تغيير حسابات الأسد
(ديفيد رود من كتاب المقالات في رويترز لكن الآراء الواردة في هذا المقال هي آراؤه الشخصية)
عمان (رويترز) – تجمع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وعشرة من وزراء الخارجية الأوروبيين والعرب في عمان بالأردن مساء الأربعاء للحديث مجددا عن مساعدة المعارضين في سوريا.
لكن حتى في الوقت الذي يناقش فيه المجتمع الدولي “استراتيجية كبرى” يتخذ الرئيس السوري بشار الأسد إجراء حاسما.
فهو يقترب بمساعدة آلاف المقاتلين من حزب الله وإيران والعراق من تحقيق مكاسب من أكبر مكاسبه العسكرية منذ عامين.
وقلل كيري في مؤتمر صحفي من أهمية نجاحات الأسد العسكرية وقال إنها “مؤقتة جدا”. لكن الزعيم السوري وداعموه الأجانب يكتسبون في الواقع اليد العليا في الصراع.
والمعارضة السورية مشتتة. والموافقة على تدخل عسكري أمريكي كبير مستحيلة سياسيا في واشنطن بعد حرب العراق كما أن وجود شقاق بين السعودية وقطر أبطأ توصيلهما أسلحة إلى المقاتلين.
وعلى الصعيد الدبلوماسي فإن الشخص الأساسي الذي تتحاور معه واشنطن هو وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أحد المدافعين الرئيسيين عن الأسد على الساحة الدولية.
ويبقى عامل مهم يرجح كفة بقاء الأسد. فالأسد وحلفاؤه العلويون وحزب الله وإيران كلهم موجودون داخل سوريا يلقون بكميات هائلة من القوة البشرية والعتاد والمال في ساحة القتال.
وعلى الجانب الاخر مازال مؤيدو مقاتلي المعارضة في سوريا يحاولون اتخاذ قرار بشأن حجم المساعدة التي سيعرضونها عليهم. هناك استراتيجية لكنها تتحرك تدريجيا.
“الاستراتيجية الأمريكية الكبرى” تنطوي على ثلاية عناصر.
أولا زيادة المساعدة العسكرية للمقاتلين لكن دونما المساعدة الأمريكية.
وفي الشهر الماضي في اسطنبول وعدت السعودية وقطر بتقديم مساعدة عسكرية إضافية للواء سلام إدريس القائد العسكري لمقاتلي المعارضة السورية المعتدلة. وتعهدتا أيضا بتقليص دعمهما للمقاتلين الاسلاميين الذين يهيمنون الان على المعارضة على الارض في سوريا.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية اشترط عدم ذكر اسمه إنه يبدو أن السعوديين والقطريين يحافظون على وعدهم. فقد قدموا أسلحة إلى قوة إدريس ويبدو أن شحناتهم للإسلاميين المتشددين تتباطأ.
وقال المسؤول “المؤشرات جيدة.. لكننا نريد أن نرى المزيد.”
من ناحية أخرى يحاول الدبلوماسيون الأمريكيون توحيد المعارضة السورية المتشرذمة. فمنذ استقالة رئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب الشهر الماضي تكافح الجماعة لاختيار زعيم. وفي سوريا لا يزال ينظر إلى الائتلاف الذي يوجد مقره في اسطنبول على أنه غير فاعل. وتهيمن على الساحة جماعات إسلامية لديها وفرة من السلاح والمال والمقاتلين المتمرسين.
وهذا الأسبوع سيتوسع مجلس المعارضة من 60 ممثلا إلى ما بين 90 ومئة عضو. وستختار هذه المجموعة الأكبر رئيس وزراء وزعماء آخرين.
وأخيرا سيستضيف كيري ووزير الخارجية الروسي لافروف محادثات سلام الشهر المقبل في جنيف. ومن الناحية النظرية ستكون المعارضة أقوى عسكريا وموحدة سياسيا.
وفي الوقت نفسه قال مسؤولون روس إن وائل الحلقي رئيس وزراء الأسد سيحضر محادثات السلام في جنيف. كما تخلت الولايات المتحدة بهدوء عن اعتراضاتها على السماح لايران بأن تلعب دورا ما في المحادثات.
وفي أفضل الأحوال ستجبر زيادة الدعم العسكري للمعارضين والضغوط الروسية الأسد على المساومة بجدية. وستنحسر القوى الطاردة المتفشية الان في سوريا من توتر طائفي ومقاتلين جهاديين إلى تمويل أجنبي.
وقال كيري في تصريحاته لدى افتتاح المحادثات هنا “لا نريد أدلة أخرى على أن الوقت قد حان للتحرك… ما نريده هو الفعل.”
ويتفق مسؤولون أمريكيون مع فكرة أن استراتيجيتهم تعتمد على تغيير حسابات الأسد. وقال المسؤول الكبير بوزارة الخارجية “ميزان القوى على الأرض يجب أن يتغير.”
لكن بالنظر إلى حجم الدعم الذي يحصل عليه الأسد من إيران وحزب الله يبدو ذلك غير مرجح. فمقاتلو حزب الله يلعبون دورا حاسما في المعركة من أجل السيطرة على بلدة القصير الاستراتيجية. والإيرانيون يقدمون النصح الان لوحدات الحكومة السورية في القصيرة وحول دمشق. ويقاتل أعضاء في ميليشيات شيعية عراقية إلى جانب قوات الأسد في العديد من المعارك.
ويكسب الأسد والإيرانيون. وإذا كانت إدارة أوباما وحلفاؤها الأوروبيون والعرب يريدون دعم مقاتلي المعارضة فعليهم أن يفعلوا ذلك الان.
وخلال العامين الماضيين كانت واشنطن وحلفاؤها يتدخلون نصف تدخل إذ ظلوا يقدمون دعما يطيل أمد الصراع لكنه لا يكفي لانهائه.
وإذا لم تعزز إدارة أوباما وحلفاؤها مساعدتها العسكرية بقوة فعليهم أن يتوقفوا عن ترديد أحاديثهم الكاذبة عن تقديم مساعدات حاسمة. فالمزيد من العبارات الجوفاء سيطيل أمد إراقة الدماء.
(إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية – تحرير أمل أبو السعود)
من ديفيد رود