اللاجئون السوريون والكيميائي الروسي/ احمد عياش
كان كل شيء قبل وصول العاصفة الثلجية الروسية الاخيرة (ألكسا) قابلا للتسوية بما فيه السلاح الكيميائي الذي استخدمه النظام السوري ضد شعبه. لكن السلاح الكيميائي الروسي الذي تنتجه سيبيريا، والذي بدأت الطبيعة تستخدمه في كل الشرق الاوسط، لا يبدو قابلا لأي نوع من التسويات اذا لم تكن على اساس توفير وسائل التدفئة. وكم كان رئيس النظام السوري بشار الاسد يتمنى لو كان بوسعه استخدام الثلج الروسي ضد الشعب السوري بدلا من غاز السارين من أجل إخماد أنفاس ثورة هذا الشعب، لكن المشكلة مع هذا الثلج انه غير قابل للاستخدام الموضعي فقط، كأن يستخدم في غوطة دمشق أو في جبال القلمون، فإذا ما بدأ يتساقط لا يعود يفرق بين نظام وشعب ولا بين سوريا وبين لبنان ولا بين هذا البلد او ذاك من بلدان المنطقة. ولعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لو كان في إمكانه ان يأمر مواطنته (ألكسا) بعدم السفر الى الشرق الاوسط لما تردد أبدا لكنه لا يملك عليها مثل هذه السلطة. ولعله يقول الآن في سره إن (ألكسا) خرّبت كل ما فعله حتى الآن منذ أن بدأت الثورة السورية، فجاء طوفان الثلج الروسي ليفضح كل الألاعيب التي استخدمت لإطالة عمر نظام الأسد بما فيها التسوية بين بوتين ونظيره الاميركي باراك اوباما في شأن الغازات السامة. ولا بد ان بوتين يردد بينه وبين نفسه ان أسلاف (ألكسا) الذين هزموا نابليون وهتلر على الأراضي الروسية قد تعيد هي الكرّة اليوم ولكن على الأراضي السورية فتهزم بمن تهزم بوتين نفسه جراء التواطؤ من أجل إخضاع شعب سوريا لمصلحة طاغية من حثالة الطغاة في التاريخ.
في لبنان، لن يفلح التواطؤ الذي فرضه “حزب الله” ولا يزال بأمر من مرشده الايراني في تجاوز حقيقة انه شريك كامل في التسبب بمأساة اللاجئين السوريين. أما الدولة اللبنانية التي عبّرت من خلال حكومة “حزب الله” عن عنصرية خبر مثلها الزعيم الراحل نلسون مانديلا كافحت بلا هوادة من أجل منع إنشاء مخيمات تؤوي اللاجئين كما تفعل تركيا والأردن مثلا. فجاءت (ألكسا)، وهي أول الغيث في شتاء من المتوقع ان يكون الاقسى منذ قرن، لتفضح المستور بدءا من مسلسل الوزيرين العريضي والصفدي وصولا الى صرخة الوزير ابو فاعور الذي أعلن ان لبنان بات كله مخيمات انتشرت مثل الفطر بعدما تواطأ الجميع في سدة المسؤولية في تبنّي شعار واحد “لن أقبل اللاجئين في فناء منزلي”.
ما قالته الطفلة السورية اللاجئة أمام كاميرا احدى المحطات التلفزيونية وهي واقفة عند مدخل خيمة عائلتها البائسة في عرسال أبلغ من كل الخطب. فهي، ورداً على سؤال المراسلة عما اذا كانت فرحة بالثلج كحال كل الأطفال، أجابت قائلة: “أنا ما بحب الثلج أنا بردانة!”. ليست الطفلة السورية وحدها من ترتجف اليوم، بل كل الذين شاركوا في صنع محنة سوريا. هي ترتجف جسداً وهم يرتجفون ذعرا مما هو آت. “ألكسا” ماذا فعلت؟
النهار