بين مبادرة رياض سيف والمجلس الوطني السوري
معهد العربية للدراسات والتدريب
حسان بالي
من الواضح أن المجلس الوطني السوري قد فاجأته في الآونة الأخيرة مبادرة السيد رياض سيف، والتي تحمل اسم “هيئة المبادرة الوطنية السورية” التي تسعى إلى انبثاق حكومة منفى تمثل أكبر طيف من المعارضة السورية يشمل المجلس الوطني وعدد كبير من مجموعات المعارضة خارجه، والى توحيد القيادات العسكرية على الارض.
هذا ما دفعت المجلس الذي يعقد مؤتمره حالياً في الدوحة إلى تكثيف مساعيه في إعادة هيكلته واعتماد أسلوب الانتخاب عوضاً عن التوافق وإصلاح الكثير من أساليب عمله التي اتسمت خلال سنة ونيف من إنشائه بالتقاعس والفشل باعتراف قياداته وأعضائه في المؤتمر.. ويسيطر الخوف على الكثير من أعضاء المجلس من أن دوره سيتقلص وهم يشددون على أنهم الممثل الوحيد الشرعي للشعب السوري الثائر.
ويرى بعض المراقبين أنه اذا كان المجلس فعلاً قد حصل على شرعية الشارع السوري في جمعة (المجلس الوطني يمثلني) إلا ان الأمر تغير في الآونة الأخيرة والجميع يعترفون بأن المجلس أخفق اجمالاً في أداء مهمامه الأساسية في مساندة الثورة وإسقاط النظام بل تحول – كما يقول البعض – الى عبء على الثورة والثوار.
وعلى الرغم من أن أعضاء المجلس في أكثريتهم يعتقدون أن مشاكلهم قد تم حلها وأنهم سيكونون على مستوى المسؤولية في المرحلة المقبلة إلا أن الشكوك في الموقف العربي والمجتمع الدولي مازالت على يبدو قائمة بأن المجلس قد يواصل اخفاقاته لذا فهو يركز على مبادرة الصناعي السوري والمعارض البارز رياض سيف أكثر.
فقد قال مصدر دبلوماسي طلب عدم الكشف عن اسمه ان “قطر وجهت دعوات الى عدد من المسؤولين البارزين في عدة دول عربية وغربية لحضور اجتماع فصائل المعارضة السورية الذي يبدأ في الدوحة الخميس”. وتوقع المصدر حضور عدد من الموظفين الكبار ووزراء خارجية الدول الراعية للمعارضة السورية في حربها مع نظام الاسد بالاضافة الى المبعوث الاممي الاخضر الابراهيمي والامينين العامين لكل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي.
ويبدو أن المجلس يسعى بصورة محمومة الى سحب البساط من تحت أرجل المبادرة المذكورة ..إذ اقترح ان يتم تشكيل حكومة انتقالية في “الاراضي المحررة” داخل سوريا، كما قال القيادي في المجلس الوطني جورج صبرا لوكالة “فرانس برس” على هامش اجتماع الهيئة العامة للمجلس في الدوحة “لقد طرحنا المرور فورا الى مرحلة تشكيل حكومة انتقالية تستقر في مكان محرر وآمن في داخل سوريا”. كما طالب امين سر المجلس الوطني انس العبدة، المجتمع الدولي “باعلان الاعتراف بهذه الحكومة والدعم السياسي المسبق لها”. كما طالب بـ”رصد 500 مليون دولار كحد ادنى لميزانيتها وذلك ضمانا لمقومات نجاحها”.
إلا أن السيد رياض سيف مازال يدافع بقوة عن مبادرته ويؤكد أن المجلس الوطني الدي سيحظى بنصيب الأسد في أعضاء المؤتمر المؤسس لها يمكن أن يكون القاطرة في ه>ا العمل التوحيدي الكبير .وهو يأمل أن يحل بتجمعه الجديد الإشكالية والشكاوى التي تقدم بها الموقف ا لعربي والمجتمع الدولي بضرورة وجود جهاز تنفي>ي قوي جامع في صورة حكومة مؤقته تمثل إطاراً جامعاً يمتاز بالحيوية والمرونة والكفاية، يعمل وفق الأسس الديموقراطية، وبالاستناد إلى وثائق مؤتمر القاهرة التي أجمعت عليها المعارضة السورية في تموز 2012. وهي تتواصل وتدعم الساحة الداخلية من جهة، وتتحرك على الساحات العربية والاقليمية والدولية من جهة أخرى. كما تضمن عدم الوقوع في فراغ سياسي لحظة سقوط النظام الأسدي.
ويضع السيد سيف في أولويات مهام مبادرته أهدافا محددة على رأسها الحفاظ على السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني السوري.وأن الحل إلا بتنحية بشار الأسد ورموز السلطة وضمان محاسبة المسؤولين منهم عن دماء السوريين .إضافة الى التأكيد على قيام سوريا المدنية التعددية الديمقراطية.
ويرى الكثير من المحللين ولاشك أن مبادرته تشمل بالفعل طيفا كبيرا من المعارضة في الداخل والخارج وهي تركز على شخصيات وطنية اعتبارية ونشطاء الثورة الشباب في مختلف المحافظات ويمكن بالفعل أن تنهي الشكوى الدولية بتمزق المعارضة وعدم كفاءتها في مواجهة النظام كما ستقدم الحل لمسألة تنظيم عملية الحصول على المعونات الدولية و ضبطها وتوزيعها وايصالها الى المكان الصحيح والمناسب. وهذا ماتحتاجه الثورة والشعب السوري الذي يقدم تضحيات لامثيل لها ويتحمل معاناة مأساوية هائلة – كما يؤكد المؤيدون لمبادرة السيد رياض سيف.
أعد الدراسة: الدكتور حسان بالي – لناشط وباحث سوري.