المتطفِّلون على ثورة الخامس عشر من آذار
لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية
أمام ما يتعرض له شعبنا الثائر من أبشع جرائم القتل والاعتقال والتعذيب والتهجير وحصار المدن لمطالبته السلمية بحقه في الأمان والكرامة والديمقراطية وحقوقه المدنية والاجتماعية، والدعوة إلى إنهاء عقود من الاستبداد والسلطة الشمولية لعائلة تحكَّمت بمقادير الوطن وسرقت ثرواته ودفعت بألوف المواطنين الشرفاء إلى الهجرة والاغتراب، فإن اللقاءات والمؤتمرات تراكمت، ومنابر التنديد والدعم تعدَّدَت، وذلك في ما يهتز ضمير العالم الحر وقواه المدنية المتفهمة لمطالب الشعوب العربية والمتعاطفة مع طموحاته الشرعية إلى الحرية والكرامة والعيش الآمن أمام ما يجري في وطننا من عسف وتنكيل واضطهاد وظلم وحرمان من الأمن والعيش الكريم.
إن لجنة التنسيق من أجل التغيير الوطني الديمقراطي في سورية ترافق منذ تأسيسها في العام 2005 وبصورة مستديمة مطالب شعبنا بالحرية والعيش الكريم والعدل والمساواة، وتعري على الدوام الطبيعة المستبدة للنظام، وتعمل على التوحيد ما بين كل قوى المعارضة في الغربة. وإنها اليوم لن تصمت أمام التشويه والوصاية والاستقواء والانتهازية وكل ما اعتبرته اللجنة عبر السنين الماضية جزءً من معركتها من أجل الاستقلال الحقيقي وتحرير أراضينا المغتصَبَة.
ها هو اللقاء الذي كان “الفيلسوف” برنار هنري ليفي دعا إليه على صفحات موقعه الألكتروني “قواعد اللعبة” (La Règle du jeu)، يجسد أقبح تجسيد وعلى خير وجه واحدة من العمليات المشبوهة للالتفاف على ثورة شعبنا وحرفها عن أهدافها الوطنية والقومية.
وكانت لجنة التنسيق دعت المشاركين إلى مقاطعة هذا اللقاء الذي جَمَع كل أصدقاء الكيان الصهيوني في فرنسا وداعميه، وعلى رأسهم “الفيلسوف” أندريه غلوكسمان ورومان جوبيل، و أكسيل بونياتوفسكي وبرنار كوشنير والكسندر غولدفار وفردريك آنسيل الذين كانوا أبواقا لبوش تشجع وتساند حربه على العراق، وما زال هؤلاء وأمثالهم يباركون في سياساتهم تدمير المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، وذلك في ما هم يلتزمون صمت الموتى والغائبين أمام جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين.
وكان المهرجان الخطابي الذي التأم في إحدى الصالات السينمائية الكبرى في مركز العاصمة باريس في مطلع الأسبوع الجاري، وشارك فيه عدد من قادة الاشتراكيين الديمقراطيين الذين كانوا منذ نهاية القرن التاسع عشر وما زلوا حتى اليوم حلفاء للصهيونية، بحضورهم شخصيا أو عبر رسائل تأييد ودعم وُجِّهت من هؤلاء وأولئك للترحيب بمبادرة برنار هنري ليفي وجمعيته التي مَنحت نفسها تسمية “إنقاذ سورية (ٍ(SOS SYRIE : فرنسا، ديمقراطية، سورية”، كان نجح في تجميع عدد من القادة الفرنسيين في مجالات الثقافة والسياسة والإعلام والفنون التشكيلية. وتكتفي اللجنة في هذا المقام بتذكير اصحاب الذاكرة القومية الضعيفة والذين يتعاونون مع ليفي واللوبي الصهيوني أن رئيس وزراء فرنسا الأسبق، وكان من المتصدِّرين في هذا المهرجان، كان اختلق الأسباب الواهية لمغادرة فرنسا إلى أسبانا بزيارة عمل كي لا يمد يده مصافحا زعيم الثورة الفلسطينية ياسر عرفات عندما استقبله الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتيران الذي كان أول رئيس دولة رأسمالية في أوروبا يستقبل علانية قائد الثورة الفلسطينية.
وتجدر الإشارة إلى أن السيد ليفي اختتم مهرجانه في بيان ختامي ببيان دعا فيه إلى “شرق أوسط حر، شرق أوسط مسالم، تعيش فيه سورية بسلام مع جوارها”. وكان موقعه الألكتروني (قواعد اللعبة) أوضح لدى تشكيل هذه الجمعية التي تُعرِّف نفسها بأنها “فرنسية سورية”، وكان ذلك إثر لقاء ما بين أعوان السيد ليفي وعدد من السوريين، “أن الثورة السورية تطالب بالحرية والديمقراطية، ولا تريد أن تزج بنفسها في النزاع ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين” (كذا).
وكان هذا المهرجان الخطابي حظي بتغطية إعلامية ملموسة في فرنسا عبر الإذاعات وقنوات التلفزيون والصحف. وتبلغ التكلفة المالية للمهرجان وحملة الدعاية والإعلان التي كانت ترافقه حتى انتهائه مئات ألوف اليورو. وقد جاءت مع الأسف مشاركة قلة قليلة من السوريين كانوا ظهروا إلى جانب السيد ليفي أو وراءه، عن سذاجة وجهل، أو عن قصد وعمد، لتكشف عن عقلية انتهازية تقيس ثورة الخامس عشر من آذار بمعايير الفائدة الآنية حتى لو جاءت على حساب قضايانا القومية، ولتعطي هذا المهرجان “مصداقية ما” أمام الرأي العام الفرنسي !!! ولا بد هنا من الإشارة إلى أن شلة السوريين إياها مُنحت حيزا ضيقا من الوقت لإلقاء كلماتها، في ما اتسع المجال أثناء المهرجان إلى الخطابات التي كانت تُجرِّح بالمشاعر والقيم القومية العربية وتنال من الوحدة السورية المصرية ومن القائد العربي جمال عبد الناصر. وغير خاف على أحد أن الانتهازية وما يسمونه بالنفعية في السياسة تنال من ثورة الخامس عشر من آذار بالأضرار، وتمنح للسلطة فرصة للنيل من الثوار الأحرار.
إن لجنة التنسيق تدعو كل المغتربين والمنفيين وكل صديق لقضية شعوبنا الثائرة غيُّورٍ على حماية الحقوق والديمقراطية والوطنية والاستقلال، إلى مناهضة الإمبريالية والصهيونية والتصدي لهما طالما تعترضان بقوة السلاح والمال والدبلوماسية كل تغيير حقيقي وجذري في وطننا، وتنافق في المحافل الدولية وعبر الإعلام وهي تزعم أنها تدافع عن حرية الشعو وحقوقها الإنسانية، في ما هي تطمح في الحقيقة إلى السيطرة على ثرواتنا الوطنية ونهب الشعوب واستغلالها وسرقة ثوراتها الديمقراطية. واللجنة، إذ هي تدعو إلى التسلح بالوعي ورفض كل تحالف وائتلاف مريب وخطير، فإنها تدعو بقوة إلى إقصاء كل من يبارك ويشارك في هكذا جمعيات وأنشطة.
إن لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية التي تَعتَبر نفسها جزءً لا يتجزأ من ثورة التنسيقيات والهيئات الوطنية الديمقراطية تنضم بدورها إلى كل من ندَّد منها بجمعية “إنقاذ سورية: فرنسا، ديمقراطية، سورية”. وهي تؤكد اليوم بالتشديد ما كانت أكدته دوما، وهي لن تتوانى عن تكراره: إن معركة التغيير الديمقراطي مسؤولية تقع على عاتق شعبنا وثواره الأحرار، بعيدا عن أية وصاية خارجية أو تدخل من خارج سورية، وتناهض بقوة وبشتى الوسائل مخططات التجزئة واستلاب الوعي ونهب الثروات وإثارة النعرات الدينية الكريهة واستدراج الثورات الشعبية إلى مواقع تَلقى رفضا حاسما من كل مواطن حر.
تحية لشعبنا المناضل الشجاع الذي ينقل إلى قلوبنا شعاع شمس الحرية، وهو الذي يدفع مع إشراقة كل يوم ثمنا باهظا من أجل التحرر ولقمة الخبز الكريمة والعدل والمساواة والديمقراطية
لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية
أوروبا – الخميس 7 تموز/يوليو 2011