برهان غليون: ميزان القوة بدأ يميل لصالح الثورة السورية
مركز الجزيرة للدراسات
في محاضرة نظمها مركز الجزيرة للدراسات – أكد رئيس المجلس الوطني السوري المستقيل الدكتور برهان غليون أن ميزان القوة يتحرك لصالح الثورة السورية، وقال إن من تجليات ذلك داخليا أن الثورة بدأت تتحول من الدفاع إلى الهجوم وهو ما تسبب في فقدان نظام الرئيس بشار الأسد سيطرته على نحو ثلاثة أرباع المدن والقرى السورية، ودخول مدن مهمة على خط الثورة مثل حلب ودمشق، وخارجيا بزيادة القناعة لدى الغرب بأن استمرار الأوضاع على ما هي عليه في سوريا يضر بمصالحهم الاستراتيجية على المستوى الإقليمي والعالمي. جاء ذلك في المحاضرة التي نظمها مركز الجزيرة للدراسات في العاصمة القطرية الدوحة يوم 4 يونيو/حزيران الحالي (2012) بعنوان “الثورة السورية: تحديات الحاضر وأسئلة المستقبل”.
وقال غليون إن هناك عدة محددات تؤثر في مسار الثورة السورية أبرزها ثلاثة، يأتي على رأسها الموقع الإستراتيجي لسوريا وتأثيره الجيوسياسي إذ تعد مفتاح المشرق، والطبيعة الاستثنائية لنظام الرئيس بشار الأسد فيما يتعلق باستعماله العنف المفرط، فضلا عن صراع القوى الكبرى على المشرق ذي الموقع الإستراتيجي والغني بالنفط بالإضافة إلى تأمين دولة إسرائيل.
وفي معرض حديثه عن أداء المعارضة السورية في الخارج قدم غليون رؤية نقدية للمجلس الوطني وطالب بإعادة تشكيله حتى يمثل حقا الثورة السورية بكل مكوناتها. وقال إن الشعب أكثر وعيا ونضجا من النخبة السياسية (الثورية) التي اتهمها بأنها “لم تزل تعمل لمصالحها الضيقة” واستدل على ذلك بأنه لا يرى سببا لخلافها وتشرذمها طالما أن أدبياتها السياسية تقوم على رؤية لأهم القضايا التي تهم الثورة ومستقبل سوريا، إلى درجة أن تلك الأدبيات تبدو وكأنها نسخة بعضها من بعض. وطالب بضرورة العمل الجدي من أجل توحيد الصف لتستطيع هذه المعارضة إقناع العالم بأن هناك بديلا وطنيا جاهزا من أجل الحلول محل هذا النظام”.
وانتقل غليون إلى الحديث عن الجيش الوطني الحر وأبدى تفاؤله بتطور أدائه المطرد بفضل تحسين كفاءته التنظيمية والتسليحية مشيرا في الوقت ذاته إلى ضرورة بذل المزيد من الجهد لحل بعض المشكلات العالقة كالقيادة المشتركة ووجود ميزانيات واضحة ورواتب دورية.
وعن الموقف الروسي من الأزمة السورية قال غليون إن المجلس الوطني قدم تطمينات للروس لكنهم بحاجة لتطمينات من الغرب، محذرا من أنه اذا أصرت روسيا على مواقفها العدائية سيتم إعلانها “عدوا للشعب السوري”. وقال: إننا أخبرنا الروس أن سوريا الثورة لن تتخلى عنهم، وستحفظ مصالحهم، وأنها لن تنزلق إلى أي معسكر معاد لهم. كما أشار إلى أن المجلس أكد للروس أن قوتهم توازن القوى الأخرى في سورية المستقبل التي ستكون منفتحة بالتساوي على جميع دول العالم، وأنهم كانوا أصدقاء لسوريا قبل نظام الأسد وسيكونون كذلك بعد رحيل نظام البعث.
وأكد غليون أن الروس بحاجة لتطمينات من الغرب وليس من المعارضة السورية لأنهم (الروس) يعتقدون أن من يمسك بزمام الأمور في المنطقة هو الغرب وليس المجلس الوطني. وأضاف قائلا: “نحن قلنا للغرب لا يكفي أن تضغطوا على الروس فقط، ينبغي أن تقدموا لهم شيئا، فنحن السوريون نضحي من أجل نزاعكم إذ أن الشعب السوري يقتل – ليس فقط من أجل حريته – بل أيضا لأنكم لا تستطيعون التفاهم مع الروس حول مصالحكم في المنطقة”.
وفي معرض رده على الأسئلة التي توجه بها بعض من حضروا الندوة من الباحثين والدبلوماسيين وقيادات الجالية السورية في قطر، قال غليون إن المعارضة لن تكون وحدها الحاسم لمصير الثورة، لأن من سيحسمها هم الشباب الثائر الذي خرج إلى الشوارع، وهؤلاء لا تسيرهم المعارضة، ويبقى دور المعارضة – والكلام لغليون – هو المساعدة وتحويل الانتصارات الميدانية إلى مكاسب سياسية، مشيرا إلى أن صعف المعارضة لن يؤدي الى خسارة الثورة، لكن يبقى وجود معارضة قوية وموحدة عنصر قوة للثورة ومن شأنه تقصير أمد العمل والنضال ضد النظام حتى يسقط على حد تعبيره.
وفي محاولة منه كأكاديمي قبل أن يكون ناشطا سياسيا لتفسير أسباب ضعف المعارضة السورية قال غليون إن أحد أسباب ذلك هي غياب ثقافة سياسية في بلد تعرض لتجريف سياسي لمدة عقود طويلة، ما خلق حالة من ضعف القدرة على الحوار وكرس ثقافة فردية مريضة يظن بسببها كل واحد أنه محور كل شيء والحقيقة أن الثورة “لم تطهرهم بعد”. كما أشار إلى عبث بعض الأطراف الخارجية بالصف السوري المعارض واستقطاب البعض منهم ضد البعض الآخر، على الرغم من أن الأسباب الموضوعية للخلاف منعدمة إذا لا يتحدث أحد في سوريا الآن بالأيديولوجيا والكل متفق على مطلب سقوط النظام ونقل سوريا الى دولة ديمقراطية تعددية وتشكيل حكومة انتقالية تحضر لانتخابات حرة.
واختتم غليون محاضرته بإبداء تفاؤله بإمكانية انتزاع قرار من مجلس الأمن يلزم النظام السوري سحب آلياته الثقيلة من المدن والقرى وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بحق التظاهر، قائلا إنه إذا تحقق ذلك فإن الثورة سوف تنتصر بأسرع مما يتوقعه الجميع.