تحرير الرقة ومستقبل سوريا/ محمد ابرهيم
مع أن عودة النظام السوري ليسيطر على تدمر تفتح أمامه الطريق الى دير الزور شرقا، والى الرقة شمالا، أي الى الموقعين الأساسيين الباقيين لـ”داعش”، إلا ان الوصول الى هذه النتيجة يقلب الموازين العسكرية الى حد يجعل المفاوضات في جنيف ليس أكثر من مسعى لاستيعاب المعارضة لا لتغيير النظام.
ولا يكفي ان تكون الولايات المتحدة راعية لأحد فكّي الكماشة التي تطبق على “داعش”، والمقصود حملة الحكومة العراقية لاستعادة الموصل، اضافة الى الحملة السورية، لكي يحصل التوازن بين المساهمتين الروسية والأميركية، وتاليا التوازن في صيغة التسوية السورية. وربما تكون الاستعدادات الكردية، في إطار “قوات سوريا الديموقراطية” لاستعادة الرقة هي المساهمة الأميركية المنتظرة في الحرب على “داعش” داخل سوريا، في ما يشبه الحملة الروسية التي رعت استعادة قوات النظام لتدمر.
ومصير الرقة سيكون ذا تأثير كبير على الأوزان الإقليمية في الحل السوري المقبل، لأن استعادتها من جانب النظام تشكل ضربة لأي دور تركي- سعودي مستقبلي في سوريا. لكن في المقابل تبقى مشكلة الحساسية التركية تجاه ما يسمى “قوات سوريا الديموقراطية” ذات الغالبية الكردية، ومشكلة الضمانات الأميركية التي تحتاجها تركيا لغض النظر عن مثل هذه العملية لاقتلاع “داعش” من عاصمتها في سوريا.
في الجانب السياسي من التفاهم الأميركي- الروسي على وقف الحرب السورية بات واضحا ان واشنطن قدمت تنازلا جوهريا بتأجيل مسألة الأسد الى المرحلة الأخيرة من التسوية. وكذلك تبدو واضحة التأثيرات الروسية في مبادرات الانفتاح الأخيرة للرئيس السوري، والتي تجاوزت شعار تأجيل الحل السياسي الى ما بعد هزيمة الارهاب، لتفتح ملفات الحكومة والدستور، وحتى الانتخابات الرئاسية المبكرة.
حتى الآن هذه المبادرات لها قيمتها في “الحوار” الروسي- السوري حيث يتبادل الحليفان تسهيل مهمة بعضهما البعض في إعطاء فرصة حقيقية للتفاهم الروسي- الأميركي المبدئي. وفي هذا الاطار تبدو لافتة رغبة الأسد في تظهير علاقته بروسيا، وابقاء مساهمة الحليف الآخر، الإيراني في ما يشبه الظل، وفي ذلك ربما مسعى لتلطيف انتمائه الحاد في المرحلة السابقة لأحد فريقي النزاع السني- الشيعي الإقليمي.
ليس واضحا من يناور على من في العلاقة الروسية- الأميركية، ولا في العلاقة الروسية- السورية (الرسمية) لكن الأكيد يبقى ان الدور المعترف به سلفا للمعارضة في سوريا الجديدة، والدور المتعاظم للأكراد، إضافة الى استحالة العودة الى القمقم السابق الذي كان يضبط مكونات سوريا الاجتماعية المتنوعة، كل هذا سيقترب بسوريا الجديدة الى المساحة الفاصلة بين اللامركزية والفيديرالية.
النهار