روسيا تعمل لعقد مؤتمر ل”جميع السوريين”..في “حميميم”
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إن هناك مخاطر من أن تؤدي مناطق “خفض التصعيد” في سوريا إلى تقسيم البلاد، لكنه أضاف أنه يأمل في إمكانية تفادي ذلك. وقال بوتين، إن لديه كل الأسباب للاعتقاد بأن موسكو، إلى جانب دمشق، ستهزمان “الإرهابيين” في سوريا قريباً. وأضاف أن عملية السلام السورية تتطور بشكل إيجابي رغم استمرار وجود مشكلات. وأضاف أن هناك مقترحاً بعقد مؤتمر لجميع السوريين يضم ممثلين عن كل الجماعات العرقية في سوريا.
وذكرت وكالة الإعلام الروسية، الخميس، أن وزير الخارجية سيرغي لافروف، قال لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، إن الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا تقترب من مرحلة حاسمة. وأضافت الوكالة أن لافروف قال لدي ميستورا، قبل اجتماع في موسكو، إنه من المتوقع عقد جولات جديدة من محادثات السلام السورية في آستانة وجنيف، قريباً. ودعا إلى مناقشة الخطوات المحتملة لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 المتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا.
من ناحيته، أعلن دي ميستورا أن جلسة لمجلس الأمن بشأن سوريا ستعقد الأربعاء المقبل في نيويورك، وأنه سيتم الإعلان خلالها عن أفكار جديدة بشأن سبل التقدم في الحوار السوري. وأكد دي ميستورا استعداده لعقد جولة جديدة من المفاوضات في جنيف خلال نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
مصادر ديبلوماسية غربية أكدت لـ”المدن”، إن مشروعين روسيين يتم عرضهما حالياً على ممثلي الدول الفاعلة في الملف السوري، بغرض تأمين الدعم لتمريرهما كقرارات في مجلس الأمن، أو ضمن عملية “جنيف”.
ويتعلق المشروع الأول بتشريع اللامركزية في سوريا، وتحويلها إلى طريقة حلّ للأزمة، عبر إعطاء “المجالس المحلية” صلاحيات إدارية واسعة. ويتضمن المشروع تقسيم سوريا إلى وحدات لا مركزية، تقوم أساساً على ما يُشبه مناطق النفوذ الخارجية. وبحسب مصادر “المدن”، فإن منطقة النفوذ الروسية-الإيرانية، ستشمل خط دمشق-حمص-حماة-حلب، بالإضافة إلى الساحل السوري والسويداء. وسيتم تقسيم هذه المنطقة إلى وحدات إدارية، بحيث تحظى الأقليات في الساحل والسويداء، بما يشبه حكماً ذاتياً. في حين تهيمن روسيا وإيران على تشكيل المجالس المحلية على خط دمشق-حلب، بحيث يتم انتاج مجالس موالية لهما. تقاسم منطقة النفوذ الإيرانية-الروسية، بحسب المصادر الديبلوماسية، سيتم على “القطعة”، أي ضمن مناقشة مستفيضة لكل منطقة على حدة.
المشروع الروسي للامركزية، يتوافق مع المرسوم 107 لـ”الإدارة المحلية” الصادر في العام 2012، والذي يعطي الوحدات الإدارية صلاحيات إدارية وتنفيذية و”ثقافية”، في حين تبقى السيطرة الأمنية والعسكرية والمالية للمركز في دمشق. وتسعى روسيا إلى تحويل مناطق “خفض التصعيد” إلى “وحدات إدارية” يمكن مع الوقت إعادة تكاملها مع “الدولة” السورية.
المشروع الروسي الثاني، يتعلق بالسعي لإقامة “مؤتمر وطني”، يضم ممثلي الطوائف والأقليات العرقية والأكثرية السنية (موزعة بشكل مناطقي وعشائري)، يُعقد في قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري. وبحسب المصادر الديبلوماسية، فإن هذا المؤتمر، سيضم “معارضة الداخل” السورية، المصنوعة على مقاس النظام. وسيكون هذا المؤتمر، تحت عنوان “الحوار السوري-السوري”، بما يضمن تحييد عملية جنيف مع الوقت.
كلام الرئيس بوتين، حول وجود “مقترح لعقد مؤتمر لجميع السوريين يضم ممثلين عن كل الجماعات العرقية في سوريا”، يبدو صحيحاً باستثناء أن المقترح روسي بالأصل. وهو يتناسب عموماً مع المشروع الروسي الأول في التقسيم اللامركزي للإدارات المحلية، القائمة على مناطق تركز الجماعات الإثنية والعرقية والمذهبية المختلفة.
مصادر “المدن” الغربية، أكدت أن هذين المقترحين، يحظيان بتشكيك واسع في العواصم الغربية، إذ يتوقع أن تكون نتيجتهما مفصلة على قياس المصالح الروسية-الإيرانية في سوريا. كما تشكك تلك العواصم بأن عقد مؤتمر يجمع ممثلي الطوائف والجماعات العرقية والمذهبية في حميميم الروسية، هو استبعاد مباشر لممثلي المعارضة في الخارج، وكذلك لفصائل المعارضة في مناطق “خفض التصعيد”.
مراسل “المدن” سعيد قاسم، كان قد أكد حدوث اجتماع في القامشلي، الخميس، ضمّ المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف، ورئيس جهاز “الأمن القومي” علي مملوك، مع قيادات كردية وأخرى مسيحية وآشورية. وناقش الاجتماع وضع “وحدات حماية الشعب” الكردية مستقبلاً. بوغدانوف عاد واجتمع مع “هيئة المسيحيين”، وهي اطار جامع للقوى السياسية المسيحية والكنائس في الشمال الشرقي السوري، في مقر “الهيئة”، بحضور ضابط من قوات النظام، كمترجم. وطلب بوغدانوف من “الهيئة” تشكيل وفد من 25 شخصاً لحضور مؤتمر حميميم، لمناقشة “مستقبل سوريا بعد الحرب”. أحد أعضاء “المنظمة الاثورية”، ممن حضروا الاجتماع، رجّح في حديثه لـ”المدن” عدم حضورهم “مؤتمر حميميم”.
ويتوقع أن يقوم بوغدانوف، بحسب مصادر “المدن”، بجولة على مختلف المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة النظام، ليعقد لقاءات مع ممثلي الطوائف والمذاهب والجماعات الإثنية، في الفترة المقبلة، تحضيراً لـ”مؤتمر حميميم”.
المدن