حول مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية
غسان المفلح
نشرت الصديقة ريما فليحان منسقة اللجنة المكلفة بالاعداد للمؤتمر، مشاريع الوثائق التي ستقدم من قبل هذه اللجنة للمؤتمر، الذي سيعقد في 02و03 يوليو 2012 في القاهرة..لكي يصار لمناقشتها، وفي ظل المجازر التي تقوم بها العصابة الحاكمة في كل المدن السورية، والابشع كانت في زملكا ودوما وكفرشمس في حوران ومخيم درعا..أيضا انعقد مؤتمر جنيف للجنة الاتصال حول سورية والتي اقترحها كوفي عنان، حيث ختمها عنان نفسه بالقول كما يشبه النكتة: بعد عام ستتغير الاوضاع على الارض..
كنت اعتقد أن الرجل ينكت، في ظل هذا الدم السوري، حيث تم تحت إشراف عنان ومراقبيه تدمير المدن وحدثت ابشع المجازر، يريد السيد عنان أن يبقى يطير من عاصمة لعاصمة عاما آخر والدم السوري شلالا على مذبح الحرية..وأنا من الذين سلمت أمري منذ زمن بعيد لمقولة بسيطة، أن إسرائيل هي من تحمي هذه العصابة الحاكمة من أية رد فعل دولي جدي وأخلاقي..إسرائيل تقوم بالحماية الفعلية عمليا لدى دول الغرب، وروسيا تقوم بتغطية هذه الحماية وفقا للقانون الدولي الفيتيوي في مجلس الأمن، واصبح لافروف وزير خارجية المافيا الروسية الحاكمة، ناطقا رسميا باسم العصابة الأسدية القاتلة..لهذا لم اتناول كثيرا الموقف الروسي بالتحليل، لأنه لولا الموقف الاسرائيلي، لتم بسهولة غربية بسيطة شراء المافيا الروسية، أو حتى تجاوزها كما حدث في صربيا وكوسوفو..لكن الحاجز الصلب أمام تدخل دولي حقيقي يتفق فيه عاملان: الأول الموقف الاسرائيلي، والثاني موقف اكثرية المعارضة السورية، ولنلاحظ التأتأة هنا في مشروع الوثيقة المقدم لمؤتمر المعارضة هذا كي توافق عليه ” تنحية السلطة … مرحلة التنحية هي مرحلة النضال والإصرار حتّى تنحية بشار الأسد ورموز السلطة….وسيستمرّ النضال من أجل هذا الهدف على الأسس التالية:
• يبدأ الحلّ السياسي في سورية بتنحية بشار الأسد ورموز السلطة، وضمان محاسبة المتورّطين منهم في قتل السوريين.
• سيستمرّ الإصرار الثوري والإرادة الشعبية والثورة حتّى هذا الرحيل.
• لن يأتي التغيير إلاّ بإرادة وايدي السوريين، من خلال غطاء عربيّ-دوليّ يحمي وحدة وسيادة واستقرار سوريّة، تحت رعاية الأمم المتّحدة والجامعة العربيّة وقرارات مجلس الأمن، مع إعطاء الفرصة لخطّة المبعوث المشترك، مع ضمان وضع آليّة إلزاميّة لتنفيذها الفوري”.
كنت كتبت في مقال سابق، وقبيل انعقاد مؤتمر جنيف أيضا، أن مؤتمر المعارضة هذا هو لشرعنة ما يقوم به الثنائي عنان- العربي من قبل المعارضة السورية..وحذرت بعض الاصدقاء في اللجنة من هذا المطب واسميته الفخ، وقد وقعت فيه المعارضة، وجرت معها قوى الحراك الثوري إليه..يمكن العودة للمقال السابق بعنوان “الصليب الاحمر وعنان ومؤتمر المعارضة السورية في القاهرة”..وهنا في قراءة هذه الفقرة، وكأن من يقرأها، يقول أن سيرغي لافروف هو من كتبها، تلك الفقرة التي تتعلق بعلاقة المجتمع الدولي بالتغيير الجذري في سورية، ومن استمع للمدعو لافروف في نهاية مؤتمر جنيف، وهو يتحدث عن السوريين وارادتهم في التغيير دون تدخل خارجي، وأن لا تطرح قضية العصابة الأسدية في أي قرار دولي، الفارق بين المعارضة وضمن هذه الوثيقة ولافروف وما قاله في كلمته ومؤتمره الصحفي، أن المعارضة تحرص على صورتها في الشارع فتجاوزت كلام لافروف، وطالبت بتنحية العصابة الأسدية، دون أن تقول لنا كيف؟ وبأي قوة؟ وما هي الخطوات العملية؟ وماهو دور المجتمع الدولي؟ لقاء القاهرة يشرعن نهائيا لاستمرار القتل لمدة عام آخر، وبإشراف الثنائي عنان- العربي، والمعروف جيدا أن الروس يريدون وقتا لاستمرار القتل، ولا كلمة إدانة للموقف الروسي، ولا للموقف الايراني، ولا للموقف الاسرائيلي في تلك الوثيقة، أو على الأقل في مقدمتها، وهذا من شأنه أيضا أن يعطي انطباعا، أن هذه الدول هي جزء من الغطاء العربي والدولي!!!
بينما هي الجزء الأكبر من المشكلة، وشريكة كاملة في الجريمة..على الرغم أن الموقف الاسرائيلي متقدم جدا على الموقفين الروسي والإيراني، إسرائيل ليست ضد استمرار أو رحيل العصابة الأسدية لكنها لاتريد تدخل عسكري دولي على حدودها من أجل ذلك.. وتعرف ماذا يعني هذا، تعرف أنه يعني مزيدا من القتل لشعبنا، لكنها تخجل من القول، كما يقول لافروف وإيران وبعض المعارضة!! أن هنالك طرفين يتحملان المسؤولية، لا بل لافروف في جنيف ذهب أبعد من ذلك، وقال أن العصابة الأسدية استجابت للمطالب الدولية، ولكن المعارضة المسلحة لم تستجب!!!
لهذا كتبت للصديقة ريما فليحان في حوار جرى بيننا التالي” أي وثيقة لاتتناول الفترة الانتقالية حتى سقوط الأسد، ولاتنص على طلب التدخل الدولي صراحة، ووفقا للبند السابع.. ستكون مساهمة في الجريمة والقتل..هذا البند يجب أن تتبناه المعارضة كاملة لتحميل المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة..كما يجب التركيز على نقطتين…النقطة الاولى يجب ان يتخلص المجتمع الدولي من عبارة المساواة بين الضحية والجلاد والحديث عن عنف متبادل، والعبارة الثانية هي عدم حديث المجتمع الدولي عن التدخل الروسي السافر…يجب وضع هذا العبارة التي تنص على التدخل الروسي المجرم في رأس خطاب المعارضة وعدم اهمالها، وعدم التواصل مع الروس قبل ان يغيروا موقفهم…..والنقطة الثانية فصل طلب التدخل الدولي وتحميل المسؤولية للمجتمع الدولي عن أمراض المعارضة، لأنها أمراض طبيعية وموجودة في كل دول العالم، ولأن جزء منها هو من طبيعة الانسان…: وإلا نكون بذلك قد خدمنا الموقف الروسي، وموقف هيئة التنسيق ومن لف لفها: أما أن تنحية الأسد وافقت عليها هيئة التنسيق “والمعارضة الروسية” هذا حكي فاضي…نصت او لم تنص الوثيقة على ذلك، لأنه بغياب الحديث عن آليات تفصيلية يصبح حكي فاضي في ظل وجود هذه القوة العسكرية والتشبيحية الأسدية.. وبالتالي اولا..يجب عدم تحميل المعارضة أية مسؤولية لأن ما يجري فيها طبيعي…وعادي جدا… شعبنا يحملنا مسؤولية التقصير تجاهه هذا صحيح ونحن مقصرون..
لكن المجتمع الدولي ليس كذلك ابدا..” لأن طلب التدخل الدولي يضع المسؤولية على المجتمع الدولي، حتى لو كان هنالك من يرفض هذا التدخل من المعارضة، ولا يضعها على الجيش الحر والمعارضة!! يجب فضح هذه المسألة التي صاغها الروس بعناية الموقف الاسرائيلي الرافض للتدخل..بقي كلمة أخيرة للمجلس الوطني، هشاشة اعضاءه وانا واحد منهم، قبل نتيجة ذلك الذهاب لمؤتمر يحضره، نبيل العربي وطالب الامين واحمد بن حلي!! وممثلة فيه معارضة تخرج وتدخل لسورية معززة مكرمة، وشعبنا يذبح..كيف؟ كان على المجلس رفض المشاركة في هذا المؤتمر…والمجلس يعرف أن هذا المؤتمر مهمته واضحة وهي قطع الطريق على تمثيل المجلس السياسي للثورة، وقطع الطريق على طلب التدخل العسكري الدولي وفقا للبند السابع، وبالتالي انجاز تشكيلة أو هيكل معارض جديد، يتبنى مواقف كوفي عنان ونبيل العربي وبالتالي الموقف الروسي، وهذا هو الفخ، وإذا رفض المجلس الآن سيصبح هو المعرقل للجهود الدولية!!
وكنت كتبت عن هذا الفخ في المقال السابق..الاحداث تتلاحق والمجازر تتلاحق ودم شعبنا في الميزان الآن…لدينا بنية خطابية أقلاوية، كرسها النظام الفئوي الأسدي وعبر عنها شاعرنا الفلسطيني محمود درويش بعد مجازر حماة الأسدية في الثمانينيات من القرن الماضي” ينادي باندلس إن حوصرت حلب”..الوضع الآن في سورية ياسادة أسوا من الوضع العراقي قبل تحريره من صدام وبعده…لا تعطوا شرعية لعنان ولا للموقف الروسي… لأنه يعني المزيد من المجازر بحق شعبنا..ونشكركم على تحملنما..ولم يعد النموذج العراقي قابلا للاستخدام في سورية!!!
ايلاف