روحاني وسورية/ ميشيل كيلو
تحدث رئيس إيران، حسن روحاني، عن قضايا ثلاث في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الاتفاق النووي مع أميركا أنقذ العالم من حرب شرق أوسطية، وأن بلاده ساعدت العراق على إقامة الديمقراطية، وأنها على استعداد لمساعدة سورية على الوصول إلى حلٍّ، يتيح لمختلف أطياف المعارضة التعبير عن رأيها.
أود أن أذكر الرئيس روحاني بقول نصيره الأكبر في إيران، هاشمي رفسنجاني، قبل مفاوضات النووي بأيام: إن إيران تقف أمام أحد خيارين، الاستسلام أو سقوط النظام، وعليها لإنقاذ نفسها أن تسلم برنامجها النووي لأميركا. أنقذت إيران نظامها ولم تجنب العالم الحرب، والفرق بين الأمرين هو الفرق بين الكذب والصدق.
أما مساعدة العراق على الديمقراطية، فيشهد عليها رئيس وزرائه حيدر العبادي، والزعيم الشيعي مقتدى الصدر، فقد كرّر الأول أحاديثه عن عصابات شيعية ستقتله إن هو أجرى إصلاحاً يطالب به معظم الشعب. ووصف الثاني المليشيات الشيعية التي يعرفها، أكثر من أي شخص آخر، بـ “الوقحة”، وطالب بحل قطاعات منها. ولعل روحاني يعلم أن “المرجعية” التي تعتبر معصومة وواجبة الطاعة، أفتت بضرورة الحد من طائفية النظام العراقي، من دون أن يطيعها أحد، والسبب أن إيران التي تدعم مليشياتٍ بلغ من ديمقراطيتها أنها صفت عشرات آلاف الأبرياء على الهوية والشبهة، وقتلتهم من دون محاكمة وخارج أي قانون، بالطرق التي علمهم إياها “جيش القدس والباسيج” الإيرانيين، حرقاً وشنقاً وخنقاً وتقطيعاً بالمناشير وذبحاً بالسكاكين ودفناً وهم أحياء، في داعشية صارخة لا يشن أحد الحرب عليها، لأن إيران الديمقراطية تحميها، بينما يكثر الحديث عن “داعشية السنة”، مع أن الداعشيتين تتبنيان أيديولوجيا مذهبية خلاصية، تقول بإقصاء المختلف، وتجعل قتله واجباً مقدساً.
تبقى المسألة الثالثة، أن إيران تريد مساعدة السوريين: هل روحاني جاهل إلى الحد الذي لا يعلم معه كم ساعدتنا دولة وكيل الإمام الغائب، أو وكيل الله الذي يفترض أنه لا يغيب؟ ألم ير روحاني مواكب جنرالاته القتلى الذين ضحوا بأرواحهم، وهم يعلمون السوريين الديمقراطية؟ ألم يسمع أنشودة حزب الله “الديمقراطي” “رصاصة منك ورصاصة مني ما منترك ع الأرض سني”؟ ألا يعلم النية الكامنة وراء المفاوضات التي خاضتها بلاده لتهجير أهل الزبداني ومضايا وسرغايا وبلودان وسوق وادي بردى وغوطتي دمشق، واستبدالهم بـ “ديمقراطيين” مستجلبين من إيران، ليشكلوا حلقة في سلسلة بشرية يقيمها ملايين المستوطنين الإيرانيين، فيمتد بهم وجود إيران المذهبي الموحد بين أفغانستان وجنوب لبنان مرورا بسورية والعراق؟ أخيراً، لو امتلك روحاني ذرة احترام واحدة لعقول سامعيه وذاكراتهم في أعلى محفل سياسي دولي، يعرف أعضاؤه “البير وغطاه”، لما سرد على مسامعهم، من دون أدنى خجل أو حرج، ترّهاته عن تجنيب العالم الحرب، وحديثه عن الديمقراطية التي أقامتها بلاده في العراق، ولما نسي أقواله هو نفسه عداء أطرافٍ حاكمة فيها للديمقراطية وحقوق الإنسان، وللمواطنة مبدأ وممارسة، ولشعر بحرج شديد قبل الإعلان عن استعداد نظامه لمساعدة سورية، كأنها توقفت يوماً عن مساعدة نظام الأسد على إبادة شعبه، وتدمير دولتها ومجتمعها، والقضاء على جميع مظاهر العمران والإبداع الإنساني فيها، ما اتصل منه بالحاضر أو بالماضي.
سيد روحاني: كنت أعتقد أنك رجل دين لا يكذب. أشكرك شخصياً، لأنك أخبرت العالم كله أن دينك هو الكذب.
العربي الجديد