جنيف – 2 يعقد بعد تحقيق التوازن العسكري اتفاق أميركي – روسي على خطوط عريضة
اميل خوري
فهم مسؤولون وسياسيون التقوا مساعد وزير الخارجية الاميركي وليم بيرنز، أن مؤتمر جنيف – 2 يعقد عندما يتحقق التوازن العسكري على الارض بين مؤيدي نظام الرئيس بشار الأسد ومعارضيه. ومن المتوقع أن يتحقق ذلك أواخر شهر آب المقبل ليصبح انعقاد المؤتمر في ايلول أو في الخريف حداً أقصى وبعد قمة أوباما – بوتين التي يكون لنتائجها انعكاسات على هذا المؤتمر، سلبية أو ايجابية، وتكون المعارضة السورية توصلت الى توحيد صفوفها واتفقت على تشكيل حكومة واتخذت موقفاً موحداً من جنيف – 2.
وفي المعلومات أن أميركا وروسيا توصلتا الى اتفاق مبدئي على الآتي:
أولاً: أن يستمر الرئيس الأسد في السلطة حتى انتهاء ولايته أو قبل انتهائها بقليل، لأن التوصل الى تشكيل حكومة انتقالية في ضوء نتائج المواجهة العسكرية على الارض يتطلب هذا الوقت، وتحقيق التوازن العسكري يحتاج الى ايصال أسلحة نوعية لـ”الجيش السوري الحرّ”، وهذه الأسلحة لن تحقق أهدافها إلا خلال الشهرين المقبلين وربما اكثر، وما لم يتحقق هذا التوازن فإن حلاً سياسياً متوازناً لن يتحقق أيضاً، فلا مؤيدو النظام السوري يأتون الى طاولة المفاوضات في جنيف من دون شروط ولا معارضو هذا النظام عندما يكون أحدهما مهزوماً، وما يفرض حضور هذه المفاوضات من دون شروط مسبقة هو التوازن العسكري. وأهم هذه الشروط ان يكون الرئيس الأسد لا يزال في السلطة كما يطالب مؤيدو النظام، أو يكون قد تنحى عنها كما يطالب معارضوه، فتحقيق التوازن العسكري مع اقتراب ولاية الرئيس الأسد من نهايتها يزيل أسباب الخلاف القائم حول مصيره.
ثانياً: تتواصل اللقاءات بين روسيا وأميركا للاتفاق على تشكيل الحكومة الانتقالية من ممثلين لكل القوى السياسية الأساسية في سوريا. وقد تعذّر التوصل الى ذلك حتى الآن لأن المعارضة مشتتة ولا اتفاق بين مكوناتها حول من يمثلها في هذه الحكومة. وقد نجح ائتلاف المعارضة السورية في انتخاب رئيس له كخطوة أولى على طريق توحيد مواقفها من تشكيل الحكومة الانتقالية ومن جنيف – 2 لأنه إذا لم تفعل ذلك فإن البحث قد يدور عندئذ حول امكان تشكيل مجلس عسكري من الجيش النظامي ومن “الجيش الحر” يحكم خلال المرحلة الانتقالية ويشرف على انتخابات نيابية ورئاسية أو تشكيل هيئة من القضاة الكبار لهذه الغاية.
ثالثاً: ان الوضع على الارض يكون تغيّر قبل انعقاد مؤتمر جنيف – 2 بحيث لا تعود القوى الاسلامية الاصولية هي التي تمسك بزمام المعركة، إنما القوى المعتدلة عندما تتلقى المساعدات العسكرية، وعلى أمل ان يكون الوضع في مصر قد استقر في أيدي القوى المعتدلة، وهذا ينعكس ايجاباً على الوضع في سوريا، إذ لا يعود ثمة تخوف روسي من خطر الأصوليين الاسلاميين وتشارك اميركا روسيا هذا التخوف.
رابعاً: يكون رئيس الجمهورية الايرانية الجديد الشيخ حسن روحاني قد انتهى من اجراءات تسلمه الحكم تسلماً كاملاً وتم تأليف حكومة جديدة يكون لها رأي في الحل السياسي للأزمة السورية.
هذه هي الخطوط العريضة للاتفاق بين اميركا وروسيا، قبل انعقاد مؤتمر جنيف – 2 تحقيقاً لنجاحه، لكن اسرائيل كما تفيد معلومات لمصادر ديبلوماسية تخطط لاستمرار الاقتتال بين السوريين بحيث لا يعود في الامكان قيام دولة قوية في سوريا إلا بعد سنوات طويلة فتبقى اسرائيل بعيدة عن خطر الحرب معها عندما تحول دون تمكينها من استعادة عافيتها وقوتها بسرعة وتكون الدولة الثانية بعد العراق التي تخرجها من دائرة الحرب معها بعدما أخرجت مصر منها باتفاق كمب ديفيد والآن بخلق حرب أهلية فيها، اذ ليس سوى الفوضى العارمة في كل دولة عربية ما يجعل اسرائيل تنام على حرير، وهذه الفوضى قد لا تنتهي إلا بالتقسيم وباقامة دويلات مذهبية وعرقية تكون هي الأقوى بينها. فإذا توصلت أميركا وروسيا ومن معهما الى اتفاق على اقامة سلطات مستقرة سياسياً وأمنياً واقتصادياً في دول الثورات العربية، وتم بموجب هذا الاتفاق توزيع مناطق النفوذ، فان اسرائيل لن تكون قادرة على تنفيذ مخطط الفوضى والتقسيم في المنطقة. أما اذا لم تتوصل الدولتان العظميان الى اتفاق، وفشل بالتالي مؤتمر جنيف – 2 في حال انعقاده، فإن المنطقة تصبح ولا شك معرّضة لخطر “البلقنة” وساحاتها تصبح مفتوحة لشتى أنواع الحروب السياسية والدينية بحيث تضيع معها حقوق الفلسطينيين وحقوق الشعوب العربية وتكون اسرائيل قد حققت أهدافها.
والسؤال هو: اي من المخططات في المنطقة سيكون الرابح؟ إن السير نحو مؤتمر جنيف – 2 هو الذي يجيب عن ذلك، وكذلك الوضع على الأرض في سوريا، فإما اتفاق على حل سياسي وإما تفكيك وتقسيم بعدما بدأ ذلك في السودان، وتعيش ليبيا مخاض التقسيم وكذلك العراق وسوريا واليمن، ومصر على الطريق…
النهار