المرحلة الحاسمة للثورة السورية: كلنا حَمَويّون
عمار البرادعي
يدرك المتابع والمحلل أن الثورة السورية المباركة دخلت مرحلتها الحاسمة، فبالرغم من الحرب المذعورة وسياسة الأرض المحروقة المتبعة ضد الشعب السوري، إلا أن هذه الثورة غدت أم الثورات، فثوارها الأحرار المسالمين’ على الدوام ‘منذ بداية انتفاضتهم ، مازالوا مستمرين في تصدّيهم’ لآلات الحرب الثقيلة بصدورهم العارية دون أي خوف أو تراجع، بينما نرى في المقابل ظهور علائم التململ واضحة في صفوف قوات الأمن’واتساع دائرة ‘الانشقاق في بعض وحدات الجيش.
”تحت’هذه الظروف العصيبة اتخذ بشار قراره’باقتحام مدينة حماة دون رقيب أو حسيب ، وارتكب نظامه مجزرة مروعة في سُويعات حصدت المئات من الشهداء والجرحى. مؤكدا للعالم انه وأركان حكمه”لا يأبهون بالقيم’الإنسانية ولا الأعراف الدينية ، وأنهم يتعطشون للانتقام من هذه الدُرّة السورية ، نظرا لما يحملونه في أعماقهم تجاهها من عقد و احباطات’عميقة ، تدفعهم للانتقام وقتل المواطن والوطن دون رحمة ولا مراعاة لحقوق الإنسان في العيش بكرامة والتعبير عن رأيه بحرية .
‘لقد كانت ‘مدينة أبي الفداء دوما شعلة السياسة السورية ، فهي دُرّة عربيه بامتياز ، ومدرسة فقهية تفتخر بعلمائها ، وهي التي أخرجت من بين أبنائها الزعماء والرؤساء .
‘نعم هذه المدينة كانت دائماً على موعد مع التاريخ والجغرافيا ، ففي عام 1965 كادت تتعرّض للإقتحام لولا قدرة مجتمعها الديني المحافظ على الحؤول دون قيام’ المتربصين بها’ بتنفيذ مأربهم الخبيثة وتحقيق نواياهم .
‘جدير بالتنويه هنا’ انه بعد ذلك ببضع سنين ، ومنذ’بداية سبعينات القرن الماضي ، وفي خضم الحرب الباردة ،”أخذالنظام على عاتقه أن يضع على رأس أولويات مهامه’العمل’ليلا نهارا’من أجل’الحفاظ على تركيبته ،وتوطيد’حكمه بكل الوسائل غير المشروعة’، وفي مقدمتها إضعاف الشعب السوري وقهره وتجويعه وتمييع قيمه، وبث الفتنة بين أبنائه ‘واشاعة الفساد بشتى أشكاله ومستوياته”. كل هذه التهيئة الباطنية و الخبيثة أراد النظام تجربة نتائجها العملية على الأرض في أول اختبار جدّي للقدرة على القمع الدموي’المكثّف في مواجهة انتفاضة أهل”مدينه حماه عام’ 1982 .
‘وهكذا كان الإقتحام الوحشي لها وارتكاب أبشع الجرائم التي خلّفت عشرات الألوف من القتلى والمفقودين إلى جانب تدمير المدينة بمساجدها وكنائسها.
”بعد حوالي ثلاثين عاما’على’مجزرة حماه الأولى ‘، هاهي الصورة تتكرر الآن أمام أعيننا ، موثّقة بالصور والوقائع عبر كل وسائل الإعلام المتطورة جذريا عن الماضي .”ومع ذلك ، ‘فإن الطغمة الحاكمة في دمشق لا ترى و لاتسمع. فرغم تأكيدات الأخبار ووكالات الأنباء وشهود العيان عملية اجتياح حماة بالكيفية التي تمت فيها وتفاصيلها الدقيقة،إلا أن مصدرا عسكريا لم ير في المجزرة التي حصلت غير القول’ إن وحدات الجيش لم تدخل حماة و لم تقتحمها ، بل حاولت فتح الطرقات الخارجية التي تصل حماة بما حولها فقوبلت هذه القوات المسالمة!- بهجوم من المجموعات المسلحة.
تُرى ، هل يمكن لأي عاقل’ في هذه الدنيا’ أن يُصدّق هذا الهذيان و’ يكذب في الوقت نفسه شهود العيان’من أبناء المدينة’ وكل المصادر الإعلامية الأخرى’، فضلا’عما أوردته روابط و مراصد حقوق الإنسان من’ معلومات دقيقة حول ما’جرى’على الأرض ، كقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن” إن قوات الجيش ترافقها عناصر أمنية اقتحمت مدينة حماة من عدة محاور و اتجه’ أغلبها نحو جامع السرجاوي و منطقة الثكنة ‘ ، أي ليس على الطرقات الخارجية كما أعلن المصدر العسكري . و مثل هذا الكلام’ورد على لسان’رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عيد الكريم’ريحاوي.في الوقت الذي أكد فيه طبيب في احد مستشفيات المدينة ( رفض’الإعلان عن’اسمه بالطبع ) أن عدد المصابين أصبح كبيرا و لم تعد للمستشفى’ طاقة’ على استيعابه.”
‘إذن ، ها هو التاريخ يعيد نفسه اليوم على يد الرئيس الإبن وشقيقه ، تماما كما فعل الأب وشقيقه أيضا قبل ثلاثين عاما من اليوم ، وهو ما’استقرأناه في مقال سابق’ . فحما ة’صخرة سوريةودرّتها’تقف اليوم ‘من جديد كعادتها شامخة تدافع عن تاريخ المشرق و حاضره و مستقبله ، عن ثقافته و تراثه بعد أن أصبح نهبا للصفويين الذين يتربصون بالشعب السوري انتقاما على موقفه الرافض ل ‘زواج المتعة’ المعبّر عنه بالتحالف الاستراتيجي القائم بين إيران وبشار’.
‘ ‘معارض سوري مستقل مقيم في باريس ‘