجهزة الأمنية السورية، والاحتمال الأرجح ليست مشاركتهم القتالية مباشرة بل دعم الأجهزة السورية بما تحتاج إليه من تدريب وتجهيز ومعلومات وحماية. والاحتمال الأبعد، والممكن أيضا، التورط فعليا في قتال الشوارع.
وبالتالي، نحن نشهد في سوريا نزاعا مختلفا. إيران وروسيا وحزب الله والعراق تساند بشكل كبير النظام الذي يتمتع بقوة أمنية وعسكرية ضاربة في مواجهة انتفاضة شعبية معظمها غير مسلح، والبعض يحمل أسلحة خفيفة. فهل حكم على الثورة السورية بالموت بغياب الدعم الغربي، وفي ظل التكالب العربي والإيراني والعراقي والروسي؟ لا، فرغم هذا كله وفي ظل هذا الوضع غير المتوازن، فإن أمل النظام بالقضاء على التمرد بعيد المنال. فغالبية الشعب السوري فعلا في خندق المعارضة، وحجم الجرائم التي ارتكبها النظام تجعل الحكم عدوا أكيدا يستحيل التعايش معه.
وفي تصوري، ستتحرر مناطق كبيرة معادية للنظام وإن كانت الطريق طويلة. وبالتالي، فإن المراهنة على الدعم الروسي والتمويل الإيراني والعراقي ستفلح في إطالة عمر النظام والنزاع، لكنها مسألة وقت. وسيجد العالم بعد فترة أنه سكت طويلا على نظام باطش ولن يستمر صامتا، وخلال إطالة النزاع سيتمكن السوريون من بناء ميليشيات قادرة على تهديد رأس النظام ومحاصرته.. وهكذا يسقط النظام في النهاية.
الشرق الأوسط