اللاجئون السوريون: محاولات دمج مهني في ألمانيا/ إعداد وترجمة: هيا خريس
تركز الشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة جهودها على دمج الشباب اللاجئين السوريين ضمن صفوفها؛ إذ أظهر استطلاع رأي أنّ هذه الشركات وفّرت ما يقارب نصف فرص العمل للشباب اللاجئين؛ حيث تتطلع إلى إنشاء روابط للتعامل مع اللاجئين في المستقبل، من ناحية خرطهم في المجتمع الألماني والاستفادة من طاقة الشباب اللاجئ، لزيادة إنتاج الاقتصاد الألماني.
وبحسب مؤشر داكس، فإن 30 شركة ألمانية حتى الآن توظف عدداً قليلاً من اللاجئين، إلا أن الاستطلاع الذي أجري حديثاً، أشار إلى أن ثلاثة أرباع الشركات الصغيرة والمتوسطة تلتزم بإشراك اللاجئين من ناحية الحصول على قبولات خاصة لهم والتبرعات وعروض عمل.
كما أظهرت تقارير صحيفة “راينش بوست” في دوسلدورف، بحسب دراسة حديثة أجراها معهد الاقتصاد الألماني بتكليف من مؤسسة برتلسمان الألمانية، أن هناك 600 شركة صغيرة ومتوسطة قامت بتعيين حوالى 250 موظفاً من اللاجئين.
وأوضحت دراسة معهد الاقتصاد الألماني في تقريرها أن نصف الشركات، التي شملتها في الدراسة لدمج اللاجئين في سوق العمل، صغير جداً والنسب ضئيلة، وأن 62% من الشركات الأخرى توفر فرصاً تدريبية لطالبي اللجوء فيما كانت نسبة 48% لمعاهد التدريب المهني.
وأشار الاستطلاع أيضاً إلى الاختلافات الإقليمية التي تجري في توفير فرص عمل للاجئين؛ حيث يُلاحظ أن الشركات في جنوب ألمانيا (ولاية بافاريا وولاية بادن-فورتمبيرغ) تقدّم عروض عمل متكررة وبصورة كبيرة للاجئين، بعكس ما هي عليه في شركات غرب ألمانيا مثل؛ شمال الراين-فستفالن وولاية هيسن وولاية راينلاند بافلز.
تلوح الآمال في الأفق لدى الشباب اللاجئ بعد تصريح وزيرة العمل الألمانية، أندريا ناليس، أنه من خلال إشراك الشباب اللاجئ سيكون من السهل عليهم تولي العمل في المستقبل في ألمانيا.
من هنا، نرى توجهات الحكومة الألمانية برئاسة المستشارة، أنجيلا ميركل، نحو جعل الشباب اللاجئ عنصرًا فاعلًا في المجتمع الألماني في دمهجهم في سوق العمل، ليكونوا منتجين قادرين على العطاء؛ إذ تسعى الحكومة الألمانية إلى جعل اللاجئ حال وصوله إلى ألمانيا فردًا معطاءً، وليس مجرد زائر، بل عليه العمل والاعتماد على نفسه كي يستطيع تأمين وسائل العيش.
تطمح الحكومة الألمانية، من خلال تدريبها الشباب اللاجئ، إلى جعلهم أكثر ثقة في أنفسهم وأكثر تماسكًا؛ ليجدوا سبيل حياتهم، خصوصًا أمام الصعوبات التي تواجههم حال وصولهم من ناحية اللغة والتواصل مع الثقافة الألمانية. هكذا، فإنها تفتح السبل أمامهم في تكوين مستقبلهم على جميع الأصعدة المهنية والاجتماعية، وجعلهم جزءًا لا يتجزأ من المجتمع الألماني.
ولهذا، فإن الحكومة الألمانية لجأت إلى برامج التدريب المهني للاجئين لعدة أسباب؛ أهمها إعداد أيدٍ عاملة قادرة على الإنتاج والمساهمة في رفع الإنتاج الوطني للاقتصاد الألماني؛ فهناك ما يقارب ألف لاجئ حاليًا في برنامج التدريب الداخلي الجديد، الذي أسسته الجمعية الألمانية للحرف اليدوية، ويتوقع في الأشهر المقبلة زيادة كبيرة أخرى في عدد المشاركين في هذا البرنامج، الذي بات يلاقي اهتمامًا كبيرًا من المؤسسات والدوائر في ألمانيا، بحسب ما صرح المتحدث عن البرنامج لصحيفة فرانكفورتر.
ويوضّح أنه من خلال التعاون بين وكالة التوظيف الاتحادية الألمانية والوزارة الاتحادية للتعليم مع الجمعية الألمانية للحرف اليدوية في دعم اللاجئين واستقطابهم للخيارات المهنية، من أجل تلبية حاجات السوق الألمانية المحلية والتصدي للنقص المتزايد في العمالة المتخصصة؛ فيكون الشباب اللاجئ وسيلة تصعيد لقطاع الحرف اليدوية.
خلال العامين السابقين، كان مجموع الفرص التدريبية 10 آلاف لاجئ في قطاع الحرف اليدوية المشرفة عليها وكالة التوظيف الاتحادية ومراكز العمل؛ إذ يبين هذا العدد إقبال اللاجئين في الحصول على التدريب وانضمامهم إلى مراكز التدريب المهنية، لأن ذلك بوجهة نظرهم يجعلهم يحصلون على المزيد من التدريب على اللغة ويساعدهم على الحياة في بيئة أجنبية تختلف عن بيئتهم، إضافة إلى فهم العقلية الألمانية والتواصل مع هذا المجتمع.
وقال لوتز غوبيل، رئيس الشركات العائلية في ألمانيا: “همنا الرئيسي أن ندمج اللاجئين بشكل شامل في الخدمات، وأن يصبحوا شريكًا في الأعمال التجارية ليستفيد منهم الاقتصاد الوطني.
ولا يزال اللاجئون في ألمانيا تحت ضغوط عديدة بسبب اللغة وعدم قدرتهم على التواصل؛ وبالتالي تقليص فرصهم للعمل، إذ تستمر محاولات التضييق عليهم كي لا يتسنى لهم الانخراط في المجتمع الألماني. لكن الحكومة الألمانية تبذل جهدها من أجل إحداث فرق وتغيير مجرى الأمور من ناحية المجتمع الألماني ومن ناحية اللاجئين؛ فهي تهدف منذ حدوث أزمة اللاجئين إلى تشكيل صفوف موحدة والاستفادة من اللاجئين وجعلهم ركيزة أساسية للاقتصاد الألماني والتركيز على قدراتهم دون هدرها سدى.
وتؤكد على ذلك وزيرة العمل الألمانية، أندريا ناليس، مبينةً أن “اللاجئين هم لبنة أخرى للاندماج الناجح الذين يأتون إلينا ويريدون الحصول على موطئ قدم، وهم فرصة كبيرة للاقتصاد الألماني”.
العربي الجديد