النظام لن يسقط والثورة ستتصاعد…
سركيس نعوم
لا يمتلك الخبير في “اخوان” سوريا نفسه معطيات تشير الى الاتجاه الذي تسير فيه الثورة السورية. لكنه يبدو متأكداً من أمرين. الاول، هو ان النظام الحاكم بقيادة الرئيس بشار الاسد لن يتمكن من القضاء على الثورة المذكورة رغم الآلة العسكرية والامنية التي يستعملها لقمع المشاركين فيها والمتعاطفين معها. وغالبية هؤلاء ترفض حتى الآن استخدام السلاح، وتصر على سلمية الثورة. علماً ان الذين من هؤلاء لجأوا الى السلاح فعلوا ذلك إما لأنهم عسكريون وأمنيون فروا من وحداتهم وانضموا الى الثوار،ـ وهم خبراء في استعمال الاسلحة. كما ان مهمتهم الدفاع عن انفسهم، وتنظيم انفسهم بغية النجاح في مواجهة قوات النظام في حال استوجبت التطورات ذلك. وإما فعلوا ذلك بعدما بالغت قوات النظام في قمع الناس. والمجروحون في اطفالهم وعيالهم واهلهم واقربائهم لا يستطيعون كلهم ضبط اعصابهم والاستمرار في التمسك بسلمية الثورة. أما الامر الثاني، فهو ان الشعب الثائر لن يستطيع بدوره الانتصار على النظام اي اسقاطه او التخلص من رأسه والاركان، وتالياً لن يتمكن من اقامة النظام الحر والديموقراطي الذي يقول انه يطمح اليه.
انطلاقاً من ذلك يخشى الخبير في “اخوان” سوريا اياه ان يصل النظام والثائرون عليه الى مأزق قد يكون مؤذياً لسوريا كلها. فقوة الاول لا تزال متوافرة ومتماسكة رغم كل الضغوط والاغراءات، وقدرته على الاستمرار رغم العقوبات الدولية والمواقف الاقليمية المعادية لم تضعف رغم شعور البعض من اركانه بشيء من الارتباك جراء عدم صحة الحسابات التي اجروها منذ اندلاع الثورة وخصوصاً التي منها تعلّقت بموعد القضاء عليها. ذلك ان ايران الاسلامية ورغم كل دعوات رئيسها نجاد للحوار والتفاهم والحلول الوسط لن تتخلى عن دعم سوريا الاسد طالما فيها عرق ينبض. كما ان روسيا لا تبدو مستعجلة للتخلي عنها ايضاً لأنها لم تلمس حتى الآن استعداداً غربياً وتحديداً اميركيا للتجاوب مع مطالب كثيرة لها وللإبتعاد عن السياسات التي تهدد مصالحها. وهي كثيرة. وإصرار الثائرين يزداد وينمو باطراد، رغم “المصالح” وغالبيتها اقتصادية التي دفعت اعداداً كبيرة الى عدم الاشتراك في الاحتجاجات الشعبية التي تحوّلت انتفاضة والتي هي قيد التحوّل الآن الى ثورة. علماً ان اصحاب المصالح المذكورة لا تختلف مشاعرهم ومواقفهم عن الثائرين. إلا ان العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي والتجمعات الاقليمية على سوريا الاسد لا بد ان تؤذي مصالح هؤلاء، ولا بد ان تدفعهم مع الوقت الى الوقوف صفاً واحداً مع الشارع الثائر. والخطير في كل ذلك، يلفت الخبير نفسه في “الاخوان” السوريين، هو ان الواقع المفصّل اعلاه قد يُلقي بسوريا وشعبها في اتون حرب اهلية يتدخل فيها كل صاحب اغراض او مصالح او اجندات من الخارج القريب او الخارج البعيد. وقد ينتقل اللهيب من سوريا الاسد وسوريا الشعب الى محيطها بل الى المنطقة. وساعتها يصبح مصيرها كما مصير دول مثلها في ايدي كبار العالم الذين يقومون الآن على ما يبدو بالإعداد لإعادة تركيب الشرق الاوسط بعد بدء انفراطه ولكن على نحو يناسب مخططاتهم ومصالحهم كالعادة.
هل من دور للقوى الاقليمية المعنية وتحديداً لتركيا في سوريا لوقف سيل الدم وايجاد حل مقبول من الناس او للتدخل سواء بالحوار والإقناع او بالتدخل العسكري؟
القوى الاقليمية المهمة القادرة على القيام بدور ما سلبي او ايجابي في سوريا الاسد او سوريا الشعب ثلاث. اولها، اسرائيل وهي تخشى تحالف النظام السوري مع ايران الاسلامية ورعايتهما لـ”حماس” الفلسطينية و”حزب الله” اللبناني، وذلك نظراً الى العداء لها الذي يجمعون عليه كلهم. لكنها تخشى اكثر وصول اسلاميين الى السلطة، سواء كانوا متطرفين او اقل تطرفاً، لأنها تعرف ان ايديولوجيتهم الدينية تحتّم عليهم محاربتها وتخليص المقدسات منها بل وتخليص الفلسطينيين والعرب المسلمين كلهم منها. لكنها في الحالين لا تستطيع ان تتدخّل دعماً للنظام لأنها لا تعرف كيف تفعل ذلك، ولأن النظام يرفض ذلك لأنه يؤذيه كثيراً بل ربما يعجّل في سقوطه. كما لا تستطيع التدخّل لإسقاطه لأن البديل منه قد يكون الفوضى المؤدية الى سيطرة متطرفين على الحدود معها وربما لاحقاً الى نظام على الطريقة الايرانية ولكن سنّياً. أما القوتان الاقليميتان الاخريان فهما ايران وتركيا. ماذا فعلت كل منهما للنظام او للشعب او للإثنين؟ وماذا تستطيعان ان تفعلا؟
النهار