رحلة تهريب فريق تلفزيوني سويدي طفلاً سورياً/ قيس قاسم
أثار قرار الصحافي السويدي فريدريك أونفال بتسهيله عملية تهريب طفل سوري بطريقة غير شرعية الى السويد ردود فعل كثيرة على المستويين المهني والقانوني. وانتقلت تفاصيل الرحلة مباشرة الى شاشة التلفزيون السويدي بعد نشره أولى حلقات برنامج وثائقي أنتجه حديثاً حول صعود اليمين المتطرف والمعادي للأغراب في أوروبا والمنادي بوقف الهجرة اليها، ويظهر فيه الصبي «عابد» وهو يطلـب من معد البرنامج، الذي جاء لتصوير البيت الذي يقيم فيه مع مجموعة من المهاجرين السوريين في اليونان، أخذه معه الى السويد، لأن له فيها أقارب.
بعد وصوله السويد وتقديم الصبي طلب اللجوء فيها واجهت وسائل الإعلام الصحافي بسيل من الأسئلة المحرجة حول الأسباب التي دفعته لخرق القواعد المهنية وما قد ينتج منها من تعريض صدقية التلفزيون السويدي القوية للاهتزاز، فيما طالب بعضها مسؤولي التلفزيون بتوضيح موقفهم من عمل غير قانوني قام به أحد موظفيه، وعلى الخط القانوني تدخلت الشرطة ورفعت شكوى ضده تتضمن تهمة «المساعدة في تهريب البشر».
أجوبة أونفال ركزت على توضيح الجانب الإنساني لموقفه وعلى معايشته الميدانية ومعرفته بالأخطار الحقيقية التي كان يمكن أن يتعرض لها الطفل أثناء محاولته الهروب من اليونان الى دول أوروبية أخرى من طريق رمي نفسه من فوق أحد الجسور الى داخل «كونتاينر» الشاحنات المارة من تحته.
مخاطرة كان على الصبي السوري تجربتها مع بقية الرجال الذين رافقوه، وهذه كانت من أشد الدوافع اقناعاً للصحافي السويدي بقبول طلب الطفل السوري: «لم أفكر بالجانب القانوني المترتب على خطوتي ولا بالخرق الأخلاقي للمهنة، فهذه أشياء بدت لا قيمة كبيرة لها مقارنة بالوضع الخطير الذي كان الصبي فيه». يُظهر البرنامج الوثائقي تفاصيل موقف أونفال وتردده قبل اتخاذ قراره وطبيعة الحوارات التي جرت بينه وبين «عابد» بمساعدة إحدى العاملات في فريقه تجيد العربية. «لقد بدت محاججتي له سطحية، وفكرت ماذا سيحصل لي لو لم تنجح محاولته وكيف سأواجهة ضميري بعدها؟».
في معمعة الجدل والتجاذب خرج مدير البرامج في التلفزيون السويدي روبرت أولسون بموقف تضامني مع الصحافي أونفال ووصف قراره باصطحاب الصبي معه بأنه «قرار شجاع» وقال: «لم أخف استغرابي أول الأمر من موقف صحافي محترف، ولكن وبعد اطلاعي على التسجيلات وتدقيقي بالمشاهد المصورة هناك، وجدت أن دوافع أونفال كانت نبيلة على رغم أنني من الجيل القديم الملتزم بشدة قواعد العمل الصحافي وبالحياد كمبدأ عمل».
أما الموقف القانوني من تصرفه فتُرك للجهات القضائية التي ستبت في ما إذا كانت فعلته جريمة أم لا؟ ووفق القانوني في دائرة الشرطة السويدية بير لوينبيري فإن احتمال تبرئة الصحافي من تهمة «تهريب البشر» واردة لأن دوافعه لم تكن مادية ولم يحصل على منفعة شخصية منها، كما في حالات سابقة ساعد فيها مهاجرون مقيمون في السويد أقرباءهم لدخول البلاد بطريقة غير شرعية، ومع هذا اكتفت المحاكم بتغريمهم مالياً.
واللافت ان حال تسليم «عابد» أوراقه الى دائرة الهجرة، جاءت الموافقة على قبول طلبه ورتبت إحدى البلديات دخوله المدرسة كـ «طالب لجوء وحيد»، ما دفع مدير البرامج في التلفزيون السويدي للتعبير عن غبطته واعتبر قرار بث المقطع الخاص بالمقابلة التي جرت بين فريق العمل والصبي السوري قراراً صحيحاً يعبر عن مضمون مسلسل «الوطن الأم» الذي سينشر تفاصيل رحلة تهريب الطفل السوري من اليونان الى السويد على الشاشة كما هي.