صفحات الناس

«داعش» والأكراد وهجوم مزدوج على قوات تركيا في الباب السورية/ أحمد طاقان

 

 

 

شهدنا هذا الأسبوع ثلاثة أحداث أو تطورات مهمة أود التوقف عندها، الأولى كان للجيش التركي في شأنها بيان قال فيه «ان قوات سورية الديموقراطية الإرهابية في عفرين قصفت مارع وتل رفعت قصفاً عشوائياً أصاب مدنيين فقتل شخصين وجرح سبعة أشخاص». وبعدها، أرسل قائد الأركان الأميركي، جوزيف دانفورد، رسالة فيها قائمة بالأسلحة التي زودت أميركا بها «قوات سورية الديموقراطية»، ووصف رسالته بالشفافة وقال انها ترمي الى تهدئة المخاوف التركية. ثم أسقطت القوات الأميركية مقاتلة سورية بذريعة أنها استهدفت مواقع لـ «قوات سورية الديموقراطية» الكردية، وشهدنا أول قصف إيراني بواسطة صواريخ انطلقت من الأراضي الإيرانية، واستهدفت دير الزور. وتعليقاً على هذه الأحداث يبرز في الإعلام التركي تحليلان، لسان حال الأول «إن أميركا تحدد مناطق نفوذها في سورية عبر وكلائها الأكراد، والثاني يقول إن أميركا ترمي الى تقويض «قوات درع الفرات» التركية في الشمال السوري بواسطة الذراع الكردية.

ولعل الخبر الأغرب أو الأكثر غرابة هو تزامن هجوم الأكراد على مارع وتل رفعت مع هجوم داعش على مدينة الباب، ضد قوات «الجيش السوري الحر» التي مازالت موالية ومخلصة لتركيا. وفي مواجهة هذه الأحداث، قصف الجيش التركي مواقع الأكراد في عفرين بعشرات القذائف. اما الرسالة «الشفافة» من دانفورد الى تركيا وقائمة الأسلحة التي وزعتها أميركا على الأكراد، فلا هي شفافة ولا تهدئ من قلق أنقرة بل تنفخ فيه. فنظرة واحدة إلى نوع وكمية الأسلحة التي سلمت الى «قسد» تبعث على القلق لكثرتها وتطورها وقدراتها الكبيرة. كما أن هذا التقرير «الشفاف» لا يكشف أين وزعت هذه الأسلحة. فنحن لا نعلم حجم الأسلحة التي ذهبت إلى عفرين وتلك التي سلمت إلى جبهة الرقة مثلاً. والمثير أنه في هذه الاثناء تتعاظم هجمات «حزب العمال الكردستاني» على الجيش التركي في تركيا. وبدأ الجيش يعثر على أسلحة متطورة بيد هؤلاء المسلحين يستخدمونها في الأراضي التركية، بعد ان مسحوا أرقامها التسلسلية وما يدل على مصدرها. والأغلب أن توزيع هذه الأسلحة على الجناح السوري لهذا الحزب الإرهابي، أجّج معنويات فرعه التركي فرفع وتيرة هجماته. وفي الوقت نفسه، نشهد انشقاقات عجيبة في اوساط عناصر «الجيش السوري الحر» في منطقة الباب، منهم من ينضم الى الأكراد ومنهم من يعود الى الجيش السوري والنظام، في وقت يتعرض المخلصون منهم لهجمات انتحارية على يد داعش وكأن التنظيم يسعى الى حمل من تبقى منهم على اخلاء مواقعهم والالتحاق بمن انشق وترك مواقعه.

وقراءة تصريحات مسعود البرازاني عن الاستفتاء على الاستقلال في أيلول (سبتمبر) المقبل، هي سبيل الى فهم الصورة الأكبر. فأميركا تريد امتداداً للدولة الكردية في شمال العراق داخل سورية حتى البحر، ولذا فهي تعمل على وصل عفرين الكردية مع منبج، من طريق طرد الجيش التركي و»الجيش السوري الحر» من الباب، وهذا ما يحدث عملياً في ميدان المعارك. ويستوقف سقوط عدد كبير من المدنيين في عملية الرقة على يد اكراد تدعمهم أميركا، في وقت يتبخر هناك داعش ويتبدد أثره كما يحدث في الموصل. ولا ترتفع أصوات في الغرب تندد بالعدد الكبير من الضحايا المدنيين في هذه العمليات، ناهيك عما يتبع تلك العمليات من تغيير سكاني للمنطقة. كل هذا وحكومتنا على موقفها: فهي تعتبر مسعود البرازاني حليفاً، وتهاجم فحسب «قوات سورية الديموقراطية». فإلى ماذا تحتاج حتى تدرك عمق التنسيق بين البرازاني وأميركا وأكراد سورية؟

* كاتب، عن «يني شاغ» القومية التركية، 23/6/2017، إعداد يوسف الشريف

الحياة

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى