صفحات العالم

عملية مزارع شبعا –مقالات مختارة-

 

 

 

 

 

عن ردّ “حزب الله”…/ حازم صاغية

إذاً لم تُفتح جبهة الجولان المغلقة منذ 1974. هذا هو الردّ الذي وُعدنا به بعد الضربة الإسرائيليّة في القنيطرة، عاصفاً مزلزلاً يُخلّ بمبدأ عاشت عليه المنطقة نيّفاً وأربعة عقود.

نعم، ردّ الحزب، وردّت إيران من ورائه، فجاء الردّ ذكيّاً ومدروساً، لكنّه جاء مدروساً أكثر ممّا ينبغي، ما جعله أقلّ كثيراً ممّا وُصف به الردّ العتيد. هكذا حضر في البداية رقم 15 قتيلاً إسرائيليّاً ليتصدّر الرواية التي أشاعها لفيف الحزب، إذ إنّ رقماً كهذا يطيل أمد التخدير الذي أحدثه الكلام المنتفخ التالي على ضربة القنيطرة. وحين أجمعت روايات سائر المصادر على تبديد هذا الرقم، حلّت مباراة عكاظيّة في امتداح عمليّة المزارع بوصفها استثناء وفرادة في فنون الحرب والقتال.

لكنْ شيئاً فشيئاً، صار الردّ على عمليّة القنيطرة أقلّ فأقلّ، أو أكثر فأكثر درساً وتمحيصاً. ذاك أنّ الدولة العبريّة، وعبر وزير دفاعها موشي يعلون، تحدّثت عن رسالة وصلتها من الحزب، عبر قوّات الأمم المتّحدة، تقول إنّه لا يريد مزيداً من التصعيد. وبدورها، أجابت إسرائيل بالتي هي أحسن، مع تأكيدها التمسّك «بحقّ الردّ».

لقد كان واضحاً أنّ محنة القنيطرة حيّرت «حزب الله»: فهو لا يستطيع، مستغرقاً في الحرب السوريّة، دخول حرب أخرى مع إسرائيل. لكنّه لا يستطيع البقاء مكتوف الأيدي حيال جمهوره، خصوصاً أنّ الضربة الفادحة نُفّذت بعد ثلاثة أيّام على كلام تهويليّ صدر عن الأمين العامّ للحزب. وبدورها فإنّ إيران، وهذا هو المهمّ، لا تقوى على السكوت المطبق بعد مصرع واحد من كبار جنرالاتها. في هذه الحدود، اختيرت «أراضٍ لبنانيّة محتلّة» لا يؤدّي التحرّك فيها إلى المسّ بالثوابت الإستراتيجيّة العريضة في المنطقة، وإن شكّل شغباً موضعيّاً على أطراف القرار 1701. ومزارع شبعا، منذ اكتشافها كقضيّة، منذورة لأيّام القِلّة، مثل أطعمة متروكة عمداً في الثلاّجة مكتوب عليها «تحرير الأراضي اللبنانيّة المحتلّة».

غير أنّ حدود التمدّد الإيرانيّ في ما خصّ تلّ أبيب باتت، بعد القنيطرة، وخصوصاً بعد مزارع شبعا، مُرسّمة بدقّة. فبجلافتها المعهودة أرادت إسرائيل أن تقول إنّها، حيال إيران، ليست اليمن، وإنّها لن تواجه «حزب الله» كما يُواجَه الحوثيّون. أمّا إيران وحزبها اللبنانيّ فصادقا، من موقع الخصم، على ما رسمته إسرائيل.

وتأكّد، تالياً، أنّ ما التزمه حافظ الأسد حيال الدولة العبريّة (والولايات المتّحدة) في 1974 لا يزال التزاماً قائماً تتعهّده طهران اليوم. والحال أنّ احتمال الإخلال بما تمّ التوافق عليه قبل 41 عاماً يبقى احتمالاً إسرائيليّاً، بدلالة التحرّشات الدائمة بسوريّة، أكثر كثيراً منه احتمالاً إيرانيّاً مباشراً أو عبر «حزب الله» (دع جانباً النظام السوريّ الذي لا يستحقّ الذكر في هذا المعرض).

وتبيّن، في ما خصّ اللبنانيّين تحديداً، أنّ وظيفة «لبنان الساحة» لم تتغيّر في جوهرها، وإن تغيّرت من حيث كثافة النيران التي تجمّع معظمها في سوريّة. فلبنان الذي خُدّم سابقاً بوصفه الأداة الملائمة لتحسين الشروط السوريّة – الإيرانيّة، لا يزال يُلعَّب الدور نفسه، كلّما لزم الأمر، لتحسين الشروط الإيرانيّة – السوريّة. وكم هو دالّ، على ما لاحظ مراقبون كثيرون، أن يُردّ منه على عمليّة حصلت في القنيطرة، عمليّةٍ أملاها قتال «حزب الله» في سوريّة قتالاً لا رأي فيه للحكومة اللبنانيّة ولا لشعبها!؟

وللتوضيح، فكاتب هذه الأسطر لا يأخذ على «حزب الله» ما يأخذه كثيرون، من أنّه لا يقاتل إسرائيل كما يجب. إنّ مأخذه أنّ «حزب الله» إنّما يقاتل، كائناً ما كان ميدان القتال، مُنتزعاً من الحكومة والشعب اللبنانيّين قرارات الحرب والسلام.

الحياة

 

 

 

 

فلنستشر نائلة معوض/ حسام عيتاني

في الأيام الأولى لحرب تموز (يوليو) 2006، راج بين انصار «حزب الله» سؤال تهكمي رداً على الاستنكارات لتفرد الحزب في توريط لبنان في حرب مدمرة. فراح الانصار يتساءلون «وهل كان على السيد (حسن نصر الله) ان يستشير نائلة معوض؟» قبل شن العملية التي أُسر فيها جنديان اسرائيليان، وأدت الى تفجير واحد من اعنف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان.

السؤال التهكمي انطوى على بُعد ذكوري يتعالى على الوزيرة السابقة ويهزأ منها ومن طريقة كلامها، مقابل رجولة نصر الله وفصاحته. ويشير الى افتقارها الى الوسائل لتحقيق آرائها مقابل امتلاكه كل ما يلزم لفرض وجهات نظره. لا قيمة للآراء ووجهات النظر في هذا السياق. المهم القدرة على القسر والارغام وهي ما يتوافر لـ «السيد» ولا تملكه الوزيرة.

وما دام المجال لا يتسع هنا لقراءات فرويدية ولاكانية (نسبة الى عالم النفس الفرنسي جاك لاكان) في معاني الرجولة وما يدخل في بابها، نعود الى شأن راهن، هو العملية التي نفذها «حزب الله» امس الأول في شبعا ضد موكب اسرائيلي. فطوال ساعات النهار، عاش اللبنانيون اجواء حرب حقيقية وجدوا انفسهم، للمرة الألف ربما، يساقون اليها وهم غافلون.

والحال ان ذلك يطرح مجدداً مسألتين شديدتي الترابط: الاولى، تتعلق بالشرعية والوكالة والتمثيل. السؤال المُلحّ هنا عن الجهة التي منحت حزباً مسلحاً يمثل طائفة واحدة حق شن حرب يعرف الجميع مسبقاً انها سترتد بلاء ودماراً على لبنان واللبنانيين، على نحو ما فعل «النصر الإلهي» الذي لم نبرأ من مصائبه بعد. واذا كان زعماء الحزب يكررون ان «المقاومة لا تحتاج اجماعاً وطنياً»، فذلك يعني أن «حال الاستثناء» التي أملت ظهور المقاومة غداة الاجتياح الاسرائيلي للبنان ما زالت قائمة، وأن غياب الدولة ومؤسساتها ما زال سارياً. لا مفر عندها من ان يشمل الاستثناء الجميع، ذلك ان تصوراً يقول بحق حزب في انتزاع جزء من مهمات الدولة ومنع الحق هذا عن باقي الأحزاب والطوائف، هو وصفة مضمونة للحرب الاهلية.

الوكالة والشرعية والتمثيل القانوني، أمور لا يمكن تقسيمها على أنصبة وحصص تتيح لكل حزب تنفيذ سياسات بعينها. سواء كانت السياسات تلك تلبي حاجات وطنية او تندرج في اطار مشروع امبراطوري اقليمي.

المسألة الثانية تقوم على اعادة تعريف الصراع مع اسرائيل. منذ نهاية حرب تموز انضبط «حزب الله» بما جاء في القرار 1701. لم تتحرر مزارع شبعا بعد الحرب ولم ينفذ الحزب أي هجمات هناك. ودان كل عمليات اطلاق الصواريخ على الاراضي المحتلة متهماً القائمين بها بمحاولة جرّه الى حرب لا يريدها. فما هو إذاً هذا الصراع الوجودي الذي يغفو سنوات ليستيقظ فجأة؟ وكيف يدار ومن هي الجهة الموكل اليها متابعته؟

وثمة ما يتعين قوله بوضوح: ان البندقية التي تطلق النار مرة على الشعب السوري ومرة على الجيش الاسرائيلي، لا تعلن – على ما يقول انصار الحزب – وحدة العدو الصهيوني – التكفيري. بل تقول انها اخطأت مرتين: مرة في تورطها في الحرب على الثورة السورية، ومرة في كسرها حقّ اللبنانيين في ان يكون لهم رأي في حياتهم وموتهم.

عليه، لا بد من العودة الى مواطني هذا البلد وسؤالهم عما يرونه من مستقبل لهم في الحرب والسلم. ولا بد من استشارة من سيدفع من دمه ثمن خيارات كبرى، ومن بين هؤلاء لا بأس من استشارة نائلة معوض وغيرها.

الحياة

 

 

 

لبنان والنهاية الثانية/ حـازم الأميـن

قصف إسرائيلي على لبنان

قرّر “حزب الله” أن يجري تعديلاً في قواعد اللعبة مع اسرائيل. أن يربط بين جبهتي القنيطرة السورية والجنوب اللبناني. هذا ما نسبته قناة “المنار” الناطقة باسمه إلى “محلّلها العسكري”. فعملية الغجر نفّذتها كتيبة “شهداء القنيطرة” في الحزب، والبيان الرسمي قال إنّها ردّ على الغارة الاسرائيلية على موكب الحرس الثوري الإيراني في القنيطرة.

إذاً انفتحت جبهة الجنوب اللبناني على احتمالات جديدة. لا بل إنّ لبنان أمعن كله في الدخول في أتون احتمالات الحرب الإقليمية. إنّها النهاية الثانية للكيان اللبناني. اجتياز الحدود للقتال في سورية كان النهاية الأولى، ثم فتح الحدود اللبنانية للردّ على غارة اسرائيلية في سورية هو النهاية الثانية.

اليوم لبنان بين فكّي كماشة. لبنان غير “المقاوم” وغير “المجاهد”، صار مشرع الحدود، المقاومون من جهة، والمجاهدون من جهة أخرى، واسرائيل تصول بينهما. “حزب الله” اللبناني يتعرّض لغارة في القنيطرة السورية ويرد عليها من الحدود اللبنانية، و”داعش” العربية والدولية تشنّ غارة على بلدة رأس بعلبك اللبنانية.

لا حدود بعد اليوم. المتطوّعون اللبنانيون إلى كل حروب المنطقة يشدّون الرحال إلى الجبهات المختلفة. بعضهم لقتال “داعش” وبعضهم للقتال مع “داعش”.

النقلة الجديدة تمثّلت في أننا أمام مهمة جديدة. الجولان السوري. ليس تحريره هو ما طرحته إيران علينا، إنّما جعله جزءاً من المعادلة. أنْ يُقتل جنرال لها هناك، فهذا يعني أنّ مهمة الردّ مطروحة علينا نحن السكان المحليين. ربما صارت نسبتنا إلى لبنان أمر ينطوي على مبالغة. القول إنّ الرد مطروح على اللبنانيين فيه مبالغة. “لبنانيون”؟ صار من الواجب تعريف هذه العبارة. لبنانيون يُقاتلون إلى جانب “داعش” في سورية، ولبنانيون يُقاتلون “داعش” في سورية، ولبنانيون يقاتلون اسرائيل في سورية، ولبنانيون يردّون من لبنان على قصف اسرائيلي في سورية!

ماذا بقي من لبنانية اللبنانيين حتى يُقال عنهم لبنانيون؟ السؤال لا يشمل الجانب الإيديولوجي من المسألة، أي القتال المُطلق، إنما الجانب القانوني. فالشرط الأول لوجود بلد هو وجود الحدود ومعنى الحدود، والشرط الثاني وجود حكومة وسلطة، والشرط الثالث وجود قانون يرعى العلاقة بين السلطات. وجميع هذه الشروط غير متوافرة اليوم في لبنان؟

لبنان اليوم بلد معلّق في الهواء. نسمة صغيرة يمكن أن تدفعه بعيداً. أربعة قتلى اسرائيليين كفيلون بإحراق الورقة. غارة خارج الحدود ستدفع ما تخلفه من ضغط الورقة نحو الهاوية.

اليوم جرى الوصل بين جبهتنا في الجنوب وبين جبهة القنيطرة السورية. مزيد من الالتحام بما يجري في سورية. حقبة مختلفة، واسرائيل بدورها لن تبخل علينا بصنوف من عنفها وبهدايا الموت التي تُخبِّئها.

في سورية يجري ترسيم جديد لحدود النفوذ. ايران تريد موقعاً على جبهة الجولان، واسرائيل لن تقبل. الدول زاحفة لحجز موقع لها على الخريطة الجديدة. لبنان لن ينجو على ما يبدو.

موقع لبنان ناو

 

 

المزارع «تنأى» بسورية عن المواجهة/ وليد شقير

تفادى «حزب الله» والقيادة الإيرانية من ورائه إقحام حليفهما النظام السوري في المواجهة بينهما وبين إسرائيل، عبر اختيارهما الرد من مزارع شبعا المحتلة، على عملية القنيطرة التي كانت أدت إلى مقتل ستة من الحزب وجنرال إيراني من «الحرس الثوري»، بدلاً من الرد عبر الجولان السوري المحتل، أي من الأرض التي وقعت الغارة فيها.

دقة الحسابات التي قضت بالرد وإنزال خسائر بالجنود الإسرائيليين، تختزل الكثير من ظروف المواجهة الدائرة بين إسرائيل من جهة وإيران و «حزب الله» من جهة أخرى، وما يحيط بها من ملابسات، تشمل، إلى جبهتي الجولان والجنوب اللبناني، ما هو أبعد من ذلك، أي التفاوض الأميركي (والغربي) مع إيران على ملفها النووي الذي يفترض أن يستكمل بترتيبات إقليمية للدور الإيراني في المنطقة. وهي مواجهة عنوانها العريض استباق ترتيبات كهذه بتجميع الأوراق لتحسين موقع كل فريق في التفاهم على هذه الترتيبات.

وإذا كانت الإدارة الإسرائيلية بتنفيذها عملية القنيطرة سعت إلى استباق التمدد الإيراني نحو الجبهة الملاصقة لوجود قواتها في الجولان السوري المحتل فلأن ما كان يحصل نتيجة حاجة طهران إلى التواجد المباشر على الأرض السورية فرض تنافساً مع إسرائيل على التحكم بتلك الرقعة الجغرافية من الأرض السورية. فاسرائيل تسعى إلى تحويلها منطقة عازلة تعويضاً عن التفاهم الضمني مع النظام السوري الذي تقلّص نفوذه الجغرافي عما كان عليه منذ 1974 حتى اندلاع الأزمة السورية. وهو تفاهم ضمن أمن إسرائيل واحتلالها الجولان، مقابل ضمان أمن النظام واستمراريته من قبل دول الغرب التي تشكل أولوية أمن إسرائيل المقياس الأساسي من سياساتها في المنطقة. أما إيران فإن تمددها إلى هذه الرقعة الجغرافية يزيد من إمكاناتها التفاوضية مع الغرب الذي يسعى إلى الحد من نفوذها الإقليمي.

يصعب فهم ما حصل بمعزل عن الصراع الدائر قبيل التسوية المفترضة بين دول الغرب وإيران بعد تمديد المفاوضات عليها حتى حزيران (يونيو) المقبل، لا سيما أن انتهاء هذه التسوية إلى رفع العقوبات عن إيران، وهو الأساس الذي ترمي إليه، ليس مرتبطاً بالتوافق على البرنامج النووي فقط بل يشمل «ضبط» الانفلاش الإيراني على الصعيد الإقليمي. وإذا كانت حماية النظام السوري شكلت ركناً أساسياً من أركان هذا الانفلاش فإنها تشكل أيضاً مقياساً لأي سلوك في المواجهة مع إسرائيل.

ليس صدفة أن النظام السوري ظهر غير معني بتلك الغارة الإسرائيلية على القنيطرة في 18 الجاري. ومع اكتفائه بالإعلان عنها عبر مصدر مجهول، فإن بشار الأسد مرّر الرسالة علناً حين قال لمجلة «فورين أفيرز» مطلع الأسبوع إن «الإسرائيليين يهاجمون سورية منذ عامين من دون مبرر. هاجموا مواقع الجيش السوري. ما العلاقة بين «حزب الله» ومواقع الجيش السوري؟». وهو استطرد في الحديث عن أن «التعاون» مع إيران شيء والهيمنة الإيرانية (في سورية) شيء آخر ليبعد عنه تهمة التبعية لطهران. وهو أراد بذلك الحؤول دون أي مواجهة بينه وبين إسرائيل، تضعف موقعه أمام خصومه الفعليين أي المعارضين، إسلاميين أم معتدلين، في وقت يشعر بالانتعاش لأن استرداده بعض المناطق من هؤلاء وصموده في بعضها الآخر بدعم إيران، جعل مشاريع التفاوض التي تعمل لها موسكو والتي يقترحها موفد الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا تستبعد ما نص عليه قرار جنيف (2012) بتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحية.

ولو جاء انتقام إيران و «حزب الله» عبر الجولان لكانت مخاطر الرد الإسرائيلي شملت احتمالات كثيرة، بينها قصف مطارات تابعة للنظام أو مواقع حساسة يستفيد منها في تفوقه العسكري على معارضيه. وهذه الاحتمالات كانت لتأتي بمردود عكسي لإيران والحزب، يقود إلى إضعاف النظام مجدداً مقابل خصومه، وهذا يناقض مكسباً جوهرياً حققاه في السنتين الماضيتين. وإسرائيل استبقت هذا الاحتمال بتحميل الحكومتين السورية واللبنانية مسؤولية أي عمل عسكري ضدها من أراضيهما…

بهذا المعنى، لا تعود دقة الحسابات في الرد الذي نفذه «حزب الله» عبر مزارع شبعا، إلى الكفاءة التي نفذت فيها العملية، بل إلى الحرص على النأي بسورية ونظامها عن تلك المواجهة الدائرة، والتي ستبقى احتمالاتها قائمة حتى اتضاح التفاوض الغربي – الإيراني، ومحطته الأولى اتفاق الإطار في آذار (مارس) والثانية في حزيران.

ولا يمكن التكهن كيف يمكن لتلك المواجهة أن تنزلق إلى الحرب، على رغم أن لهذا الانزلاق حسابات أخرى. لكن الأكيد أن هذا الاحتمال يخيّم فوق لبنان قبل سورية، على رغم أن الوجود الإيراني وحّد الجبهتين.

الحياة

 

 

لبنان بعد غارة الجولان: مستقبل الكيان وواقع سيطرة “حزب الله”/ سام منسى

تصعب مقاربة الحدث اللبناني في المرحلة الراهنة من دون الأخذ في الاعتبار تداعيات الغارة الإسرائيلية على موكب «حزب الله» في القنيطرة، والتي أدت الى سقوط ستة قتلى في صفوف الحزب، إضافة الى ضابط برتبة عميد من الحرس الثوري الإيراني.

لن ادخل في مسببات الحدث والنتائج التي سوف تترتب عليه، لأن الغوص في هذا الموضوع يحتاج الى مداخلة مستقلة، بينما الغاية من هذه السطور هي الإضاءة على الوضع في لبنان وتداعيات الغارة الإسرائيلية عليه.

اللافت في هذا السياق أكثر من محطة لا بد من التوقف عندها:

1- هبط على الأطراف السياسية المتناحرة، ما يشبه الوحي لفتح باب الحوار والتفاوض، ما جعل العنوان الرئيس للمشهد السياسي منذ فترة هو الحوار، الحوار بين تيار «المستقبل» و «حزب الله»، الحوار بين «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر»، وحوار آخر بين «الكتائب اللبنانية» و «حزب الله»، معتبرين بذلك أن الأزمة في لبنان هي شأن داخلي، ومتناسين أنها أزمة مستمرة منذ الستينات إنما بأشكال متعددة ولاعبين في الداخل والخارج غـــاب بعضهم واستمر بعضهم الآخر.

2- يتأكد شيئاً فشيئاً أن اللبنانيين عموماً وغالبية السياسيين يتميزون بالقدرة على النسيان أو التناسي وحتى النكران، وإذا أردنا مقاربة إيجابية نقول إن لديهم القدرة على التأقلم أو التعايش وتجاهل الأزمات والمشاكل والتغافل عنها ووضعها في أدراج مقفلة.

ولعل هذه مشكلة قد تكون من أسباب استمرار حال الحرب الأهلية الدائرة في لبنان منذ أكثر من 40 سنة، لكن البعض يذهب إلى أن نكران المشاكل وإغفالها وإكمال شؤون الحياة والسياسة هي نوع من أعجوبة لبنانية سمحت للبنان بتجاوز الحروب والأزمات، وهو ما يدفع إلى القول إن لبنان اليوم أفضل من كل الدول العربية المحيطة على رغم من كل المشاكل التي يتخبط فيها.

3- تأسيساً على المحطتين الأولي والثانية أعلاه بدأ يتكوّن لدى فئة كبيرة من المتابعين انطباع بأن تطبيعاً لافتاً أخذ في التشكل بين عمل المؤسسات السياسية وحتى الحياة السياسية وبين الأوضاع السياسية والأمنية المتغيرة باستمرار. وأبرز مظاهر التطبيع هو أداء الحكومة ومقاربتها القضايا التي تعالجها، سواء أكانت حياتية تتناول شؤون المواطن في الداخل أم سياسية في الداخل والخارج معاً.

ويؤشر العمل الحكومي إلى أن هناك اتجاهاً للتدرب على إدارة جماعية للشؤون السياسية والأمنية والاقتصادية عبر مجلس الوزراء الذي بات بمثابة مجلس رئاسي يدير شؤون البلاد بالإجماع.

وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أمرين:

الأول، هو أن هذه الإدارة الجماعية أعطت بعض القوى السياسية القدرة على المشاركة في صناعة القرار، ما جعلها أكثر انخراطاً في العملية السياسية وتشجيعاً على الاستمرار وتثبيت الوضع القائم.

الثاني، هو أن الشؤون المتعلقة بقضايا الدفاع والخارجية والأمن بصورة عامة لا تزال تحت هيمنة «حزب الله» وسطوته، على رغم كل المظاهر الجانبية الأخرى.

أن الانطباع السائد جراء هذا التطبيع والتدريب على الإدارة الجماعية هو خفوت هواجس انتخاب رئيس للجمهورية، بعدما بات عمل المؤسسات الدستورية وفق الآليات المعتادة والقانونية أقل أهمية مقابل استمرار حال الاستقرار النسبي الذي تؤمنه هذه الخطوة في تعامل الحكومة مع شؤون الداخل والخارج.

المشكلة

ما هي العلاقة بين النقاط الأربع أعلاه والغارة الإسرائيلية على موكب «حزب الله» في الجولان والتي ذكرتها في مقدمة هذه السطور؟

جاء الحدث في الجولان ليشرح المشروح مرة جديدة بعدما كان لب الأزمة في لبنان هو «حزب الله». بالطبع بعضهم لن يرضى باختصار أزمات لبنان بـ «حزب الله». قد يكون ذلك صحيحاً إنما أيضاً يصعب حل بقية الأزمات إذا لم نبدأ بحل مشكلة اسمها «حزب الله» في لبنان.

لماذا؟

لان حادث الجولان يشير إلى الآتي:

1- الحزب ماض سياسياً وأمنياً في النهج الذي نشأ عليه منذ بداية الثمانينات ولم ولن يغيّر حرفاً واحداً من كتابه. أداؤه في الداخل وتجاه إسرائيل وتدخّله في سورية وما قد تستدعيه المتغيرات السياسية والأمنية في الإقليم من أدوار ومستجدات على مستوى المنطقة في لبنان، كلها تؤكد ثباته في نهجه منذ الثمانينات.

2- كل ذلك يقود الى السؤال القديم الجديد: ما جدوى الحوار مع الحزب في ظل هذا الواقع؟

الجواب لدى البعض هو هل عدم الحوار أجدى وأكثر فائدة للاستقرار في لبنان؟ ما هي النتائج التي قد تترتب إذا لم تنخرط الأطراف المتنازعة مع الحزب في حوار قد يساعد أقله على الحد من الاحتقان؟

طبعا الكل يجمع على أن الحوار هو الخيار الأنسب. إنما السؤال هو ماذا ينبغي أن يكون موضوع هذا الحوار وسط الأوضاع الإقليمية والمحلية؟

أثبتت غارة الجولان أن مقاربة الأوضاع في لبنان وفق آليات قديمة باتت غير صالحة. ومن السذاجة الاعتقاد أن انتخاب رئيس أو إجراء انتخابات نيابية وعقد تسويات أو تفاهمات على الطريقة اللبنانية لا تزال صالحة للخروج من أزماتنا، وإن تكن صالحة لاستمرار تجميد الأوضاع بواسطة المسكنات.

بكلام مباشر، تقضي مقاربة الأزمة الاعتراف بأن قوة إقليمية بحجم «حزب الله» تسيطر على مكون أساسي ومهم من المكونات اللبنانية. وبمعزل عن طبيعة هذه السيطرة ومسبباتها، فإن الأمر يجب أخذه على محمل الجد والتعامل معه بواقعية ورؤية بعيدة لمستقبل الكيان اللبناني.

إن المتغيّر الإقليمي بات يؤشر وفي أكثر من منطقة إلى سقوط الحدود، أولاً بين العراق وسورية وثانياً بين سورية ولبنان كما تدل عليه المعارك في القلمون وعلى الحدود الشرقية وأيضاً تمركز «حزب الله» في جبهة الجولان.

وهناك مؤشر آخر يلوح في الأفق وهو الدور الإيراني المتمدد والفاعل في سورية بخاصة في مناطق سيطرة النظام الذي بات ينحسر دوره على حساب تنامي العامل الإيراني العسكري والأمني وبالتالي السياسي في سورية (النظام).

وسيستتبع العامل الإيراني في الداخل اللبناني، كما في سورية والمناطق التي تشهد تمدداً إيرانياً عبر البيئات الشيعية في العراق واليمن والبحرين وربما غيرها في المستقبل، نتائج عميقة ومؤثرة توصلت إيران إلى اتفاق على ملفها النووي أو لم تتوصل.

ففي الحالة الأولى، إيران متحررة من العقوبات الأميركية والدولية ومتفاهمة مع واشنطن، من دون لجمها عن التدخل في الشؤون العربية، إنها وصفة كاملة لحروب ونزاعات طائفية ومذهبية قد نعرف كيف تبدأ ولا نعرف متى تنتهي وكيف.

أما الحالة الثانية، أي عدم التوصل إلى تسوية للملف النووي، فتعني أيضاً المزيد من القلاقل والتدخلات والنزاعات والحروب المستمرة، أقله حتى نهاية عهد الإدارة الأميركية الحالية وتسلّم إدارة جديدة زمام الأمور وأيضاً معرفة شخص الرئيس الأميركي الجديد، علما أنه ليس من السهولة والسرعة محو آثار سياسة إدارة أوباما في المنطقة كما قد يخيل لكثيرين.

إيران موجودة في الداخل اللبناني وعلى الحدود وفي مناطق كثيرة في الإقليم أقربها إلى لبنان سورية والعراق. ماذا يعني ذلك بالنسبة الى أحوالنا في لبنان لا سيما الداخل وبالنسـبة الى موضوع الحوار مع «حزب الله»؟

من دون أدنى تردد، الحوار ضروري إنما قبل هذا الحوار الضرورة هو الحوار بين الحلفاء إذا صحت تسمية «حلفاء».

الحوار حول رؤية موحدة لمواجهة نتائج الوجود الإيراني في الداخل والإقليم سواء قدر لاتفاق إيراني- أميركي أن يحصل أو لا، والحوار بين الحلفاء حول مواضيع الحوار مع «حزب الله» كقوة إقليمية حاضرة عسكرياً وسياسياً وشعبياً على هذه البقعة التي اسمها لبنان.

* إعلامي لبناني

الحياة

 

 

 

“حزب الله” إذ يرد في المكان والوقت المناسبين/ حسن شامي

الحرب سجال. ينــــطبـق هــــذا التوصيف على حال المواجهة الدورية بين «حزب الله» اللبناني ذي التموضع الإقليمي المعلن وبين الدولة العبرية. لا حاجة للقول إن هذه المواجهة تحفل بكافة تلوينات ودرجات الوضعيات الحربية وحركيتها المتصلة حتى في فترات البرودة أو الفتور.

فبعد عشرة أيام على العملية الإسرائيلية التي استهدفت في القنيطرة السورية موكباً عسكرياً وأدّت إلى مقتل ستة من كوادر «حزب الله» إضافة إلى جنرال إيراني في الحرس الثوري، ردّ حزب الله بعملية نوعية داخل مزارع شبعا المحتلة. حصول العملية بعد عشرة أيام فقط حسم الجدل حول صدقية مقولة «الرد في الوقت والمكان المناسبين»، وهي مقولة تصلح للتندر في عرف الشامتين خصوصاً أن النظام السوري اعتاد على استخدامها، والتلطي خلفها، إثر كل عملية عسكرية إسرائيلية استهدفت مواقع داخل الأراضي السورية.

اعترفت إسرائيل حتى الآن بمقتل عسكريين اثنين أحدهما ضابط برتبة رائد وسبعة جرحى علماً أن صورة المركبتين المحترقتين ترجح الظن بأن يكون عدد المصابين أكثر من المعلن عنه. ومع أن تصريحات القادة الإسرائيليين وردود حزب الله عليها جعلت كثيرين يحبسون أنفاسهم خوفاً من تطور الأمور إلى مواجهة واسعة على غرار ما حصل في صيف 2006، فإن مؤشرات عدة برزت لترجح حظوظ احتواء العملية وإبقائها في إطار قواعد الاشتباك. في مقدم هذه المؤشرات امتناع واشنطن عن إعطاء الضوء الأخضر لحكومة نتانياهو لتوسيع المواجهة وتصعيدها. وكانت الإدارة الأميركية تلقت من إيران، بحسب ما تناقلت الصحف، تبليغاً بأن مقتل الضابط الإيراني في القنيطرة لن يمـــر من دون ردّ. ومعلوم أن العلاقة بين الرئيس الأميركي أوباما وبين نتانياهو ليست في أحسن أحوالها وإن كان هذا الأخير يحظى في الكونغرس بتأييد واسع إلى حد استضافته قريباً، نكاية بأوباما، لإلقاء واحدة من روائعه الخطابية التي قد تستقبل، كما في السابق، بتصفيق حار واستعراضي يفوق بكثير ما يمكن أن يلقاه جيفرسون أو ويلسون أو حتى أرسطو.

ثمة في لبنان، في بيئاته السياسية والإعلامية، من اعتاد على لغة الابتزاز والإعضال ورفعها إلى مصاف نهج قائم برأسه لمجابهة حزب المقاومة. واعتمد هذا النهج على تقنيتين خطابيتين تتصدران لغة التعبئة والنكاية والتحريض: الشماتة والتهويل. فإذا تعرض الحزب المذكور لضربة إسرائيلية ولم يرد عليها لاعتبارات يفهمها كل من يخوض في الفعل أو العمل السياسي والحربي سيقال بشماتة جاهزة إنه من طينة الأنظمة العاجزة حيال العدو الوطني أو القومي والزاعمة الثبات لفظياً على مواصلة الصراع لتبرير استبداد نخبها واحتكارها للسلطة والدولة في آن.

وإذا ردّ الحزب على الضربة سيقال إنه يجر البلد والمنطقة إلى كارثة. وإذا حقق إنجازاً سيقال إنه حصرم رأيناه. لا يعني هذا بطبيعة الحال أن الحزب المذكور يقيم فوق الشبهات وأنه خارج المساءلة والمحاسبة على أفعاله. فما يفترض أن يصح على كل الحركات والقوى الخائضة في الفعل والنشاط، أي المساءلة والمحاسبة والمراجعة النقدية، يصح على «حزب الله» وعلى أي حزب ينسب لنفسه استراتيجية عمل شامل. ويصح هذا أكثر على حزب يحتل موقعاً على حدة بالمقارنة مع الحركات الإسلامية في المنطقة، بالنظر إلى تعويله على قدر من التجريبية والمرونة في الممارسة من دون التخلي عن منظومته العقائدية. فهو طوى على ما يبدو صفحة البدايات الشمشونية التي تطلب من الواقع المعقد والمركّب وذي التكوين التعددي أن يختزل نفسه إلى مجرد حقل لتطبيق الأوامر والنواهي المتولدة من قراءة حرفية متزمتة للعقيدة الدينية والشريعة الإسلامية. وفي هذا التجريب يتكشف سوسيولوجياً مخزون حيوية مجتمع تعددي مثل المجتمع اللبناني وتمدده بطريقة رجراجة، قد لا تعجب المتشددين، إلى داخل الممارسة الحزبية الإسلامية ومقاربتها لتركيبة البلد والمجتمع والسلطة في لبنان.

هذا الجمع بين العقل والإيمان، بين الفعالية النضالية والاستلهام العقائدي، وإتاحة المجال لاستقبال ضروب مختلفة من التعاطف والتأييد هما في صلب الرأسمال الرمزي الذي حظي به «حزب الله» في طول المنطقة وعرضها. وهذا الرصيد أخذ يتآكل ويتقلص مع اندلاع الانتفاضة السورية وتحولها إلى حرب أهلية وأزمة مستعصية على الحل السياسي. وهذا التآكل لا يعود فحسب إلى مغامرة الحزب في الحرب السورية ومساندته لنظام فئوي عنيف شاءت الأقدار أن يكون حليفاً. فهناك أيضاً اعتبارات وخطط دولية وإقليمية تهدف إلى تدجينه في أفضل الأحوال وإلى تحطيمه في أسوئها ولكن ليس هنا مجال الخوض فيها. يبقى أن هذا التشخيص ضروري لفهم اختيار الحزب لمزارع شبعا المحتلة مكاناً مناسباً للرد على الضربة الإسرائيلية المؤلمة. معظم التقارير والتحليلات كان يتوقع حصول الرد في الجولان السوري. وليس مستبعداً أن تكون القيادة العسكرية الإسرائيلية نفسها قد توقعت هي أيضاً أن يكون الرد هناك أو في مكان آخر غير المزارع.

الوقائع الميدانية تشير إلى فشل إسرائيلي، استخباري وعسكري، في معرفة مكان وزمان الرد. ومن الواضح أن القافلة العسكرية فوجئت بالهجوم المركّز والمدروس بعناية. واختيار المزارع جاء على الأرجح لتفادي حرجين، الأول يخص النظام السوري والثاني يتعلق بتعقيدات المشهد اللبناني واصطفافاته وتزايد الانقسام الأهلي، الطائفي والمذهبي، ناهيك عن التوتر الأمني على خلفية الصراع بين الجيش والجماعات الجهادية المسلحة في جرود عرسال وحولها وفي مناطق أخرى.

فوضعية مزارع شبعا المتنازع عليها، وهي أرض لبنانية محتلة، تتيح للحكومة اللبنانية الالتفاف على القرار الدولي 1701. حتى يمكن لكل الذين زعموا، باسم السيادة والاستقلال اللبنانيين، أن هذه الأرض سورية بحسب فهمهم للقوانين الدولية، وأن مطالبة لبنان بها ليست سوى مسعى سوري لربط النزاع مع إسرائيل فيما هم يتطلعون إلى إقفاله وإن من طريق تنازل مجاني، نكاية بالنظام الأسدي، عن أرض يعلم القاصي والداني أنها لبنانية.

بالمناسبة، من المفيد التذكير بخبر نقلته قبل سنوات قناة فرنسية بعيدة جداً من محور الممانعة. يقول الخبر الذي مرّ مرور الطيف إن الأمم المتحدة تستعد لمطالبة إسرائيل بالانسحاب من مزارع شبعا بعد أن ثبت للجنة التحقيق الدولية الخاصة أنها لبنانية. موضوع العلاقة بين القانون والقوة حكاية أخرى.

الحياة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى